أخبار عاجلة
خلاف بولندا- أوكرانيا يستعر: نكء جراح "مذبحة فولين" -

عام على «إعلان ترامب»: الملف الفلسطيني «قيد الانتظار»

عام على «إعلان ترامب»: الملف الفلسطيني «قيد الانتظار»
عام على «إعلان ترامب»: الملف الفلسطيني «قيد الانتظار»

ريم رضا – الأخبار

مرت سنة على إعلان دونالد ترامب بشأن القدس. الموقف الرسمي الأردني لا يزال يعبّر عن رفضه هذه الخطوة، مصرّاً على تثبيت «الوصاية الهاشمية» على المدينة. ومع أن الملف الفلسطيني يعتبر من الملفات الداخلية للمملكة، فإن الأولويات الأردنية البحتة أبعدته عن الواجهة، لتتسلمه وزارة الخارجية القريبة إلى الملك أكثر من رئيس الوزراء

عمان | تدور الرحى الحكومية الأردنية، لكن لا طحين مختلفاً في كمّه ونوعه حصل عليه المواطنون مغايرٌ لذاك الذي طحنته الحكومات السابقة. ومع أنه عام قحط على صعيد الإنجازات، فإنه مغرق في التفاصيل والتصريحات، وسط غموض يلف الملفات الخارجية جراء تطورات دراماتيكية في المنطقة لم يعرف محل المملكة منها بعد. رئيس الوزراء الحالي، عمر الرزاز، يبدو أبعد ما يكون عن رجل السياسة بالمفهوم المتعارف عليه، وخصوصاً في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ومع ذلك اتُّخذت في ولايته خطوات حكومية لا يمكن تجاهل آثارها، منها تسهيل إصدار جوازات السفر المؤقتة لأهالي القدس من دون الحاجة إلى حضورهم إلى العاصمة عمّان، إذ عليهم الآن تسليم طلباتهم للمحكمة الشرعية في القدس، ومن هناك تكتمل العملية، كما تقررت معاملة المقدسيين كالأردنيين في مصاريف إصدار الجواز أو تجديده.

ومع أن الخطوة المتعلقة بجوازات القدس جاءت في توقيت حذر، يتزامن مع سياسة الأمر الواقع الإسرائيلية المستفيدة من أُطر «صفقة القرن»، فإن المقدسيين أخذوها من باب حسن النية والتخفيف عنهم، وهم القابعون تحت ضغوط كبيرة. إذاً، لاقت هذه الخطوة ترحيباً شعبياً وأضيفت كرصيد إيجابي في سجل الحكومة التي تواجه إشكالات جراء صراع داخل الحلف الطبقي الحاكم، ما بين تياري المحافظين والليبراليين اللذين يريدان حجز مقعد لهم في الترتيبات «المجهولة» المقبلة، كما خلصت السياسة المحلية إلى وصفها.
خطوة أخرى أقدمت عليها حكومة الرزاز يمكن وصفها بـ«قفزة نوعية»، وتخص ملف مهاجري ونازحي قطاع غزة في الأردن، إذ أقرت قبل أيام قانوناً يسمح لربّ الأسرة الغزي، الحامل جواز السفر المؤقت من فاقدي حقّ المواطنة، والمقيم في المملكة بموجب البطاقة البيضاء، والذي لا يحمل «لمّ شمل»، بـ«تملّك شقّة في عمارة، أو منزل مستقل مقام على قطعة أرض لا تزيد مساحتها على دونم واحد، أو قطعة أرض فارغة لغايات بناء للسكن لا تزيد مساحتها على دونم واحد». كما سمح لهم بتسجيل مركبات الديزل بأسمائهم، التي لا يزيد وزنها الإجمالي على 5.5 أطنان (لأغراض العمل).

خطر على السمعة
كل هذه الخطوات «الإيجابية» كادت تطير بلمحة بصر، بعدما توالت الأنباء عن «تورّط أردنيين» في قضايا تسريب العقارات في القدس، لتثور ثائرة الحكومة والقصر. فقد برزت قضية هي الأولى من نوعها مختصة بوكالة باسم مواطن أردني يحمل هوية وطنية تم بموجبها تسريب عقار لليهود غرب المدينة المحتلة، ثم سارعت الأوساط الأردنية إلى تأكيد أن الوكالة المنشور صور عنها «غير صحيحة ومزورة». وجراء مساءلة قدمها النائب خليل عطية إلى رئيس الوزراء، رد الرزاز بالقول: «الوثيقة والأختام التي عليها مزورة، وستتخذ إجراءات صارمة بهذا الموضوع»، مشدداً على أن الحكومة «لا تسمح إطلاقاً بمنح وكالات بيع أراضٍ في فلسطين».
مع ذلك، تبدو كلمة فلسطين هنا ملتبسة، إذ إن وكالات البيع والشراء الأردنية تستثني أراضي فلسطين المحتلة عام 1948 فقط، وفق ملاحظة الخبير الدولي المحامي أنيس القاسم، الذي يقول لـ«الأخبار» إن الوكالة المنشورة «غير معمولة حسب الأصول».

