الجمعية العامة تسقط المشروع الأميركي ضد حماس… وحراك في الكونغرس لمعاقبة السعودية
نتنياهو يفتح باب التفاوض حول الوضع الحدودي… واليونيفيل تتجاوب
الحريري يفتح النار على مساعي الحلحلة… ويسافر…«أُشكّل بشروطي أو لا حكومة»
كتب المحرّر السياسيّ – البناء
فشلت واشنطن بالفوز بتصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة، لتصنيف حركة حماس كتنظيم إرهابي، بعدما تم إقرار قاعدة اعتماد الثلثين في التصويت على المشروع كمرحلة أولى، باعتبار المشروع يطال قضية تدخل ضمن اختصاص مجلس الأمن الدولي، ويجب أن ينال أغلبية الثلثين كي يتمّ اعتماده، وبعد السير بالتصويت فشل المشروع في نيل النسبة المطلوبة من الأصوات فحصل على 87 صوتاً فقط.
بالتوازي تم إنجاز وضع جدول أعمال مفاوضات السويد بين الأطراف اليمنية للوصول إلى تسوية توقف الحرب، وتضمين جدول الأعمال إنهاء الحصار وفتح مطار صنعاء وميناء الحُدَيْدة، بينما تواصلت المشاورات بين أعضاء مجلس الشيوخ لبدء مسار قانوني لفرض عقوبات على السعودية تتصل بحرب اليمن بصورة رئيسية ووقف التورط الأميركي فيها، شكل وصول مدير المخابرات التركية إلى الكونغرس، من ضمن زيارة رسمية يقوم بها بدعوة من وكالة المخابرات الأميركية، فرصة للاستماع لرئيس جهاز مخابرات دولة أجنبية في مجلس الشيوخ، سيشكل سابقة في عمل الكونغرس ولو لم يتم الاستماع بصورة رسمية، إلا أن نتائج الجلسة ستسهم في رسم بعض المنطلقات التي يستند إليها مجلس الشيوخ في مشروعه الخاص بطلب فتح تحقيق أميركي في قضية قتل جمال الخاشقجي، ومطالبة البيت الأبيض ببدء إجراءات التحقيق ضمن مهلة محدّدة، وصولاً لمعاقبة من أصدر الأمر، وفقاً لقانون ماجنتسكي.
على مسار أنفاق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على الحدود الفلسطينية مع لبنان، ترتيبات دبلوماسية وإعلامية لكيان الاحتلال للحفاظ على الحضور السياسي والدبلوماسي والإعلامي لقضية الأنفاق مع تأكيد قادة جيش الاحتلال العزم على تفادي التورّط في أي تصعيد عسكري، فمن جولة يشارك فيها السفراء مع نتنياهو إلى جولة لقائد قوات اليونيفيل العاملة في جنوب لبنان، للاطلاع على أحد «منجزات» جيش الاحتلال بالكشف عن الأنفاق، بصورة بات واضحاً أن الهدف منها فتح مسار تفاوض عنوانه «الوضع الحدودي مع لبنان»، يبدأ بالأنفاق ويمر بالحدود البرية وترسيمها ومحاولة تشريع الجدار الحدودي، وينتهي بالتفاوض على الحدود البحرية التي تشكل الهم الأول لكيان الاحتلال، مع تسارع روزنامته لاستثمار الغاز وضخه باتجاه أوروبا، والخشية عن الفشل في جذب الاستثمارات اللازمة، ما لم يتم تشريع ترسيم توزيع الثروة النفطية وفقاً لخط حدودي متفق عليه مع لبنان، والفوز بالآبار الدسمة من ضمن هذا الترسيم يشكل من وجهة نظر الخبراء الخلفية الفعلية لحركة نتنياهو، ويفسّر التجاوب الذي لقيه مسعاه من قائد اليونيفيل، الذي يعلم أن وجود مدخل نفق في أي بقعة داخل الأرض المحتلة، لا يعني إثبات شيء، ومن لا يضمن ألا يكون النفق «صناعة إسرائيلية» وإن تم إثبات وصوله عبر الحدود إلى لبنان، فما المانع أمام كونه ممراً استخبارياً إسرائيلياً، منتهي الصلاحية وجاء وقت استثماره سياسياً وإعلامياً؟
