لافروف والمعلم وظريف… تأكيد معركة إدلب… والعراق في دوامة حكومية ودستورية
الحريري يقدّم «تشكيلته المبدئية»… وعون سيضع ملاحظاته وفق المعايير التي حدّدها
التشكيلة تمنح 7 وزراء لكل من 8 آذار بـ 45 نائباً والقوات والاشتراكي بـ 24
كتب المحرّر السياسيّ – البناء
بانتظار تظهير موقف تركي حاسم من معركة إدلب، يحمله الرئيس رجب أردوغان إلى قمة طهران يوم الجمعة، التي ستضمّه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الإيراني حسن روحاني، قالت مصادر إيرانية إنها ستكون مكرسة بأولوية اهتماماتها لمعركة إدلب، تبلورت المواقف الروسية والإيرانية الداعمة لسورية في خوض المعركة العسكرية بمواجهة جبهة النصرة وداعش، على أمل قيام الأتراك بتحييد الجماعات التابعة لهم من ميدان المعركة، إذا فشلوا في حشدهم لشكل من أشكال المشاركة فيها.
وبعكس الوضع الذاهب للمزيد من الوضوح في سورية، يخيّم الضباب السياسي على المشهد العراقي مع عجز البرلمان المنتخب عن انتخاب رئيس له، بعدما ثبت أن الكتلة التي يفترض أنها ادعت تمثيل أكثر من أغلبية أعضاء البرلمان عاجزة عن استحضار هؤلاء النواب للتصويت لمرشح تقدّمه لهذا المنصب. وهي الكتلة التي أعلن عنها رئيس الحكومة حيدر العبادي بمجموع مئة وأربعة وثمانين نائباً بينما المطلوب لانتخاب رئيس المجلس هو مئة وخمسة وستين صوتاً فقط، ما منح مصداقية لما صدر عن الكتلة المنافسة التي ترتكز على تحالف الرئيس السابق للحكومة نور المالكي وتحالف الفتح الذي يمثل قوى الحشد الشعبي، والتي تمثل مئة وخمسة وأربعين نائباً وقدمت نفسها بصفتها الكتلة الأكبر بعدما ضمّت لصفوفها انشقاقات وانسحابات تقارب الأربعين نائباً من الكتل التي وقع رؤساؤها على بيان العبادي، ما ترك اجتماعات المجلس مفتوحة من جهة، واستدعى اللجوء للمحكمة الاتحادية في حسم أمر الكتلة الأكبر، وهو ما قد يقود للجوء إلى طرح بيان كل من الكتلتين ودعوة النواب المؤيدين لتأكيد انضمامهم إلى كل منهما بالمناداة.
بما لا يختلف كثيراً عما يجري في العراق، دخل الوضع الحكومي اللبناني مرحلة المشهد الرمادي، حيث لا فراغ في العراق لكن لا حكومة، ولا سياق واضح لولادة الحكومة، وكذلك لا جدار مسدود في لبنان، لكن لا خواتيم سعيدة. فالرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري زار كما كان متوقعاً قصر بعبدا وقدم لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون ما وصفه بالتشكيلة المبدئية لحكومة وحدة وطنية ثلاثينية بلا أسماء، وربما تكون هذه سابقة جديدة في الحياة السياسية والدستورية اللبنانية، والتشكيلة لا تحمل جديداً عما كان متداولاً، من تثبيت حصة وازنة بعدد الوزراء لحليفَيْ الحريري في حزب القوات اللبنانية واللقاء الديمقراطي، بحيث نالا معاً سبعة وزراء، وهو العدد ذاته الذي تضمنته التشكيلة المبدئية لقوى الثامن من آذار مجتمعة، مع فارق أن ثنائي القوات واللقاء الديمقراطي نال أربعة وعشرين نائباً، بينما فازت قوى الثامن من آذار بخمسة وأربعين نائب، بصورة ستفرض على رئيس الجمهورية مع مطالبته العلنية بمعيار واحد لتشكيل الحكومة برسم علامة استفهام حول هذا المعيار واحترام نتائج الانتخابات، إضافة لما تضمّنته التشكيلة للون الآخر في الطائفتين السنية والدرزية.
