خبر

للجمع بين العطاء بإنسانيته والحوكمة بوعيها

فؤاد مخزومي

أشكر لكم هذه الالتفاتة الطيبة التي سمحت لي أن أنعم بمخاطبتكم ولو من بعيد، كي أقاسمكم بعضاً من معالمِ نشاطنا الذي شرفتموه بمبادرتكم الكريمة.

العالم من حولنا يضيق، والوعي ينمو ويتسع، لذلك نرى المفاهيم تنتشر بسرعة وتتبدل حتى صار لا بد من التمييزِ بدقة بين نجاحٍ وإخفاق، بين تطور وتهور، أو بين منفعة عامة ومصلحة شخصية.
لذلك أبدأُ التعبير عن امتناني لهذه المناسبة المشرفة بتعريف الدوافعِ والمبادئ التي بنيت عليها أهدافنا وأساليب عملنا، سواء في نمو مجموعة شركاتنا أو على صعيد إسهامنا الحيوي في الحفاظ على البيئة والقيمِ الإنسانية والرفاهية العامة.
ليست الأرقام وأحجام الإنجازات الملموسة وحدها مقياساً لأي نجاحٍ كبير.
بل وقع أعمالنا في محيطنا الطبيعي وفي النفوسِ والعقول، وتأثيرها على مصيرِ الأجيال المتعاقبة، ومدى تفاعلها باحتياجات الناس اليومية ونوعية حياتهم، جميعها موازين تحسب للنجاحِ أو عليه، فتباركه أو تدينه.
هذه الاعتبارات هي التي تضفي على تصرفاتنا صفتَي “حوكمة الاستدامة”Governance of Sustainability و”المسؤولية الإنسانية للشركات” Corporate Social Responsibility أو (CSR)
فصحيح أن الأعمال الإنسانية البناءة مطلوبةٌ وتأمر بها الأديان والضمائر الحية وتلتزِمها العقول النيرة والقلوب الخيرة…
لكن ما معنى أن نقوم ببناء المدارس والجامعات والمستشفيات وغيرِها لصالحِ البشر، فيما نقوم خلال ذلك بتشويه الطبيعة وتدنيس الأرض وتلويث الفضاء استخفافاً أو جهلاً بأثرِ ذلك على الصالحِ العام؟
أليست الطُّمأنينة إلى غد مرسومٍ بوعيٍ وثقة أهم وأَجدى من شعورِنا براحة ضمير ظرفية قد تدوم في وجداننا لكنها تتبخر على الأرض في غياب التخطيط القائمِ على معنى التنمية المستديمة Sustainable Developmentأي إنعاش الحاضر من دون التضحية بفرص النمو لمستقبل أفضل؟
إنما الجمع بين العطاء بإنسانيته والحوكمة بوعيِها وفعاليتها هو المفهوم المعاصر والمفيد الذي يمنحنا نجاحاً في أدائنا الإنساني للإسهام في سعادة الناس وتعزيزِ فرصهم والتخفيف عمن يعانون أو يسعون ولا يجدون.

*كلمة النائب فؤاد مخزومي في حفل أكاديمية جوائز التميّز في 26 آذار 2019.