خبر

لاءات باسيل توتّر المشهد.. والحريري يتهمه بـ”الإنقلاب”.. و”القوات” “ترفض التهويل”

صحيفة الجمهورية

 

 

على وقع التحضير للمحادثات المُنتظرة الجمعة المقبل مع وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو الآتي الى لبنان ضمن جولة على المنطقة، إضطرب الوضع الحكومي والسياسي بفعل سجال مفاجىء بين رئيس الحكومة سعد الحريري وتيار “المستقبل” من جهة، والوزير جبران باسيل و”التيار الوطني الحر” من جهة ثانية، في الوقت الذي يواصل “حزب الله” معركته لمكافحة الفساد محضّراً لخطوات في شأن ملفات جديدة سيضعها في تصرّف القضاء. وقد اعاد السجال بين الحريري وباسيل البلاد بالذاكرة الى مطلع العام 2011 حيث أُسقطت حكومة الحريري يومها بـ”ضربة” الثلث المعطّل بتدبير باسيل، الذي جمع وزراء “التيار” وحلفائه في الرابية وأعلنوا استقالاتهم.
توقفت الاوساط السياسية في عطلة الاسبوع عند خلفيات اللاءات الثلاث التي كان باسيل اطلقها مساء الخميس بالتزامن مع انعقاد مؤتمر بروكسل للنازحين الذي غاب عنه، حيث قال: “إما عودة النازحين او لا حكومة، او طرد الفساد عن طاولة مجلس الوزراء او لا حكومة، وإما صفر عجز كهرباء أو الحكومة صفر ولا حكومة”.

ورأى بعض هذه الاوساط في هذه اللاءات ما يعكس أزمة صامتة بين الحريري وباسيل، ووجدت فيها “تلويحاً باسيلياً” بإسقاط الحكومة باستقالة “الثلث المعطل”، لكنها تساءلت هل انّ باسيل يملك هذا الثلث ليلوّح به؟ وإذا توافر له، هل انّ حلفاءه يوافقونه خطوة كهذه فيما اداؤهم حالياً يؤكّد تمسّكهم بالحكومة وعلى رأسهم “حزب الله”، الذي يتصدّر معركة مكافحة الفساد؟

وقد تابع باسيل أمس، مسلسل مواقفه ولاءاته خلال المؤتمر العام السنوي لـ”التيار”، فدافع عن نفسه ضد التهمة الموجّهة اليه بأنّه يستعجل الخطى قبل اوانها لخوض معركة انتخابات رئاسة الجمهورية، فقال: “إنّ الحديث عن الرئاسة هو أذى لي وللتيار والرئيس والبلد، وهذا الحديث ممنوع ان يُفتح معي لا من قريب ولا من بعيد، ومن يفتحه يكون يريد الأذى”. وأكّد أن “أهداف التيار في السنة المقبلة هي النازحون والفساد والاقتصاد، واذا كان هناك من يراهن على انّ من الممكن ان نتخلّى ونساوم على البلد والمبادئ من اجل شيء آخر فيكون لا يفهمنا، لأنني أنا من قلت إنّ البلد اكبر من الرئيس، والرئيس في خدمة البلد وليس البلد في خدمة الرئيس، وأنا أعرف انّ التيار لا يحيد عن وضع مصلحة البلد فوق اي مصلحة اخرى”.

طرح تحفيزي
وقالت مصادر بارزة في “التيار الوطني الحر” لـ”الجمهورية”، ان “ليس هناك لدى “التيار” قرار بفتح معركة سياسية مع “المستقبل” ولا نريد أن ننزلق إلى سجال معه، لكن في الوقت نفسه لسنا في وارد أن نتخلّى عن ثوابتنا واقتناعاتنا”.

