على الرغم من كل هذا الهول والتهويل الذي تعزفه الأوركسترا الصهيونية العالمية حول احتمال اندلاع شرارة حرب جديدة في المنطقة تطال ايران ووكلاءها في المنطقة – والمقصود هنا لبنان -، فان ما يشغل اللبنانيين في هذه الآونة هو الانتخابات النيابية، حيث لا يعلو صوت على صوت المعركة! وقد لا يكون مردّ ذلك الى استلشاق وقلّة ادراك أو وعي لدى اللبنانيين لما يحيط بهم ويتهددهم من مخاطر، بقدر ما هو نوع من الملل من سماع هذه الاسطوانة المشروخة التي تردد تهديدات ألفوها، وكانت تخيفهم في الماضي فعلا، ولكنها اليوم أصبحت في نظرهم أشبه بالعواء دون عضّ!
***
النباح يتعاظم في المنطقة، والدافع الحقيقي اليه هو القلق أكثر مما هو العزم على الفعل! وآخر المنضمين الى أوركسترا التهويل بالحرب هو أنطونيو غوتيريس الأمين العام للأمم المتحدة الذي قال في المؤتمر الدولي للأمن في ميونيخ انه يتخوّف من حرب تشنّها اسرائيل على لبنان وتحوّله الى أطلال! ومن الواضح ان سعادته استمدّ لغته من القاموس الاسرائيلي الذي هدّد باعادة لبنان الى العصر الحجري في أية حرب جديدة! ومن الواضح ان الأمين العام الدولي الذي يفترض فيه أن يكون أمينا وراعيا للسلام العالمي وأول الداعين اليه، نظر الى المنطقة بعين واحدة عوراء، فرأى الخراب المحتمل في لبنان، دون ان يرى بعينه الأخرى احتمال ما سيصيب اسرائيل من جراء تلك الحرب، وكأنها ستكون بردا وسلاما عليها!
***
من يريد خوض الحرب فانه لا يهدّد بها صباحا ومساء على مدى شهور وسنوات! ولو كانت اسرائيل قادرة على شنّ حرب ضدّ ايران لما انتظرت الى اليوم… ولكن رهان نتنياهو الحقيقي مفهوم. وهو يأمل في أنه مع وجود رئيس مهزوز وعنصري ومتسرّع مثل ترامب في البيت الأبيض، فإن الفرصة سانحة لجرّ أميركا الى خوض تلك الحرب الجنونية في الشرق الأوسط التي ستجرّ الويل على العالم أجمع!.. ولكن عندما يقف الملك عارياً في واشنطن فهل سيتبعه الشعب الأميركي بالعري؟ وعندما يجنّ الرئيس هل يجنّ معه سائر القادة في العسكر وفي السياسة؟!
رؤوف شحوري - الأنوار