لبنانياً، تواصلت متابعة الحركة الإسرائيلية ومحاولة استكشاف أبعادها الفعلية، والتحسب لفخاخ ينصبها كيان الاحتلال للبنان عسكرياً أو أمنياً أو دبلوماسياً، بينما تقاطع التصويب الإسرائيلي على المقاومة مع بعض التصويب الداخلي على حزب الله وتحميله مسؤولية المخاطر التي يتعرّض لها لبنان، بما فيها المترتبة على التهديدات الإسرائيلية، فيما بدا أن الأزمة الحكومية مقيمة إلى أجل غير مسمّى، حيث بات الرئيس المكلف سعد الحريري محترفاً في إفشال كل مساعي الحلحلة وإطلاق الأوصاف عليها، فهذه محاولة لتوزير مرتزقة وتلك محاولة للمسّ بصلاحيات الرئيس المكلف، وهذا مشروع لتوزير أشلاء الكتل، وذلك مسعى لتأمين مقاعد وزارية للمستوزرين، وصولاً لمعادلة «أشكّل الحكومة بشروطي أو لا حكومة»، وفقاً لما استخلصته مصادر متابعة من مضمون مقدّمة نشرة أخبار تلفزيون المستقبل وما نسبته لمصادر مطلعة يفهم أنها موقف الرئيس الحريري، وصف خلاله المساعي الهادفة لحلحلة العقدة الحكومية، بالسعي لصيغ فضفاضة لتوزير أشلاء الكتل.
نتنياهو على خط التصعيد جنوباً
توزع الاهتمام الرسمي أمس، بين الجبهة الجنوبية مع فلسطين المحتلة والجبهة الحكومية في الداخل، ففي الجبهة الأولى واصلت «إسرائيل» حملة التصعيد الاعلامي المواكب للحركة الميدانية على الجبهة الشمالية، فبعد إسقاط أهداف هذه الحملة واستعراضات وتهديدات قادة جيش الاحتلال على مدى الأيام القليلة الماضية، دخل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الخط بنفسه عبر زيارة قام بها على الحدود الشمالية، ما يؤكد بأن هدف ما يجري هو إنقاذ نتنياهو من مأزقه الداخلي السياسي والأمني والقضائي، وقد هدّد باحتمال تحرّك جيشه داخل لبنان، ما يدل أيضاً على حالة القلق المتزايدة في «إسرائيل» من تنامي قوة المقاومة في لبنان ومعادلات الرد وموازين القوى الجديدة التي أرساها الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله لا سيما بعد الانتصارات في سورية. وأشار نتنياهو الى أن « حزب الله يسعى للحصول على صواريخ دقيقة»، معتبراً أن «هذا الأمر إن حصل فسيغير موازين القوة بشكل هائل»، مشيراً إلى أن «الحزب يمتلك أداتين، إحداهما هي الأنفاق ونحن نقوم بهدمها، الأداة الأخرى هي الصواريخ غير الدقيقة، ولكنهم يريدون الحصول على صواريخ دقيقة، هذا سيغيّر موازين القوة بشكل هائل».
ولم تؤكد ولم تنف مصادر عسكرية وجود هذه الأنفاق التي يتحدّث عنها الاحتلال، مشيرة لـ»البناء» الى أن «المقاومة لن تعطي معلومات مجانية للعدو الذي يستخدم عادة أساليب كهذه الاستخبار بالإعلام حيث ينتظر ردة فعل بالنفي او بالتأكيد لمعلومات تهمه»، وفسّرت المصادر رفض الحزب الردّ بـ»اتباع سياسة التكتم على المفاجآت التي يملكها ويستخدمها في الحرب لمفاجأة العدو والتأثير في مجراها وسياقها»، لكنها أشارت الى أن «الحزب لا يحتاج الى أنفاق بطول 300 متر مكلف وخطر ويستغرق وقتاً للوصول الى الجليل، بل يمكنه الوصول بوقت قصير بطرق ووسائل أخرى أقل وأسهل»، وأشار الخبير العسكري الدكتور هشام جابر الى أن «التصعيد الإسرائيلي فرقعات إعلامية لا يحمل مخططاً أو فعلاً عدوانياً قريباً، إذ إن الكيان الصهيوني لم يُرمم بعد جبهته الداخلية ولا سدّ ثغرات حروبه السابقة مع لبنان وفلسطين. وهو يدرك بأن اي نزاع حدودي ممكن أن يتدحرج الى حرب شاملة لا يستطيع تحمل نتائجها السياسية والعسكرية والاقتصادية والبشرية»، ولفت جابر