تزداد المخاوف من ضلوع حقيقي في ملف التسريبات أو حتى محاولة التوريط

تواصلنا مع النائب عطية، فقال إن الجهات المعنية تتابع القضية، موضحاً أنه وفق المادة الثالثة من قانون إيجار الأموال غير المنقولة وبيعها لغير الأردنيين والأشخاص المعنويين (رقم 47 لسنة 2006)، يُشترط «مراعاة أحكام التشريعات النافذة وشريطة المعاملة بالمثل»؛ أي أن البيع غير صحيح لأن إسرائيل تمنع تملك الأردنيين في أراضيها. لكن المحامي القاسم، لدى سؤاله عن القرارات الرسمية والقضائية الأردنية بهذا الخصوص، قال: «لا يمكن تنفيذ قرار المحكمة الأردنية في القدس، وبالنسبة إلى الجانب الإسرائيلي البيع صحيح».
ورغم الموقف الرسمي الواضح إزاء موضوع العقارات في فلسطين، فإن ما أثاره النائب خالد رمضان أثار شكوكاً أخرى. رمضان وجّه تساؤلاً إلى الرزاز حول إعلانات مؤرخة في 20 تموز/ يوليو 2018، من جهات غير معروفة في صحيفة محلية، لشراء أراضٍ في مناطق تسيطر عليها السلطة الفلسطينية (رام الله، البيرة، طولكرم، جنين، نابلس). يقول رمضان لـ«الأخبار»، إنه لم يصله رد من رئاسة الوزراء حتى كتابة التقرير، وملاحظته أنه رغم قرار «فك الارتباط»، فإن أراضي الضفة والقدس لا تزال مسجلة في السجل العقاري الأردني، وهو ما يعيد طرح أسئلة أصلاً عن موضوع «دسترة فك الارتباط». فعلى أرض الواقع، بدأت رام الله حملة لتسجيل أراضي الضفة الغربية منذ 2016، إذ إن 40% من هذه الأراضي جرى تسجيلها في زمن السيادة الأردنية على الضفة وتوقفت عملية التسجيل بعد الاحتلال. وخلال التسجيل كشف عن أراضٍ منها مسربة للإسرائيليين في المناطق الخاضعة للسلطة.
ومع تكاثر الأسئلة عن تسريب العقارات أو شرائها عبر البوابة الأردنية، تزداد المخاوف من ضلوع حقيقي لـ«الأردن الرسمي» في الموضوع، وحتى من فكرة «توريط الأردن» في هذه القضية، ولا سيما مع التقارير الصحافية المتوالية عن أيادٍ عربية ضالعة في قضايا شبيهة.

تنصّل وغموض
بجانب ملف العقارات، تبرز تصريحات غير مألوفة عن رجالات الدولة الأردنية في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وبالأخص تلك البعيدة عن الكليشيهات و«حل الدولتين». فقد قال رئيس الوزراء الأسبق عبد الرؤوف الروابدة، خلال إحدى الندوات أخيراً، إنه لا يوجد فلسطينيون في الأردن بل هم أردنيون من أصل فلسطيني، وإن الفلسطينيين الوحيدين في الأردن هم أبناء غزة، لأن «الفلسطيني هو المقيم على أرض فلسطين». كذلك، صرّح رئيس مجلس الأعيان الحالي (وهو رئيس الوزراء السابق والمدير السابق للديوان الملكي) فيصل الفايز، بأن الفلسطينيين هم «أولى بقضيتهم»، وأن «الأردن سيقبل ما سيقبله الفلسطينيون»، ما يعني أن لا اعتراض جوهرياً على «صفقة القرن» إذا قبلها الفلسطينيون.
أزمة حقيقية يعيشها الأردن في ما يخص الملف الفلسطيني، فما بين الاتفاقات الحكومية «الغامضة» مع إسرائيل، وعلى رأسها اتفاقية الغاز التي لم تكشف بنودها حتى الآن (كل ما يرشح عن الحكومة الحالية أن إلغاء هذه الاتفاقية سيكلف المملكة ما يزيد على ملياري دولار أميركي)، وبين الدبلوماسية الحذرة جداً في تعاملها مع إسرائيل، تبقى عمّان متخوفة من التهميش أو الحصول على الفتات.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى