صحيفة الأخبار
باسيل ينضم إلى حملة ضرب «السلسلة»!
لم يشهد يوم أمس أي جديد على صعيد تشكيل الحكومة. إلا أن الوضع الاقتصادي والمالي بدا الأكثر حضوراً، إن كان في التحذيرات المتزايدة من خطورة تأخير التشكيل على الأمن الاقتصادي والاجتماعي، أو لناحية التسويق لحلول تدفع ثمنها الحلقة الأضعف في المجتمع، دوناً عن كل المنظومة التي ساهمت في إغراق البلد في العجز
من صربيا، وضع وزير الخارجية جبران باسيل، البند الأول على جدول أعمال الحكومة التي دعا إلى الإسراع في تشكيلها. قال إن معالجة الانحدار الاقتصادي بجرأة سياسية هي الأولوية لدى الحكومة المقبلة، لكنه ربط هذه الخطوة بالاستفادة من التجربة الصربية، حيث جرى اللجوء إلى خفض الرواتب في القطاع العام، مستهزئاً، عبر تويتر، بالقرار المعاكس الذي اتخذه لبنان، أي رفع الرواتب من خلال قانون سلسلة الرتب والرواتب، واصفاً إياه بالترف.
وخطورة كلام باسيل أنه يأتي في سياق حملة بدأت تأخذ منحىً جدياً للغاية، يقودها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس الهيئات الاقتصادية محمد شقير، بصفتهما «حارسَين» للنموذج الاقتصادي المعمول به في لبنان، والقائم على حصر الثروة في يد قلة من الأفراد، يزدادون غنىً، وتكبر الفجوة بينهم وبين غيرهم من اللبنانيين الذين تسوء أحوالهم المعيشية ويزداد جزء كبير منهم فقراً. هذه الحملة تربط بين الأزمة المالية الحالية وقانون سلسلة الرتب والرواتب، وتسعى إلى ربط أي خروج من المأزق الحالي بضرورة المسّ بالحقوق التي استردها الموظفون بعد نضالات طويلة، مبتعدة بذلك عن الدخول في الأوجه الفعلية للهدر، ولا سيما عجز الكهرباء الذي لا يزال يسجّل ارتفاعات متواصلة من دون أي أفق لتقليصه. أما أبرز ما يريد القائمون بالحملة الحفاظ عليه، فهو خدمة الدين العام التي يرفض أصحاب المصارف وكبار المودعين وحُماتُهم وشركاؤهم من السياسيين النقاش في إعادة النظر بها أو خفضها، رغم كونها في تضخّم مستمر، وتستهلك قسماً كبيراً من واردات الدولة، وتُعد أبرز آليات تحويل المال العام إلى ثروات خاصة.
وهذا يعني عملياً أن السعي الرسمي للخروج من الأزمة يركز على عدم المسّ بمصالح الأغنياء والنافذين، مقابل مدّ اليد إلى رواتب الموظفين، الفئة الأضعف في النظام اللبناني. وعليه، فإن خيارات عديدة تطرح في هذا السياق، أولها إلغاء مفعول السلسلة، فيما الاقتراح الأكثر تداولاً حالياً على طاولة النقاش ينص على تجميد 25 في المئة من السلسلة لثلاث سنوات!
إلى ذلك، كان باسيل قد أنهى زيارته الرسمية لصربيا باجتماع مع رئيسة الوزراء آنا برنابيش، بعد اجتماع طويل مع وزيرة الخارجية نائبة رئيس الحكومة إيفيكا داشيك. وكان قد سبقه اجتماع مع الرئيس الصربي ألكسندر فوشيك، وقبله مع رئيسة مجلس النواب مايا غويكوفتش.
وبحسب الخبر الرسمي الموزع من الوكالة الوطنية، فقد سمع الوفد اللبناني «تشجيعاً من كل من الرئيس ورئيس الحكومة ومجلس النواب، فضلاً عن وزيري الخارجية والزراعة لاتخاذ إجراءات إصلاحية قد تكون مؤلمة في بدايتها، لكن تفيد البلاد على المدى الطويل». كذلك شرح المسؤولون الصرب لباسيل «كيف خرجوا من أزمتهم الاقتصادية والمالية ونصحوا لبنان باعتماد الإجراءات التي ساعدت صربيا على تخطي أخطر أزمة في تاريخ البلاد».
