داود رمال – الاخبار
تلقّى مرجع رسمي رفيع ملفاً أحاله إلى القضاء المختص، الذي سيضع يده عليه بدءاً من اليوم. وقد تبين أن هذا الملف يتعلق بشراء آلات الفحص في المطار، حيث يوجد هنالك شكوك في أن دفتر شروط العقد وُضع على قياس «شركة الحمرا» التي أُبرم معها اتفاق بالتراضي، بعد استبعاد باقي الشركات، وبعضها قدم عرضاً أرخص بـ16 مليون دولار.
وفي المعلومات، فإن رجل الأعمال اللبناني الأميركي (ف.م.أ.)، الذي يملك معظم أسهم شركة Astrophysics Lebanon (سبق أن قدمت، في عام 2009 هبة عينية لصالح مطار رفيق الحريري الدولي، هي عبارة عن جهاز تفتيش X-RAY لحقائب المسافرين)، شارك في استدراج عروض أعلنت عنه إدارة الطيران المدني، لشراء وتركيب وصيانة ثلاثة أجهزة X-RAY لتفتيش السيارات. وقد تضمن العرض تركيب ثلاثة أجهزة متطورة لقاء مبلغ مليون دولار اميركي لكل جهاز. لكن مع بداية العام الحالي تم رفض عرض شركة (ف.م.أ.) وقبول عرض مقدم من قبل «مجموعة الحمرا» (وكيلة شركة RAPISCAN الاميركية في أبو ظبي) بالرغم من أن التكلفة التي قدمتها «الحمرا» هي 19مليون دولار أميركي لقاء تركيب الاجهزة الثلاثة بتقنية مختلفة عن تلك المستخدمة في أجهزة (ف.م.أ.). وعندما جرى الاستفسار عن الامر، كان الجواب أن سبب رفض عرضه عدم موافقته لدفتر الشروط، إذ إن المطلوب هو جهاز X-RAY يستخدم أشعة سينية ترتدّ عند الاصطدام بجسم صلب (SENCKSORS)، بينما الجهاز الذي عرضه يستخدم أشعة سينية تخترق الجسم الصلب ولا ترتد (FORWARD).
وكان لافتاً بحسب ما تردّد من مصادر الشركة أن هذه التقنية «أفضل من المطلوب في دفتر الشروط لأنها تعطي صورة كاملة للجسم الذي يتم الكشف عليه ومحتوياته مع إمكانية عرض الصورة بالالوان وليس باللونين الابيض والاسود فقط». وعليه، فقد أثيرت الشبهات بشأن تفصيل دفتر الشروط على قياس الشركة التي رست عليها المناقصة، خاصة أن فارق التكلفة شاسع ما بين عرض (ف.م.أ.) الذي يبلغ 3 ملايين دولار اميركي وعرض شركة «الحمرا» (19 مليون دولار)، فضلاً عن الفارق في التقنية.
وبالفعل، فقد ركّبت شركة «الحمرا» الأجهزة الثلاثة التي تعتمد تقنية تسمى BACKSCATTER عند حاجز الجيش المؤدي الى المطار وعند مدخل مبنى الشحن ومدخل الادارة العامة الداخلي، بعدما وقّع معها العقد كونها الشركة الوحيدة التي تنطبق عليها الشروط (هي صاحبة الوكالة الحصرية لهذا النوع من الاجهزة)، علماً بأن هذا العقد لا يشمل الصيانة أو لوائح قطع الغيار.
وعندما استفسرت «الأخبار» من وزارة الأشغال عن حقيقة الأمر، كان جواب أحد المقرّبين من الوزير يوسف فنيانوس أن إدارة الطيران المدني فوّضت منذ أن طرح الأمر قيد البحث لجنتين عسكريتين من الجيش وقوى الأمن الداخلي تحديد شروط ومواصفات الأجهزة، وعندما أتت العروض، تم تكليف اللجنتين بدرسهما واتخاذ القرار المناسب بشأنهما، فأتى لمصلحة شركة «الحمرا».
ولاحقاً، تبيّن وجود فارق مالي كبير، ما استوجب أخذ الملف إلى مجلس الوزراء في نهاية ربيع عام 2017، وهناك طرحت آراء عدة، فكان الجواب أنه في ما يخص أمن المطار، علينا العودة إلى ما يقرره الجيش وقوى الأمن برغم الفارق في الأسعار «لأننا بموضوع الأمن بالمطار ما منلعب»، على حدّ تعبير أحد الوزراء المعنيين بملف أمن المطار، في جلسة عقدها مجلس الوزراء في حزيران 2017. ويضيف المقرّبون من فنيانوس أن المتضررين من نتيجة المناقصة زاروا الوزارة واعترضوا، وبعضهم طلب تعديل دفتر الشروط، وطلبنا منهم أن يراجعوا مجلس شورى الدولة، فكان أن ردّ المجلس مراجعتين اعتراضيتين. ويشير هؤلاء إلى أن دور وزير الأشغال اقتصر على تأمين قوة دفع من أجل الإفراج عن المخصصات المالية في هذا المشروع وغيره، ربطاً باحتياجات المطار «لا أكثر ولا أقل».