ضغوط وتهديدات أميركية غربية «إسرائيلية» لإفشال قمة طهران…وعرقلة معركة إدلب
معركة الصلاحيات الرئاسية تفتح السجال الطائفي حول الطائف وتؤجّل الحكومة
الناشف: الحسم ماضٍ في سورية… وحكومة من دون «القومي» محاصصة طائفية
كتب المحرّر السياسيّ – البناء
تكشفت الحملة الأميركية تحت عنوان معركة إدلب عن هدفها الحقيقي، بعدما بلغت التهديدات حدود التلويح بالنتائج الوخيمة لبدء المعركة، وليس لفرضية استعمال السلاح الكيميائي التي بدت ممجوجة بعد الوقائع التي كشفتها موسكو عن مساعي فبركة فيلم كيميائي لتبرير عدوان على سورية. فقد دعت المندوبة الأميركية في مجلس الأمن مع توليها الرئاسة الدورية للمجلس لجلسة حول إدلب عنوانها الدعوة لوقف المعركة، وتحوّل هذا العنوان إلى نقطة تلاقٍ أوروبية أميركية بدا أنّها تدغدغ المواقف التركية القلقة من خسارة أوراق الحضور في الجغرافيا السورية مع نهاية دويلة جبهة النصرة في إدلب، وباستهداف الوصول لموقف تركي مائع يراهن الأميركيون على تعطيل قمة طهران التي تنعقد غداً وتضمّ رؤساء روسيا وإيران وتركيا، ويفترض أن تكون معركة إدلب على رأس جدول أعمالها.
مصادر واسعة الإطلاع على ما يتمّ تداوله في الكواليس الدبلوماسية قالت لـ «البناء» إن العرض الأميركي للأتراك هو اتخاذهم غطاء لبقاء الاحتلال الأميركي عبر إجراء تشريع الاحتلال التركي بقرار أممي ينقصه قبول روسيا، وينتج تشريعاً لدويلة جبهة النصرة بالنهاية، وبالتوازي دويلة كردية، وما يعنيه ذلك من تهديد مستديم للأمن التركي من جهة، ومن نجاح لمشروع تقسيم سورية. وقالت المصادر إن التوافق السوري الروسي الإيراني واضح وحاسم وتعبر عنه المواقف المعلنة، بأن المعركة ستبدأ بموافقة تركية أو من دون هذه الموافقة، فدويلة جبهة النصرة هي أكبر تجمع إرهابي في العالم، ولا يمكن قبول التعايش معه، ووحدة سورية خط أحمر لا يقبل المساومة. وقمة طهران هي الفرصة الأخيرة للرئيس التركي ليحفظ مقعداً له في المعادلة الإقليمية الجديدة، بعدما ذاق الأمرين من رهاناته على الأميركيين ووعودهم ومشاريعهم، وآخر المرارة يتذوّقها معه الشعب التركي من العقوبات الأميركية.
في لبنان، بدت الحكومة مؤجلة حتى إشعار آخر بعدما بدا أن فتح معركة صلاحيات رئيس الحكومة بوجه رئيس الجمهورية لمجرد إبداء ملاحظات على تشكيلة مقترحة من الرئيس المكلف، واستجلبت للحملة أصواتاً جديدة بصورة تفوح منها رائحة التحريض الطائفي والمذهبي، وصار واضحاً أنّ المطلوب إضاعة المزيد من الوقت بالمزيد من المعارك الجانبية، بدلاً من مسارعة الرئيس المكلف بالأخذ بمضمون ملاحظات رئيس الجمهورية لمناقشتها مع الأطراف المعنية، وتحريك الوساطات مع هذه الأطراف، طالما أنّ قدر كلّ رئيس جمهورية هو التفاهم مع كلّ رئيس يكلف بتشكيل الحكومة، ولكن قدر الرئيس المكلف هو التفاهم مع رئيس الجمهورية، والسعي للبحث عن حلول وسط هو قدر الرئيسين معاً، خصوصاً أنّ الاستعصاء سيدفع ثمنه لبنان أولاً، وأنّ التنازلات المتبادلة التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري، ستصير قدراً لاحقاً بعد استنزاف الوقت في التجاذبات والسجالات التي طالت الطائف واستدرجت لعبة ومتاريس الطوائف، بينما بقيت أسرار الانتظار معلقة على أسوار إدلب، ولاهاي، وربما يفسّرها الكلام الأميركي عن عدم التعامل مع أيّ وزارة يتولاها منتمون لحزب الله.
رئيس الحزب السوري القومي الإجتماعي حنا الناشف تناول الوضع الحكومي والوضع في المنطقة، مؤكداً أنّ المطلوب حكومة وحدة وطنية في لبنان، وأنّ أيّ حكومة من دون الحزب السوري القومي الاجتماعي هي حكومة محاصصة طائفية وليست حكومة وحدة وطنية، لتمثيل الحزب اللون العلماني المدني الذي تفقد الحكومة بتغييبه صفة الوحدة الوطنية. وتناول الناشف صفقة القرن ومشروع تصفية القضية الفلسطينية والتطورات في سورية والعراق، مؤكداً أن سورية ماضية في الحسم مع مشروع الإرهاب والتقسيم مهما كانت التعقيدات والتهديدات.
أكد رئيس الحزب السوري القومي الإجتماعي حنا الناشف ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية جامعة قادرة على تحمّل مسؤولياتها تجاه الناس ومعالجة الأوضاع كافة، خصوصاً أنّ لبنان يواجه العديد من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية والصحية والبيئية المستفحلة والتي تطال كلّ اللبنانيين من دون استثناء.
واعتبر الناشف أنّ أيّ تشكيلة حكومية لا تلحظ تمثيلاً للقوى المدنية اللاطائفية، وفي طليعتها الحزب السوري القومي الاجتماعي، هي حكومة محاصصة طائفية ـ مذهبية ولا يعوّل عليها في التأسيس لدولة المواطنة ومحاربة الفساد وتحقيق الإصلاح.
وخلال لقاء في مركز الحزب، مع مجموعة من المغتربين القوميين، لفت الناشف الى أن عودة النازحين السوريين إلى بيوتهم، رفعاً للمعاناة التي ينوء تحت وطأتها النازحون، وتحصيناً لانتصارات الجيش السوري على الإرهاب ورعاته، ولذلك نبذل جهوداً كبيرة في هذا الخصوص، وندعو إلى التعاطي الإنساني مع هذه المسألة. ونطالب الحكومة اللبنانية بالتنسيق مع نظيرتها السورية لتحقيق هذه العودة، لأنّ هناك مصلحة مشتركة سورية لبنانية. فلبنان هو المستفيد الأول من إعادة تعزيز العلاقات بين الدولتين، لأنّ دمشق هي بوابة لبنان لتصدير الإنتاج والصناعة اللبنانية».
واعتبر رئيس «القومي» أنّ الخطر الأكبر يتمثل بمخطط تصفية المسألة الفلسطينية، برعاية أميركية مباشرة، وبغطاء من الدول المنخرطة في «صفقة القرن» المشؤومة. ورأى أنّ قرار واشنطن بوقف تمويل «أونروا» يكشف صلف السياسات الأميركية ودعمها المعلن للاحتلال والعدوان والعنصرية والإرهاب. وهذه السياسات المتبعة تشكل تهديداً للأمن والسلم الدوليين.
وتحدّث الناشف عن الأوضاع في الشام وأكد أنّ مسلسل الإنجازات والانتصارات الميدانية لن يتوقف حتى القضاء على الإرهاب وتحرير كلّ ذرة تراب من الأرض. وأنّ معركة تحرير إدلب ستكون حاسمة على المستويات كلها.
وأشار رئيس الحزب إلى أننا سنشهد تصعيداً كبيراً من قبل العدو الصهيوني وكلّ الدول المشاركة في الحرب على سورية، لكن كلّ هذا التصعيد والعدوان لن يثني سورية وحلفاءها عن مواصلة المعركة حتى القضاء على الإرهاب.
وفي الشأن العراقي دعا الناشف الى ضرورة أن تتحمّل الكتل السياسية العراقية مسؤولياتها، وتعمل على تحصين وحدة العراق بخطاب وطني جامع، لأنّ وحدة العراق هي مكمن قوته في مواجهة مشاريع التفتيت والتقسيم والانفصال.
«المملكة» توحّد أخصام الحريري في معركة التأليف
ورغم سقوط صيغة الرئيس المكلف سعد الحريري الجديدة قبل أن تولد، كما أن ملاحظات رئيس الجمهورية عليها باتت معروفة، إلا أن الحريري بحسب أوساطه ينتظر إبلاغه رسمياً هذه الملاحظات، ومن المرتقب أن يستدعي الرئيس ميشال عون الرئيس المكلّف إلى بعبدا لاطلاعه على التعديلات التي يراها عون مناسبة لتحقيق عدالة التمثيل وفق التوازنات النيابية الجديدة، وحتى ذلك الحين تستمرّ عاصفة السجالات السياسية والإعلامية بين بعبدا وبيت الوسط حول صلاحيات الرئاستين الأولى والثالثة، بينما بلغ التشنّج السياسي مداه لا سيما بين التيار الوطني الحر وكل من تيار المستقبل والقوات اللبنانية.
