رلى ابراهيم – الأخبار
في العادة، يكسب النائب نديم الجميل تعاطفاً حزبياً عند كل «انتفاضة»… لكن «ثورته» الأخيرة، خلال اجتماع المكتب السياسي يوم الاثنين الماضي، لم تكن كذلك. كانت اعتراضاً على تحالف حزب الكتائب مع الحزب السوري القومي الاجتماعي في انتخابات نقابة الصيادلة. بعض الكتائبيين وضعوا ما حصل في خانة «الخطة القواتية لتحجيم فوز الكتائب»، فيما حصرها مقربون من «ابن بشير» بالانقلاب على المبادئ والتحالف مع المتهم باغتيال والده
يصعب فهم «انتفاضة» النائب نديم الجميل خلال اجتماع المكتب السياسي لحزب الكتائب، أول من أمس، إلى حد أن بعض الحزبيين، الذين جرت العادة أن يتعاطفوا معه، وجدوا أنفسهم غير قادرين على إمساك يده. ما إن بدأ الاجتماع حتى وقف نديم معترضاً على تحالف حزب الكتائب مع الحزب السوري القومي الاجتماعي، الذي ظهر في انتخابات نقابة الصيادلة يوم الأحد الماضي. طلب منه رئيس الحزب، النائب سامي الجميل، الاستماع إلى العرض الذي سيقدمه رئيس لجنة الانتخابات النقابية، والعضو في المكتب السياسي، سمير خلف، عن التحالفات وتفاصيل الانتخابات. إلا أن نديم رفض البقاء حتى حين عاجله خلف بالقول أن النتيجة التي نالها مرشح حزب الكتائب الوحيد جو سلوم، على لائحة تحالف من 13 شخصاً، تستحق الاحتفال. أبلغ الجميل الحاضرين، قبل خروجه، أنه سيعقد مؤتمراً صحافياً، لكنه ما لبث أن تراجع عن قراره. نائب الأشرفية مقتنع أن على اللائحة «قوميّاً»، وذلك عنده بمثابة انقلاب على مبدأ عدم التحالف نهائياً مع الحزب المذكور.
يقول أحد المسؤولين الكتائبيين إن رد فعل نديم جاء معطوفاً على تململ بعض الحزبيين، الذي ظهر على مواقع التواصل الاجتماعي فور إعلان قناة «أم تي في» عبر خبر عاجل عن فوز تحالف الكتائب – القومي. ويعتبر المسؤول «أن الخبر ليس بريئاً، ومعروف مصدره وسببه. فحزب القوات اللبنانية الممتعض من خسارته الكبيرة، مقابل ربح استثنائي لمرشح الكتائب، لم يستطع تقبل النتيجة فعمد إلى بث سمومه عبر المحطة القواتية». يتصادف خروج نديم من المكتب السياسي مع خبر عاجل، من المحطة نفسها، تعلن فيه خروجه (الجميل) بعد مرور 5 دقائق على الحدث، وهذا أظهر وجود «تنسيق بين الجميل والمحطة». لكن لماذا يرضخ الجميل للأجندة القواتية؟ يجيب المسؤول: «ليس رضوخاً، بل ربما يتحين المناسبة لرفع الصوت، لا سيما أن مؤتمراً حزبياً سيُعقد بعد 5 أشهر ويحتاج إلى تهيئة أجواء منذ اليوم». فعلياً، يستحيل فهم اعتراض الجميل، لا سيما أن اللائحة كانت تضم أحزاباً عدة، وهي «ليست كتائبية صرف، فيما هناك تحالف معلن تم بين التيار الوطني الحر والحزب القومي من جهة أخرى. ولا يمكن لوم الكتائب هنا إن استطاع أحد المرشحين، على اللائحة التي تضم مرشحنا، استقطاب أصوات بعض القوميين، ومن غير المنصف تحجيم فوزنا تحت عناوين مغلوطة تخدم أطرافاً أخرى؛ خصوصاً أن سلّوم حل أولاً».
على مقلب المقرّبين من نديم، فإن «القصة تتعلق بموقف مبدئي من الحزب القومي، المتهم باغتيال الرئيس الراحل بشير الجميل، هذا الموقف الذي كان محترماً في الانتخابات النيابية والبلدية والنقابية، إلى أن حصل الخرق في انتخابات نقابة الصيادلة يوم الأحد». بالنسبة إلى المسؤول نفسه، فإن «كل الحديث عن تواطؤ مع القوات مرفوض، إذ لا يمكن أحداً أن يزايد على كتائبية ابن بشير. وفي الواقع إذا كان للقيادة الكتائبية عتب صغير على معراب فلنديم اعتراضات بالجملة».
يحضر منطق آخر هنا لا يحصر الموضوع بالانتخابات، بل يوسّع «البيكار» ليشمل الصورة كاملة: «عندما كان يفترض بالحزب أن ينفتح على حلفائه، وينسج معهم تحالفات بلدية ونيابية، رفض ذلك حتى أنه تكبّر على المستقلين… لينتهي به الأمر بالتحالف مع القومي للفوز بعضو في نقابة الصيادلة، الذي لن يحدث خرقاً في المشهد العام الكتائبي، أي الخسارة السياسية والتهميش الذي يعيشه الحزب اليوم، وذلك نتيجة الفشل الانتخابي الذي تُرجم بعدم تمثيله في الحكومة». تضيف المصادر، في هذا السياق، أن الحزب «قرر تشكيل وفد لزيارة رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري، من أجل مطالبتهم بتشكيل حكومة تكنوقراط، لا سيما أن نحو 6 أشهر مرت على الانتخابات النيابية من دون حكومة، ما يضعف عهد رئيس الجمهورية». تستتبع المصادر نفسها هذه الإشارة بالقول: «الزيارات المرتقبة مجرد همروجة لتسليط الضوء على الكتائب مجدداً، بعد أن بات حزباً هامشياً، ومسعى للحد من الخسارة إذا ما نجحت المبادرة كون الحزب لن يتمثل بحكومة سياسية». يذهب أصحاب هذا الرأي إلى تسخيف طرح حكومة التكنوقراط، التي اعتمدها رؤساء جمهورية ما قبل اتفاق الطائف، وذلك لقدرتهم على منحها صلاحيات استثنائية لإصدار مراسيم اشتراعية من دون المرور بمجلس النواب. الأمر الذي لم يعد قابلاً للتنفيذ بعد الطائف، فأصبحت حكومة التكنوقراط لزوم ما لا يلزم إذا تعذر منحها صلاحيات فعلية». أما الهدف الأساسي من الزيارات المرتقبة، فيضعها أحد المسؤولين في إطار واحد: «إن لم نُزَر، نَزُر».