خبر

لهذه الأسباب «أُجبِرَ» باســيل على البقاء في الحكومة!

ملاك عقيل-جريدة الجمهورية

حين قال «إنها أول مرة»، لم تكن فعلياً المرة الاولى التي يكشف فيها وزير الخارجية جبران باسيل أنه «لم يكن يجب أن يكون وزيراً في الحكومة الحالية»، مؤكداً أنه «أُرغم على ذلك من أجل «التيار» والرئيس والبلد». في المؤتمر الصحافي الذي عقده بُعَيد تشكيل الحكومة المح الى أنّ دوره «الوزاري» كان يجب أن ينتهي مع حكومة الرئيس سعد الحريري السابقة.
«الرجل الذي لا ينام» لا «ينيّم» خصومه أيضاً وراصديه. في كل ما يفعله يثير دوماً موجات من الجدل لا تنتهي. في السياسة، وإعلامياً، لم تُفهَم الأسباب التي قادت باسيل الى الظهور في حلقة خاصة على شاشة «ال. بي. سي» قبل أيام، تحت عنوان «مع جبران»، ليعيد تكرار نفسه في كثير من المواقف. «الرجل الذي لا يسكُت» أصلاً لم يقل أي جديد. القطبة المخفية كَمنت في توقيت هذا الظهور الاعلامي.

«كادر» الطلة التلفزيونية لا يمكن ربطه بأيّ استحقاق داهم، فيما المح كثيرون الى أن الظهور «الخاص» لجبران، من خارج السياق العام للأحداث، مرتبط بربح «المؤسسة اللبنانية للارسال» الدعوى التي أقامتها «القوات اللبنانية» ضدها في شأن ملكية المحطة وإبطال التعقّبات في التهم المنسوبة الى رئيس مجلس إدارتها بيار الضاهر.

الخبثاء وصلوا الى حدّ الايحاء بتقصّد باسيل القول «هذه محطتي، ومنها سأدشّن معركتي الرئاسية»، بعد قطع الخيط الأخير الذي ربط خلال سنوات النزاع الطويلة بين رئيس حزب «القوات» سمير جعجع والمحطة.

«مع جبران» سبقها «Ask Gebran» في حوار مع طلاب الجامعة اليسوعية، على طريقة مرشحي رئاسة الجمهورية الاميركية بأسلوب التخاطب وحركات الجسد. إسم الرجل بات «تراند» في حد ذاته. «صناعة» عونية «إعلانية» تسويقية خالصة ينفرد بها وزير الخارجية لا تعكس سوى الاصرار على «تلميع» الصورة من أجل دور أكثر تقدماً.

لم يسبقه على هذه «البروباغندا» أي سياسي آخر بعد «اتفاق الطائف». يعينه في ذلك «سوشيل ميديا» تلعب أحياناً كثيرة ضده. والشواهد كثيرة. بالتأكيد باسيل هو أكثر السياسيين على الاطلاق الذي يتعرّض لانتقادات لاذعة لا ترحم من كافة «الجيوش» الالكترونية والحسابات الشخصية، باستثناء فقط محازبي «التيار البرتقالي» ومؤيديه!

بعد ساعات قليلة من ولادة الحكومة، أعلن باسيل بالفم الملآن: «أخيراً وزير الخارجية في انتظار ساعة خروجه من الحكومة ليرتاح ويريحكم، وهكذا يسلّم مشعل الأمانة للوزراء».

لاحقاً كرّر باسيل موقفه، مع توسيع في الشرح، أمام محازبي «التيار» الذين سمعوا مطوّلات في «الديموقراطية التي أصبحت جزءاً من ثقافتنا»، على رغم من تجاوز باسيل أحد أهمّ ركائز هذه الثقافة القائمة على المحاسبة من خلال تطبيق مبدأ الفصل بين النيابة والوزارة الذي كرّر رئيس الجمهورية ميشال عون المطالبة بتطبيقه قبل شهرين من موعد الانتخابات النيابية.

