رضوان مرتضى – الأخبار
استجوب رئيس المحكمة العسكرية العميد حسين عبد الله المتّهمين في أكبر عملية قرصنة إلكترونية في تاريخ لبنان. مَثل خليل صحناوي ليُدلي بإفادته علانية للمرة الأولى. ونفى أن يكون قد طلب من المقرصنين اختراق أي مواقع، مصرّاً على أنّ شريكه المقرصن سلّمه الداتا المقرصنة، لكنه لم يطّلع عليها بسبب حجمها الكبير ولكونه لا يُتقن اللغة العربية!
على مدى ساعتين ونصف ساعة تقريباً، استمع رئيس المحكمة العسكرية العميد حسين عبد الله لإفادة المتّهمين بأكبر عملية قرصنة إلكترونية في تاريخ لبنان: خليل صحناوي، رامي صقر وإيهاب شمص. في هذه الجلسة، كانت الحصة الأكبر لصحناوي الذي سرد على مدى ساعة ونصف ساعة تفاصيل بداية علاقته مع صقر وطبيعتها. بدأ استجوابه بسؤال: ماذا تعمل؟ فردّ صحناوي متحدثاً عن عملٍ بطبيعتين. الأول يتعلق بمصرف «سوسيتيه جنرال مع ابن عمي أنطون»، قاصداً رئيس مجلس إدارة المصرف أنطون صحناوي، والثاني في شركة اسمها krypton، أفاد بأنّه أحد مؤسسيها منذ عام ٢٠١٣. ذكر صحناوي أنه درس إدارة الأعمال وحاز شهادة ماجستير في علم الاقتصاد والمال. أما عن علاقته بأمن المعلومات، فردّ صحناوي بأنّ القرن ٢١ قائم على حماية المعلومات. شرح الموقوف السابق طبيعة عمله في شركته، كاشفاً أنّ أحد أوجه عمله يقوم على اختبار الاختراق الفعلي للمواقع الإلكترونية، لفحص مدى قوّة نُظُم الدفاع الإلكتروني، إضافة إلى الاستشارات المتخصصة. استفاض صحناوي في الشرح، ليخلُص إلى أن سوق هذا العمل في لبنان غير رائج، كاشفاً أنّ معظم زبائنه من خارج لبنان. روى خليل كيف تعرّف إلى رامي صقر في مؤتمر للأمن السيبراني، وأنه في تلك الأثناء من عام ٢٠١٣ كان يؤسس شركته في لبنان ويبحث عن خبرات لبنانية. وذكر أن دوره الوظيفي ينحصر في العلاقة مع الشركات.
علاقة صحناوي وصقر كانت البداية التي أوصلتهما إلى السجن، رغم أنّهما أصرّا على أنّه لم يكن بنيّة أيٍّ منهما قرصنة مواقع الأجهزة الأمنية والمؤسسات الرسمية اللبنانية. بل أكثر من ذلك، نفى صحناوي أن يكون قد اطّلع على مضمون البيانات المسروقة من مؤسسات وشركات وأجهزة أمنية وسفارات، التي سلّمه إياها صقر، لكونه لا يُتقن القراءة باللغة العربية. سأل رئيس المحكمة صحناوي: «ماذا طلبت منه كمعلومات؟»، فأجاب صحناوي: «لم أطلب منه أي معلومات. لم أطلب منه في حياتي قرصنة شيء». استطرد العميد ليسأله عن برنامج الاختراق الذي زوّد صحناوي به صقر، فردّ صحناوي بأنّ هذا البرنامج نُشر للعلن على شبكة الإنترنت بعد تسريبه من وكالة الأمن القومي الأميركي. عاد رئيس المحكمة إلى مضمون التحقيقات الأولية لدى فرع المعلومات، ليقول: «تقول إنّ رامي أخبرك بأنّه قرصن (موقع هيئة) أوجيرو واستحصل على معلومات عن زبائن الشركة ولوائح الشطب وكاميرا التحكم المروري. وأنّك سلّمت رامي ست أو سبع مرّات مبالغ مالية مقابل ذلك»، إلا أنّ صحناوي نفى أن يكون قد دفع له يوماً مالاً مقابل معلومات، مشيراً إلى أنّه أعطاه على سبيل الدين ٣ آلاف دولار لعلاج والدته المريضة آنذاك. وعن المعلومات بشأن قرصنة أوجيرو، قال صحناوي: «لقد قصدت أوجيرو وقابلت توفيق شبارو (مدير المعلوماتية في أوجيرو) حيث أبلغته بأنّ أوجيرو مخترقة بالكامل»، مشيراً إلى أنّ شبارو نفى ذلك، إلا أنّ صحناوي عرض له دليله على اختراق الشركة، لكنّ شبارو لم يقتنع. وذكر صحناوي أنّ عدم اكتراث شبارو أحبطه. هنا تدخّل العميد لسؤاله إن كانت النية ابتزاز أوجيرو لتتعاقد مع شركته، فردّ صحناوي بالنفي، مؤكداً أنّ ذلك مخالف للقانون، بحيث لا يُمكنك إجراء اختبار اختراق أي مواقع من دون موافقة مالكيه، إلا أنّ مجرّد أنّ الفعل قد وقع قبل تعرّفه إلى صقر أصلاً دفعه إلى إبلاغ أوجيرو، عارضاً عليهم طرح مناقصة لتقديم عرضهم.
