فشل محاولات تشكيل أغلبية نيابية بدون الحشد في العراق… ونصرالله يستقبل ممثل الحوثي
باسيل في موسكو للقاء لافروف… وبولتون في تل أبيب… والموضوع سورية
حزب الله يعرض صواريخ تموز… وحردان للإسراع بتشكيل الحكومة بحسابات لبنانية
كتب المحرّر السياسيّ – البناء
تبدو عملية الشدّ والجذب التي تشهدها المنطقة على إيقاع تطورات المشهدين السوري واليمني، تحضيراً للقاءات جنيف في السادس من أيلول المقبل هي الطاغية، حيث يسعى الفريق الخاسر في المواجهة الميدانية، بعد خسارة السعودية و»إسرائيل» لمعركة الجنوب السوري وفشل الهجوم على الحُديدة في اليمن، لملمة أوراق افتراضية يأمل أن تحسّن وضعه التفاوضي، لا يزال البارز فيها تعطيل تشكيل الحكومتين في لبنان والعراق طالما تفرض التوازنات الموضوعية التي أفرزتها الانتخابات النيابية فيهما، حكومة لا تلبّي رغبات الرياض ومن ورائها واشنطن، ضمن مشروع المواجهة مع محور المقاومة الذي تشكّل إيران عمقه الاستراتيجي وتشكّل المواجهة معها عنوان التحالف الأميركي السعودي «الإسرائيلي».
لقاءات تشاورية غطت النشاط السياسي تحت عنوان الاستكشاف والتنسيق على ضفتي المواجهة، وفيما يزور مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون تل أبيب ويلتقي رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، والموضوع هو تقييم الوضع في سورية في ضوء انتصارات محور المقاومة، التقى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله محمد عبد السلام موفداً من قائد حركة أنصار الله اليمنية السيد عبد الملك الحوثي. ووصل إلى موسكو وزير الخارجية جبران باسيل للقاء وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وبحث الوضع في سورية، خصوصاً ملف النازحين السوريين وخطط عودتهم التي ترعاها موسكو وشكلت موضوع لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
بالتوازي مع زيارة بولتون لكيان الاحتلال استعرض حزب الله صواريخ حرب تموز التي يقول الخبراء «الإسرائيليون» إنّ ما لدى المقاومة اليوم يشكل مئة ضعف قوّتها كمّاً ونوعاً، ويحذّرون قادتهم من التفكير بالانزلاق لمواجهة وصفها السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن ميشال أورين لمجلة «أتلانتيك» الأميركية بأنها ستكون محرقة لـ «إسرائيل»، بينما قال نائب رئيس مجلس الأمن السابق لكيان الاحتلال عيران عتصيون إنّ تعزية النفس بالقدرة على تدمير بيروت لن تنفع «إسرائيل» طالما أنّ تل أبيب ستكون قد دمّرت هي الأخرى، وقال القائد السابق للفرقة 91 في جيش الاحتلال المتخصّصة بقتال حزب الله الوزير السابق آفي ايتام للقناة العبرية السابعة إنّ حزب الله في 2018 جيش جبار يُحسَبُ له ألف حساب عديداً وعتاداً وخبرة وقدرة ونمط قتال.
في العراق فشل ليل أمس، الاجتماع الذي كانت تروّج له السعودية كإنجاز لتشكيل الكتلة النيابية الأكبر لتسمية رئيس الحكومة من دون مشاركة الحشد الشعبي، وخرج المشاركون ببيان شكلي، بسبب عدم حضور العدد اللازم لتكشيل الكتلة الأكبر، بينما يدعو نواب الحشد الشعبي لصيغة جامعة تعبّر عن الأحجام النيابية في الحكومة الجديدة، وتسمية رئيس للحكومة يلقى قبول الجميع.
في لبنان لا يزال التعثر الممدّد له يحكم مستقبل الحكومة الجديدة بعدما استحضر الرئيس المكلف لتشكيلها عقدة العلاقة مع سورية التي ستشكل أولوية العمل الحكومي معلناً رفضه أيّ خطوة باتجاه التعاون اللبناني السوري الحكومي، واستحضر تياره التلويح أمام المقاومة بالمحكمة الدولية مجدّداً، كما درجت العادة مع استحقاق سياسي، بصورة جعلت الحديث عن أسباب خارجية للتعطيل يطغى على تحليلات المراقبين، وتشكل الدعوة لإعادة الأولوية للاعتبارات اللبنانية في تشكيل الحكومة بعيداً عن إيحاءات الخارج وحساباته عنوان الدعوات السياسية، التي عبّر عنها رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان في كلامه يوم أمس.