هنا يستفيض قريبون من باسيل في شرح هذا الالتباس قائلين «بإجماع المجلس السياسي طُلِبَ من باسيل الاستمرار في مهماته الوزارية، وقد عاد رئيس «التيار» واستأذن رئيس الجمهورية بعدم الالتزام بتطبيقه في هذه الحكومة، أولاً كون القانون لم يقرّ ولأنّ بقاء باسيل في الحكومة بَدا حاجة ملحة في نظر عون نفسه».

ويضيف هؤلاء «أما الحجّة في أنّ تيار «المستقبل» و«القوات» سبقا «التيار» في تطبيق هذا المبدأ، فالمؤكد أنّ ذلك أتى لمصلحة ضيقة.

الرئيس سعد الحريري من جهته سعى للاستغناء عن الوزير نهاد المشنوق من خلال الالتزام بالفصل، أمّا «القوات» فقد أرادت توسيع دائرة تمدّدها السياسي والعددي من خلال نوابها ووزرائها بعدم الجمع بين الموقعين. أما بقية الأحزاب فلم تُطَبّقه»!

ويقدّم «الباسيليون» مقاربة لـ»التضحيات»، كما يقولون، التي قام بها رئيس «التيار» بالقبول بتوزيره مجدداً «كرمى للتيار والرئيس والبلاد»، على رغم من أنّ متطلبات موقعه الجديد تفرض الخروج من الحكومة: «باسيل اليوم هو رئيس أكبر تكتل نيابي، ورئيس أكبر كتلة مسيحية، وأكبر كتلة وزارية ورئيس حزب.

كان يُفترض أن لا يوزّر في الحكومة لكي يتفرّغ لشؤون «التيار» وإدارة منظومة متكاملة من 30 نائباً و11 وزيراً وحزب بلغ 3 سنوات من العمل التنظيمي، لكن اليوم سيفرض عليه القيام بكل هذه المهمات إضافة الى المهمات السياسية والديبلوماسية والادارية التي تفرضها وزارة الخارجية».

ويضيف هؤلاء: «تماماً كما الرئيس نبيه بري ووليد جنبلاط وسليمان فرنجية وسمير جعجع… بات جبران يملك موقعاً حزبياً متقدماً حتى على هؤلاء، وبالتالي التخلي عن مقعد وزاري والخروج من الحكومة باتا من البديهيات».

هكذا «أرغم» باسيل، كما قال، على البقاء لولاية وزارية إضافية. هذه الجملة تحديداً حصدت تعليقات ساخرة على مواقع التواصل لا تزال «ناشطة» حتى اليوم.

القريبون من باسيل يؤكدون في المقابل «أنه لا يزال حاجة لرئيس الجمهورية على طاولة مجلس الوزراء، خصوصاً حين تعقد الجلسات في السراي الحكومي».

وفي ما يشبه النقد الذاتي، يشيرون الى أنّ «الفريق الوزاري العوني الجديد ليس فيه صقوراً لخوض مواجهات في ملفات معينة، لذلك فوجود باسيل تحديداً في ما يتعلق بملف خطة الكهرباء والنازحين ومكافحة الفساد أكثر من ضروري».

أما في كواليس «التيار» الداخلية، فكلام يقال بلا قفازات «اللعب على وتر خلافات أهل البيت لن يقود الى مكان. جبران باسيل هو الوريث السياسي لميشال عون. لو أراد رئيس الجمهورية غير ذلك لتصرّف بطريقة مغايرة.

اليوم ميراي عون تتسلّم ملفات محددة وهي غير مرشحة لرئاسة «التيار»، خصوصاً في ظل وجود عون في القصر الجمهوري. أماّ النائب شامل روكز فنطاق تحرّكه محدود ضمن عمله النيابي، ومن ضمن فريق عمل تكتل «لبنان القوي»!