فاتن الحاج – الأخبار
هذا العام، ستزرع وزارة التربية كاميرات مراقبة في مراكز الامتحانات بهدف ضبط حالات الغش والتفلت التي باتت وصمة تصاحب الاستحقاق منذ سنوات طويلة. فهل تضمن الكاميرات فعلا إجراء امتحانات جدية تقطع الطريق على أصحاب النفوذ السياسي والأمني من التوسط لانجاح محظيين وهل تضبط الارتفاع الملحوظ لنسب النجاح؟
في خطوة غير مسبوقة، قررت وزارة التربية تركيب كاميرات مراقبة في نحو 250 مركزاً للامتحانات الرسمية للشهادتين المتوسطة والثانوية في كل لبنان. والهدف، بحسب تعميم أصدره الوزير أكرم شهيب أمس، هو «تأمين الجو الملائم والهادئ للتلامذة للعام 2019، والحفاظ على حقوقهم كمرشحين ومعرفة واجباتهم، وتمكين رؤساء المراكز والمراقبين العامين ومراقبي الصفوف من تأدية مهامهم بدقة وأمانة».
في الواقع، يأتي التعميم في سياق ضبط حالات التفلت والغش التي شاعت كثيراً في السنوات الأخيرة، إما عبر والضغوط التي يمارسها أصحاب النفوذ السياسي والأمني على فريق الامتحانات من رؤساء مراكز ومراقبين لمساعدة تلامذة «موصى بهم»، أو بسبب بدعة التباري بين المحافظات على تحقيق معدلات نجاح مرتفعة والمقارنة بينها، ما يجعل الأساتذة يسهّلون عمليات «التنقيل» ويغضون الطرف عن التجاوزات.
وكان المسؤولون في الإدارة التربوية ناقشوا فكرة الكاميرات في اجتماعات عدة عقدت مع التفتيش التربوي والروابط التعليمية قبل أن تضع وحدة المعلوماتية في المديرية العامة للتربية الشروط والمواصفات الفنية لهذه الكاميرات التي ستوفر التسجيل والتخزين وستكون موصولة مركزياً بوزارة التربية مباشرة.
شهيب طلب من المناطق التربوية في المحافظات استدراج العروض وفقاً لهذه المواصفات، في مهلة أسبوع واحد كحد أقصى من تاريخ تبلغ التعميم، وشكّل لجنة لمتابعة الأمر. وتتولى كل مدرسة أو ثانوية تسديد ثمن الكاميرات التي جرى تركيبها لديها من صندوقها الخاص.
لكن ماذا لو لم تكن المدارس قادرة على الدفع لا سيما أن بعض الصناديق فارغة؟ مصادر في دائرة الامتحانات الرسمية أجابت أنّه يمكن الاستعانة بصندوق التعاضد الموجود في المناطق التربوية والذي يموّل المدارس المتعثرة. واستدركت أنّ كلفة الكاميرات لن تتجاوز نصف مليون دولار في كل المراكز، أي بمعدل 3500 دولار لكل مركز، نافية امكانية التلاعب في استدراج العروض وحصره في شركات معينة.
هل تضمن الكاميرات منع التدخلات السياسية والشخصية بعد اكتشاف المخالفة؟
وليس معروفاً ما إذا كانت الكاميرات ستستخدم خلال فترة الامتحانات فحسب أم أنها «ستشغّل» طوال الوقت في القاعات الدراسية لمراقبة أداء المعلمين. لا يعارض التفتيش التربوي الفكرة لمواكبة الامتحانات لكون ذلك يدعم عمله وتحقيقاته، بحسب مصادر المفتشية العامة التربوية. لكن ثمة رأيين في ما يخص اعتمادها بصورة دائمة في الصفوف، إذ يرفض البعض تقييد المعلمين رفضاً تاماً، فيما لا يمانع البعض الآخر ذلك تاركاً الخيار للمدير. وهنا أوضحت مصادر دائرة الامتحانات أنّ الكاميرات في بعض المدارس ستركب في قاعات مخصصة للامتحانات فقط، في حين أن مراكز أخرى ستعتمد الكاميرات في الصفوف الدراسية العادية، وقد سبق لبعض المدارس أن ركّب كاميرات بالصورة فقط، بعد موافقة التفتيش، وذلك منذ وقت طويل، أي قبل صدور التعميم على خلفيات مشاكل وقعت مع أهال أو طلاب في محيط المدرسة.
وفي ما يتعلق بالمدارس الخاصة التي تعتمد كمراكز للامتحانات الرسمية، كشفت المصادر أنّ أعداد هذه المدارس سيتقلص هذا العام إلى الحد الأدنى، وقد جرى التواصل مع بعض الإدارات التي أعربت عن استعدادها لتطبيق التعميم وشراء الكاميرات على نفقتها الخاصة.
بحسب مصادر تربوية، الأهم من كشف الغش في الامتحانات هو وصول التحقيقات التي تجرى في حال ضبط أي مخالفة إلى خواتيمها ومحاسبة القضاء للمرتكبين، وخصوصاً أنّ التجارب السابقة لم تكن مشجعة في نتائجها، رغم محاولات القبض على شبكات تزوير قوامها مشغّلون ووسطاء ومدارس خاصة وطلاب جامعات منفذون لانتحال صفة المرشحين وتقديم الامتحانات عنهم.
وسألت المصادر: «هل تضمن الكاميرات منع التدخلات السياسية والشخصية بعد اكتشاف المخالفة، وعدم تكرار ما حصل عام 2014 حين أحالت هيئة التفتيش المركزي 114 مزوراً على النيابة العامة التمييزية لينام الملف في أدراجها، فيما المخالفون تدرجوا في سلم الحياة الأكاديمية والمهنية؟». يذكر أن الوزارة تتخذ نوعين من الإجراءات: إقصاء فوري عن الامتحان لبعض المرشحين الذين يخلّون بالنظام، فيما تحوّل حالات أخرى إلى الهيئة الإدارية في وزارة التربية التي تتخذ عقوبات قد تصل إلى حرمان المرشح 4 دورات.