صحيفة الاخبار
بلقاء الرئيس سعد الحريري وحليفه سمير جعجع، أمس، تكون قد انطلقت جولة جديدة من مساعي تشكيل الحكومة، لكن بلا تفاؤل جدي بإمكانية خرق المراوحة المستمرة منذ أربعة أشهر. على العكس، فإن جعجع تصلّب في مطالبه الوزارية، فضلاً عن تحريضه الحريري على رئيس الجمهورية، عبر دعوته إلى عقد جلسات لمجلس الوزراء!
مع عودة رئيس الجمهورية ميشال عون من نيويورك، اليوم، يُنتظر أن يعود الزخم إلى مساعي تشكيل الحكومة، بعد فترة من الهدوء بسبب مغادرة رئيس الجمهورية ووزير الخارجية لبنان وتوجه الأنظار نحو الجلسة التشريعية التي عقدت مع بداية الأسبوع.
التمهيد لعودة الاتصالات الحكومية، كان قد انطلق مع الزيارة التي قام بها رئيس حزب القوات سمير جعجع إلى منزل الرئيس سعد الحريري أمس، ساعياً إلى تأكيد مجموعة ثوابت قواتية، استباقاً لأي مشاورات جديدة يُمكن أن تحصل بعد عودة عون من نيويورك، خاصة بعد أن كشفت «الأخبار» عن لقاءات سرية عقدها رئيسا الجمهورية والحكومة ووزير الخارجية جبران باسيل لاستكمال البحث في مسار التشكيل.
في المقابل، يأتي التحرك الجديد للحريري في إطار محاولة لتأمين أجواء إيجابية تسبق عودة الرئيس ميشال عون من نيويورك، علماً أن الأخير استبق وصوله بالتأكيد من الطائرة أنه «لست رئيس تكتل لبنان القوي لكي أضغط على رئيسه حالياً… ولا يجوز أن أضغط على طرف من دون الآخر»، مضيفاً أن «التسوية السياسية تمت بعد المصالحة المسيحية وهي لا تزال قائمة ولا شيء يعطلها، طالما أن رئيس الحكومة موجود نحن سنراعي المعايير التي تم الاتفاق عليها». ويصب هذا الكلام في خانة ما لمسه متابعون لمسار التشكيل عن أن عون وباسيل ليسا في وارد التراجع عن مطالبهما حتى لو تأخر تشكيل الحكومة وقتاً طويلاً، وأن التلويح بخسارة العهد للوقت في ظل عدم التشكيل لا يؤثر على قرارهما، إنما يعود بمردود أكثر سلبية على الحريري مما هو على العهد، في ظل حاجته للعودة إلى رئاسة الحكومة.
بالتوازي، وبعد تلميح النائب السابق وليد جنبلاط إلى إمكانية تراجعه عن مطلبه بالحصول على ثلاثة وزراء، يجري الحديث عن وزيرين للاشتراكي ووزير ثالث درزي يطمئن إليه رئيس الجمهورية ويضمن أن لا ينسحب مع وزراء جنبلاط في حال قرر الاخير استخدام مسألة الميثاقية بانسحاب وزرائه وتعطيل الحكومة. وفي الوقت نفسه، يتردد أن الوزير الدرزي يمكن أن يكون من حصة رئيس الجمهورية، بوصفه الوزير الملك، وبما يسمح له، مع تكتل لبنان القوي، بالحصول على 11 وزيراً. والحصول على 11 وزيراً هو ما عاد التيار الوطني الحر للمطالبة به بعد إصرار القوات على الحصول على خمس حقائب.
وكانت مصادر قواتية أكدت أن اللقاء بين جعجع والحريري تقرّر في مطلع الأسبوع الماضي، إذ رأت معراب ضرورة لعقده بعدما علمت أن بالإمكان حصول لقاء جديد بين الرئيس المكلّف ورئيس الجمهورية. وخلافاً لما أشيع عن مسعى يقوم به الحريري مع القوات لايجاد صيغة توافقية تقضي بحصولها على نيابة رئاسة الحكومة من دون حقيبة مع حقيبتين أساسيتين ووزير دولة، تشير أجواء الإجتماع في منزل الحريري إلى أن الأمور لم تتقدم. فقد أكد جعجع للحريري، بحسب مصادر معراب، إصراره على «الحصول على خمس حقائب ومنصب نائب رئيس الحكومة». وقال رئيس «القوات»: «سبق أن رضينا بأربع حقائب، وهم لم يوافقوا، وأصروا على المزيد من التنازل. وكلما كنّا نقدّم تنازلاً كانوا يطلبون أكثر». وعلى ذمّة مصادر معراب أكد الحريري لجعجع أنه «لن يشكّل حكومة خارج إطار التوافق مع القوات».
وأضافت المصادر أن جعجع أبلغ الحريري أن القوات غير معنية بكل الصيغ الحكومية المتداولة «التي لا تعكس الوزن التمثيلي الحقيقي للقوات. وأي طرح لتمثيلنا يجب أن ينطلق من نتائج الانتخابات. نحن حصلنا على ثلث الاصوات وبالتالي نريد ثلث المقاعد المسيحية».
أما الشق الآخر من الجلسة، فقد تناول الأوضاع العامة في البلاد. ودعا جعجع للحريري الى عقد اجتماعات طارئة للحكومة على غرار تشريع الضرورة في المجلس من أجل معالجة الوضع الإقتصادي والإجتماعي، إذ «لا يجوز ترك البلد رهينة مناورات التأليف لأحد الأطراف السياسيين». وتهدف دعوة جعجع إلى إفراغ موقف عون الرافض لمسودة التشكيلة الحكومية من مضمونه، فضلاً عن سعيه إلى خلق ازمة بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية.
تحقيق المطار.
على صعيد آخر، بدأت امس التحقيقات العدلية في فضيحة مطار بيروت التي تسبب بها اول من امس الخلاف المزمن بين رئيس جهاز امن المطار العميد جورج ضومط وقائد سرية الدرك في المطار العقيد بلال الحجار. واللافت أن هذه التحقيقات انطلقت، بإشراف القضاء العسكري، من دون اتخاذ أي قرار تأديبي بحق أي من الضابطين اللذين تسبب خلافهما بوقف تفتيش الداخلين إلى «المنطقة المحرّمة»، وتعطيل حركة دخول المسافرين إلى المطار لاكثر من 45 دقيقة. وفي مقدور وزير الداخلية اتخاذ إجراءات بحق ضباط جهاز الامن، من دون انتظار نتيجة التحقيق.