أبلغ صحناوي توفيق شبارو أنّ أوجيرو مخترقة، عارضاً الدليل، لكنّ الأخير أصرّ على النفي
سأله رئيس المحكمة عن مصير البيانات التي تمت سرقتها بواسطة القرصنة وإن كان قد أعطاها لأحد، فردّ خليل بأنّه لم يطّلع عليها بسبب حجمها الضخم التي هي عبارة عن مئات الآلاف من الملفات، فضلاً عن كونها باللغة العربية. كما نفى أن يكون قد أعطاها لأحد، لافتاً إلى أنّه سلّم المحققين معظم كلمات المرور لملفاته، باستثناء ثلاثة أو أربعة لكونه لم يتذكرها. وأبلغ رئيس المحكمة بأنّه تبيّن للمحققين أنّه لم يلمس الملفات التي قال إنه لا يذكر كلمات مرورها منذ عام ٢٠١١. كذلك لفت صحناوي إلى أنّ صقر نفّذ عمليات القرصنة منذ عام ٢٠١٢، أي قبل تعرّفه إليه. هذه المعلومة عاود رئيس المحكمة سؤال صقر بشأنها، فأكّدها الأخير مشيراً إلى أنّ أولى عمليات القرصنة نشرت بنتيجتها صورة طفل فقير على صفحات المواقع المقرصنة. فُتح المجال لأسئلة المحامين، فسأل نقيب المحامين السابق بطرس ضومط موكّله صحناوي مجموعة أسئلة تتعلّق بإن كان قد طلب من صقر تزويده بالمعلومات وإن كان قد طلب منه قرصنة مواقع أمنية أو إن كانا قد تحدّثا يوماً بشأن أي أعمال قرصنة، فردّ خليل بالنفي. كما سأل الوكيل موكّله: لماذا أعطيت المقرصن البرنامج الإلكتروني الذي استُخدم في القرصنة، فردّ صحناوي بأنّ هذا البرنامج كان متاحاً للجميع، لكني طلبت منه أن يرى كيف يمكننا الاستفادة منه في أمن المعلومات، لكون البرنامج نفسه يُستخدم في الاختراق والحماية.
قبل صحناوي، استمع رئيس المحكمة إلى المتّهم الثالث في الملف إيهاب شمص، الذي نفى أن يكون هناك اتصال بينه وبين صحناوي. وذكر أنّه لم يستهدف قرصنة مواقع الأجهزة الأمنية، إنما بمجرّد اختراق خادم شركة «omsar»، تساقطت جميع المواقع التي تستخدمه. وأكّد شمص أنّ النية لم تكن اختراق شركة IDM، إنما التجربة. وذكر شمص أنّ صقر أرسل له رابطاً يتضمن كلمات المرور للعناوين البريدية لعشرات الزبائن المشتركين في أوجيرو. كذلك ذكر أنّه حاول التواصل مع ضابط في الأمن العام، لإبلاغه بأنّ المواقع سهلة الاختراق، لكنّه لم يلقَ تجاوباً. عدّد رئيس المحكمة المواقع التي عمدوا الى قرصنتها، فردّ شمص بأنّه بعد اختراقهم خادم omsar، سقطت جميع المواقع الحكومية. شمص أكّد للقاضي أنّ بعض إفادته المدوّنة لدى فرع المعلومات لم يقلها أبداً.
أثناء إدلاء أحد الموقوفين بإفادته، علّق المقرصن الإلكتروني رامي صقر للفت انتباه رئيس المحكمة بالقول: «(برنامج) ويندوز الذي تستخدمونه في المحكمة انتهت صلاحيته منذ سنتين وقد يتسبب بمشاكل كثيرة»، فتدخّل صحناوي ممازحاً العميد: «إن شئتم، نجن جاهزون لاختبار أمن المحكمة وإمكانية اختراقه»، فردّ رئيس المحكمة بأن لا وجود للإنترنت في المحكمة.
ورُفعت الجلسة إلى ١٣ حزيران للمرافعة.