خبر

موسكو ترسل طائرات حربية ومئات الخبراء إلى فنزويلا… وترامب يتعهّد بإخراجهم

موسكو ترسل طائرات حربية ومئات الخبراء إلى فنزويلا… وترامب يتعهّد بإخراجهم
غارات «إسرائيلية» ليلية شمال حلب… والدفاعات الجوية تسقط عدداً من الصواريخ
حملة قواتية عنيفة على رئيس الجمهورية… تبدأ بالكهرباء وتطال زيارة موسكو

كتب المحرر السياسي – البناء

سجلت روسيا خطوة نوعية مفاجئة للأميركيين في ترجمة تعاونها مع حكومة الرئيس نيكولاس مادورو في فنزويلا بالإعلان عن وصول طائرات حربية روسية ومئات الخبراء الروس إلى العاصمة الفنزويلية كاراكاس ضمن إطار ما وصفته موسكو بتطبيق بنود تفاهمات تقليدية بالتعاون العسكري بين الدولتين، وفيما شنّت واشنطن حملة متعدّدة المصادر على الموقف الروسي شارك فيها وزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي جون بولتون، غرّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب متعهّداً بإخراج الروس من فنزويلا مهما كان الثمن، وردّت الناطقة بلسان الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا على ترامب داعية إلى الإنسحاب الأميركي من سورية قبل التحدث عن التعاون القانوني بين روسيا وفنزويلا.

التوتر في العلاقات الدولية، الذي عبّرت عنه الأوضاع في فنزويلا والتعامل معها، شهد فصلاً آخر في جلسات مجلس الأمن الدولي المخصّصة لبحث الوضع في الجولان، حيث لم يقتصر الأمر على موقف الدولة السورية وتنديدها بالخطوة الأميركية المعاكسة للقانون الدولي والقرارات الأممية، بل سجلت الجلسة مواقف أوروبية عالية السقوف في تناول الاعتراف الأميركي بالسيادة «الإسرائيلية» على الجولان السوري المحتلّ، مؤكدة بطلان القرار الأميركي وفقدانه لأيّ قيمة قانونية، وليلاً كانت الطائرات «الإسرائيلية» تشنّ أولى الغارات الجوية على مواقع في سورية بعد توقف لأكثر من شهر، تخللته زيارة لرئيس حكومة الإحتلال بنيامين نتنياهو إلى موسكو، لم تنجح في بناء تفاهم حول كيفية التعامل مع ما تصفه تل أبيب بالتنامي في الحضور والنفوذ الإيراني في سورية، وتأتي الغارات على خلفية القرار الأميركي حول الجولان من جهة، والتصعيد المفتوح على جبهة غزة في ظلّ عجز «إسرائيلي» عن الذهاب إلى الحرب من جهة أخرى، وهو ما وصفته مصادر متابعة بالسعي «الإسرائيلي» لتسخين الأوضاع لما دون درجة الانفجار، حتى موعد الانتخابات بعد أسبوعين، بحيث لا تدخل حكومة نتنياهو في أيّ تهدئة تتسبّب بخسارة الإنتخابات ولا تذهب إلى تصعيد يورّطها في مواجهة لا تملك القدرة على الخروج منها إلا بالخسائر، ورجحت المصادر أن تكون الطائرات «الإسرائيلية» قد استخدمت المسارات الجوية المتاحة للطائرات الأميركية ضمن عمليات التنسيق الأميركية الروسية، بينما قالت مصادر في الشمال السوري إنّ الطائرات أطلقت صواريخها من فوق مدينة إدلب بعدما دخلت الأجواء السورية حيث تسيطر تركيا والجماعات المسلحة من فوق البحر.

المصادر العسكرية السورية تحدّثت عن إسقاط الدفاعات الجوية السورية لعدد من الصواريخ، وعن اقتصار الأضرار على الماديات، بينما قالت مصادر الجماعات المسلحة إنّ القصف استهدف مستودعات للسلاح قرب مطار حلب والمنطقة الصناعية.

