خبر

جلسة عادية غداً و”كهربائية” متوقعة بعد غد.. وتعثّر التفاهم على نواب الحاكم

صحيفة الجمهورية

 

في ظل الواقع الاقتصادي والمالي الصعب، بَدا من خلال الخطوات الداخلية المتسارعة انّ السلطة قد «استحقّتها» بالفعل، وتحاول بشتى الوسائل المتاحة، وعلى رغم كل الخلافات بين مكوّنات الحكومة، الوصول الى بعض الخطوات الإصلاحية المطلوبة من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومؤتمر «سيدر». ولعل أبرز المؤشرات الى هذا التجاوب مع المطالب الدولية هو التقدّم الحاصل في عمل اللجنة الوزارية المكلفة مناقشة خطة الكهرباء، والتحضيرات لإنجاز موازنة 2019 مخفوضة العجز بنسبة اثنين ونصف في المئة. وإذا استمر المسؤولون في اتّباع هذه الوتيرة وأقرّوا إصلاحات اخرى من وقف تقديمات ومخصصات وسد أبواب هدر، فإنّ ذلك سيشكّل منطلقاً جيداً لوصول بعض القروض الدولية وتحريك عجلة الاستثمارات وتحسين الوضعين النقدي والاقتصادي.
ففي ملف الكهرباء، تستكمل اللجنة الوزارية في اجتماعها الثالث عند الثالثة عصر اليوم النقاش حول خطة الكهرباء، حتى اذا انتهت منه تصبح طريق الخطة سالكة الى مجلس الوزراء في جلسة استثنائية تعقد بعد غد الجمعة في قصر بعبدا.

وكانت وزيرة الطاقة ندى البستاني قدّمت ورقة أمس، حددت فيها بالتسلسل الخطوات التي يفترض التوافق عليها لتسيير شؤون الخطة.

وأكد وزير الاعلام جمال الجراح «انّ الجو إيجابي جداً، والنقاش مسؤول وفي العمق والأمور تسير في الاتجاه الصحيح»، وقال: «إن شاء الله تكون الأمور منتهية غداً (اليوم)».

واشار الى انه «إذا أنجزنا كل شيء، يمكن في جلسة الخميس أن نعرض الخطة حتى ولو من خارج جدول الأعمال، إذا كان هناك وقت، وإلّا فتخصّص لها جلسة خاصة». وأعلن انّ موضوع البواخر لم يعد مطروحاً.

من جهتها، اكدت البستاني «ان لا تعديلات جوهرية ولا غير جوهرية حتى اليوم بل فقط ملاحظات، وانّ موضوع سلعاتا غير جديد والكلفة غير التي يتم الحديث عنها».

واشارت الى «ان لا تعديلات جوهرية على الخطة، وإذا انتهينا غداً (اليوم) قد تُعقد جلسة وزارية خاصة للكهرباء يوم الجمعة في قصر بعبدا». وأوضحت ان «لا مشكلة لدينا بمن سيجري مناقصة المعامل التي ستكون واحدة، أكانت إدارة المناقصات أم غيرها».

وقالت مصادر اللجنة «إنّ النقاش احتدم في الجلسة عندما قال وزير العمل كميل ابو سليمان انه طلب مشورة رئيس ادارة المناقصات حول طريقة اجراء المناقصة في وزارة الطاقة، عندها تحدثت وزيرة الطاقة وأعلنت رفضها تدخل اي وزير في غير وزارته، وأيّدها الوزراء: محمد فنيش وأكرم شهيّب ويوسف فنيانوس رافضين ذلك أيضاً. كذلك حسم الرئيس الحريري الموضوع معتبراً انّ هذا الامر لا يجوز. وطالبوا ابو سليمان بالاعتذار، وهكذا حصل».

جنبلاط

الى ذلك أوضح رئيس الحزب «التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط انّ رئيس الحكومة وضعه في جو بعض الإجراءات التقشفية المطلوبة والضرورية التي تنوي الحكومة اتخاذها».

وأكد أنّ «الحريري غير مستعد للدخول في خطة كهرباء عليها خلافات سياسية، واتفق على هذا الأمر مع البنك الدولي».

