خبر

آمال لبنانيّة بالفوز في معركة عودة النازحين… ومخاوف على مزارع شبعا والنفط

قمة تونس أمام تحدّيات غياب سورية وسقوط المبادرة العربية للسلام ومحورها القدس والجولان
آمال لبنانيّة بالفوز في معركة عودة النازحين… ومخاوف على مزارع شبعا والنفط
اتجاه رئاسيّ للتوافق على الموازنة وخطة الكهرباء والتعيينات يتسبب بغيظ «القوات»

كتب المحرّر السياسيّ – البناء

ستحجز قمة تونس العربية الاهتمامات في نهاية الأسبوع بعدما حسم غياب سورية عنها من جهة، وتصدرت الإعلانات الأميركية الخاصة بالاعتراف بضم «إسرائيل» للجولان السوري المحتل، والاعتراف بالقدس عاصمة لـ»إسرائيل». وفي كل قمة عربية يتم تأكيد اعتبار المبادرة العربية للسلام التي تم إقرارها في قمة بيروت عام 2002 وفقاً لمقترح سعودي، بصفتها المشروع السياسي العربي، القائم على معادلة الأرض مقابل السلام كأساس لنظام إقليمي جديد تدعمه واشنطن. وقد صار هذا المشروع الذي رفضته «إسرائيل» أصلاً، وكان يعتاش على وجود دور أميركي داعم للتفاوض حول القدس والجولان، باعتبارهما العنوان العربي للأراضي المحتلة عام 1967، بعدما وقعت مصر والأردن اتفاقيات سلام منفردة، وصار المشروع العربي فاقداً القيمة والأهلية مع الإعلانات الأميركية الرسمية عن إنهاء أي أفق وأمل بالتفاوض حول القدس والجولان، وانضمام واشنطن لتبني قرارات تل أبيب.

القمة العربية في تونس أمام تحديات من حجم الإجابة عن مستقبل العلاقة بالدولة السورية، ومستقبل عملية السلام المعطلة، التي تلقت ضربة قاضية بمواقف أميركية لا تقيم اعتباراً لمن يعتبرون أنفسهم حلفاءها العرب الذين أباحوا لها العراق وليبيا وسورية، وهي لم تقم لهم ولإحراجهم أي حساب وبات عليهم اليوم إما قبول الإذلال ودفن رؤوسهم في الرمال كالنعامة وتجاهل كل ما يدور من حولهم، أو على الأقل الخروج من كذبة مشروع عربي للسلام يفترض وجود راعٍ ووسيط أميركي، يعلن رسمياً نهاية التفاوض والوساطة ويدعو للتطبيع الكامل بقبول شرط الضمّ الكامل بدلاً من السلام الكامل المشروط بالعودة الكاملة للأراضي المحتلة.

في لبنان يوضع حصاد الجولات الدبلوماسية التي خاضها لبنان بين زيارة وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو لبيروت، وزيارة الرئيس ميشال عون إلى موسكو، حيث ترتفع الآمال اللبنانية بتبلور مناخات مناسبة لعودة النازحين السوريين، في ظل موقف أميركي رمادي، وموقف أوروبي وأممي يتغير إيجاباً وموقف روسي داعم. وبالمقابل زيادة منسوب القلق على مستقبل ترسيم الحدود البريّة والبحريّة للبنان في مواجهة التعديات والمطامع الإسرائيلية بعد الإعلان الأميركي عن تبني الموقف الإسرائيلي بضمّ الجولان، الذي تعتبر تل أبيب مزارع شبعا اللبنانية جزءاً منه، ويرتبط بذلك خط الحدود البحرية واستطراداً خط الحدود البحرية ومصير ثروات النفط والغاز.

