أزمة تأليف الحكومة الجديدة دخلت مرحلة “لي الأذرع”

أزمة تأليف الحكومة الجديدة دخلت مرحلة “لي الأذرع”
أزمة تأليف الحكومة الجديدة دخلت مرحلة “لي الأذرع”

تتحضّر بيروت لأسبوعٍ جديد يضاف الى “عمر” عملية تأليف الحكومة الجديدة الذي يدخل في 24 الجاري شهره الثالث، وسط مراوحةٍ و”تَمَتْرُسٍ” حول عقدٍ أوّل الخيْط فيها صراع الأحجام الداخلي وآخره إحجام الرئيس المكلف سعد الحريري عن السيْر بتشكيلةٍ تُفْضي الى “توريط” لبنان مع المجتمعين العربي والدولي اللذين يعاينان بدقّةٍ “دفّة” التوازنات في البلاد انطلاقاً من التحولات التي أفرزتْها نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة وجاهرت طهران بأنها “انتصار انتخابي” لـ“حزب الله” يمهّد لـ“حكومة مقاومة”.

واستمرّ أمس الدوران في حلقةِ تَقاذُف كرة المسؤولية عن التأخر في ولادة الحكومة و”مكمن الداء” الأساسي واذا كان عقدة التمثيل المسيحي او الدرزي أو السني (النواب السنّة الموالون لحزب الله)، وسط توقُّف أوساط مطلعة عند ملامح ارتسام ما يشبه “التوازن السلبي” في أزمة التأليف بين جانبيْن:

الأول رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وفريقه الذي أطلق إشارات واضحة لرغبته بتشكيل الحكومة على قاعدة “النسبية” والتناسب مع ما أفرزتْه الانتخابات، وهو ما يفضي عملياً الى توازناتٍ تمنح فريقاً واحداً الثلث المعطّل في الحكومة، كما تعطيه مع “حزب الله” وحلفائه الثلثين اي الأكثرية المقرِّرة في القضايا الأساسية وفي نصاب انعقاد الجلسات.

والثاني الحريري الذي يعلم حساسية المهمة الملقاة على عاتقه والتي تضعه في ما يشبه “حقل الألغام”، وهو حدّد “خطوطه الحمر” القائمة على عدم إمكان القبول بحصول طرفٍ لوحده على الثلث المعطّل او تظهير وجود أقلية في الحكومة، أي “تيار المستقبل” وحزبيْ “القوات اللبنانية” و”التقدمي الاشتراكي”، غير قادرة على التأثير بقرارات مجلس الوزراء، لما سيعنيه ذلك خارجياً من تكريس انطباعٍ بأن “حكومة حزب الله” وُلدت في لبنان وتالياً فرْملة مسار الدعم الدولي.

وبدا واضحاً أن الحريري ورغم تفاديه أي كلام علني يعبّر عن الانزعاج من الانتقادات غير المسبوقة التي وجّهها اليه عون في إدارة ملف تشكيل الحكومة و”أخطائه” (تَمسُّكه بالحصول على كل الحصة السنية ما يجعل “القوات” و”التقدمي” يصرّون على ما يَعتبر عون انه أكبر مما يستحقون) وتلويحه بـ“خيارات مفتوحة” بعد الأسبوع المقبل، يحاول الثبات خلف شعار “انا وحدي مَن يشكّل الحكومة بالتشاور مع رئيس الجمهورية” وهو العنوان الذي رفعه بعد تظهير رئيس “التيار الحر” الوزير جبران باسيل على أنه المفوّض بالتشكيل من رئيس الجمهورية وان “مفتاح” التأليف في جيْبه.