لبنانياً، مع تأجيل اجتماع الحكومة والجلسة النيابية المخصّصة للأسئلة والاستجوابات النيابية للحكومة، بسبب الوضع الصحي لرئيس الحكومة سعد الحريري الذي خضع لعلمية جراحية في القلب ويمضي فترة نقاهة بعد العملية، اندلع الاشتباك السياسي الكبير بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، من بوابة ملف الكهرباء، الذي بدا مجرد ذريعة لفتح النار الذي سرعان ما تخطى التيار الوطني الحر وملف الكهرباء ليطال رئيس الجمهورية وزيارته إلى روسيا والتفاهمات التي صدرت فيها مواقف مشتركة روسية لبنانية، حول ملف النازحين، والإعلان الأميركي عن ضمّ الجولان لـ «السيادة الإسرائيلية»، وتأكيد نوايا التعاون في مجالات النفط والطاقة والسياحة والثقافة، والإهتمام المشترك بالوجود المسيحي في الشرق، وهو ما وصفته المصادر القواتية بنقل لبنان من المحور الغربي التقليدي إلى المحور الشرقي، وما يتخطى صلاحيات رئيس الجمهورية، واصفة دخول رئيس الحزب القوات سمير جعجع على خط ملف الكهرباء بالرسالة السياسية الموجهة إلى رئيس الجمهورية حول عدم الرضا الأميركي والغربي عن ما صدر من مواقف في موسكو.

سجال كهربائي على خط التيار – القوات

تتزاحم الأحداث والاستحقاقات المحلية بالتوازي مع التصعيد الاقليمي المتمثل بإعلان الرئيس الأميركي تأييد ضم الجولان السوري للكيان الاسرائيلي وما سيترتب عليه من تداعيات خطيرة على الحقوق اللبنانية لا سيما مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من قرية الغجر.

ففي حين بقي ملف النازحين السوريين في صدارة الاهتمام الرسمي بعد الزيارة الهامة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى روسيا ولقائه الرئيس الروسي فلادمير بوتين وسط ترقب لنتائجها على الصعد كافة، عاد الخلاف السياسي على ملف الكهرباء الى الواجهة، حيث سُجّل توتر كهربائي على خط التيار الوطني الحر – القوات اللبنانية، ما يُعرّض مجلس الوزراء المجمّدة جلساته مؤقتاً بسبب الوضع الصحي للرئيس سعد الحريري الى الانقسام حول خطة وزارة الطاقة والمياه الكهربائية، فيما علمت «البناء» أنّ خطة الكهرباء تواجه عراقيل ومحلّ رفض من عدة قوى سياسية وعلى رأسها القوات مقابل تأييد من فريق رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر وتيار المستقبل.

وفيما عبّر رئيس القوات سمير جعجع عن رفضه للخطة، ردّ عضو تكتل «لبنان القوي» النائب إدي معلوف على جعجع وكتب على «تويتر»: «لا بالطب، ولا بالخيارات الإستراتيجية صاب، بالعدّ ما بتفهم عليه، بملف النازحين حدّث ولا حرج، وجاي ينظّر بالكهرباء»! فردّ نائب القوات جوزف اسحق بالقول عبر «تويتر» «من الـ2010 ونحنا ناطرين نظرياتكن والكهربا من سيّئ لأسوأ، والهدر بالكهربا يُشكّل 40 بالمئة من عجز الموازنة، هودي حساباتكن . نحنا حساباتنا شفافة ومنطقية، وحلنا انو ما نزيد الإنتاج قبل ما نوقف الهدر التقني وغير التقني حتى لا نخسر زيادة».

بدورها، ردّت وزيرة الطاقة ندى بستاني على جعجع عبر «تويتر»، وقالت: «تتوالى الهجمات الهدّامة على خطّة الكهرباء من قبل بعض الأفرقاء بغية التشويش وتكوين فكرة سلبيّة ومغالطة لدى الرأي العام. ليتهم يحصرون تعليقاتهم واستفساراتهم ضمن اللجنة الوزارية المختصة بدل ادّعاء بطولات وهميّة أمام الاعلام. تبقى يدنا ممدودة للتعاون البنّاء لحلّ يفرح كلّ اللبنانيين».