مطلع الأسبوع سيشهد تحضيرات مكثفة لتعويض الوقت الفائت على الحراك الحكومي في الملفات الأساسية، فعودة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من قمة تونس وبدء ممارسة رئيس الحكومة سعد الحريري مهامه بعد عودته من باريس وتعافيه من العمل الجراحي الذي استدعاه وضعه الصحي، ستطلقان جولة مشاورات رئاسية تحت عنوان تسريع التفاهمات حول الموازنة وإقرارها مع معايير للتقشف في الإنفاق، والسير بخطة الكهرباء مع بعض التعديلات الطفيفة، وجدولة التعيينات الملحة لملء الشواغر خصوصاً في الوظائف المالية والإدارية العليا، وقالت مصادر متابعة إن الجزء الرئيسي من هذا التوافق يسير بشكل إيجابي، وسيكتمل قبل موعد جلسة الحكومة المقبلة، وهذا ما يفسر حملة القوات اللبنانية المتعددة العناوين، شعوراً بالغيظ من جراء المسودات الخاصة بالتعيينات المقترحة، والتي لا تنال فيها ما كانت تتوخاه.

تحذيرات من خطورة الوضع الاقتصادي

وإذ تترقب الأوساط السياسية عودة رئيس الحكومة سعد الحريري من إجازته المرضية في باريس والمتوقعة خلال اليومين المقبلين، لإعادة تفعيل العمل الحكومي والنيابي اللذين تجمّدا معاً لغياب الحريري، لم تشهد الساحة السياسية أيّ جديد باستثناء توالي الزيارات الدولية الى لبنان لمتابعة تنفيذ مقرّرات مؤتمرات الدعم الدولي للبنان، إلى جانب تكشف المزيد من قضايا الفساد في مؤسسات وإدارات الدولة كان جهاز الجمارك أمس أحد مكامنها.

إلا أنّ ملف الموازنة بقي في صدارة الاهتمام الرسمي لا سيما أنّ المهلة التي منحها المجلس النيابي في جلسته الأخيرة للحكومة بالصرف على القاعدة الاثنتي عشرية تنتهي بـ 1 أيار المقبل ما يستوجب على الحكومة إقرار مشروع موازنة 2019 2020 وإرسالها الى المجلس النيابي، وإذ حذّر مصدر نيابي واقتصادي مطلع من خطورة الوضع الاقتصادي مشيراً لـ»البناء» الى ضرورة وضع خطة عاجلة لإنقاذ الوضع، أكدت مصادر نيابية مطلعة لـ»البناء» «وجود إجماع لدى الرئيسين ميشال عون ونبيه بري على اقرار الموازنة بأسرع وقت ممكن مع تأكيد المصادر على إقرار موازنة مع تخفيض العجز لأكثر من 1 في المئة. وفي السياق تحدّثت المعلومات عن اتجاه لتخفيض المساعدات والمنح المدرسية لموظفي القطاع العام وأن يكون بعضها الآخر مشروطاً». وتوقعت المصادر النيابية أن يكون «هذا الملف محور لقاءات الرئيس بري مع مختلف القوى السياسية خلال الأيام المقبلة»، فيما نقلت المصادر عن مرجع مالي لبناني تحذيره من «نتائج تردّي الوضع الاقتصادي إذا ما استمرّ الوضع على هذا المنوال وحمّل هذا المرجع جميع القوى السياسية المسؤولية لإنقاذ الوضع».

«التيار»: القوات لن تنجح بتقويض العهد

وبقي الاحتكاك الكهربائي بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية محلّ متابعة ورصد لخلفياته السياسية وأبعاده الخارجية لا سيما أنه لم يوفر رئيس الجمهورية وجهوده في حلّ أزمة النازحين. وقالت مصادر التيار الوطني الحر لـ»البناء» إنّ «تهجّم القوات على خطة الكهرباء ليس سوى استعراضات إعلامية لا قيمة عملية لها، وذلك يخالف الاتفاق بين القوى السياسية على بحث خطة الكهرباء في لجنة وزارية ويمكن لوزير القوات فيها أن يعبّر عن رأيها بعيداً عن المزايدات الإعلامية».

وعما إذا كان هذا السجال سيؤدّي الى تعطيل مجلس الوزراء استبعدت المصادر العونية ذلك، مشيرة الى أنّ «عمل المؤسسات الدستورية لا سيما السلطة التنفيذية خاضع للتفاهم السياسي الأكبر بين رئيسي الجمهورية والحكومة على ضرورة التضامن الحكومي وإنجاز الاستحقاقات وحلّ الملفات، وإلا لماذا تمّ تأليف حكومة وحدة وطنية؟».