مصادر متابعة توقعت أن يستمر الغياب الحكومي وقتاً إضافياً، لكن بعدما جرى إظهار حسن النية تجاه التقدم بتشكيلة طالب بها رئيس الجمهورية وحدّد لها سقفاً زمنياً هو الأول من أيلول. لكن في الجوهر، المشاكل باقية والتعقيدات مستمرة والمراضاة السياسية تتفوق على المعايير، ما يجعل الولادة متعسرة. وربما لأن المطلوب عدم تسهيل ولادة الحكومة بانتظار الخطوات التي يعدها الخارج لمحاصرة المقاومة، وفي مقدّمها الرهان على المحكمة الدولية من جهة والعقوبات على إيران من جهة مقابلة.
صيغة الحريري الجديدة لشراء الوقت!
لم تُحدث زيارة الرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري المنتظرة الى بعبدا والصيغة الحكومية التي قدّمها الى رئيس الجمهورية أي خرق جوهري في المشهد الحكومي الذي لا يزال ملبّداً بالغيوم المحلية والإقليمية.
إذ إن خطوة الحريري جاءت استباقية لامتصاص حنق الرئيس ميشال عون، كما لو أنه أخذ المُهلة التي وضعها عون بعين الاعتبار، ولو شكلياً، لتجنب أي ردة فعل يقدم عليها الرئيس، بحسب ما قالت مصادر مطلعة لـ»البناء»، والتي أشارت الى أن «خطوة الحريري أشبه بالمناورة ولن تؤدي الى ولادة الحكومة في القريب العاجل»، مشدّدة على أن «رئيس الجمهورية لن يوقع مسودة الحريري التي جاءت على الشكل التالي: 3 وزراء لرئيس الجمهورية و7 للتيار الوطني الحر من بينها واحد لحزب الطاشناق و4 للقوات اللبنانية جميعها خدمية و6 لتيار المستقبل و6 لثنائي أمل وحزب الله وواحد لتيار المردة و3 للحزب الاشتراكي. وقد تضمنت صيغة الحريري اقتراحات رئيس حزب القوات سمير جعجع التي أودعها جعجع في عهدة الحريري خلال لقائهما الأخير، الأولى: منح القوات وزارتي التربية والأشغال لكنها غير قابلة للتطبيق لأن الأشغال ستؤول للمردة والتربية يتمسك بها النائب السابق وليد جنبلاط، أما الصيغة الثانية فتتضمّن وزارة الطاقة للقوات ما لاقت رفض التيار الوطني الحر الذي تؤكد مصادره لـ»البناء» احتفاظه بوزارات الطاقة والدفاع والعدل». أما مصادر الحزب الاشتراكي فأكدت للـ»او تي في» أن «الحزب لا يزال متمسكاً بالحصة الدرزية الكاملة وأن الرئيس نبيه بري قال إنه عندما تحلّ العقدة المسيحية فحل العقدة الدرزية عنده إلاّ أن أحداً لم يتحدث معنا بأي شيء»، كما نقلت القناة نفسها عن مصادر حزب الله أن «الحزب حريص على عدم تعطيل الحكومة تحت أي ذريعة وفتح معركة الرئاسة منذ اليوم غير مقبول بحق الرئيس عون «الرئيس بصحتو والله يخليلنا ياه». في المقابل تؤكد أوساط في المستقبل لـ»البناء» بأن لا حكومة في الأمد القريب والأمور غير ناضجة وتحتاج الى مزيد من الوقت».
ومساء أمس، أعلن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية في بيان أن «رئيس الجمهورية تسلّم من رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري صيغة مبدئية للحكومة الجديدة وأبدى بعض الملاحظات حولها استناداً الى الأسس والمعايير التي كان حددها لشكل الحكومة والتي تقتضيها مصلحة لبنان ». وأشار المكتب الى أن «الرئيس عون سيبقى على تشاور مع الحريري تمهيداً للاتفاق على الصيغة الحكومية العتيدة».
