خبر

قرار ترامب يوتِّر المنطقة… وعون وبوتين لتســريع عودة النازحين

صحيفة الجمهورية

 

 

بعد قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب الاعتراف بالسيادة الاسرائيلية على الجولان السوري المحتل، يسود توتر شديد وقلق كبير من تداعيات هذا القرار على الأمن والسلام في المنطقة، بفعل موجة الغضب العارمة الدولية والعربية. وفي وقت تحدّث وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو عن خوض الولايات المتحدة الاميركية محادثات مع دول الخليج وتركيا وكندا حول القرار الاميركي، دعا الرئيس الايراني حسن روحاني الى تعاون إقليمي ضده. فيما اعتبر الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله انّ أبسط ردّ سياسي على ترامب هو أن تسحب القمة العربية المقررة في تونس المبادرة العربية للسلام من طاولة البحث، مؤكداً أنّ الخيار الوحيد أمام السوريين واللبنانيين والفلسطينيين لاستعادة أرضهم وحقوقهم هو المقاومة. وتكثر التساؤلات في لبنان عن طبيعة المرحلة المقبلة، خصوصاً انّ ترددات مواقف بومبيو ورسائله اللبنانية والايرانية لا تزال مستمرة، وذلك بالتزامن مع إعلان إعلام اسرائيل أنّ رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو ركّز خلال محادثاته في واشنطن على قضية انسحاب ايران من سوريا، وكذلك مع ارتفاع وتيرة التصعيد الاميركي – الاسرائيلي ضد ايران المصحوب بعقوبات اميركية جديدة عليها، وبعد الهدنة الهشّة في غزة، وتأكيد اسرائيل استعدادها لتوسيع العمليات العسكرية فيها، وتوعّدها حركة «حماس» بدخول القطاع برياً.
توزّع الاهتمام الداخلي أمس بين بيروت وموسكو، ففي بيروت تم تأجيل جلسة الاسئلة والاجوبة النيابية التي كانت مقررة اليوم الى بعد غد الجمعة، فيما لم تجتمع اللجنة الوزارية الفرعية المكلفة درس خطة الكهرباء في السراي الحكومي كما كان مقرّراً امس، وسط توقعات بأن ينسحب التأجيل ايضاً على جلسة مجلس الوزراء في انتظار عودة رئيس الحكومة سعد الحريري من نقاهته في باريس بعد خضوعه لعملية قسطرة في القلب تكللت بالنجاح، وقد اتصل به مطمئناً كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز.

عون ـ بوتين

امّا في موسكو، فكانت قمة لبنانية ـ روسية انعقدت في الكرملين حيث التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عون لتنعقد قمة ثنائية بينهما دامت نصف ساعة، قبل ان تنعقد جلسة محادثات موسعة بين الجانبين اللبناني والروسي.

وأكد بوتين خلالها «انّ لبنان بلد شريك تاريخي وتقليدي قديم». وقال: «نحن نقيم علاقات مع كافة ممثلي دولتكم، وكافة القوى السياسية والفئات الدينية». ورأى في قرار ترامب الاعتراف بسيادة الاحتلال الاسرائيلي على الجولان «خرقاً للقوانين الدولية»، وقال: «لا بد من انتظار ردود الفعل الدولية على هذه الخطوة، وموقف روسيا معروف ولا يتغير».

امّا عون فاعتبر انّ قرار ترامب «يتعارض مع كل قوانين ومبادىء الامم المتحدة منذ تأسيسها حتى اليوم». وشكر لبوتين «دفاعه الدائم» عن الاقليات المسيحية في الشرق، وتحدث عن واقع النازحين السوريين في لبنان، وما سبّبه من تداعيات على القطاعات كافة، لافتاً الى الكثافة السكانية التي ارتفعت نسبتها نتيجة انتشار النازحين، وقال: «انّ لبنان لم يعد قادراً على التحمل نتيجة اوضاعه الاقتصادية الصعبة».

وشدد على انه «لا يمكن انتظار الحل السياسي لتحقيق عودة النازحين»، مُستذكراً القضية الفلسطينية التي لا تزال بلا حل منذ 71 عاماً ولا يزال الفلسطينيون ينتظرون العودة الى اراضيهم. وقال: «اننا نعلّق أهمية كبرى على دوركم للمساعدة في تأمين عودة النازحين».

بيان مشترك

وفيما عاد عون الى بيروت في نهاية قمته وبوتين، أفاد بيان مشترك صدر عنهما مساء في موسكو، انّ الرئيسين أكدا العزم على «تكثيف الحوار السياسي بين روسيا ولبنان، بما في ذلك على المستوى البرلماني، وتعزيز وتوسيع العلاقات الثنائية في التجارة والاقتصاد والاستثمار والطاقة والثقافة والمضمار الانساني والتربية والرياضة والسياحة وغيرها من مجالات التعاون».

وأعربا عن اقتناعهما «أن لا بديل عن الحل السلمي للقضية السورية»، مشددين على «ضرورة حل هذا النزاع من خلال الوسائل السياسية والدبلوماسية، استناداً الى قرار مجلس الأمن رقم 2254، ومقررات مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي».

كذلك أكد البيان أنّ عون وبوتين «يدعمان بقوّة الجهود التي تضطلع بها سلطات الجمهورية العربية السورية وحلفاؤها لمحاربة الارهاب المتمثّل بتنظيم «داعش» و«جبهة النصرة» والمجموعات المتفرعة عنهما».

