صحيفة الاخبار
لا تجميد لمرسوم التجنيس إنما تريث في وضعه موضع التنفيذ، في انتظار أن ينجز الأمن العام اللبناني مهمة التدقيق بالأسماء، وهي مهمة تعهد المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم لكل من رئيس الجمهورية ميشال عون ووزير الداخلية نهاد المشنوق، بإنجازها بأسرع وقت ممكن.
وعلمت «الأخبار» أن اللواء إبراهيم سيترأس اليوم الاجتماع الأول لفريق الأمن العام المكلف التدقيق بالأسماء، وسيصار خلاله إلى وضع منهجية عمل دقيقة جداً، تبدأ بعدها أعمال فرق متفرعة، لا ينتظر أن تنجز مهمتها خلال أيام، بل ربما تحتاج إلى أسابيع وشهور.
ووفق المنهجية التي سيعمل بوجبها الأمن العام، سيصار إلى وضع تقرير تفصيلي يعرض لكل اسم من الأسماء الـ388 ممن شملهم مرسوم التجنيس، على أن يرفع المرسوم إلى وزير الداخلية في الحكومة الجديدة، الذي سيبادر إلى إعداد مرسوم جديد، يحيله إلى رئيس الحكومة فيضع توقيعه عليه ومن ثم يحيله إلى رئيس الجمهورية ميشال عون صاحب التوقيع الأخير على مرسوم التجنيس.
في ضوء هذا الإخراج ــــ المخرج، طلب وزير الداخلية نهاد المشنوق من المدير العام للأحوال الشخصية في وزارة الداخلية العميد الياس خوري تجميد أي طلب للحصول على إخراجات قيد جديدة يمكن أن يتقدم بها من استحصلوا على الجنسية، خصوصاً أن المرسوم يعتبر نافذاً بالمعنى القانوني والدستوري ولا يلغى إلا بمرسوم آخر.
والهدف من تجميد الحصول على إخراجات قيد هو تفادي محظور دخول الدولة اللبنانية في دعاوى ونزاعات قانونية مع أشخاص حصلوا على الجنسية اللبنانية (بموجب إخراجات قيد جديدة).
هذه «التخريجة»، أنهت اعتكاف وزير الداخلية عن «تجميد» لا سند قانونياً له للمرسوم، وبالتالي، اندرجت زيارة اللواء إبراهيم إلى المشنوق، في مكتبه، ومن بعدها زيارة وزير الداخلية إلى القصر الجمهوري في هذا السياق الإخراجي. ولم يكن اجتماع الرؤساء الثلاثة في بعبدا، عصر أمس، بعيداً عن هذا «المخرج» على رغم أنه كان مخصصاً لموضوع القرار الإسرائيلي باستئناف أعمال بناء الجدار الإسمنتي على جزء من الحدود مع لبنان.
في هذه الأثناء، كان اللافت للانتباه دخول عدد من سفراء الدول الغربية والعربية (تحديداً الخليجية) على خط الاستفسار من مراجع لبنانية حول حقيقة مرسوم التجنيس وما أشيع من معلومات حول وجود شخصيات (تحديداً سورية) تحتمي به لتبييض أموال أو الاستفادة من النظام المصرفي اللبناني.
وعلى رغم عدم إلزامية نشر القانون في الجريدة الرسمية أو أمام الجمهور، طلب رئيس الجمهورية من وزير الداخلية واللواء إبراهيم اعتماد الشفافية وإطلاع الرأي العام على المرسوم فور إنجاز التدقيق النهائي بالأسماء. وتأتي هذه الخطوة رداً على مطالبة ثلاث كتل نيابية هي القوات اللبنانية والكتائب واللقاء الديموقراطي بنشر المرسوم أو تسلّم نسخ منه.
وأوضح مصدر رسمي لـ«الأخبار» أن مرسوم التجنيس «تضمن أسماء لمستحقين من حالات إنسانية مختلفة، وبينهم أجانب يقيمون في لبنان منذ فترة طويلة ولديهم مصالح أو متزوجون من لبنانيات وأولادهم في المدارس اللبنانية، وهناك رجال أعمال مشهود لهم في الاستثمار في لبنان، إضافة إلى أسماء وضعتها إما رئاسة الحكومة أو وزارة الداخلية أو وزارة الخارجية».
وأضاف المصدر أن الأمن العام سيضع منهجية لتلقي المعلومات «فإذا تبين وجود التباسات أو علامات استفهام حول بعض الحالات، يتم تصحيحها»، وجزم أن أي اسم من الأسماء الواردة في المرسوم «لم ينجز لها أي وثيقة ثبوتية رسمية لبنانية حتى الآن، وذلك بخلاف ما أشيع في الساعات الأخيرة».
ورداً على ما تداولته بعض وسائل الإعلام عن ارتباط تاريخ بعض المجنسين بشبهات أمنية وقضائية، أوضح المشنوق أنه كان طلب من المراجع الثلاثة المختصة، أي النشرة القضائية اللبنانية، وشعبة المعلومات والإنتربول الدولي، مراجعة كل الأسماء وإبداء الملاحظات وإرفاق التحقيقات بملفاتهم، وهذه التحقيقات أرفقتها وزارة الداخلية لاحقاً مع المرسوم وتمت إحالته أولاً إلى رئاسة الحكومة وثانياً إلى رئاسة الجمهورية (التوقيع الأخير). «وعلى هذا الأساس، تم حذف مجموعة من الأسماء تبين أنها لا تستوفي الشروط القانونية»، وأمل ألا يكون هناك بعد التدقيق الرابع (الأمن العام) أي مبرر للحديث عن مسائل أمنية تشوب الأسماء، ولو أنه جزم بعد لقائه عون أنه «ليس في المرسوم الحالي حتى الآن أي شبهة على الأسماء الواردة فيه».
وكشف المشنوق أنه خلال اجتماعه، أول من أمس، مع الحريري، تم اتخاذ قرار «بأن تتقدم كتلة المستقبل خلال أسابيع قليلة، مع نواب آخرين ربما، بمشروع قانون إلى مجلس النواب لتجنيس أولاد الزوجة اللبنانية».
وعن إمكان شطب بعض الأسماء بعد تدقيق الأمن العام، قال المشنوق: «حتماً، إذا تبين وجود شبهات أو إجراء أمني حول أسماء، يعود القرار إلى فخامته، علماً أنني لا أعتقد بوجود مثل هذه الشبهات لأن معلوماتي تفيد عكس ذلك».
من جهته، أكد وزير الخارجية جبران باسيل في مؤتمر صحافي، أمس، أنه ليس هناك من خطأ أو عملية مشبوهة لا في وزارة الخارجية ولا في القصر الجمهوري. وطالب بتحقيق جدي وسريع لإظهار أي عملية من هذا النوع، وقال: «إذا ارتكب هؤلاء خطأ سياسياً فليحاسبوا سياسياً، أما إذا كان الخطأ جرمياً فالمطلوب عقوبة جزائية وسياسية ودستورية». وأكد أن «الأهم أن تحاسب الحكومة الجديدة المسؤول عن أي خطأ وقع في المرسوم».