اليوم معبر نصيب قيد العمل… وقريباً معابر العراق… وإدلب تنتظر خطوة تركية حاسمة
الرياض تردّ على واشنطن: لن نتردّد بمصالحة إيران وحزب الله وحماس
بري يقود حملة برلمانية لحماية حقوق الفلسطينيين… والحكومة «حيص بيص»
المحرّر السياسيّ – البناء
بينما تواجه معضلة تنفيذ التزاماتها في تفاهمات سوتشي مع نهاية مهلة إقامة المنطقة المنزوعة السلاح اليوم، بعدما أعلنت جبهة النصرة رسمياً رفضها سحب السلاح الثقيل والخروج من المنطقة، تستثمر سورية نجاحاتها العسكرية جنوباً وشرقاً في معارك تحرير درعا والبادية بتفاهمات مع الأردن والعراق ذات طابع اقتصادي وسياسي في آن، تعني التسليم الدولي والإقليمي بانتصار سورية، وتفتح شرايين الحركة الاقتصادية التي هدفت الحرب لإغلاقها في سياق خطط حصار سورية ودفعها للاختناق.
الحدث الذي سيطر على المشهد الدولي والإقليمي، كان التهديد المتبادل بين واشنطن والرياض، حيث لم تمرّ تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعقوبات قاسية على الرياض إذا ثبت تورطها في قضية اختفاء وربما قتل جمال الخاشقجي، كشفت النيويورك تايمز طبيعة العقوبات التي تنتظر الرياض، دون وقف مبيعات السلاح، كما قال ترامب، حيث قالت النيويورك تايمز، إن الطريق هو مطالبة العائلة المالكة بتنحية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي وصفته بـ «المجنون» و«الفاسد». وجاء الرد السعودي عالي السقف بصورة أكدت أن الأمر أكبر بكثير من قضية الخاشقجي، حيث خرج بيان عن مصدر سعودي رسمي وتابع من ورائه ما نقله الكاتب تركي الدخيل عن مصادر صنع القرار في الرياض، والحصيلة تلويح سعودي بقلب الطاولة، اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً واستراتيجياً، وهذا أول تهديد من نوعه في تاريخ العلاقات السعودية الأميركية، حيث تضمّنت لائحة الإجراءات التي أشار الدخيل إلى أنها أكثر من ثلاثين خطوة جرى بحثها، التوقف عن تصدير كمية النفط التي يحتاجها السوق العالمي وترك الأسعار تصل إلى ما فوق المئتي دولار للبرميل، واستبدال تسعير النفط السعودي من الدولار إلى اليوان الصيني، وفي السياسة الذهاب لمصالحة إيران وحزب الله وحركة حماس، وعسكرياً واستراتيجياً الذهاب للتسلّح من روسيا والصين، ومنح الروس قاعدة عسكريّة في تبوك شمال غرب السعودية.