وبعدما كان الحريري أكد قبل أيام ان لا مساس بصلاحيات رئيس الوزراء وان اي تعرض لها “سيقابَل بـبلوك” في إشارة ضمنية لوقوف كل الطائفة السنية خلف أي اتجاه بهذا المعنى كان جرى التمليح إليه عبر الكلام ومن خارج الدستور عن سحب التفويض النيابي المعطى للحريري، لفتت أمس زيارة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان للرئيس المكلّف معلِناً بعد اللقاء “ان دولة الرئيس هو ضمانة للبنان وموضع ثقتنا، وهو الرئيس المكلف تشكيل الحكومة وله وحده مهمّة هذا التشكيل بالتشاور مع رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب”، وموضحاً “القوى السياسية تطالب بالإسراع بتشكيل الحكومة ولكن عليها أن تقوم بتقديم ما يسهّل التشكيل ونتمنى ان تتوقّف عن السجالات والمناكفات”، وناقلاً عن الرئيس المكلف “تفاءلوا بالخير تجدوه”.

وجاء هذا اللقاء على وقع إشاراتٍ جرى وضْعها في سياق رفْع منسوب الضغط باتجاه الإسراع بتأليف الحكومة وبينها تكرار رئيس البرلمان نبيه بري “نيّته عقْد جلسة لمجلس النواب للتشاور اذا لم تحقق اتصالات تأليف الحكومة تقدُّماً” مؤكداً في لقاء الأربعاء النيابي (أعقبتْه زيارة عقيلة رئيس “القوات” النائبة ستريدا سمير جعجع لـ“عين التينة”) “ان لا جديد أبداً على صعيد تشكيل الحكومة”.

وفيما تساءلتْ أوساط مراقبة اذا كان تحرُّك قطاع النقل البري الاربعاء المقبل في إضرابٍ تتخلله تظاهرات على خلفية مطالب ذات صلة بارتفاع سعر البنزين ومنافسة غير شرعية، هو في إطار نقْل مسار التأليف الى مرحلة التفاوض مع “سيف مصلت” عنوانه الضغوط المطلبية من قطاعاتٍ جرى ربْط قسم من حِراكها سابقاً بأبعاد سياسية، توقّفت عند مؤشر إضافي برز أمس حيال “المسرح الخلفي” للملف الحكومي والمتّصل بتموْضعها الإقليمي.

فبعد كلام باسيل عن ان “الحياة السياسية ستعود بين لبنان وسورية” وهو ما ردّت عليه كتلة “المستقبل” بتأكيد ان “مجلس الوزراء هو الجهة المخولة تحديد السياسات ومسار العلاقات خصوصاً في ما يتصل بالملفات الخلافية على غير صعيد”، كان لافتاً موقف لرئيس الجمهورية لاقى فيه وزير الخارجية كاشفاً انه يشرف بنفسه على المراحل – وإن المتواضعة – التي ترافق عودة قوافل النازحين السوريين طوعاً إلى بلادهم، ومؤكداً ضرورة حصول تواصل رسمي بين الدولتين اللبنانية والسورية.

واذ نُقل عن عون في تقرير صحافي ان لا تواصل مباشراً بينه وبين نظيره السوري بشار الأسد، ولكن قنوات الحوار مع السوريين سارية ومنتظمة في ملفي النزوح والأمن المرتبط مباشرة بمواجهة الإرهاب، استحضر تكليفه المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم إدارة هذا الشق من الحوار الرسمي بين البلدين، بإزاء ما يرتبط بهذين الملفين من دون الخوض في أي شأن سياسي.

وفي موازاة ذلك، وفيما كان الترقب يسود اذا كان الحريري سيلتقي باسيل قبل سفر الرئيس المكلف الجمعة الى اسبانيا لاستكمال لقاء “كسْر الجفاء” الذي عُقد بينهما على هامش جلسة انتخاب اللجان النيابية اول من أمس، علماً ان وزير الخارجية سيتوجّه في 24 الجاري الى واشنطن للمشاركة في مؤتمر دولي تعقده الخارجية الأميركية، كلا لافتاً الموقف الذي أطلقه وزير الداخلية السعودي الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف خلال استقباله وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال نهاد المشنوق اذ أكّد “مواقف المملكة في حرصها على الاستقرار في لبنان ومواجهة التمدّد الإيراني في العالم العربي وأفريقيا”، كما تناول انعقاد المجلس اللبناني السعودي في أقرب وقت بعد تشكيل الحكومة العتيدة في لبنان.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى