نذير رضا – الشرق الأوسط
رفض الرئيس اللبناني ميشال عون الموافقة على التشكيلة الحكومية التي قدمها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري إليه أمس، معتبرا أن التشكيلة التي قدمها إليه الحريري وتتضمن الحقائب من دون الأسماء «لا تتناسب مع المعايير التي وضعها» عون لتأليف الحكومة، مشيرا إلى أنه سيواصل العمل مع الحريري للاتفاق على تشكيلة الحكومة.
وكان الحريري أعلن بعد زيارته عون، أمس، أنه قدم صيغة حكومية جديدة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وهي صيغة حكومة «وحدة وطنية لا ينتصر فيها أحد على الآخر»، بعد مائة يوم من المشاورات التي أفضت إلى ضرورة أن يقدم جميع الأطراف تنازلات من مطالبهم للحصص والحقائب.
وأحيطت التشكيلة الحكومية الأخيرة بتكتم، وسط معلومات عن أنها اصطدمت بحصص «حزب القوات» من الحقائب، بينما لم تحل عقدة التمثيل الدرزي بعد. ووضعت التشكيلة بعهدة الرئيس عون الذي أعلن عن «بعض الملاحظات حولها».
وقال مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية، في بيان، بأن الرئيس عون تسلم من الحريري «صيغة مبدئية للحكومة الجديدة»، مضيفاً: «وقد أبدى فخامة الرئيس بعض الملاحظات حولها استنادا إلى الأسس والمعايير التي كان حددها لشكل الحكومة والتي تقتضيها مصلحة لبنان». ولفت البيان إلى أن عون «سيبقى على تشاور مع دولة الرئيس المكلف تمهيدا للاتفاق على الصيغة الحكومية العتيدة».
وجاءت زيارة الحريري إلى قصر بعبدا بعد ساعات على لقاء الرئيس الحريري بوزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، الذي خرج من منزل الحريري من دون الإدلاء بأي تعليق.
وقال الرئيس الحريري في تصريح له بعد لقائه الرئيس عون: «سلّمت صيغة حكومية لرئيس الجمهورية وهي صيغة حكومة وحدة وطنية لا ينتصر فيها أحد على الآخر»، مضيفا: «الصيغة لا أحد يملكها إلا فخامة الرئيس وأنا، ولم تناقش مع أحد»، لافتاً إلى أن «أفكارها أخذتها من كل القوى».
وتضمنت الصيغة حصص الكتل مع الحقائب من دون أسماء، وهي صيغة «مؤلفة من 30 مقعدا وزاريا ورئيس الجمهورية والرئيس المكلف وحدهما على علم بتفاصيل الصيغة» كما قال الحريري.
ووسط تكتم عن توزيع الحصص والحقائب، تحدثت مصادر لبنانية واسعة الاطلاع عن أن عقدة تمثيل حزب «القوات»، وعقدة الحصة الدرزية «لا تزالان على حالهما»، قائلة لـ«الشرق الأوسط»، بأن العقدة الأساس هي عقدة «الوزير باسيل مع القوات»، موضحة أن المباحثات الأخيرة «أفضت إلى منح القوات 4 وزراء، ووافق الحزب على هذا المبدأ شرط الحصول على أربع حقائب، وهو ما رفضه باسيل الذي اقترح منح القوات 3 حقائب إضافة إلى وزير دولة من دون حقيبة».
ولم تنفِ مصادر «القوات» تلك المعلومات وتعوّل على تدخل الرئيس عون لحل تلك العقد، قائلة بأن الأمور حتى ما قبل تقديم الحريري للصيغة الحكومية «كانت لا تزال عالقة في المربع نفسه التي تتمثل في محاولة باسيل تحجيم القوات والاشتراكي»، ورأت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «لن يكون هناك تقدم ما لم يتدخل الرئيس عون لوضع حد للوضع الحالي». وقالت المصادر: «القوات لا تقبل بأقل من أربع حقائب ونحن متمسكون بثوابتنا» و«نحن تساهلنا في هذا المكان لأجل المصلحة الوطنية»، متوعدة بأنه «إذا استمر البعض برفضه وحاول ابتزازنا، فلأننا سنعود إلى سقف الوزراء الخمسة من حصة القوات وبينهم حقيبة سيادية، وهذا حقنا وفق نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة». وقالت المصادر: «أي استمرار بالنهج سيدفعنا للتمسك بسقفنا السابق».
وتشير تلك المعطيات، في حال عدم الاتفاق على حلول لتلك العقد، إلى أن لبنان سيتجه إلى مرحلة «رفع السقوف وتصعيد سياسي»، وهو ما سيؤخر إعلان تأليف الحكومة حكماً، علما بأن العقدة السنية جرى حلها، إثر «ليونة» أبداها الحريري، إذ أكدت مصادر مطلعة على موقفه أن الحريري «تعهد بحل مشكلة تمثيل سنة قوى 8 آذار على طريقته في حال كان ذلك العقدة الأخيرة التي تواجه عملية التأليف»، قائلة لـ«الشرق الأوسط» بأن الحريري «يتعاطى بليونة مع عملية التشكيل».
ولا تزال عقدة التمثيل الدرزي قائمة، رغم مقترحات جرى تداولها في الفترة الأخيرة، تقضي بإعطاء الحزب التقدمي الاشتراكي مقعدين درزيين، ومقعداً ثالثاً من طائفة أخرى، قد يكون وزيراً مسيحياً أو سنياً، على أن يتم اختيار شخصية درزية وسطية للمقعد الدرزي الثالث يتم التوافق على اسمه، لكن هذا المقترح «رفضه الوزير طلال أرسلان» الذي يدفع باسيل باتجاه منحه المقعد الدرزي الثالث، كما قالت مصادر مواكبة.
في غضون ذلك، تزايدت التحذيرات من تأخير تشكيل الحكومة، وقال عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب ياسين جابر بأن الجميع «يشكو من أزمات لا تبدأ بالنفايات ولا تنتهي بالبطالة وكل أنواع الأزمات، أزمات تحتاج لحلول». وطالب بـ«الإسراع في تشكيل الحكومة لأنه لا يمكن الاستمرار بتصريف الأعمال»، لافتا إلى أنه «غير كاف تشكيل حكومة بل يجب أن نتوقف عند أي برنامج ستقوم به فإذا كان مماثلا للسابق فلا فرق ولا شيء سيتغير، لذا يجب أن تكون هناك خطة عملية واضحة، لأن كل نواقيس الخطر تقرع وعلى لبنان الخروج من هذا المأزق لمواجهة أجيال المستقبل».