وكان الوضع المالي محور لقاء جمع رئيس الجمهورية ميشال عون بوزير المالية علي حسن خليل، حيث قال خليل بعد اللقاء إن الزيارة تطرقت إلى الوضع المالي والأمور المتصلة بتأمين التمويل الدائم لحاجات الدولة، خصوصاً أننا نمرّ بمرحلة تتطلب درجة أعلى من التنسيق بين القرار السياسي ووزارة المال والمصرف المركزي، وهو ما نحاول أن نتابعه في أسرع وقت ممكن كي لا يتأثر انتظام تأمين الأموال التي تحتاجها الخزينة.
وأكد خليل أن الدولة ووزارة المال ملتزمتان بشكل كامل دفع المستحقات للموظفين والمتقاعدين، مؤكداً أن «لبنان، منعاً للبلبلة، ملتزم أيضاً تسديد كل استحقاقاته من الديون».
وفي الشأن الحكومي، أعلن خليل أن من المهم الإسراع في تشكيل حكومة، لأن «المسألة لم تعد مطلباً عاماً أو ترفاً سياسياً بقدر ما هي أساسية بنيوية كي نستمر في المرحلة المقبلة». ومساءً، وقّع رئيس الجمهورية مرسومين: الأول يقضي بفتح اعتماد إضافي في موازنة 2018 في باب النفقات المشتركة لتغذية نبذة معاشات التقاعد، والثاني يقضي بفتح اعتماد إضافي تكميلي في الموازنة العامة لعام 2018 في باب النفقات المشتركة لتغذية تعويضات نهاية الخدمة.
من جهته، قال الرئيس نبيه بري، بحسب ما نقل عنه النواب في لقاء الأربعاء، «إن البلاد لا يمكن أن تستمر على هذا الوضع، وإن على الجميع تحمّل مسؤولياتهم والعمل من أجل تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الجامعة التي تتسع للجميع والتي تقع على عاتقها مواجهة الاستحقاقات والمخاطر، ومنها الوضع الاقتصادي الذي يبقى في أولى اهتماماتنا، لما له من انعكاسات على الأوضاع المالية والاجتماعية والمعيشية». كذلك أشار إلى أن «هناك محاولة وآليات جديدة لحل هذه المسألة نأمل أن تؤدي إلى النتائج المرجوّة، خصوصاً أن الجميع يدرك أن لا مناص من تأليف الحكومة لمواجهة كل المشاكل والاستحقاقات، ولا سيما الوضعان الاقتصادي والاجتماعي».
كذلك تمحور اللقاء حول ملفات الفساد والمخالفات والفضائح المستشرية، ونقل النواب عن بري «تأكيده مرة أخرى لوجوب أخذ القضاء والهيئات الرقابية دورها كاملاً إلى النهاية في مواجهة هذا الخطر». وقال: «لماذا يتجرأ الحرامي على السرقة علناً، ومن غير المسموح لنا أن نسمي هؤلاء السارقين والفاسدين ومحاسبتهم؟».
«الأعلى للدفاع»
في سياق آخر، طلب المجلس الأعلى للدفاع في اجتماع عقده أمس في قصر بعبدا برئاسة عون، من الأجهزة الأمنية «اتخاذ التدابير اللازمة خلال الأعياد لتسهيل أمور المواطنين، والتنسيق في ما بينها للحد من الأحداث الأمنية التي شهدها لبنان أخيراً، ومنع وقوعها مستقبلاً».
وقرر المجلس، بعد إثارة رئيس الجمهورية مسألة ترويج المخدرات، «الإيعاز إلى الأجهزة الأمنية مكافحة هذه الظاهرة، ولا سيما في الجامعات والمدارس والملاهي الليلية».
وكان الاجتماع قد عُقد بحضور نائب رئيس المجلس الأعلى للدفاع الرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري، والوزراء يعقوب الصراف، علي حسن خليل، نهاد المشنوق، رائد خوري وسليم جريصاتي، والمدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس، إضافة إلى قائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنية كافة.
وتطرق المجلس الأعلى للدفاع إلى الوضع الأمني داخل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين والأوضاع الاجتماعية والصحية للاجئين، ولا سيما بعد تراجع مساعدات منظمة «الأونروا». وجدّد المجلس الطلب إلى الأجهزة الأمنية المعنية مراعاة الأصول والمعايير المعتمدة دولياً خلال التحقيقات التي تجري مع الموقوفين، ولا سيما لجهة المحافظة على حقوق الإنسان. وكان سبق اجتماع المجلس الأعلى، خلوة جمعت عون والحريري عرضا خلالها الأوضاع العامة في البلاد والتطورات السياسية الراهنة.