وأعربا «عن تأييدهما الجهود الرامية الى تطبيق مبادرة روسيا لتأمين عودة اللاجئين السوريين والمهجّرين داخلياً»، معتبرَين «أن حلّ هذه المشكلة يعتمد مباشرة على تهيئة الظروف المؤاتية في سوريا، بما في ذلك الظروف الاجتماعية والاقتصادية، من خلال اعادة الاعمار ما بعد النزاع».

كذلك طلبا من المجتمع الدولي والامم المتحدة والمنظمات الانسانية تأمين كل المساعدة الممكنة لهذه العملية.

وفي مجال آخر، دعا عون بوتين «الى إيجاد حلّ عادل للمسألة النووية الايرانية، مع الأخذ في الاعتبار حق الجمهورية الاسلامية الايرانية المشروع بالاستعمال السلمي للطاقة الذرية وفقاً لمعاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية».

تسريع عودة النازحين

وكانت مصادر الوفد اللبناني الى موسكو كشفت لـ«الجمهورية» أنّ القمة بين عون وبوتين أرسَت اتفاقاً لتفعيل العمل الثلاثي لتسريع عودة النازحين السوريين في إطار المبادرة الروسية التي وفّرت الغطاء السياسي للعودة، وتضمّن الاتفاق تحقيق إجراءات ملموسة برز منها امس، في وضوح وتنسيق، التعميم الصادر عن وزارة الداخلية السورية، وستصدر قرارات أُخرى تباعاً بما يشكّل إجراء ملموساً للعودة.

وكانت وزارة الداخلية السورية أصدرت أمس تعميماً دعت فيه قادة الوحدات ورؤساء المراكز الحدودية إلى حسن استقبال المواطنين الذين غادروا سوريا عبر منافذ غير رسمية.

دريان الى موسكو

من جهة ثانية علمت «الجمهورية» انّ مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان سيسافر الى موسكو في الساعات المقبلة على رأس وفد من دار الفتوى، تلبية لدعوة رسمية يلتقي خلالها عدداً من القيادات الروسية ورجال دين ومدنيين.

نصرالله

في هذا الوقت، وصف الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله الاعتراف الأميركي بالسيادة الاسرائيلية على الجولان بأنه «حدث مفصلي في تاريخ النزاع العربي الإسرائيلي، وهو يوجّه ضربة قاضية لِما يسمّى عملية السلام»، معتبراً «أنّ صمت العالم العربي على مصادرة ترامب للقدس جعله يتجرّأ على موقفه بشأن الجولان المحتل».

ولم يستبعد نصرالله أن يعترف ترامب بالسيادة «الاسرائيلية» على الضفة الغربية بعد قراره في شأن الجولان المحتل، ورأى انّ أبسط رد سياسي على ترامب ينبغي ان يكون سحب القمة العربية في تونس المبادرة العربية للسلام من طاولة البحث، مؤكداً «أنّ الخيار الوحيد أمام السوريين واللبنانيين والفلسطينيين لاستعادة أرضهم وحقوقهم هو المقاومة».

وعن زيارة بومبيو للبنان، قال نصرالله: «يسعدنا أن تكون ادارة ترامب غاضبة منّا الى هذا الحد، فهي الشيطان الاكبر في ثقافتنا». واعتبر «أنّ الهدف الحقيقي من هذه الزيارة هو تحريض اللبنانيين على بعضهم البعض»، مشيراً الى «أنّ عين الولايات المتحدة في لبنان هي على الحرب الأهلية».

وقال انّ مشكلة بومبيو مع «حزب الله» أنه كان جزءًا من الذين قاتلوا في سوريا وأسقطوا المشروع الأميركي، وكان عقبة في وجه «صفقة القرن».

وأكد «أنّ الولايات المتحدة لا يهمّها مصلحة لبنان ولا مصلحة فريق معيّن، بل همها الوحيد هو اسرائيل»، مشدداً على «أنّ الرهان على الأميركي هو رهان خاسر».

وقال: «يجب أن لا نسمح لشياطين كبيرة وصغيرة أن تحدث فتنة داخلية، ونحن أشد اقتناعاً في خياراتنا وأشد التزاماً بسلمنا الأهلي وعيشنا المشترك ودعمنا لمؤسسات الدولة والجيش».

«المستقبل»

واعتبرت كتلة «المستقبل»، في اجتماعها الاسبوعي، انّ زيارة بومبيو حملت رسالة مزدوجة حول الضغط الاميركي المتصاعد على ايران وحول نية الولايات المتحدة مواصلة دعم مؤسسات الدولة اللبنانية، وفي طليعتها الجيش وقوى الأمن الداخلي.

ورأت «انّ السبيل الوحيد لحماية لبنان من تداعيات النزاع الإقليمي هو تقديم المصلحة الوطنية على كل ما عداها، والتزام الجميع النأي بالنفس الذي اعتمدته الحكومة في بيانها الوزاري، وفي التطبيق الكامل للقرار 1701».

وأملت في «أن تولي الحكومة الاميركية الأهمية القصوى لاستقرار لبنان واقتصاده وقطاعه المصرفي في أي خطوات قد تقررها لاحقاً».