راكيل عتيّق – الجمهورية
تأليف الحكومة متوقِّف في «المربع الصفر»، وبخطوة ينتقل إلى مربع الحسم الإيجابي، فمَن سيدفع الى ذلك، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون؟ أو رئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري؟ أو «حزب الله»؟ أو الثلاثة معاً بالتكافل والتضامن، علماً أنّ الجميع يرمي كرة الحلّ في ملعب «بيّ السُنّة».
في لعبة الانتظار الحكومي، مَن الأقوى؟ مهما كانت هويّةُ الفائز، لبنان الخاسرُ الأكبر. عون ينتظر محاوِلاً إبعادَ كأس التنازل عن حصته، إذ يشعر أنّ التنازل يضعف من قوة العهد وكذلك الانتظار لوقت طويل، على نحو ما يقول متابعون.
«حزب الله» يؤكّد «أننا أهلُ الانتظار. فمنذ 1300 سنة ننتظر ظهور إمامنا المهدي، وجرَّبوا معنا في استحقاق رئيس الجمهورية».
الحريري مُتمسّكٌ بموقفه ولمَن يعارضون هذا الموقف، يقول: «إعزلوني».
حتى «معارك الجاهلذية» الأخيرة، التي قرأ المتابعون فيها، علامات استهداف ورسالة تهديد للحريري، علّها تدفعه للتراجع أو التنازل، لم تُزعزع موقع رئيس حكومة تصريف الأعمال أو موقفه.
بروية، تابع الحريري المجريات، ويعتبر أنّ القوى الأمنية تحركت وتتحرك بناءً على استنابات قضائية، وأنّ ما قامت به طبيعي، وما يريحه أكثر هو أنّ رئيس الجمهورية ليس غائباً عن الإجراءات المُتّخذة.
يحاول الحريري أن يُخرج نفسَه من دائرة استهداف رصاصة الجاهلية، معتبراً أنّ ما حصل هو محاولة للتهويل على الدولة بأجمعها التي تضمّ قوى الامن والجيش وكل المؤسسات، وليس لتهديده هو أو تياره فقط».
«التيار الوطني الحر»، وعلى رغم مبادرة رئيسه الوزير جبران باسيل الى حمل راية التسويات لحلحلة «العقدة السنية»، يؤكّد أنّ «العقدة ليست عقدتنا ولا نحن معنيون بها»، إنما هو يحاول فقط أن يكون «حلّال المشاكل»، وإن كانت مبادرته مُزعجة وهناك مَن يريد تولّيها عنه فـ«أهلا وسهلاً».
بهذا الكلام تُبعَد العقدة عن يدي عون لتُرمى داخل «البيت السني». كذلك، يفعل «حزب الله»، يدعم «النواب السنة» إنما من دون أن «يُهديهم» مقعداً وزارياً، إذ إنه يعتبر أنهم مُنتخبون ومن حقهم التمثّل وزارياً ضمن حصة طائفتهم.
وتؤكّد مصادر «حزب الله» لـ«الجمهورية»، أنّ «العقدة تراوح مكانها ولا تقدّم أو تغيّر أو تبدٌّل في المواقف»، وتشدّد على أنّ «الحلّ في يد الحريري».
الحريري يرفض اعتبارَ أنّ هذه العقدة تخصه فقط، فليس هو وحده مسؤولاً عن البلد وأمنه واقتصاده بل إنّ الجميع مسؤولون، كذلك إنّ عمرَ العهد يقصر، ومَن يصرخ بالصوت العالي ويتكلّم باسم المواطن وحقوقه فليُقدٍّم ما يقدر عليه «كما قدّمنا نحن ما باستطاعتنا».
ويقول قريبون من الحريري لـ«الجمهورية»، إنهم يضعون العقدة عند الرئيس المكلف ويشترطون عليه، وإن كانوا يعتبرون أنّ التمثيل السُني مُشكلة الحريري، فهو يردّ عليهم قائلاً بصريح العبارة: «لا أريد ضمّ أولئك النواب الستة إلى حكومتي، وإن لم يرضِكم موقفي قوموا ما في وسعكم القيام به دستورياً واعزلوني».
ويتابع هؤلاء القريبون: «ليصدر بيان من الكتل التي أيّدت الحريري تقول فيه إنها تريد تكليف رئيس آخر لتأليف الحكومة، وحينها يعتذر. ولكن إن كانوا متمسّكين به، عليهم أن يُفهموه وأن يتفهّموا وضعه».
ويؤكّد القريبون، أنّ «كلام «حزب الله» عن أنّ موافقة الحريري على لقاء نواب «اللقاء التشاوري» تحلّ العقدة، غير صحيح، فالحزب لا يطلب فقط أن يُحدّد الحريري موعداً لأولئك النواب، بل أن يُوَزَّروا أيضاً».
ويشيرون، إلى أنّ «جزءاً من الأزمة يستهدف الحريري إنما جزء آخر منها مُوجّه ضد رئيس الجمهورية، وكلام بعض النواب الستة السنة دليلٌ على ذلك».
إذن، هل سيبقى الحريري منتظراً؟ أم سيبادر إلى فكفكة العقدة بيده؟
يجيب القريبون منه: «إنّ طرح حكومة من 32 وزيراً لا يحلّ المشكلة بل يُعقِّدها أكثر، وما يُمكن أن يؤدّي إلى قبول الحريري بتسوية هو الآتي:
– أولاً: عدم المَسّ بالوزارات التي رست ضمن حصة الحريري في هذه الحكومة، كمّاً ونوعاً.
– ثانياً: أن تكون الوزارة المُخصّصة لـ«السنة المستقلين» ضمن حصة رئيس الجمهورية، وأن تكون هذه الشخصية السنية التي سيختارها عون غيرَ مستفِزّة، وحينها يقبل الحريري أن تكون هذه الشخصية أحد النواب الستة السنة.
لكن، لماذا يتمسّك «حزب الله» وحلفاؤه بالحريري وفي الوقت نفسه يضعون العراقيل أمامه على طريق إنجاز الحكومة؟
يشرح متابعون، «أنهم يريدون غطاء الحريري على المستويَين المحلّي والدولي، وهو بالنسبة لهم كـ«ورقة التوت» التي تخبّئ واقع أنّ «حزب الله» يحكم البلد، وفي الوقت نفسه يريدونه مكسوراً وخاضعاً لسلطتهم بنحوٍ يمنعه من التحرك ويضع القرار في يدهم».
وإذ يشير المتابعون، إلى أنّ «محور الممانعة يقول عملياً إنه حقق فوزاً في الانتخابات النيابية»، يسألون: «لماذا لم يُسمِّ «حزب الله» والنواب الدائرون في فلكه النائب عبد الرحيم مراد أو النائب جهاد الصمد، على سبيل المثال رئيساً للحكومة؟».
ويوضحون، أنّ ذلك يعني أنهم سمّوا الحريري ليغطيهم، لكن لا يمكنهم القول له: «نحن نريدك رئيساً للحكومة شرط أن نعقد الحبل حول عنقك».
ويؤكدون أنّ «الحريري سيستمر بالممانعة ولن تدفعه أيُّ عُقدة أو «عُقيدة» أو تهويلات كلامية أو شعبية أو «ميليشياوية»، الى عَقْد حَبل المشنقة حول عنقه بيديه والانتحار سياسياً».