الحدث السعودي الأميركي لا يزال في بداياته، والسؤال الذي يطرحه المعنيون يتصل بمدى ثبات القيادة السعودية على موقفها، لأن مثل هذا السقف العالي مثير للاستغراب، ويرجّح كونه تلويحاً لعدم الإحراج بالتصعيد، طلباً لتفاوض ضمني تسعى الرياض لإطلاقه مع واشنطن، عبر عن الرغبة به سفير السعودية في واشنطن الأمير خالد بن سلمان، بإشادته بالتروّي الأميركي في قضية الخاشقجي، وماذا لو كان الأمر في واشنطن يجري على خلفية الشعور بأن الرياض قد فشلت في كل الملفات وخصوصا في ورطة العصر، التي صارت حبراً على ورق بلا شريك فلسطيني تعهّد السعوديون بتأمينه، بموازاة تقدّم مكانة تركيا لاحتلال المقعد الموازي لإيران في النظام الإقليمي، على حساب المكانة السعودية. فهل تمضي السعودية بتحويل تهديداتها إلى أفعال؟ وأي مشهد إقليمي ودولي سيكون عندها؟ وما سيكون عليه حال الأميركي والإسرائيلي إذا انقلبت السعودية؟ وهل ستُترك لتفعل ذلك أم أننا سنكون على موعد مع تحرّكات أميركية إسرائيلية داخل السعودية للإمساك بدفة الحكم بخطط استخبارية كتلك التي أودت بحياة الملك فيصل بن عبد العزيز عقاباً على دوره في قطع ضخ النفط إلى دول الغرب ومشاركته سورية ومصرفي حرب تشرين 1973؟
لبنانياً، تستمر المراوحة في الشأن الحكومي مع تسريبات متضاربة حول التقدم وعدم التقدم في حلحلة العقد المستعصية، وباتت الحكومة الموعودة مع نهاية المهلة التي حدّدها الرئيس المكلف بتشكيلها سعد الحريري، أقرب لحال الضياع ما يجعل وصف مصادر على صلة بمفاوضات التشكيل للحال الحكومية بـ»حيص بيص» في إشارة لفوضى المعلومات والاتصالات، بينما بقي المهم لبنانياً ما قام به رئيس مجلس النواب نبيه بري من سعي لتحشيد موقف عربي وإسلامي برلمانياً لحماية الحقوق الفلسطينية وفي مقدّمتها حق العودة ومستقبل القدس، تمهيداً لانعقاد مؤتمر رؤساء برلمانات العالم في إطار الاتحاد البرلماني الدولي.
رغم الأجواء التشاؤمية التي تخيّم على تصريحات ومواقف القوى السياسية والتي توحي أن المفاوضات الحكومية عادت الى نقطة الصفر، تشدّد مصادر مقربة من دوائر التأليف لـ«البناء» أن تأليف الحكومة لن يتأخر، مشيرة الى ان الامور ستتوضح الأسبوع المقبل مع عودة رئيس المجلس النيابي نبيه بري من سويسرا.
وبالتوازي مع الاتصالات المحلية لتأليف الحكومة، فإن فرنسا تبدي مخاوفها من التأخير في التشكيل لما لذلك من انعكاسات سلبية على الاوضاع الاقتصادية. وأعلنت السفارة الفرنسية في بيان، عقب زيارة الموفد الفرنسي بيار دوكان الى بيروت أن «باريس تقوم بمساعٍ حثيثة من أجل لبنان، بالتحديد لأن لديها كلّ الثقة بقدرته على الإصلاح ومواجهة التحديات المستقبلية». وقالت إن «الالتزامات التي تعهّدنا بها خلال مؤتمرات «سيدر» وروما وبروكسيل إنما هي خير دليلٍ على إرادتنا بتعميق شراكتنا مع هذا البلد الذي يشكّل بالنسبة إلينا محاوراً أساسياً ونموذجاً للعيش المشترك في المنطقة. فرنسا متمسّكة باستقرار لبنان وستبقى بالتالي دائماً إلى جانبه».
وتشير مصادر مطلعة لـ «البناء» الى أن فرنسا تبدي قلقها غير المبرّر من التأخير في تشكيل الحكومة الذي من شأنه أن يؤخر مساهمات الدول المانحة التي شاركت في مؤتمر سيدر وروما 2 بالكثير من الاستثمارات التي تهم لبنان، مشيرة إلى ان باريس تحث الجميع على تأليف حكومة لما لذلك من انعكاسات إيجابية على المساهمة في دعم لبنان وجيشه. ولفتت المصادر إلى ان الرئيس الفرنسي أكد لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال اجتماعهما على هامش القمة الفرنكوفونية، حرصه على حسن العلاقات بين البلدين وعلى ضرورة حماية الاستقرار في لبنان، لافتاً إلى أن تطبيق مقررات سيدر يستدعي من المعنيين الاتفاق على تأليف الحكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري، لا سيما أن الكثير من الإصلاحات التي نصّ عليها سيدر تتصل بما ستقوم به الحكومة المرتقبة.