أزمة كهرباء جديدة؟

ووسط هذا السجال الكهربائي ومع التجميد المؤقت لعمل مجلسي الوزراء والنواب بسبب غياب رئيس الحكومة الموجود حالياً في باريس لفترة راحة تستمرّ أياماً عدة، يبدو أنّ البلاد أمام أزمة كهرباء جديدة بعد توقف معمل دير عمار أمس عن إنتاج الطاقة الكهربائية بسبب نفاذ الغاز أويل، كما توقف معمل الزهراني تدريجياً، علماً أنّ الاعتمادات وقعت منذ أيام في وزارة المال وصرفت أمس من مصرف لبنان، والأحوال الجوية قد لا تساعد في إفراغ حمولة السفن في اليومين المقبلين.

وبعد رفض بعض القوى السياسية المساعدة الإيرانية في الكهرباء، أعلن وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، عزم روسيا تعزيز تعاونها الاقتصادي والتجاري مع لبنان، بما في ذلك توريد الغاز الطبيعي المسال إلى هذا البلد. وأشار إلى أنّ الشركات الروسية على استعداد لتوريد الغاز الطبيعي المسال إلى لبنان، والعمل على استكشاف الهيدروكربونات في الساحل اللبناني.

الموازنة في عين التينة

الى ذلك، استحوذ ملف الموازنة على اهتمامات عين التينة، حيث نقل نواب عن رئيس مجلس النواب نبيه بري قوله خلال لقاء الاربعاء «على الحكومة إحالة الموازنة في أسرع وقت والوضع الاقتصادي يستدعي مجموعة إجراءات قد لا تكون شعبية لكنها لن تطال الطبقات الفقيرة.

وأعلن عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي بزي، بعد اللقاء «انّ الرئيس بري اكد أنّ العرب وصلوا الى انحطاط كبير، والحلّ في المنطقة هو في المقاومة والمقاومة فقط». ولفت الى انّ «النواب أثاروا مع الرئيس بري الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وتمّ الاتفاق على ضرورة ان يكون هناك توافق وطني حول الإجراءات الواجب اتخاذها»، وقال: «الرئيس بري يعتبر انه يجب ألا يشعر أيّ إنسان بحالة اليأس، وهناك خطط لمعالجة المواضيع الاقتصادية».

وحملت مصادر نيابية الحكومة مسؤولية التأخير بإقرار الموازنة، داعية إياها للإسراع بإعداد مشروع الموازنة ودرسها واقرارها وارسالها الى المجلس النيابي، حرصاً على الانتظام المالي، وأوضحت المصادر لـ «البناء» أنّ «المجلس النيابي مستعدّ للبدء بمناقشة الموازنة والتصديق عليها فور وصولها الى المجلس لكن الكرة في ملعب الحكومة، مضيفة أنّ المجلس النيابي يستطيع وفق صلاحايته تخفيض أرقام الموازنة وتقليص الإنفاق لكنه لا يستطيع زيادتها، ولفتت الى أنّ «خفض العجز الى 1 في المئة من الناتج المحلي لا يكفي بل يجب خفضه أكثر»، واعتبرت أنّ «إجراء وزير المال علي حسن خليل تجميد صرف النفقات صحيح ولو أنه غير قانوني مئة في المئة لكنه يصبّ في إطار الحفاظ على المالية العامة ووسيلة ضغط على الحكومة باتجاه إقرار الموازنة، إذ أنّ الوزارات وإدارات الدولة سيبادرون الى عقد نفقات لم يتأمّن تمويلها لغياب الموازنة».

ولن يعقد مجلس الوزراء جلسة هذا الأسبوع ما يعني بحسب المصادر تأخير البت بخطة الكهرباء إذ أنّ جلسة لجنة الكهرباء تأجلت أيضاً وبالتالي ملف الموازنة وبند التعيينات، فضلاً عن إرجاء جلسة الأسئلة والأجوبة النيابية للحكومة ولجم الاندفاعة السياسية والوطنية لمكافحة الفاسد بسلاح الفتنة المذهبية، ما يعني عملياً دخول الحكومة في فترة تصريف أعمال مؤقت وبالتالي تجميد عمل الدولة، ما يطرح علامات استفهام عدة حول وجود ضغوط وتدخلات خارجية بمسار عمل الدولة بحسب مصادر عليمة. وإلا ما الذي يمنع إنجاز هذه الملفات على طاولة مجلس الوزراء طالما أعلنت جميع مكونات الحكومة عزمها على معالجة مشكلات البلد والعمل بالحكومة بروح التعاون وللمصلحة الوطنية؟

تحول استراتيجي في السياسة الخارجية!