الحكومة أسيرة الرهانات والتدخلات الخارجية
في وقت احتفل لبنان أمس، بمقاومته وجيشه وشعبه بالسنوية الأولى لتحرير الجرود الشرقية من الجماعات الإرهابية، بقيت الحكومة العتيدة أسيرة المواقف الداخلية والرهانات والتدخلات الخارجية، إذ إن فرص ولادتها انعدمت والمفاوضات مجمّدة بحسب مصادر «البناء»، مع سفر الرئيس المكلف سعد الحريري الى السعودية ورئيس تكتل لبنان القوي وزير الخارجية جبران باسيل الى روسيا، فيما دخلت البلاد منذ اليوم في عطلة عيد الأضحى تستمرّ حتى أواخر الأسبوع الحالي.
وإذ أكدت مصادر قواتية لـ«البناء» بأن «من حق القوات اللبنانية الحصول على 5 وزراء، إلا أنها تنازلت عن وزير واحد بهدف تسهيل مهمة الرئيس الحريري، لكن مقابل أن تحصل على 4 حقائب واحدة منها سيادية أو نائب رئيس الحكومة، ولن تتراجع عن ذلك وقد أبلغت موقفها للحريري عبر الوزير ملحم رياشي خلال اللقاء الأخير بينهما». كما أكدت المصادر بأن «الرئيس المكلّف لن يفرض على القوات أي حصة لا توافق الأخيرة عليها». أما مصادر بعبدا فتشير لـ«البناء» الى أن «رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كما التيار الوطني الحر متمسكان بالتسوية السياسية مع رئيس الحكومة المكلّف. وهذا يعني تمسّكهما بالحريري لتأليف الحكومة الجديدة لكن الرئيس عون لن يبقى الى أمدٍ طويل بانتظار أن يرفع الحريري صيغة حكومية اليه، لا سيما أن صلاحيات رئيس الجمهورية تمنحه هامشاً للتصرف والتحرك لدفع عجلة التأليف الى الأمام ما ينسجم مع نتائج الانتخابات النيابية ومع الدستور والميثاق». وتستشهد المصادر بالموقف المتقدم لرئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي حذّر من حرق الوقت دون التوصل الى نتيجة على الصعيد الحكومي لمواجهة الأزمات الاقتصادية والحياتية، ما يعني أن معظم الأطراف باتت تريد حكومة في أقرب وقت دونما تأخير الأمر الذي يستدعي من الحريري تفعيل خطوط التواصل لإخراج الحكومة من دائرة العقد الداخلية والخارجية».
غير أن مصادر مطلعة في تيار المستقبل تنفي لـ«البناء» صحة ما يُقال عن أن الحكومة ستتألف بعد عيد الأضحى وتقول «لا شيء سيتغير بعد العيد والأمور ستبقى على حالها بل تتعقد أكثر».
أما مصادر حزب الله فتؤكد لـ«البناء» أن «لا تطوّر على صعيد الملف الحكومي إلا أنها تشير الى ضرورة أن يسارع الحريري الى التشكيل، انطلاقاً مما أفرزته الانتخابات مع تشديدها على أن عاملاً خارجياً يقف وراء مطالب بعض الأحزاب السياسية وتحديداً القوات اللبنانية».
وأشار وزير الشّباب والرياضة في حكومة تصريف الأعمال محمد فنيش الى أن «اللجوء الى افتعال واستحضار الخلافات السياسية يزيد من عراقيل تأليف الحكومة، والمطلوب بدايةً شكل الحكومة وتحمّلها مسؤوليّتها في اتخاذ القرارات في كل الملفات»، وقال: «نمدّ يدنا من موقعنا الى مختلف القوى السياسية على قاعدة أننا نريد أن نبني دولة وعلى قاعدة اننا نريد ان نحترم القانون. ويجب ان يكون الهدف استعادة هيبة الدولة واستعادة دور الدولة القوية التي تُحسن إدارة مواردها وإدارة شؤون الناس وتتحمّل مسؤوليتها في مختلف القضايا».
لبنان والانتصاران…
وفيما واصل لبنان الاحتفاء بعيد الانتصار على «إسرائيل» في العام 2006، احتفل اللبنانيون أمس بذكرى الانتصار على الارهاب، حيث تمكن لبنان بجيشه وشعبه ومقاومته من استئصال التنظيمات الإرهابية ودحرها من الجرود الحدودية مع سورية، رغم الضغوط والتهديدات التي تعرض لها الجيش لعدم الدخول في المعركة مع الإرهاب، كما كشف وزير الدفاع يعقوب الصراف. بينما كشف حزب الله أمس عن صاروخ «خيبر 1»، الذي يُعدّ إحدى مفاجآت حرب تموز 2006، حيث استخدمه حزب الله في استهداف مواقع إسرائيلية، ووضعت أربعُ نسخ منه في «معلم مليتا» في إقليم التفاح جنوب لبنان، لعرضه أمام روّاد المعرض وجمهور المقاومة.