إلى ذلك، أجرى الرئيس المكلف سعد الحريري اتصالاً هاتفياً برئيس الجمهورية مهنّئاً ايّاه بسلامة العودة، بعد مشاركته في القمة الفرنكوفونية، مشيداً بالكلمة التي ألقاها أمام القمة والتي تعبّر عن رسالة لبنان في تعزيز حوار الحضارات.
وأكد الرئيس المكلف أمس، تضامنه مع المملكة العربية السعودية في مواجهة الحملات التي تستهدفها، وقال: «إن المكانة التي تحتلها السعودية في المجتمعين العربي والدولي يضعها في مصاف الدول المركزية المؤتمنة على استقرار المنطقة ونصرة القضايا العربية، والحملات التي تنال منها تشكل خرقاً لهذا الاستقرار، ودعوة مرفوضة لجر المنطقة نحو المزيد من التطورات السلبية».
وبانتظار أن يلتقي الرئيس المكلف رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، بعدما كان التقى وفوداً قواتية واشتراكية، علماً أن أي لقاء جديد بين الرئيس عون والرئيس الحريري لم يحدد موعده بعده، تشير مصادر قيادية في تيار المستقبل لـ«البناء» أن تسريبات الاسماء التي طرحت، بعضها منطقي ويقترب من الحقيقة نحو 80 في المئة، وكذلك الحال بالنسبة لبعض الحقائب علماً أن البعض الآخر ليس دقيقاً، مشيرة في الوقت عينه الى كلام الرئيس المكلف أن التسريبات تستند الى اجتهاد.
ولفتت المصادر إلى أن الأمور ليست جاهزة بعد، والأجواء الإيجابية التي أحاطت بلقاء رئيس الجمهورية بالرئيس المكلف جرى تبديدها من بعض الفرقاء لا سيما في ظل الجدل بين التيار الوطني الحر والقوات على مستويات عالية، معتبرة ان من يتحمل المسؤولية هو من لديه إمكانية التسهيل، والتيار الوطني الحر هو المكون الأساس القادر على التسهيل، في حين أن إطلالات الوزير جبران باسيل الاخيرة لم تبشر بالخير وعقدت الأمور، قائلة بعدم الشراهة على ما يسميه تكتل لبنان القوي حقه، يسهل التأليف بسرعة قياسية. ورفضت المصادر ربط التأخير في التأليف بتشكيل الحكومة في العراق، فهذا الربط ليس دقيقاً ولا مؤشرات توحي أن الحكومة مرتبطة بالتطورات العراقية.
وأكد الوزير باسيل أول أمس في ذكرى 13 تشرين، أن الردّ على محاولات عرقلة الحكومة سيكون بتشكيلها بما يعكس بالحد الأدنى نتائج الانتخابات الأخيرة، لكن العمل الأصعب علينا ليس في التشكيل بل في الأداء وما ينتظره من عرقلةٍ معروفة منذ الآن، حيث سيكون ردّنا عليها المزيد من الكفاءات في وزرائنا وإنتاجية أكثر في عملنا». وأكد أننا مصرّون على حكومة وحدة وطنية لنتحمّل متّحدين المسؤولية، وليس ليدخلها أحد استفادةً للسياسة والخدمات، ويعارضها من الداخل ليستفيد شعبياً وانتخابياً… وتابع: مصرّون على حكومة الوحدة حتّى بشقّ النفس شرط أن لا ينشّق البلد.
ولفت الى اننا نريد الحكومة البارحة ونحن ندفع الثمن غالياً من رصيدنا لتأخيرها، ومن يعقها فهو من يحاول إقحام الخارج في تأليفها، لا بل استجرار الخارج والاستقواء به لفرض مطالبه المضخّمة التي لا تعكس لا تمثيلاً نيابياً ولا شعبياً ولا هي حق بمطلق الاحوال.
