خبر

الحريري «يحرتق» على زيارة عون لموسكو

فراس الشوفي – الأخبار

 

يحاول الرئيس سعد الحريري التسابق مع الرئيس ميشال عون في العلاقة الاستراتيجية المحتملة مع موسكو. رغم العلاقة المتينة بين رئيس الحكومة والقيادة الروسية، إلا أن اقتراب عون من خيارات روسيا الكبرى يبدو واعداً في المستقبل

على عجل، حضر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الى بيروت، مستبقاً زيارة الرئيس ميشال عون إلى موسكو. ومع أن الضيف الأميركي الثقيل لم يطرح خلال لقائه عون اعتراضاً أميركياً واضحاً على الزيارة التاريخية لرئيس الجمهورية إلى روسيا، ولقائه الرئيس فلاديمير بوتين، إلّا أن كل الأجواء التي بثّها «جماعة الأميركيين» في بيروت، توحي بامتعاض أميركي من تطوّر منتظرٍ للعلاقة اللبنانية – الروسية، على ضوء قمة الرئيسَين.
وبين «جماعة الأميركيين» و«جماعة» الرئيس سعد الحريري، لا شيء سوى بثّ أجواء التهويل من انعكاسات أي تفاهم استراتيجي مع موسكو على العلاقة مع واشنطن، ومحاولة التقليل من أهميّة الزيارة في الإعلام. ولا يقف الأمر عند هذا الحدّ، إذ علمت «الأخبار» أن الحريري أبلغ الجانب الروسي، الأسبوع الماضي، رغبته بزيارة موسكو ولقاء بوتين. وفي احتفال تكريم جورج شعبان، مستشار رئيس الحكومة للشؤون الروسية قبل أيام، بدا الحريري كمن يسابق عون والوزير جبران باسيل في العلاقة مع موسكو، محاولاً الإيحاء بأن موقع رئيس الحكومة هو المرجع الصالح لإجراء تفاهم استراتيجي من هذا النوع، مع أن كل «الود» الحريري تجاه روسيا في السنوات الأخيرة بقي كلاماً في الهواء.
فحين كان الرئيس فؤاد السنيورة رئيساً للحكومة، عطّل الحريري ووزير الدفاع السابق الياس المرّ هبة الأسلحة الروسية الأولى، ومنع الجيش اللبناني من الحصول على كم كبير من السلاح الذي يحتاج له إرضاءً للأميركيين. ولاحقاً، جُمّدت اتفاقية التعاون العسكري التقني لسنوات، قبل أن يقرّها المجلس النيابي قبل عامين. والعام الماضي، منع الحريري إدراج اتفاقية التعاون العسكري مع روسيا على جدول أعمال الحكومة أكثر من مرّة، آخرها في الجلستين الأخيرتين للحكومة السابقة، بعدما أنهى الجيش تجهيز الاتفاقية مع الجانب الروسي. وليس بعيداً من الخضوع للضغوط الأميركية، حين تذرّع الجيش بعدم استخدام السلاح الروسي لرفض الهبة الروسية (ذخائر) قبل أشهر، عمّم فريق الحريري بأن الهبة ستحوّل لصالح قوى الأمن الداخلي. لكن، حتى الآن، لم تصل إلى موسكو أي رسالة رسمية لبنانية تطلب من الجانب الروسي تحويل الهبة، مع أن قرار قوى الأمن ووزارة الداخلية في عهدة الحريري.

جديد الحريري، بحسب معلومات «الأخبار»، هو محاولة إقناع الجانب الروسي بأن عون وباسيل لن يستطيعا المضي قدماً في توقيع اتفاقية التعاون العسكري (اتفاقية رمزية على المستوى التنفيذي، لكنها تعني كثيراً للجيش الروسي ووزارة الدفاع الروسية للتعاون الخارجي مع جيوش المنطقة)، وأن رئيس الحكومة هو الجهة الصالحة لهذه المهمّة، مع محاولة الأخير ربط الأمر بموافقة الجانب الروسي على القرض الذي طُرح سابقاً بقيمة مليار دولار لشراء أسلحة من روسيا، حتى قبل تحديد أنواع الأسلحة، وتحديث لائحة المطالب السابقة.
في المقابل، تبدو زيارة عون واعدة، مع وضع اللمسات النهائية على الطروحات التي يفترض أن يناقشها الطرفان على مستوى القمّة. وإلى جانب الملفات المصيرية اللبنانية والمبادرة الروسية للنازحين، فإن مسألة التبادل التجاري وفتح الاعتمادات المتبادلة للشركات اللبنانية والروسية في البلدين، بالليرة اللبنانية والروبل الروسي تبدو على قدر من الأهمية بالنسبة إلى الجانبَين مع ارتفاع حركة التجار ورجال الأعمال في البلدين المهتمين بالاستثمارات المتبادلة. كذلك الأمر بالنسبة إلى التبادل الثقافي والعلمي. الجانب اللبناني طلب من روسيا رفع عدد المنح التعليمية الجامعية الممنوحة للبنانيين، في مقابل التعاون بين الجامعات وتنشيط السياحة الدينية الروسية إلى لبنان، ومعالجة أزمة تأشيرات الدخول من قبل الجانب الروسي.
وعلى أهمية التعاون في ملفات النفط والغاز، ينتظر الجانب الروسي تعاوناً أكبر في هذا القطاع، لا سيّما في المرحلة الثانية المنتظرة من التلزيمات النفطية التي ستشارك فيها الشركات الروسية. لكن تبقى التفاهمات المشتركة بين المصرفين المركزيين في البلدين والتفاهمات المالية، بالإضافة إلى اتفاقية التعاون العسكري، العنوان الأبرز للاهتمام الروسي بتطوير العلاقة مع لبنان من خلال رئيس الجمهورية. ويتوقّع أن يزور وزير الدفاع الياس بو صعب موسكو في تموز المقبل للمشاركة في فعالية «الجيش الروسي 2019» السنوية، فيما يجري الحديث عن نيّة رئيس أركان الجيش الروسي دعوة قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون لزيارة موسكو في المرحلة المقبلة.