وبحسب مصادر «البناء» فإن الملاحظات الرئيسية التي يتمسك بها عون لم تُراعَ في صيغة الحريري الجديدة التي جاءت خالية من تمثيل المعارضة السنية وللوزير طلال أرسلان الأمر المرفوض عند 8 آذار التي أكدت مصادره لــ»البناء» بأنه «متمسك بتمثيل النواب السنة الستة الذين يشكلون اللقاء التشاوري الى جانب تمثيل الحزب الديمقراطي اللبناني والاحزاب العلمانية والقومية». وتساءلت المصادر عن المعايير التي اعتمدها الحريري في تشكيلته الأخيرة وكيف منح المستقبل والقوات 10 وزراء أي ثلث الحكومة وهم 35 نائباً فقط، بينما أعطى فريق 8 آذار 7 وزراء فقط وهو يشكل 45 نائباً؟ فلماذا أُجريت الانتخابات؟ محذرة من أن «الصيغة الجديدة ضربة قاضية لنتائج الانتخابات حيث إن الحكومة الحالية كانت أفضل تمثيلاً من الصيغة الجديدة». ورأت المصادر بأن «الحريري لا يزال خاضعاً للضغط الخارجي والسعودي تحديداً»، ولفتت الى أن «الحكومة يبدو أنها باتت مرتبطة بالاستحقاقات الإقليمية المقبلة لا سيما في سورية والعقوبات على إيران».
ورأى عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق «أن تأخير تشكيل الحكومة فضح مخططاً لإعادة إحياء الانقسامات والاصطفافات السياسية، وبالتالي فإن لبنان أمام فرصة لا يجب تضييعها للخروج من الأزمة وإنقاذ البلاد من الأسوأ، وإلا فسيدخل في مسار انحداري». وأكد أن «الإدارة الأميركية تعمل على قطع الطريق أمام عملية استئصال جبهة النصرة في إدلب، وأن التعاون العسكري والأمني والاقتصادي بين إسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي، بلغ مستويات عالية وواسعة، وأن هرولة هذه الأنظمة نحو التطبيع مع العدو والتبعية لترامب، هي التي شجّعت ترامب على الخطوات التي يعمل على تحقيقها لتصفية القضية الفلسطينية».
وقال رئيس الحكومة المكلف في تصريح له بعد لقائه رئيس الجمهورية: «سلّمت صيغة لرئيس الجمهورية وهي صيغة حكومة وحدة وطنية لا ينتصر فيها احد على الآخر»، مضيفاً: «الصيغة لا احد يملكها الا فخامة الرئيس وانا ولم تناقش مع احد وافكارها اخذتها من كل القوى».
وسبق زيارة الحريري الى بعبدا لقاء جمعه ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل في بيت الوسط والذي لم يؤد الى اتفاق حول العقدة المسيحية، بحسب المصادر.
«الأونروا»
على صعيد آخر، أثار القرار الاميركي بوقف تمويل منظمة اغاثة اللاجئين وتداعياته المحتملة على لبنان اهتماماً رسمياً، حيث طالب الرئيس بري باجتماع عاجل للجامعة العربية «من اجل اصدار قرار بتمويل الاونروا بدل ما جرى من قرار اميركي بحجب التمويل عنها». وأكد امام وفد ضم كل القوى والفصائل الفلسطينية في لبنان لمناسبة توقيع وثيقة الوحدة الوطنية على الساحة اللبنانية بجهود شخصية منه ومن قيادة حركة «امل»، ان «هذا اللقاء هو الضوء الوحيد في هذا الزمن الاسود».
من جهته أعلن الوزير باسيل عن مواجهة سياسية ودبلوماسية سيخوضها لبنان للنهاية رفضاً للتوطين، وخلال اجتماع مع سفراء الدول المضيفة والمانحة والمعنية بملف الأونروا، دعا باسيل «السفراء الى ابلاغ حكوماتهم بخطورة الوضع»، طالباً باستمرار المساهمة في تمويل الأونروا ، وقال: «إنها مسألة حياة او موت».
دفعة جديدة من النازحين الى سورية
على صعيد أزمة النازحين، أعلنت المديرية العامة للأمن العام بأنها تقوم اليوم «بتأمين العودة الطوعية لمئات النازحين السوريين من مناطق مختلفة في لبنان، إلى سورية عبر معبري المصنع و العبودية الحدوديين». وأكد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب نوار الساحلي في حديث تلفزيوني أننا «أخذنا ضمانات من الحكومة السورية بأن النازحين الذين سيعودون، سيعودون معززين مكرمين الى بلدهم».