صحيفة الأخبار
أطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أمس في إحياء الليلة العاشرة من ليالي عاشوراء، على أن يطلّ اليوم في خطاب له بعد مسيرة في الضاحية. وجّه نصرالله جملة رسائل إلى الداخل والخارج، محذّراً من ازدياد الضغوط على لبنان، ومؤكداً بقاء حزب الله في سوريا وضرورة مواجهة صفقة القرن وحلّ الأزمات اللبنانية عبر الحوار
أكّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أن الحزب باقٍ في سوريا حتى بعد التفاهمات في إدلب، وأن هذا الوجود هو رهن بقرار الدولة السورية، معتبراً الاتفاق الروسي – التركي جيّداً ومعقولاً. وعن الحكومة اللبنانية، أشار نصرالله إلى غياب أي إشارات حيال تشكيلها، غامزاً من قناة وجود وحي خارجي بعدم التشكيل.
ووصف نصرالله الوضع في المنطقة بأنه «مسألة حسم الخيارات واتخاذ القرارات» خلال إطلالته أمس عبر شاشة، بمناسبة إحياء مراسم ليلة العاشر من محرم في باحة عاشوراء بالضاحية الجنوبية لبيروت.
وقال إن هناك خلافاً مع الادارة الأميركية التي تتخذ قرارات العقوبات وتتدخل في شؤون العالم: «نحن ننظر اليها على أنها عدو، وهناك من ينظر إليها على أنها صديق وحليف في المنطقة». وسأل «اللبنانيين الذين نختلف معهم حول هذه المسألة، كيف يمكنهم أن يدلونا على إمكانية الصداقة مع أميركا؟».
وذكّر بدعم أميركا لإسرائيل، سائلاً حلفاء أميركا في المنطقة: «هل دعم أميركا لإسرائيل هو لمصلحة الشعبين الفلسطيني واللبناني وشعوب دول الخليج والمنطقة؟ هل أميركا صديق للشعب الفلسطيني وهي التي تحول دون قيام دولة له؟ هل مصلحة الشعبين الفلسطيني واللبناني أن تلغي اميركا حق العودة والأونروا وأن ندفع بالشعب الفلسطيني إلى التوطين في لبنان؟».
وأكد أن «أخطر مرحلة عاشتها منطقتنا في السنوات الماضية كانت مع داعش الذي جاءت به أميركا وحلفاؤها. ألم تأت أميركا بتلك الجماعات التكفيرية إلى المنطقة لتدميرها؟».
وشدد على أن «الولايات المتحدة جاءت بداعش وبدعم من حلفائها، وذلك من أجل إيجاد الحجة لعودة قواتها إلى العراق الذي خرجت منه»، وأن «أميركا تتدخل في الشؤون الداخلية للبلدان العربية، لكن جامعة الدول العربية تدين إيران بدل إدانة أميركا»، مستنكراً «تدخل أميركا في العراق لفرض حكومات كما تريد». وأشاد نصرالله بـ«إحباط العراقيين تهديدات اميركا وتدخلها في شؤونهم».
ونفى نصرالله أن يكون الفلسطيني أو منظمة التحرير الفلسطينية من يدفع باتجاه التوطين، بل إن «أميركا هي من يفعل ذلك، والعدو الحقيقي في المنطقة هو أميركا»، داعياً من يرفض تصنيفها عدواً ألا يعتبرها صديقاً.
وقال إن مسألة النأي بالنفس هي نقطة خلاف جوهرية، متسائلاً: «هل لبنان مفصول فعلاً عن أحداث المنطقة؟ إن ما يجري في المنطقة هو شأن مصيري لكل اللبنانيين، وهو أكثر أمر مرتبط بحاضرهم ومستقبلهم»، مؤكّداً أن «صفقة القرن تريد تكريس إسرائيل في المنطقة، فهل هي لمصلحة الشعب اللبناني بكل طوائفه ومناطقه واتجاهاته؟». وأضاف أن «القوى السياسية اللبنانية بغالبيتها تدخلت بما تستطيع في سوريا، ونحن نطالبها بألا تنأى بنفسها لأن مصير لبنان يصنع في ساحات المنطقة».
وكشف أن «أميركا تعمل على نقل داعش بالطوافات إلى أفغانستان ومصر والجزائر وليبيا واليمن».
وعن سوريا، شدّد الأمين العام لحزب الله على «أهمية التطبيق الدقيق لاتفاق إدلب لأنه سيأخذ سوريا إلى مرحلة جديدة»، مؤكّداً أن حزب الله باقٍ في سوريا و«الأمر مرتبط بموقف القيادة السورية». وأضاف: «بناءً على تسوية إدلب، يمكننا أن نفترض عدم وجود جبهات عسكرية كبيرة، فالعدو مرتبط بتراجع الجبهات».