فبعد استدعاء رؤساء الحكومات السابقين وكتلة المستقبل والمكتب السياسي دخل الوزير السابق أشرف ريفي على خط التباكي و»ندب» صلاحيات رئيس الحكومة، معلناً وقوفه الى جانب الحريري في الدفاع عن صلاحياته الدستورية، ما يدعو إلى التساؤل عن الجهة التي تملك مفاتيح رؤساء الحكومات السابقين وريفي الخصم اللدود للحريري والقادرة على توحيدهم جميعاً حول الرئيس المكلف في معركة تأليف الحكومة! ما يؤكد تدخل السعودية في الشأن الداخلي في عملية تشكيل الحكومة، أما اللافت فهو نبرة التهديد في تصريحات المستقبليين بالصدام مع رئيس الجمهورية إذا مسّ بصلاحية رئيس الحكومة، فقط حذّر وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال محمد كبارة من أنّ «المسّ الأرعن بالتوازنات الوطنية سيسقط هيكل الدولة على رؤوس الجميع»، بينما أشار النائب السابق مصطفى علوش الى أنّ «مبدأ عودة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري عن التكليف او الاعتذار هو غير وارد»، محذراً من أنّ «أيّ إجراء خارج الدستور سيؤدّي الى صدام».
رسالة بعبدا إلى المجلس النيابي
وإذ فضلت بعبدا الصمت وعدم الردّ على الحملات السياسية والإعلامية المستقبلية، تولّى مستشارو رئيس الجمهورية المهمة، فقد قال وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال سليم جريصاتي عبر «تويتر»: «إن دموع التماسيح على الطائف، التي يذرفها الرئيس السنيورة في بكركي والفاتيكان لن تشفع به، وسوف نمسك بيده لنردّه عن ضرب الدستور». أضاف: «يا جماعة الخير الدستور يُضرَب من بيتكم وليس من قصر بعبدا، الذي أقسم سيّده يمين الإخلاص له. ما تسمّوه هرطقات دستورية لم تأتوا بدراسة دستورية علمية واحدة تعاكس مضمونها. لا تستقووا بالجهل والوهم والظلامة». وشدّد جريصاتي في تصريح آخر على أنّ «عهد صناديق البريد في بعبدا انتهى». بينما كان لافتاً تصريح نائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي الذي حذّر من استهداف للكرسي الرئاسي، وقال: «إذا كان تأليف الحكومة فيه احتكار لفريق وابتعاد لفريق لآخر عندها تسقط نظرية حكومة العهد الأولى». ولفت الى أنّ «الكلام أنّ هناك مساً بالطائف هو المسّ بالطائف بعينه، لأنه يعرّض الطائف لإعادة النظر برمّته»، بينما دعا النائب الياس بو صعب رؤساء الحكومات السابقين الى الحرص والدفاع أيضاً عن صلاحيات رئيس الجمهورية.
وفيما تستعدّ بعبدا لإرسال كتاب إلى مجلس النواب تطلب منه التحرّك حيال التأخر في تشكيل الحكومة، رأت مصادر وزارية في التيار الوطني الحر لـ»البناء» أنّ «الخطوات التي سيتخذها الرئيس عون لن تكون إلا دستورية وتراعي وثيقة الوفاق الوطني». ولفتت المصادر إلى أنّ «الرئيس عون سينطلق في خطواته مما نصّ عليه الدستور لجهة أنّ مهمة الرئيس الحريري تشكيل حكومة مع رئيس الجمهورية وما عدا ذلك هو تخطٍّ لرئيس الجمهورية لا سيما أنّ الرئيس له صلاحيات ولن يوقع على مرسوم لا يحظى بموافقته».
