قال مصدر فرنسي رفيع لـ “الحياة” إن لدى باريس معلومات مفادها أن “حزب الله” يعيد نصف مقاتليه من سورية إلى لبنان ويقدر عددهم ببضعة آلاف، وأوضح أن عناصر “حزب الله” المقاتلين في سورية كان يتراوح عددهم ما بين ٥٠٠٠ و٨٠٠٠ والآن نصفهم يعود.
ولفت المصدر إلى أن إسرائيل لا تستهدف “حزب الله” في سورية كما أن الحزب لا يهاجم إسرائيل، معتبرًا أن هناك نوعًا من التفاهم بعدم الهجوم المتبادل كما بين آل الاسد في سورية وإسرائيل.
وأشار المصدر إلى أن ضربات إسرائيل في سورية تقتصر على المواقع الإيرانية، لأن “حزب الله” لديه سلاح بكثافة واكتسب خبرة عسكرية كبرى في ممارسة الحرب في سورية، وهذا ما قالته باريس لإسرائيل التي كانت سابقًا تعتقد أن حرب “حزب الله” ستضعفه عسكريًا في سورية، في وقت كانت باريس ترى أن “حزب الله” قوى نفسه في سورية ولو أنه خسر عناصر كثيرين.
وقال المصدر إن المسوؤلين الإسرائيليين أدركوا أنهم إذا هاجموا “حزب الله” سيكون الأمر كارثة على لبنان، ولكن أيضًا على إسرائيل. ورأى أن “حزب الله” يعيد عناصره من سورية لأن بقاءهم فيها بات موضوع جدل واستياء لدى قاعدته بسبب القتلى الذين يسقطون هناك.
أما بالنسبة إلى الضربات الإسرائيلية على القواعد الإيرانية في سورية، فقال المصدر إنها أسقطت عددًا من القتلى من إيرانيين وسوريين، ودمرت ثكنات قوات إيرانية ومخازن أسلحة لإيران ومواقع لإنتاج بعض المعدات العسكرية وكان لها تأثير كبير، ومعلومات باريس أنه لم يكن هناك أي رد فعل روسي عليها كما لم يكن هناك أي رد فاعل، لا من الدفاع السوري ولا من القوات الإيرانية التي لا تملك القدرات العسكرية لمواجهة مع إسرائيل.
وعما إذا كانت باريس ترى أن التأثير السوري في لبنان لا يزال قويًا، قال إن الملاحظ ان بعض اللبنانيين لا يزالون يخشون ذلك، وأن المخابرات اللبنانية مرتبطة جزئيًا بسورية وما زالت هناك لسورية قدرة على القيام باغتيالات وعمليات إرهابية في لبنان، ولكن هناك انقلابًا في المعادلة بين “حزب الله” وسورية، اذ أصبحت الآن سورية هي التي تحتاج إلى “حزب الله” وليس العكس، ما يعني أن وحدها طهران التي تعطي الأوامر لـ”حزب الله”، حتى ولو أن الحزب اكتسب استقلالية محدودة لأنه حارب وحده من دون الإيرانيين في سورية، ولم يكن تحت قيادة الحرس الثوري في سورية عسكريًا. وقال المصدر إن باريس تقول للدول الخليجية إنها إذا عززت دعمها لكل الأطراف اللبنانيين الذين ليسوا تابعين لـ”حزب الله” فستتمكن من أن تكون أقوى منه لأن القاعدة الشعبية لـ”حزب الله” لم تعد راغبة بخوض حرب، في حين أن الحزب بنى شعبيته لمدة طويلة على أنه السبيل لتحقيق كرامة الشيعة اللبنانيين وحصلوا الآن على ذلك، وهذا واضح من إعمار منطقة الجنوب والأثرياء الشيعة في لبنان غير الراغبين بالحرب، في حين أن “حزب الله” يستمد قوته من الحرب.
وتابع المصدر أن تأخير تشكيل الحكومة في لبنان يقلق أوساط باريس المسوؤلة، لأن البلد لا يستعيد حركته، ومن ناحية أخرى فإن عدم تشكيل الحكومة يعني أن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري يصمد بعض الشيء ولا يتنازل، وأنه من الأفضل ألا تراه الأوساط يوافق على أمور غير مناسبة، فالأفضل أن يصمد.