وأكدت المصادر أنه «بعد عودة الرئيس الحريري سالماً من باريس لكلّ حادث حديث، وسيُصار الى طرح موضوع الحكومة معه لإعادة تصويب مقاربة الملفات وإنجازها لا سيما الاقتصادية»، واستبعدت أن «يتمكّن فريق وحده من تعطيل الحكومة»، محذرة من أنّ محاولات القوات عرقلة الخطط من الكهرباء الى إعادة النازحين ستجرّ البلد الى مأزق سياسي واقتصادي كبير».

واستغربت المصادر تصويب القوات على رئيس الجمهورية بموضوع النازحين، لا سيما أنّ بعض المجتمع الدولي اعترف بخطر استمرار الأزمة، فيما هم يصوّبون على جهود رئيس الجمهورية وزيارته الى روسيا التي تصبّ في اتجاه إيجاد الحلّ للأزمة، ولمست المصادر محاولة هذه القوى تقويض العهد واستنزافه ووضع العصي في دواليبه، لكنها شدّدت على أنّ «العهد لن يسمح بذلك بل هو يستكمل انطلاقته بفعالية، مذكرة بأنّ المبادرة الروسية ملحوظة في البيان الوزاري، وكشفت أنّ وزير شؤون النازحين بصدد إعداد ورقة للنازحين سيطرحها في أول جلسة لمجلس الوزراء».

خطوة أميركية إلى الوراء

وفي سياق ذلك، برز خطاب وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو أمام الكونغرس بما خصّ النازحين السوريين في لبنان، وأفاد تقرير دبلوماسي ورد الى بيروت أمس، أنّ بومبيو تحدث في أعقاب زيارته بيروت الى اللجنة الفرعية للمخصصات في مجلس النواب الأميركي في موضوع تمويل المساعدات للنازحين السوريين وعودتهم، وتناول زيارته لبيروت، فقال: «في لبنان هناك 1,5 مليون لاجئ سوري مع كلّ العبء الذي يشكله ذلك على البلد من ناحية الكلفة والمخاطر التي يشكلها وجود اللاجئين على لبنان وديمقراطيته. وكانت وزارة الخارجية الأميركية تقود الحديث عن كيفية تحضير الظروف المناسبة على الأرض داخل سورية وكيفية تأمين الولايات المتحدة وشركائها العرب الظروف المناسبة على الأرض في سورية لكي يتمكن هؤلاء اللاجئون من العودة الى بيوتهم. وهذه هي المهمة المحدّدة التي يرغب فيها الشعب اللبناني. وأنا أعتقد بصراحة أنّ عودة هؤلاء الأفراد هي الأفضل لهم. وعلينا أن نتأكد من انّ الشروط مناسبة لعودتهم، وهو موضوع ستكون الخارجية الأميركية في الصفوف الأمامية لتحقيقه».

وعلق وزير الخارجية جبران باسيل على كلام بومبيو عبر حسابه على «تويتر» بالقول: «شهادة الوزير بومبيو أمام الكونغرس بشأن النازحين خطوة متقدّمة تؤكد أنّ الحوار الصريح والجريء والموقف الوطني الواضح هما أقرب الطرق لتحقيق المصلحة الوطنية… معركة الدفاع عن الوجود والكيان طويلة وصعبة لكن إرادتنا أقوى وأصلب، العودة ستتحقق ولن نرتضيها الا آمنة وكريمة».

إلا أنّ مصادر دبلوماسية سابقة في أميركا أوضحت لـ»البناء» أنّ «كلام بومبيو لا يعني تحوّلاً في مقاربة الإدارة الأميركية لمسألة النازحين ولا يعني تعديلاً في موقفهم بل خطوة الى الوراء في الخطاب التهديدي للبنان بعد أن سمع بومبيو الموقف اللبناني الموحّد من هذا الملف واستمع بالوقائع والأرقام والمعطيات الى العبء الذي يتحمّله لبنان جراء أزمة النزوح»، إلا أنّ المصدر لفت الى أنّ «كلام بومبيو قد يخفض من حجم الضغوط الأميركية على الحكومة لجهة تعاملها مع ملف النزوح، لكن العقوبات على حزب الله مستمرة ولا تراجع عنها وللمرة الأولى يحصل توافق بين الكونغرس والإدارة حول هذا الملف».

وأوضحت أن «لا حلّ لأزمة النازحين في القريب العاجل لغياب قرار دولي موحّد في ظلّ التباين بين الدول الكبرى والفاعلة لا سيما الولايات المتحدة وروسيا، وبالتالي لن تستطيع روسيا وحدها حلّ هذا الملف»، مشيرة الى أنّ «الأزمة تحتاج الى تواصل مباشر لبناني فعّال وواسع النطاق مع سورية وعدم الرهان على القرار الدولي الذي لا يزال بعيداً في ظلّ ارتفاع مستوى التوتر بين أميركا وروسيا وتحديداً في فنزويلا».

وأكدت مندوبة لبنان في الأمم المتحدة أمل مدللي خلال جلسة لمجلس الأمن في نيويورك حول مكافحة تمويل الإرهاب، «أننا نعتمد التدابير اللازمة لمنع تمويل الإرهاب»، معتبرة أنّ «تمويل الإرهاب يمثل تهديداً عابراً للحدود واستجابتنا يجب أن تكون جماعية وعالمية».

الى ذلك، عرض وفد من البنك الدولي الذي ضمّ نائب رئيس البنك لشؤون منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا فريد بلحاج والمدير الإقليمي ساروج كومار ومساعد نائب الرئيس ريشار عبد النور، عرض مع رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي الأوضاع الاقتصادية والمالية في البلاد وعمل البنك الدولي والخطط الموضوعة للنهوض بالاقتصاد اللبناني ومساهمة البنك الدولي فيها. وتركز البحث على أولويات البنك الدولي في لبنان وتتمحور حول الكهرباء والموازنة وإصلاحاتها ومؤتمر «سيدر» باستثماراته وإصلاحاته، والمشاريع القائمة حالياً والتي تنفذ بقيمة مليار و300 مليون دولار، وأخرى تنتظر إقرارها في المؤسسات الدستورية بقيمة 900 مليون دولار. وتمّ التوافق على متابعة العمل والتنسيق المستمر مع البنك الدولي في ما يتعلق بالمشاريع المقدمة لدعم لبنان، وذلك بالتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، لا سيما لناحية إقرار الإصلاحات المطلوبة وتنفيذها ومتابعة مسار كل المشاريع القائمة والمرتقبة بين البنك الدولي ولبنان.

خليل أعطى الإذن بملاحقة القزي

وفي إطار عملية مكافحة الفساد، وإذ يستمرّ وزير الاتصالات محمد شقير برفض إعطاء الإذن للقضاء لملاحقة مدير عام هيئة أوجيرو عماد كريدية، خطا وزير المال علي حسن خليل خطوة نوعية بهذا الاتجاه، عبر إعطائه الإذن للقاضية غادة عون لملاحقة عضو المجلس الأعلى للجمارك غراسيا القزي بعد طرح قضية شبهات مالية تطالها في برنامج «هوا الحرية» الذي يعرض عبر الـ LBCI.

وفي السياق، تحدثت مصادر إعلامية عن ملفات فساد عدة وهدر وإخفاء مستندات في إدارات الجمارك لا سيما في مرفأ بيروت وتورّط مدير عام الجمارك بدري ضاهر .

وتقدّم نائبا القوات جورج عقيص وماجد إدي أبي اللمع بإخبار لدى النيابة العامة التمييزية في بيروت وتناولا ما يجري التداول به عبر وسائل الإعلام من فساد وهدر للمال العام في المديرية العامة للجمارك.

بدوره، أكد ضاهر في حديث لقناة الـ أل بي سي، أنّ «الجمارك تقوم بعمل كلّ شيء على راس السطح »، متسائلاً «لماذا لم تقم « القوات اللبنانية » بتقديم إخبارها قبل الآن؟».

وتساءل ضاهر «لماذا لم تقم «القوات» بشمل غراسيا القزي في شكواها؟»، مشدّداً على أنّ «المخالفات المذكورة في إخبار «القوات» هي إدارية وهناك وزير مسؤول عن محاسبتي»، مشيراً إلى «أنني لن أنتظر أن يرفع الوزير الوصي الحصانة عني وها أنا أرفعها عن نفسي ولتتمّ محاسبتي إذا ثبت تورّطي».