ورأى عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب عدوان «أننا حتى هذه اللحظة لم نتبلغ رسمياً حصولنا على موقع نائب رئاسة مجلس الوزراء». ونفى «ما يتم تداوله في الاعلام من حقائب وزارية للقوات»، واضاف: «لا نقبل به ونريد أربع حقائب وزارية ونيابة رئاسة الحكومة». وشدّد عدوان على أن «اذا كانت التشكيلة الحكومية مخالفة لرغباتنا يمكن أن نكون خارجها ونتحول معارضة». وقال: «رئيس التيار الوطني الحر هو المعرقل طبعاً، ويأخذ دور الرئيس المكلّف».
في المقابل، أكدت مصادر تكتل لبنان القوي لـ«البناء» أن التصعيد المستمر من حزب القوات مرده الإملاءات الخارجية التي يتلقاها وتدعوه الى عرقلة تشكيل الحكومة، لا سيما أن حصة القوات المطروحة متوازنة الى حد كبير، في حين انها تواصل وضع العصي امام الطريق الحكومي، متوقفة عند الجهود القواتية التي تبذل لتشويه الحقائق وتخطي الدستور ونتائج الانتخابات النيابية.
وعطفاً على التباين العوني – القواتي، كان لافتاً الخلاف بين التيار الوطني الحر وتيار المردة على حقيبة الأشغال. وبينما أكد النائب اسعد درغام أن لا حكومة ما دامت وزارة الأشغال للمردة، ونحن مصرّون على نيل هذا المنصب، لغياب الخطط الخاصة بالنقل التي كان يجب أن يضعها الوزير الحالي، بدلاً من استخدام المال العام لأهداف انتخابية، مؤكداً «أننا نختلف مع المردة في الأداء الحكومي»، كان لافتاً انزعاج نواب من تكتل لبنان القوي من أداء زملائهم في التكتل عينه. واشارت مصادر عونية بارزة لـ«البناء» الى ان عدم إسناد حقيبة الأشغال الى تيار المردة لا يعني على الإطلاق انها ستؤول الى التيار الوطني الحر، لافتة الى ان المطلوب تهدئة الأجواء بدل التصعيد والتهويل الذي لن يؤدي الى نتيجة.
وعلى خط الحقائب الدرزية التي قيل إن حقيبتين حسمتا لصالح اللقاء الديمقراطي على أن الوزير الدرزي الثالث حسم لشخصية تحظى بإجماع الرئيس عون والرئيس المكلف والرئيس بري والنائب وليد جنبلاط، غرّد رئيس كتلة ضمانة الجبل طلال أرسلان عبر حسابه على «تويتر» قائلاً: «خلافاً لما يُشاع عن حلحلة ما يُسمى بالعقدة الدرزية فإن هذا الموضوع لا يزال عالقاً بانتظار أن يتم اختيار أحد المرشحين من اللائحة التي عرضناها. وما عدا ذلك مجرّد تكهّنات».
من ناحية أخرى، تجتمع اللجان المشتركة غداً الثلاثاء بدعوة من رئيس مجلس النواب نبيه بري، لانتخاب أمين سر وثلاثة مفوضين عملا بأحكام الفقرة الثانية من المادة 44 من الدستور والمادة 3 من النظام الداخلي، وانتخاب اعضاء اللجان النيابية عملاً بأحكام المادة 19 من النظام الداخلي. ويرأس الجلسة نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي لوجود الرئيس نبيه بري في سويسرا.
أمنياً، دوّى مساء أمس، انفجار بين الحلوسية والزرارية، عند مجرى الليطاني، بالتزامن مع تحليق طائرات استطلاع معادية، تبين أنه ناتج عن إقدام إحدى هذه الطائرات على تفجير جهاز تجسس شرق بلدة الحلوسية، عند مجرى النهر. وسرعان ما شهدت المنطقة تحليقاً للطيران الحربي المعادي. وعلّق الناطق باسم قوات الـ»يونيفيل» الدولية اندريا تننتي، بالقول: «اليونيفيل تنظر في الموضوع بالتعاون الوثيق مع القوات المسلحة اللبنانية».