وقال جنبلاط في حوار مع «الأنباء» الإلكترونية: «إنّ البنك الدولي يضع بعض الشروط لتخفيض الانفاق، ويجب البدء من رواتب الوزراء والنواب السابقين وإيجارات الأبنية الحكومية، وإعادة النظر بالتدبير رقم 3 في الجيش وغيرها من الأمور»، وقال: «أنا نائب سابق ومستحقاتي تبلغ 6000 دولار شهرياً، وهذا ليس عدلاً».

وأكد أنّ «سلسلة الرتب والرواتب لن يتم المسّ بها». وقال انّ «التركيز مع الرئيس ميشال عون اليوم يجب أن يكون على الإصلاح والإقتصاد، والعلاقة معه جيدة».

خفض الموازنة

وبعد انتهاء اجتماع لجنة الكهرباء، عقد اجتماع بين الحريري ووزير المال علي حسن خليل دام ساعتين، تمّ خلاله الانتهاء من المراجعة النهائية لمشروع الموازنة.

وقال خليل: «قمتُ بالمراجعة النهائية للموازنة مع الرئيس الحريري «على الموجة نفسها»، في انتظار ان يحدّد هو الوقت المناسب لدرسها في مجلس الوزراء بعد مجموعة اتصالات ومشاورات».

وأضاف: «الموازنة واقعية متكاملة قابلة للتنفيذ لا مبالغات فيها، لا في خفض النفقات ولا في زيادة الواردات».

وقال خليل لـ«الجمهورية» مساء: «أجرينا المراجعة المطلوبة للتخفيضات وتقدير الواردات وصياغة التعديلات القانونية، وأصبحنا في المرحلة الاخيرة، اي مناقشتها داخل مجلس الوزراء في انتظار بعض المشاورات التي سيجريها الرئيس الحريري وتحديد موعد وضعها على جدول الاعمال. وإنّي أعمل مع الرئيس الحريري بالروحية نفسها، وأنا كوزير مال أنهيتُ مهمتي، طبعتُ الموازنة وأودعتها رئيس الحكومة».

«لبنان القوي»

في هذا الوقت، إعتبر تكتل «لبنان القوي» أنّ هناك ترابطاً بين الموازنة ومعالجة الكهرباء، وهو تخفيض العجز. وشدّد على أنّ لبنان واقتصاده لا يتحملان تأجيل البت بخطة الكهرباء التي فتحت الباب على كل الاحتمالات.

وسأل: «لماذا تتأخر الموازنة التي يجب إقرارها أمس قبل اليوم؟. وأوضح انه يريد أن تَرِد الموازنة مع الاصلاحات، معتبراً أنه يجب «إنقاذ البلاد وعدم الاستمرار في الكيدية التي شهدها سابقاً».

ودعا الحكومة الى المباشرة في تنفيذ ما ورد في البيان الوزاري والقرارات التي تلته «لإعطاء الملف المالي الاقتصادي الاصلاحي الأهمية القصوى، كذلك ملف النازحين».

«المستقبل»

بدورها، كتلة «المستقبل» اعتبرت «أنّ التوافق السياسي على اعتماد إجراءات إصلاحية تلتزم خفض العجز وإقفال مسارب الهدر والصرف العشوائي، مسألة لا تحتمل مزيداً من الترف السياسي، ولم يعد من المجدي الدوران حولها أو تأجيلها بدعوى البحث عن حلول أفضل».

ودعت الكتلة «من يملك حلولاً خلاف ما هو ممكن وما يجب ان يكون»، الى أن يبادر «لوضعها على الطاولة، والتأكد من صلاحيتها لإنجاز موازنة تحقّق الخفض المطلوب، ولا تكون نسخة عن موازنات تستنزف الدولة والبلاد».

نواب الحاكم

وعشيّة الجلسة العادية لمجلس الوزراء التي تنعقد برئاسة الحريري في السراي الحكومي الثانية عشرة ظهر غد الخميس لمناقشة جدول اعمال من 26 بنداً، أبرزها إطلاق دورة التراخيص الثانية للتنقيب عن النفط، ذكرت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» انّ جدول الأعمال تجاهل إدراج بند خاص بتعيينات نواب حاكم مصرف لبنان، ومردّ ذلك هو تجدد الخلاف حول مصير العضو الأرمني هاروت صموئيليان الذي انتهت ولايته الأحد الماضي وكذلك بقية زملائه، بين «التيار الوطني الحر» وحزب «الطاشناق»، فالأول يريد استبداله، والثاني يصرّ على إبقائه في موقعه، ولذلك تمّ تأجيل البَت بالتعيينات الى جلسة لاحقة».