لــ»البناء» الى أن «حزب الله لن يطلق الطلقة الأولى على الاراضي المحتلة ويتسبّب باندلاع الحرب لكن أي عدوان اسرائيلي سيقابل بردة فعل سريعة ونوعية من قبل المقاومة، لا سيما أن الاعلام الاسرائيلي تحدث أنّ الحزب يملك مئة وخمسين الف صاروخ قصير ومتوسط وبعيد المدى. وهذه الصواريخ قادرة على تدمير منصات الغاز ومصافي النفط في «إسرائيل» لا سيما أن السيد نصرالله تحدث عن بنك أهداف واسع يملكه في الأراضي الفلسطينية المحتلة»، كما أوضح جابر انّ «ما يؤرق إسرائيل هو صواريخ الياخونت الروسية التي يملكها الحزب والتي شكلت الرادع الرئيسي لمنع العدوان العسكري الشامل على سورية، لأن لا إسرائيل ولا القواعد الاميركية المنتشرة في الشرق الأوسط ستكون بمنأى عن الاستهداف إن اندلعت الحرب». ولفتت الى أن «نتنياهو يريد الهروب الى الأمام من ملفات الفساد وهو كمن «يستجير من الرمضاء بالنار». وأضاف: «بعد الحرب السورية فإنّ إسرائيل ستفكر ألف مرة قبل شن حرب على لبنان لا سيما بعد تماسك وتشابك الجبهات بين لبنان وسورية والجولان المحتلّ وصولاً الى داخل فلسطين المحتلة وأنّ ايّ حرب في جبهة ستشمل الجبهات الأخرى حكماً بناء على ما قاله السيد نصرالله عن فتح الجبهات في الحرب المقبلة لا سيما في ظل تخوف إسرائيل من الوجود الايراني على حدودها مع سورية». ولفت الى انّ «الجيش الاسرائيلي ضاق ذرعاً من تقييد حركته الجوية العسكرية فوق الأراضي السورية منذ حوالي 3 أشهر بعد إسقاط الطائرة الروسية فاستعاضت طائراته بضربات جوية على سورية من خارج الأجواء السورية وتمكنت دفاعات الجيش السوري من إسقاط عد كبير من الصواريخ».
أما ما لفت الانتباه أمس، هو بيان قوات «اليونفيل» العاملة في جنوب لبنان ، الذي أكد «وجود نفق في الخط الأزرق الفاصل بين حدود لبنان وإسرائيل»، ما يطرح علامات استفهام عديدة ويؤشر الى ضغوط مورست على قيادة اليونيفل للتماهي مع الموقف الإسرائيلي وتوسيع إطار الحملة على حزب الله، وذكر البيان أن «القائد العام لقوات «اليونفيل» ستيفانو دل كول زار مع الفريق التقني نقطة قرب مستوطنة المطلة في شمال «إسرائيل»، حيث «اكتشف الجيش الإسرائيلي أحد الأنفاق بالقرب من الخط الأزرق». وأعلنت أنه «استناداً إلى المعلومات التي اطلعنا عليها، فإننا يمكننا أن نؤكد أن النفق موجود في الموقع»، مشيرة الى أنها «تشارك مع كافة الجهات متابعة الإجراءات العاجلة لمتابعة الحدث»، مشدّدة على أنه «من المهم جداً تحديد الصورة الكاملة لهذا الحدث الخطير»، مؤكدة أنها «سترسل المعلومات التي لديها إلى الجهات اللبنانية المختصة».
وكان وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال وجّه كتاباً الى مندوبة لبنان لدى الأمم المتحدة لتقديم شكوى ضد «إسرائيل» لتوجيهها رسائل صوتية تهدد اللبنانيين بحياتهم.
لقاء الحريري باسيل.. بلا نتائج
على الصعيد الحكومي، سُجّل تحرّك للوزير جبران باسيل باتجاه بيت الوسط حيث التقى الرئيس المكلف سعد الحريري الذي يغادر الى باريس الأحد المقبل في زيارة خاصة ثم إلى العاصمة البريطانية يليها بحسب المعلومات جولة أوروبية في إطار البحث في آليات تطبيق مقررات مؤتمر سيدر، وبعد عودة الحريري من جولته الاوروبية تدخل البلاد في عطلة أعياد الميلاد ورأس السنة ما يعني ترحيل الملف الحكومي الى العام الجديد.