بري: سنتعامل وفق الأصول
وبينما دعت المصادر إلى ترقب موقف عين التينة مع اتجاه الرئيس عون إلى الطلب من المجلس النيابي القيام بواجبه الدستوري، استغربت أوساط نيابية في كتلة التنمية والتحرير التسريبات الإعلامية والصحافية التي تتحدّث عن موافقة الرئيس بري على تشكيلة الحريري الجديدة مؤكدة لـ»البناء» بأنّ «الرئيس بري لم يوافق على تشكيلة الحريري ولم يكن على علم بها على الإطلاق»، محذرة من أنّ الهدف من ذلك هو تهرّب الرئيس المكلف من تهمة التعطيل ورمي الكرة الى ملعب رئيس الجمهورية ورئيس المجلس»، مبدية أسفها لتلطي الرئيس المكلف بصلاحيات رئيس الحكومة واستنفار الطائفة السنية متسائلة: مَن الجهة التي تمسّ بالصلاحيات؟ ولفتت الى أن «لبري ملاحظات عدة على صيغة الحريري لا سيما توزيع الحصص والحقائب وإقصاء المعارضة السنية وبعض الكتل الأخرى عن التشكيلة الحكومية». ولفتت المصادر الى أن «رئيس المجلس سيتعامل مع رسالة عون وفق الأصول الدستورية وبعد الاطلاع عليها سيعرضها على المجلس النيابي لمناقشتها واتخاذ توصيات بهذا الخصوص».
وعن رفض بيان كتلة المستقبل عقد جلسات تشريعية في ظل الفراغ الحكومي، شدّدت المصادر على أن «بري سيدعو إلى جلسة ومَن يقاطع يتحمّل المسؤولية لأن مصلحة المواطنين والوضع المالي والنقدي والمعيشي يقتضي ذلك».
وحضرت الأزمة الحكومية في عين التينة خلال لقاء الأربعاء النيابي في حين تنقل مصادر بري عنه لـ «البناء» تأكيده «ضرورة تقديم الجميع من دون استثناء تنازلات والإسراع في تأليف حكومة وحدة وطنية درءاً لتدهور الوضع الاقتصادي». وأشارت المصادر إلى أن «الرئيس بري سيتجه إلى دعوة الهيئة العامة لجلسة بعد انتهاء اللجان النيابية من دراسة اقتراحات ومشاريع القوانين وأنّه لن ينتظر تأليف الحكومة لا سيما أن لبنان ليس تركيا أو إيران».
وفي ما خص ملف النفط توقف بري عند عمل على تكثيف نشاطاتها البترولية بالقرب من الحدود اللبنانية وتحديداً حقل «كاريش»، وقد تعاقدت مع شركة يونانية «أنيرجيان» للبدء بالتنقيب في آذار 2019 وإرجاء شركة توتال الفرنسية التنقيب عن النفط من ربيع 2019 إلى 2020، معتبراً أن الأمر يستدعي من لبنان التحرّك حماية للثروة النفطية والغازية».
وقال «المطلوب من الدولة اللبنانية أن تتحرّك بسرعة لمنع الاعتداء على الحق اللبناني، خصوصاً أن هناك احتمالات كبيرة لمكامن مشتركة، عدا عن الدراسات والخطط الموضوعة لتلافي او لاحتواء اي خلل يؤدي الى تسّرب نفط يطاول الساحل الجنوبي وصولاً الى صور خلال ثلاثة أيام». ونقلت مصادر نيابية عن بري أنّه سيطلب من وزير الخارجية جبران باسيل التدخل لدى السلطات اليونانية في موضوع تنقيب شركة يونانية في موقع كاريش.
وزيرا الصناعة والزراعة في سورية
على صعيد آخر، وفي ظل الانقسام السياسي حيال الانفتاح على سورية سجّل يوم أمس زيارة لوزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال حسين الحاج حسن لإجراء محادثات مع المسؤولين السوريين والمشاركة في افتتاح «معرض دمشق الدولي» تلبية لدعوة وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية سامر خليل. وأشار الحاج حسن إلى أنّ «من الضروري والمهم أن يكون لبنان حاضراً في هذه المناسبة التي تجمع شركات من دول العالم». وقال: سنفتتح أيضاً الجناح اللبناني في المعرض، وتسجل هذه السنة مشاركة لبنانية أوسع وتشمل قطاعات صناعية وإنتاجية وإعمارية متخصّصة، وتعكس الرغبة والإرادة اللبنانية في المشاركة في عملية إعادة الإعمار في سورية ومن مصلحة لبنان فتح معبر نصيب». ومساء وصل وزير الزراعة غازي زعيتر إلى دمشق للمشاركة في المناسبة المذكورة.
وفي مسألة النازحين، اعتبر الرئيس عون خلال استقباله ممثل ولاية فرجينيا الأميركية السيناتور الأميركي ريتشارد بلاك أن «المبادرة الروسية فرصة لتنظيم هذه العودة ويفترض بالمجتمع الدولي أن يتعاون في سبيل تسهيلها».