الى ذلك شكلت زيارة الرئيس عون الى روسيا نقطة تحوّل في السياسة الخارجية للبنان الذي عُرف خلال العقود الأخيرة بأنه موقع شبه متقدّم للغرب في الشرق، وقد لا يكون لبنان انتقل الى المحور الشرقي بحسب ما تقول مصادر مطلعة لـ «البناء»، لكنه بقرار حاسم وحازم من رئيس الدولة طرق باب جديد تموضع خلال بموقع وسطي بين الشرق والغرب وهذا ما لم يحصل منذ الاستقلال، ووصفت المصادر الزيارة بالتحوّل التاريخي والاستراتيجي إذا ما استتبِعت بتنفيذ ما اتفق عليه بين الرئيسين عون وبوتين خلال المحادثات، من العلاقات الاقتصادية وقدوم الشركات الروسية للتنقيب عن النفط والغاز في المياه الاقليمية الى شركات الاستثمار والدعم الروسي بمسألة النازحين الى التعاون السياسي عبر عقد مؤتمر برلماني في لبنان يضمن سورية وروسيا وإيران والأردن وتركيا وأوروبا لحلّ أزمة النزوح.

وأوضحت المصادر في هذا السياق، «أننا قد لا نشهد خطوات نوعية بملف النازحين لكن الزيارة تساهم الى حدّ كبير في دعم مبادرة المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم لإعادة النازحين».

أما عن ردة الفعل الأميركية على لبنان على الخطوة الرئاسية فأكدت المصادر أنّ «الولايات المتحدة سخرت كلّ إمكاناتها للضغط على لبنان ولم تنجح ولبنان بدأ يخرج من هاجس الخوف الأميركي وقد جاء حدثان باتجاه الخروج من فلك الارادة الأميركية: الاول فشل زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الى لبنان، والثانية زيارة عون الى روسيا، مستبعدة تأثير الضغوط المالية على لبنان، إذ أن أميركا تدرك بأنّ مزيداً من الضغط على لبنان يعني انتقاله أكثر الى المحور الشرقي».

وفي وقت تُغلف بعض القوى المحلية لا سيما القوات اللبنانية وتيار المستقبل عرقلتها لعودة النازحين باتهام الدولة السورية برفض عودة مواطنيها المهجرين من الحرب، أكد السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم أنّ «هناك تسهيلاً بكلّ معنى التسهيل لعودة النازح السوري الى بلاده من الجانب السوري»، مشيراً الى أنّ «الذين عليهم ملفات أمنية في لبنان أعدادهم ليست كبيرة». وفي حديث تلفزيوني أوضح علي عبد الكريم أنّ «دعم اللاجئ في سورية يكون عشرة أضعاف كقيمة ومردود على الأرض من الدعم في بلاد اللجوء»، معتبراً أنّ «كرامة السوريين تتأمّن بدعمهم وبالدفع لهم من داخل سورية»، مشيراً الى انّ «الخمسين دولار في سورية هي أكبر من الف دولار يتقاضاها النازح في لبنان». وأشار الى انّ «نسبة كبيرة من الذين كانوا محكومين بالخدمة الإحتياطية تمّ اعفاؤهم ومن ثم عادوا بأعداد قليلة»، مشيراً الى انّ «السوري عند عودته يعطى فترة داخل البلاد فلا يقتاد مباشرة من الحدود الى الخدمة».

بدوره، دعا وزير الخارجية جبران باسيل من العاصمة التشيكية البرلمانات الأوروبية «للتحرك أكثر مما تقوم به الحكومات ولا سيما لشرح مخاطر الإستمرار في تمويل النازحين في البلدان المقيمين فيها»، مشيراً إلى أنّ «كلفة عودتهم إلى بلادهم هي أقلّ بكثير مما ينفقه الأوروبيون لإدارة النزوح ».