هذه المماطلة في تأليف الحكومة والسفر المتكرّر للحريري ورفضه صيغ واقتراحات الحلول لا سيما صيغة 32 وزيراً كحل للعقدة السنية، شكلت استياءً لدى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي أبدى استغرابه الشديد إزاء ما آل اليه الواقع الحكومي، ويدل على أن الحكومة ليست أولوية لدى الحريري، وبحسب المعلومات فإن الرئيس عون سيمنح الحريري فرصة لحسم موقفه من صيغة 32 وزيراً الذي وافق عليها عون قبل أن يلجأ الى خيار مراسلة المجلس النيابي ووضعه أمام مسؤولياته.
إلا أن مصادر بيت الوسط نفت ما تناقلته بعض وسائل الإعلام عن امتعاض الرئيس عون من أداء الحريري في تأليف الحكومة وأوضحت لـ»البناء» أن «الحريري لا يزال في بيروت ويتابع نشاطاته المعتادة وأن العلاقة بين بعبدا وبيت الوسط مستقرة وجيدة وما زيارة باسيل الى الحريري اليوم إلا دليل على إيجابية هذه العلاقة، نافية أن يكون الرئيس المكلف تبلغ من بعبدا اي رسالة من هذا القبيل»، مضيفة أنه لا أحد لديه الحق والصلاحية في سحب التكليف من الحريري لا رئيس الجمهورية ولا المجلس النيابي، إذ لا نص في الدستور يقيد الرئيس المكلف بمهلة للتأليف ولا بسحب التكليف منه، مجددة التأكيد بأن الحريري مستمر في مهمته ولن يرضخ للشروط والضغوط ولن يقدم اعتذاره».
وإذ لم تبرز من اللقاء مؤشرات على الاتفاق بين الحريري وباسيل على صيغة معينة، وقال باسيل بعد اللقاء : «جرت متابعة الحلول المطروحة لتشكيل الحكومة، ولن نهدأ قبل أن نجد الحل المناسب». ولفتت مصادر مطلعة على اللقاء لـ «البناء» الى أن الحريري وباسيل ناقشا الصيغ المطروحة لا سيما صيغة 32 وزيراً لكن لم يخرج بتوافق حولها وبالتالي لا انفراج حكومياً قريبٌ».
وعكست أجواء تلفزيون «المستقبل»، رفض الحريري للصيغ المقترحة وغمزت من قناة باسيل من دون أن تسميه، حيث نقلت القناة عن مصادر عليمة ومتابعة للملف الحكومي أنّه «إذا كان بين أصحاب المساعي الحميدة من يعمل على تدوير الزوايا وتهيئة الظروف لإنتاج الحلول، فإنّ هناك بينهم في المقابل، من يراهن على استحضار أفكارٍ طوتها النقاشات والمفاوضات منذ أشهر طويلة».
وأضافت: «إذا كانت البلاد تبحث عن حكومة توفّر موجبات التصدّي للتحديات الاقتصادية والإنمائية، فضلًا عن التحديات الناجمة عن التهديدات الإسرائيلية، فإنّ هناك من يبحث عن حكومة فضفاضة، وظيفتها تأمين الحقائب لصفوف المستوزرين من المذاهب وأشلاء الكتل البرلمانية».
إلا أن الجديد هو اعتراف وزير الداخلية نهاد المشنوق المشنوق باللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين والدعوة الى الحوار معهم، إلا أنه اشترط وربط ذلك بتغيير موقفهم السياسي، متبعاً سياسة الترغيب، واستعمال المقعد الوزاري كفخ لاستدراجهم للتخلي عن خيارهم السياسي، الأمر غير الوارد بالنسبة لنواب اللقاء الذين أكدوا رفضهم أي منطق ابتزازي وأي مساومة وشروط، مجددين موقفهم المتسمك بتمثيلهم والداعم لخيار المقاومة وسلاحها، ما يؤكد بأن رفض الحريري تمثيل السنة هو موقفهم السياسي ودعهم للمقاومة وبالتالي لا يريد المستقبل ومن خلفه السعودية اي سنة مع المقاومة خارج الخيمة الزرقاء والفلك السعودي، وإن تخلوا عن خيارهم يصبح توزيرهم أمراً يسيراً.