الدفاع الروسية تؤكد وجود أدلة قاطعة على التحضير لهجوم كيميائي في حلب لتخريب تسوية إدلب
عون يتّجه لإعادة ملف تكليف رئيس الحكومة إلى مجلس النواب إذا لم يؤلّفها سريعاً
الحريري يؤجّل السفر ويستنفر سلام والسنيورة والنواب للردّ على رئيس الجمهورية
كتب المحرّر السياسيّ – البناء
تصاعدت المخاوف الروسية من رعاية أميركية لتخريب تسوية إدلب التي منحت فرصاً إضافية لتركيا وفقاً لتفاهمات أستانة الأخيرة، ومؤشرات التخريب يمثلها تحرك الخوذ البيضاء التي ترعاها المخابرات الأميركية والبريطانية، والتي قامت بتنظيم هجوم بالأسلحة الكيميائية على أحياء حلب الشمالية قبل أسبوعين، وبينما دعت أنقرة واشنطن لإنهاء وجود قواتها شرق سورية لأنه تحوّل مظلة لإقامة وضع يهدد وحدة سورية وتستظل به مجموعات إرهابية، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها تملك أدلة قاطعة على التحضير لهجوم كيميائي في حلب.
بالتوازي تتواصل مساعي الكونغرس الأميركي لمساءلة الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول مسؤولية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في ضوء جلسات الاستماع لكل من مديرة المخابرات الأميركية وفريقها، بعد جلسة تشاور واستماع غير رسمية مع مدير المخابرات التركية، بعدما ضمّ أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين والديمقراطيين السفير السعودي في واشنطن خالد بن سلمان إلى لائحة المتورّطين في قضية قتل الخاشقجي.
التسوية اليمنية تدخل التفاوض الجدي حول فتح مطار صنعاء، ويدور التفاوض بين مطالبة جماعة منصور هادي بإخضاع الطائرات الآتية للمطار للتفتيش من التحالف الذي تقوده السعودية، عبر هبوط انتقالي في مطار جيبوتي، مقابل عرض أنصار الله بإخضاع المطار للمعايير الدولية بما فيها استعدادهم لقبول رقابة أممية.
لبنانياً، انتقل ملف الحكومة المتعثرة خطوة إضافية نحو المزيد من التصعيد، بعدما أعلنت رئاسة الجمهورية عزم رئيس الجمهورية التوجه إلى النواب لوضع قضية تعقيدات تأليف الحكومة أمامهم، باعتبارهم الجهة التي قامت بتكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة، وربطت الرئاسة هذه الخطوة بحال استمرار التعثر، بينما استنفر الرئيس الحريري رئيسي الحكومة السابقين تمام سلام وفؤاد السنيورة للردّ على رئيس الجمهورية، حيث قال سلام إن لا أساس دستوري لنقل قضية تكليف رئيس الحكومة إلى مجلس النواب، بينما دعا السنيورة رئيس الجمهورية إلى معالجة قضية الحكومة مع الرئيس المكلف، واشترك نواب تيار المستقبل بإطلاق تصريحات تهاجم طرح رئيس الجمهورية وتتفادى التصعيد الكلامي، لكن بالإصرار على أن الرئيس الحريري يملك حق البقاء ما يشاء دون تشكيل حكومة، من دون أن يملك رئيس الجمهورية أي حق بمخاطبة مجلس النواب.
مصادر متابعة رأت أن الخطوة التي تحدّث عنها رئيس الجمهورية هي حق دستوري غير مشروط يملك عبره صلاحية مخاطبة مجلس النواب بأي شأن يرى الحاجة لوضعه في عهدة المجلس النيابي، وطبيعي أن يكون بينها ما يتصل بنتائج تسمية النوب لرئيس مكلف بتشكيل الحكومة في حال التعثر في عملية التشكيل، بينما وضع البلد يواجه مخاطر وتحديات تستدعي وجود حكومة تتخذ القرارات وتتحمّل المسؤوليات، حتى لو لم يكن بيد النواب دستورياً صلاحية سحب تكليف الرئيس الحريري. فالمناقشة النيابية تمثل شكلاً من أشكال تحريك الجمود في الملف الحكومي ورفعاً للمسؤولية الدستورية عن رئيس الجمهورية.
لا تُخفي مصادر مطلعة في 8 آذار لـ»البناء» انزعاج رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من تعطيل وتأخير تشكيل الحكومة ورفض المعنيين الأفكار والطروحات التي من شأنها أن تنهي الفراغ الحكومي وتعجل في التأليف للانكباب على تنفيذ المشاريع الإصلاحية والاستفادة من مقرّرات مؤتمرات الدعم ومحاربة الفساد.