وأضافت المصادر: «ساد الإعتقاد أنّ الأمر انتهى عندما تفاهَم جنبلاط والحريري على تعيين المصرفي فادي فليحان بدلاً من سعد العنداري في الموقع الدرزي، لكنه بَدا أنّ ذلك لم يكن كافياً».

وكان جنبلاط أعلن أمس أنه طرح إسم فادي فليحان نائباً لحاكم مصرف لبنان.

وبرزت في هذا السياق أمس زيارة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للسراي الحكومي، حيث عرض مع الحريري الاوضاع المالية والاقتصادية في البلاد.

ظاهرة للمرة الأولى

على انّ الملفت في جدول اعمال جلسة مجلس الوزراء غداً، عدم إدراج اي تفاصيل في البند السادس والعشرين المتعلّق ببرامج سفر المسؤولين والوفود الوزارية لتفادي الاعلان عنها ومنعاً لتعميمها او للسخرية في آن.

كذلك بالنسبة الى اتجاهات السفر او الوفود المشاركة واي وزارات واي دول مقصودة، وأيضاً بالنسبة الى مضمون البند الخاص بالهبات (الرقم 25) أو الجهات التي تلقتها.

وقالت مراجع قانونية لـ«الجمهورية»: «انّ هذه الظاهرة تمارس للمرة الأولى، وهي تشكّل مخالفة قانونية ودستورية وخرقاً لكل الأصول التي تفرض تعميمها على الرأي العام، عملاً بقانون الوصول الى المعلومات».

النازحون: لا عودة

وعلى صعيد ملف النازحين وفيما يترقب الداخل تقريش نتائج زيارة رئيس الجمهورية الاخيرة لروسيا لجهة ما يتعلق بملف النازحين، تجمع القوى السياسية على ان لا جديد جديا من شأنه ان يضع هذا الملف على السكة السريعة لعودتهم على النحو الذي يريده لبنان.

ونقل ائدون من موسكو أن المسؤولين الروس راغبون بشدة مساعدة لبنان على الانتهاء من هذا الملف، وهم يشددون خلال مقاربتهم لملف النازحين السوريين، على مسألة اساسية وهي ان يتم التعاطي ايجابيا مع هذا الملف، بعيدا عن الخلافات والاعتبارات السياسية، فهي قضية انسانية تعني شعبا فرضت عليه الاوضاع الامنية مغادرة بلاده، وهي في الوقت نفسه قضية اقتصادية تشكل عبئا كبيرا على لبنان، وموسكو تتفهم موقفه كلياً وراغبة في مساعدته.

الا ان مصادر لبنانية معنية بملف النازحين قالت لـ«الجمهورية»: «ان المبادرة الروسية لاعادتهم معطلة كلياً وتفتقد القدرة على تنفيذ متطلبات العودة خصوصا في شق تمويلها، حيث تتطلب تأمين البنية التحتية للعودة من خلال تأمين المساكن والخدمات العامة ومعالجة المشكلات القانونية. يضاف الى ذلك افتقاد المبادرة الروسية الى التغطية الدولية وتحديداً الاميركية، حيث لا تبدو واشنطن متحمسة لها».

واشارت الى «ان هذا الملف معطل دوليا، وثمة اختلاف واضح بين موسكو التي تعتبر ان الوضع الامني في سوريا بات مهيأ لتوفير شروط العودة الآمنة للنازحين، وبين واشنطن وسائر الدول الغربية والعربية، التي تعتبر ان ظروف العودة الآمنة غير متوافرة او مهيأة، خصوصا في ظل الضغوط والتهديدات والاعدامات التي ينفذها النظام في حق العائدين».

وقالت المصادر نفسها انه «بناء على هذا الاختلاف فإن ملف النازحين السوريين مرتبط بمسار الازمة السورية، والمستغرب في هذا السياق هو اختلاف اللبنانيين على عودة النازحين، والتي هي ليست في يدهم، ولا هم اصحاب القرار فيها، فهذه المسألة معني بها طرفان هما سوريا والمجتمع الدولي، وحتى ولو تم الاتفاق والتنسيق بين لبنان والنظام السوري فلا توجد اي امكانية لهذه العودة في ظل الـ«فيتو» الخارجي، وتحديدا الاميركي».