يحيى دبوق – الأخبار
لم يكد دونالد ترامب يعلن اعترافه بسيادة إسرائيل على الجولان، حتى سادت الأجواء الاحتفائية في تل أبيب، في ظلّ توقعات بأن تفتح خطوة الرئيس الأميركي الأخيرة الباب على مطالبات يمينية إضافية، لن تكون الضفة الغربية مستثناة منها
الرفض العربي والدولي لقرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل، لم يُلغ احتفاء إسرائيل به والتطلع إلى ما بعده، وإن صنّفته التعليقات العبرية في خانة المؤازرة الانتخابية الأميركية لرئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، قبيل إجراء الانتخابات الشهر المقبل.
إعلان ترامب «إسرائيلية» الجولان السوري، قابله ترحيب إسرائيلي على لسان نتنياهو، وتفاخر وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، بالأمر، أعقبه تصريح جديد صدر عن ترامب، نوّه فيه بـ«الجرأة» في اتخاذ الموقف، خلافاً لرؤساء أميركيين سبقوه امتنعوا عن هذه الخطوة.
نتنياهو الذي تفاجأ بتوقيت الخطوة الأميركية التي كان يتوقعها خلال زيارته لواشنطن الاثنين المقبل، رحّب بها وقال إن الحديث يدور عن «معجزة بوريم» (معجزة خلاص اليهود قديماً بحسب التوراة)، وإن الرئيس ترامب «صنع تاريخاً»، لافتاً إلى أن الأخير اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وانسحب من الاتفاق النووي مع إيران، والآن يعترف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، مضيفاً أن الرسالة من وراء هذا الإعلان، أن واشنطن تقف إلى جانب إسرائيل.
وكان وزير الخارجية الأميركي قد اعتبر، في حديث لافت من القدس المحتلة قبيل توجهه إلى بيروت، أن قرار ترامب الاعتراف بـ«إسرائيلية» الجولان يعني أن المعارك التي خاضها الإسرائيليون في الهضبة (الجولان)، وسقوط المحاربين هناك، لم يذهب سدى، فيما أكد ترامب، من جانبه، في حديث آخر للإعلام الأميركي، أنه فكر ملياً قبل إعلان دعمه الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، وأن زعماء كثيرين في العالم طلبوا منه ألّا يقدم على هذه الخطوة. وفي مقابلة مع قناة «فوكس نيوز»، ادعى أن لا علاقة بين خطوته والانتخابات الوشيكة في إسرائيل، معرباً عن اعتقاده بأنه حتى خصوم نتنياهو يدعمون هذا الاعتراف.
في السياق نفسه، ذكر موقع «ماكلاتشي» الأميركي، نقلاً عن مصدر إسرائيلي رفيع، تأكيده أن إسرائيل فوجئت بالقرار، وأن نتنياهو لم يتبلّغ به إلا قبل إعلانه بفترة وجيزة جداً، وأضاف أنه «كانت هناك تلميحات سابقة، لكننا جميعاً هنا عرفنا بالقرار من خلال تويتر». ونقل الموقع الأميركي ما يشير إلى أن القرار مرتبط بخطوات كانت الولايات المتحدة قد أقدمت عليها أو أعلنتها في الإقليم، وإن كان التوقيت يخدم أجندة نتنياهو الانتخابية. وبحسب مسؤولين في البيت الأبيض (للموقع نفسه)، فإن محرك الخطوة والداعم الرئيس لها هو مستشار الأمن القومي، جون بولتون، الذي بلور إعلان الاعتراف بـ«إسرائيلية» الجولان خلال زيارته الأخيرة لإسرائيل، بوصفها إشارة التزام من واشنطن لأمن الدولة العبرية ومصالحها، بعد قرار سحب القوات الأميركية من سوريا.
صحيفة «هآرتس» تساءلت في تقرير لها، أمس، عن تداعيات خطوة ترامب وتأثيراتها، مشيرة إلى أن خطوة نقل السفارة الأميركية إلى القدس لم تتبعها موجة نقل سفارات من قِبَل دول أخرى، مستنتجة أنه لن يتبع خطوةَ الاعتراف بالجولان أي اعتراف دولي آخر. مع ذلك، أشارت الصحيفة إلى إمكان أن تسبب الخطوة مطالبات لدى اليمين الإسرائيلي بخطوات مماثلة تجاه الضفة الغربية، والتشديد على ضرورة الاعتراف بها جزءاً من إسرائيل، على قاعدة أن التمسك بالأرض وعدم المساومة عليها يؤديان في نهاية المطاف إلى الاعتراف بها أرضاً إسرائيلية، وهي خطوة ـــ بحسب الصحيفة ـــ من شأنها زيادة اليمينية في إسرائيل وتعزيز اتجاهاتها الأكثر تطرفاً.
من جهتها، أشارت صحيفة «إسرائيل اليوم»، بعبارات احتفالية، إلى أنه بعد التوجه للانسحاب الإسرائيلي من الجولان سابقاً، ها هو الجولان يصبح «إسرائيلياً». وقالت إنه «بعد عشرات السنين، وفقط بتداخل مع الاستيطان على الأرض والتأييد الجماهيري والحكمة السياسية، حققت إسرائيل إنجازاً دراماتيكياً. بالفعل، لا يوجد هنا سلام الآن أو ضربة واحدة وانتهينا، بل صبر مرير ثماره حلوة».