وبينما أشارت مصادر نيابية في التيار الوطني الحر لـ»البناء» إلى أن رئيس الجمهورية غير منزعج من سفرات الرئيس المكلّف للخارج، شدّدت في المقابل على أن الوضع الراهن قد يفرض على الرئيس عون توجيه رسالة إلى المجلس النيابي يفنّد فيها الأزمة الحكومية ويحضّ الحريري على التعجيل بالتشكيل، وهذا حق كفله الدستور له، مع اعتراف المصادر بأن هذه الخطوة ستشهد انقساماً بين مَن يعارضها وبين مَن يؤيدها. ورأت المصادر نفسها ضرورة عدم أخذ ما تقدّم إلى منحى آخر، فرئيس الجمهورية متمسك بتكليف الرئيس سعد الحريري وبالتسوية السياسية وجل ما يطالب به الرئيس الحريري من موقعه بذل الجهود لتسريع وتيرة الحل.
وأكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ان «حق تسمية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة منحه الدستور الى النواب من خلال الاستشارات النيابية الملزمة، وبالتالي فإذا ما استمر تعثر تشكيل هذه الحكومة، فمن الطبيعي أن يضع رئيس الجمهورية هذا الامر في عهدة مجلس النواب ليبنى على الشيء مقتضاه».
وشدّد مصدر رفيع ومقرّب من الرئيس سعد الحريري على ان الاقتراح الذي يطالب بحكومة من 32 وزيراً لتبرير توزير مجموعة النواب الستة، هو اقتراح من خارج السياق المتعارف عليه في تشكيل الحكومات وأمر غير مقبول، والرئيس المكلف لن يسير فيه، مشيراً الى ان المسار الذي اتخذته تلك المشاورات لم يصل الى النتائج المرجوة بسبب الإصرار على الإخلال بالتوازن وتقليص التمثيل السياسي للرئيس المكلف، الأمر الذي يُضفي على الحكومة العتيدة شكلاً من أشكال الغلبة يرفض الرئيس الحريري تغطيته بأي شكل من الأشكال. وقال لا يصحّ أن يتخذ البعض الحق الدستوري لفخامة رئيس الجمهورية بتوجيه رسالة الى المجلس النيابي، وسيلة للنيل من صلاحيات الرئيس المكلف وفرض أعراف دستورية جديدة تخالف نصوص الدستور ومقتضيات الوفاق الوطني.
وأشار إلى أنه إذا كان البعض يجد في تكرار التعطيل وسيلة لفرض الشروط السياسية، وتحجيم موقع رئاسة الحكومة في النظام السياسي، فإن الرئيس الحريري لن يتخلّى عن تمسكه بقواعد التسوية السياسية التي انطلقت مع انتخاب فخامة الرئيس، فحرصه على موقع رئاسة الجمهورية واجب وطني لن يتهاون فيه، ونجاح العهد هو نجاح لكل اللبنانيين، وحماية هذا النجاح تكون أولاً وأخيراً بتأليف حكومة قادرة على جبه المخاطر والتحديات وتعزيز مساحات الوحدة الوطنية وليس تحجيم هذه المساحات وبعثرتها.
وأكدت مصادر مطلعة لـ»البناء» أن لقاء الحريري الوزير جبران باسيل مساء اول امس، لم يخرج بنتائج ايجابية، مشيرة إلى أن الحريري ابلغ باسيل رفضه السير بصيغة الـ32 وزيراً رسمياً بعدما كان المح إلى ذلك في الاعلام قبل اللقاء عبر مصادره. ولفتت المصادر إلى أن الامور لا تزال تراوح مكانها، مع اشارتها الى ان الواقع يقول إن لا حكومة قبل العام الجديد، فكل المؤشرات والبيانات على خط بعبدا بيت الوسط تثبت ذلك، قائلة «لقد بات من الصعب المراهنة على تأليف حكومة قبل الأعياد، لا سيما ان الرئيس المكلف سيغادر غداً الأحد الى فرنسا ثم الى بريطانيا لحماية مقرّرات مؤتمر سيدر المرهونة بتأليف الحكومة والإجراءات الإصلاحية، الأمر الذي يشي ان هناك اقتناعاً تاماً عند المكونات المعنية بالتأليف فلا حكومة في المدى المنظور.