واتهم نصرالله إسرائيل بالكذب، «عندما تدعي أنها قصفت مواقع لحزب الله في سوريا»، وقال: «إن إسرائيل تعلم أن توازن الردع يمنعها من استباحة أرضنا»، وأكد أن محور المقاومة يجب أن يجد حلاً للاعتداءات الإسرائيلية على سوريا التي لم تعد تحتمل. وهدف إسرائيل هو منع سوريا من تطوير قدراتها الصاروخية، مطالباً «الدولة اللبنانية بتقديم شكوى إلى مجلس الأمن ضد استباحة إسرائيل للأجواء اللبنانية».
أما بالنسبة إلى منطقة شرق الفرات، فرأى أن هذا الأمر «مرهون بالموقف الأميركي»، واصفاً إياه بـ«التردد والضياع». وجدد دعوة الأكراد إلى «عدم المراهنة على الأميركي: مصلحتكم هي بالتفاوض مع القيادة السورية».
وأشار إلى أن «هناك جهات دولية تشجع النازحين السوريين على عدم العودة إلى بلادهم، ومنها جهات محلية»، معلناً «مواصلة العمل على تأمين العودة الطوعية للنازحين إلى سوريا». واستغرب موقف الذين اتهموا حزب الله وإيران بالعمل على تغيير ديموغرافي في سوريا. وفيما يسعى حزب الله إلى إعادة النازحين إلى أرضهم، يحاول مطلقو التهم منع تلك العودة. وقال: «إن حلاً قريباً سيحصل بشأن بلدة القصير السورية المحاذية للحدود اللبنانية».
أمّا عن الملفّ اللبناني، فقال إنه «رغم حديث الجميع عن خطورة الوضع الاقتصادي والنفايات وتلوث الليطاني وضرورة تشكيل الحكومة، لكن التعطيل هو الذي يحكم الموقف». وأضاف: «بحسب معطياتي، هناك غباشة، فلا شيء سيظهر، لا في القريب ولا في البعيد بشأن تشكيل الحكومة. ونطالب بالحفاظ على جو الحوار، ومهما كانت الظروف، فالحكومة ستتشكل، ولا أحد يمكنه إلغاء احد، وندعو إلى الاستفادة من الوقت».
ووصف الوضع المحلي بـ«المتشنج سياسياً واجتماعياً»، مجدداً الدعوة إلى «الهدوء ومعالجة أي مسألة بالحوار والحكمة»، مؤكداً «التزام حزب الله كل ما أعلنه في برنامج كتلته الانتخابي». وأيّد نصرالله دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى عقد جلسات التشريع التي ستحصل الأسبوع المقبل.
وكشف عن المنهجية التي سيتبعها حزب الله في مواجهة الفساد، مؤكّداً أنها تقوم على مرحلتين: «منع حصول فساد جديد، ومكافحة الفساد».
وحذّر من أن «أميركا وغيرها سيذهبون إلى خيارات جديدة من أجل ضرب عناصر القوة في محورنا لمنعه من صنع انتصارات جديدة»، ملمحاً إلى إمكانية تصاعد العمل ضد حزب الله: «هناك التهديد بالعقوبات المالية والضغط على البنوك والتجار». وأسف لأن «بعض اللبنانيين يشجعون بالضغط على كل البلد للوصول إلى الضغط على حزب الله». وقال: «عيب عليكم لأن هذا الأمر سيلحق الأذى بلبنان وشعبه، وليس بحزب الله. كما يسعون إلى تسقيط حزب الله في عيون أهله ومحيطه. هم يلجأون إلى تسقيطنا من داخلنا وإلهائنا بتفاصيل صغيرة وإغراقنا بمسؤوليات ليست من مسؤولياتنا».
ووجّه نصرالله الدعوة إلى جمهور حزب الله من أجل أن تكون ثقته بنفسه وحزبه وقادته كبيرة، لأن «حزب الله مصمم على معالجة الأخطاء ومنع الخطأ وسوء التصرف، لكننا لسنا معنيين بالتشهير بأحد من إخواننا»، داعياً «الجميع إلى الانتباه إلى كل كلمة وجملة مصورة لأن هناك أجواء في البلد، لا بل في كل المنطقة تريد خلق بلبلة وفتنة». وختم بالقول إن «مجاهدي حزب الله، هؤلاء الرجال والنساء والبيئة الحاضنة هم من أخرج إسرائيل من لبنان وصنع الانتصار الأول الناجز ضد إسرائيل، ولولاهم لكان داعش في بيوتكم».