عماد مرمل – الجمهورية
تحظى عاشوراء في كل عام باهتمام خاص لدى كل من «حزب الله» و«حركة أمل» اللذين يقيمان المجالس الحسينية في مناطق تواجدهما، بحضور شعبي كثيف يعكس المكانة الوجدانية والدينية لهذه المناسبة في البيئة الإسلامية عموماً، والشيعية خصوصاً.
ويتمّ هذا العام إحياء ذكرى عاشوراء في ظل استقرار امني ملحوظ، من شأنه أن يعزّز الشعور بالاطمئنان والامان وأن يزيد حجم المشاركة الشعبية في المراسم والانشطة المتصلة بهذه الذكرى، بعدما نجح لبنان في استئصال الإرهاب التكفيري من جسمه وضرب بنيته التحتية داخل اراضيه، وهو الذي كان يشكل في الماضي هاجساً يؤرق اللبنانيين ويلاحقهم، لا سيما في الضاحية الجنوبية والبقاع اللذين دفعا ثمناً باهظاً جراء عمليات التفجير التي استهدفتهما في مرحلة سطوة الارهاب.
ولكنّ الوضع الأمني المتماسك الى حدٍّ كبير بعد دحر التكفيريين لا يعني التراخي في التدابير الاحترازية التي تُتخذ لحماية مجالس عاشوراء، كما يؤكد العارفون، لأنّ الخلايا النائمة المحتملة قد تستغل أيّ ثغرة للتسلل منها، سعياً الى إعادة اثبات وجودها والعبث بالاستقرار.
ولئن كانت مناسبة عاشوراء دينية بامتياز، إلّا أنها تتّخذ أبعاداً أخرى وسط حرائق المنطقة والضغوط المتزايدة التي يتعرض لها «حزب الله» من اتّجاهات عدة، وبالتالي فإنّ الحزب يرى فيها «مدرسة» تعلّم الصمود والصبر في مواجهة المخاطر والتهديدات، وهو يعتبر أنها تمثل- عبر استعادة مفاهيمها وقيمها- مناسبة لرفع منسوب التعبئة المعنوية والجهوزية الروحية، سواءٌ على مستوى المحازبين أو «البيئة الحاضنة».
وتجدر الاشارة الى أنّ مسار الأيام العشرة من الإحياءات يُتوَّج بخطاب استراتيجي يلقيه الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله في اليوم العاشر، ويكون في العادة مزدحماً بالرسائل الموجّهة الى الخارج والداخل على حدٍّ سواء.
والأرجح أنّ مسيرات عاشوراء في اليوم الاخير ستكون حاشدة كما كل عام، وربما أكثر هذه السنة، رداً على محاولات إحداث شرخ بين المقاومة وعمقها الحيوي، وتدليلاً على أنّ الاحتضان الشعبي لخياراتها الاستراتيجية في الوسط الشيعي لا يزال واسعاً بخلاف الانطباعات المغايرة التي يسعى بعض خصومها الى الترويج لها.
وعلمت «الجمهورية» أنّ نصرالله عقد قبل أيام لقاءً بعيداً من الاضواء مع اللجان العاملة في مجال الاحياء العاشورائي، وأوصاهم ببعض الامور المتصلة بالذكرى وبشروط إنجاح مراسمها.
وشكر نصرالله خلال اللقاء الله على الامن والامان في احياء هذه المناسبة، «بعدما كان الشيعة يدفعون أثماناً غالية لإحيائها»، لافتاً الى أنّ انتصار الثورة في إيران أحدث ثورة في العقول والأفكار.
وشدّد نصرالله على ضرورة مراعاة جميع الضوابط المتعلقة بإحياء المناسبة، وحثّ على عدم السماح ببروز ظواهر غير مألوفة، منبِّها الى انّ هناك محاولات وجهات تعمل لتوهين الشعائر الحسينية.
ودعا نصرالله الى المشاركة المباشرة في المجالس العاشورائية وتفعيل الحضور وتعميمه، صغاراً وكباراً، لافتاً الى ضرورة تعميم السواد عند الجميع. كما دعا الى التركيز على المضمون واعتماد الإحياء الشعبي والتقليدي.
وأكد نصرالله وجوب ترتيب المجلس العاشورائي وتنظيفه، مشيراً الى أنه يتمنى شخصياً لو يُوفق في أن يكون خادماً في احد المجالس، وينال هذا الشرف، ويتقرّب به الى الله كما حال غالبية المراجع.
وشدد نصرالله على اهمية المجالس المشتركة، مشيداً في هذا السياق بمجلس «حركة أمل» وتميّزه.
واعتبر انّ الهدف الاساسي من الإحياء يتمثل في التركيز على رسالة عاشوراء، موضحاً انّ القضية الاساسية هي حفظ الإسلام والتديّن، كما انّ الهدف الآخر هو الاستقطاب الديني والأخلاقي، وطلب من الجهات كافة العمل والتطوّع والمساعدة واعتبار الأيام العشرة محطة مهمة.