وأكد النائب عبد الرحيم مراد لـ»البناء» أن التأليف الحكومي في حالة جمود، مشيراً إلى أن اللقاء التشاوري لم يسمع أي جديد حول الصيغ المطروحة لحل ما يسمّيه البعض العقدة السنية، منذ اللقاء الأخير مع الوزير جبران باسيل. ولفت إلى أن صيغة الـ 32 وزيراً رفضها الرئيس المكلف سعد الحريري، الذي بدل أن يستعجل التأليف لمعالجة الأوضاع الاقتصادية، نجده يعطل التشكيل بإصراره على عدم تمثيل اللقاء التشاوري. واستغرب مراد كيف للرئيس المكلف إن يقول إن الصيغ المطروحة هدفها الإخلال بالتوازن وتقليص تمثيله السياسي قائلاً ألا يعي الحريري أنه لا يحتاج الى ثلث معطل، لأنه الوحيد الذي يستطيع أن يعطل الحكومة متى يشاء.
وقال ليس وارداً على الإطلاق أن نوزّر من حصة الرئيس ميشال عون مع احترامنا وتقديرنا لمواقفه، لكن حيثيتنا النيابية تفرض أن تمثل من خارج حصة اي فريق لا سيما ان تمثيلنا حق وليس منة من أحد، مشيراً الى أن ما يحكى عن وزير ملك، فالوزير الملك لا يكون من حصة أي من فرقاء، مع تأكيده اننا لا نزال مصرّين على أن الشخصية التي ستوزر لن تكون من خارج اللقاء التشاوري. وقال مراد إذا كان الرئيس المكلف يعتبر أن حزب الله يعطل التأليف من خلال دعمنا ويبتدع العقد، فليتنازل عن مقعد سني لنا ولنرى عندئد إذا كان حزب الله يعطل التأليف أو لا، مشدداً على اعتراف الحريري بحقنا وبتمثيلنا من شأنه أن ينهي الأزمة الحكومية في ساعات.
ولما كانت صيغة الـ32 وزيراً هي الصيغة العملية التي طرحها الوزير جبران باسيل وخرجت إلى الضوء من دون أن تحظى بتأييد بيت الوسط، فإن مصادر عين التينة، تشير لـ»البناء» إلى أن الامور رهن خواتيمها، مشدّدة على أن لدى الرئيس نبيه بري أفكاراً يناقشها مع المعنيين بعيداً عن الإعلام، ويأمل الأخذ بها لا سيما انها ستضع حداً للفراغ الحكومي، مشددة على أنّ الأفكار التي طرحها الوزير باسيل لا يفهم منها سوى أنّ حصة الرئيس عون والتيار الوطني الحر خط أحمر، بمعنى أنّ تمثيل اللقاء التشاوري يجب ان يكون من خارج هاتين الحصتين.
وأملت مصادر نيابية في كتلة التحرير والتنمية لـ»البناء» أن يأخذ رئيس الجمهورية والوزير باسيل بطرح الرئيس بري من أجل الإسراع في تأليف الحكومة، معتبرة أن هذا الطرح الذي لم يخرج من الصالونات الضيقة حرصاً على إنضاجه وكي يبصر النور، لديه الحظوظ اكثر من غيره، مشيراً إلى أن هناك مسؤوليات كبيرة على الصعيدين المعيشي والاقتصادي فضلاً عن التهديدات الإسرائيلية تفرض من المعنيين تقديم التنازلات والإسراع في تأليف الحكومة، معتبرة أن اجتماع الرئيس المكلف بنواب اللقاء التشاوري قد يساهم بدوره في ايجاد حل للمشكلة على قاعدة الحوار والتفاهم، غير أن المصادر نفسها رأت أن مؤشرات الساعات الماضية تؤكد أن الامور تراوح مكانها وليس هناك من جديد يبشر أن ولادة الحكومة قد تكون هدية الأعياد.
الى ذلك، لم يتبنّ النائب طلال ارسلان كلام رئيس حزب التوحيد وئام وهاب لجهة إعادة توزيره وإنهاء الـdeal الذي جرى الاتفاق عليه لناحية توزير الشخصية الدرزية الثالثة من حصة الرئيس ميشال عون . وأعلن ارسلان أمس تمسكه بالاتفاق مع رئيس الجمهورية في ما يتعلق بالوزير الدرزي الثالث. وأشار أرسلان بعد لقائه وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل إلى أن صيغة الـ32 وزيراً مطروحة من ضمن سلسلة صيغ يتم التباحث فيها.
في سياق آخر، وبعد حادثة الجاهلية وعملية الاقتحام الأمنية للبلدة، برز أمس اعلان المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان خلال حفل تدشين مبنى سريّة بيروت الإقليميّة الأولى وفصيلتي الروشة والرملة البيضاء النموذجيَّتين بدعم بريطاني، أنّ أي موضوع جلب أو إحضار يقوم به عناصر الأمن الداخلي لا يكون إلاَّ من خلال إشارة قضائية ويكون هذا الشخص عند ذلك مُسْتَمَعاً إليه وليس موقوفاً.