واعتبر نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم أن المقاومة حمت لبنان وخيارات الناس في المنطقة وقد أصبحت نموذجاً للمقاومات في كل المنطقة وأداؤها في لبنان أداء نموذجي ولا مثيل لها لا في التاريخ ولا في الحاضر». وأشار قاسم في كلمه له في بلدة الطيري الجنوبية أن «المقاومة فتحت مجالاً لمقاومات في المنطقة، والطريق أمام المواجهة للإرهاب التكفيري من بوابة لبنان وسورية والعراق، فهزم الإرهاب التكفيري شر هزيمة، ولم تَعُد له قائمة في منطقتنا. فهذه إنجازات المقاومة، التي هي إنجازات عز وخير». وقال: «إن نصر تموز حقق الاستقرار السياسي والأمني في لبنان، وأعطى لبنان مكانة محترمة على مستوى العالم، بحيث أصبحنا نتغنى بلبنان القوي، بينما كان البعض يتغنّى بلبنان الضعيف، فلبنان القويّ له خياراته، وعلى الدول الأجنبية أن تحترمها، فبعد لبنان القويّ لا توطين في لبنان، ولا عبور للمؤامرات على حسابه، ولا قبول بالاحتلال مهما كان صغيراً ومحدوداً، ولا يمكن أن نقبل إلا بوحدة الشعب والجيش والمقاومة، ولن تستطيع إسرائيل أن تصنع معادلتنا في لبنان، فنحن الذين نصنع معادلتنا في لبنان، وسنؤثر في معادلة المنطقة، بما يعني أن تصنع شعوب المنطقة مستقبلها وسيادتها».
أنصار الله في الضاحية
في غضون ذلك، استقبل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وفداً من حركة انصار الله برئاسة الناطق باسم الحركة محمد عبد السلام، وكان استعراض لآخر التطورات على الساحة اليمنية.
وتأتي زيارة وفد أنصار الله الى الضاحية ولقاء السيد نصرالله عقب الرسالة التي بعثها الأمين العام لحزب الله في خطابه الأخير من الضاحية الجنوبية الى ضحيان في اليمن، قالت مصادر بأنها شكلت رسالة من حلف المقاومة الى المحور الأميركي للإشارة الى تماسك محور المقاومة وصمود اليمنيين وقدرتهم على الانتصار الكامل في وقت قريب، غير أن هذا المشهد لم يَرُق لحلف العدوان على اليمن من السعودية والإمارات، الذين يعملون على حصار اليمنيين لدفعهم للاستسلام والتسليم بالشروط الأميركية السعودية، حيث غرّد وزير الخارجية الإماراتي انور قرقاش، قائلاً: «كيف تتسق سياسة النأي بالنفس والتي يحتاجها لبنان لتوازنه السياسي والاقتصادي وموقعه العربي والدولي مع استقبال نصر الله لوفد من المتمردين الحوثيين؟ سؤال نتمنى من لبنان أن يتعامل معه».
باسيل إلى موسكو
على صعيد آخر، وفي إطار متابعة ملف النازحين السوريين والمبادرة الروسية لإعادتهم الى سورية، غادر الوزير باسيل أمس، بيروت متوجهاً إلى العاصمة الروسية موسكو، في زيارة عمل بدعوة من نظيره الروسي سيرغي لافروف.
ويعقد باسيل اجتماعاً مع نظيره الروسي سيرغي لافروف يليه مؤتمر صحافي مشترك، ومن ثم تستكمل المحادثات على غداء عمل، بحسب ما أشار المكتب الاعلامي في وزارة الخارجية، الذي أكد في بيان أن «ملف عودة النازحين السوريين سيشغل الحيز الأساسي من المحادثات، وذلك في ضوء المبادرة الروسية بتأمين العودة».
كما سيطرح باسيل على بساط البحث «الإجراءات التي اتخذها لبنان لتأمين كل مستلزمات العودة الممرحلة والآمنة والكريمة للنازحين السوريين الذين يبدي كثيرون منهم الرغبة في العودة إلى بلادهم».
الى ذلك، زار رئيس مجلس الوزراء السوري عماد خميس مركز جديدة يابوس الحدودي مع لبنان، واطلع على إجراءات تسهيل عودة المواطنين السوريين المهجّرين في الخارج.
وقال: «إن هناك خطوات لتسهيل عودة المواطنين إلى وطنهم، وهذا ما تشهده المعابر الحدودية ومطار دمشق الدولي»، لافتاً إلى أن «الحكومة تتواصل مع الدول الصديقة لتسهيل عودة المهجرين السوريين فى الخارج، وتم تشكيل هيئة تنسيق فى هذا الخصوص، كما أن الحكومة تقدم التسهيلات اللازمة على المعابر الحدودية للمجموعات أو للافراد إلى جانب الخدمات الطبية لمن يحتاج».