واشارت إلى “أنّ التلويح باحتمال تغيير الحكومة هو طرح تحفيزي بالدرجة الأولى من أجل تجنّب فشلها”. وأضافت المصادر: “نحن نعرف أنه لم يمض على تشكيل الحكومة سوى فترة قصيرة، إلا أننا وجدنا انّ المؤشرات الأولية المتعلقة بنمط مقاربتها لبعض الملفات ليست مشجعة، ولذا كان لا بدّ من رفع الصوت لتصويب مسارها من دون أن يعني ذلك اننا نريد افتعال أزمة سياسية”.

إنقلاب على البيان
وردّت مصادر قريبة من الحريري على باسيل فقالت لـ”الجمهورية”، انّ رئيس الحكومة “ليست لديه نيّة للتصعيد وهو أصلاً لم يكن مبادراً اليه، خصوصاً انّه حريص على نجاح الحكومة التي يترأسها، لكنه في المقابل لن يسكت على تشويه الحقائق والتجنّي السياسي”. وأشارت الى “انّ كلام باسيل التهويلي مستغرب وبعيد كل البعد من الواقعية”، معتبرة انّه “يندرج في إطار اعتماد الشعبوية وخوض معركة دونكيشوتية ليس إلّا، ومستهجنة استسهاله التلويح بإسقاط الحكومة ما لم تتم الاستجابة لما يطرحه”.

ونبّهت المصادر الى انّ الخفّة في اتخاذ بعض القرارات وعدم تقدير عواقبها قد يؤديان الى سقوط الهيكل على رؤوس الجميع من دون استثناء، وتفتته الى “مئة شقفة”. وتساءلت: “ما المطلوب من الحريري ان يفعله اكثر مما فعل حتى الآن؟ إذا كانوا يريدون التواصل مع النظام السوري لإعادة النازحين، فإنّ هذا التواصل قائم عبر رئيس الجمهورية وبعض الوزراء والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، ثم انّ الحريري كان حريصاً في كلمته امام مؤتمر بروكسل على الالتزام الحرفي، نصاً وروحاً، بما تمّ التوافق عليه في البيان الوزاري حول العودة الآمنة للنازحين، في حين انّ ما صدر عن باسيل هو انقلاب على هذا البيان”.

واستغربت المصادر اعتبار باسيل انّ مؤتمر بروكسل يهدف الى إبقاء النازحين في اماكن وجودهم، وتساءلت: “إذا كانت نيّات المؤتمر خبيثة، فلماذا أوفد وزير الخارجية مندوباً اليه، ولماذا اعترض وزير النازحين صالح الغريب ومن معه على عدم دعوته؟”.

موقف “القوات”
من جهتها، مصادر “القوات اللبنانية” قالت لـ”الجمهورية”: إنّ “الأولوية في هذه المرحلة وكل مرحلة يجب أن تكون للإنتظام المؤسساتي ولا يجب إطلاقاً العودة إلى منطق إستخدام المؤسسات بغية تحقيق غايات وأهداف شخصية، وفي حال لم تتحقق هذه الغايات، الذهاب في اتجاه تعطيل النظام والمؤسسات الدستورية”، مشيرة إلى “أنّ ما شهدناه في مراحل سابقة من فراغ ومحاولة توظيف هذا الفراغ لتحقيق أهداف سياسية أثّر على البلد إقتصادياً وسياسياً وكانت نتائجه كارثية، لذلك لا يجب إطلاقاً العودة إلى هذا المنطق الإبتزازي لإبتزاز المؤسسات وقوى سياسية أخرى لمآرب حزبية وشخصية لا علاقة لها بالمصلحة الوطنية”.

وأكّدت هذه المصادر أنّ “ما نشهده في هذه المرحلة من محاولة الإستئثار بالتعيينات، وأنه سيُصار إلى التهويل بتعطيل الحكومة في حال عدم القدرة على تحقيق هذا الهدف الإستئثاري، هو أمر مرفوض ودليل على أنّ هذا الطرف لا يريد فعلاً للحكومة أن تنطلق ولا للمسار المؤسساتي أن يسير في الإتجاه الصحيح، ولا للدولة أن تنتظم تحت سقف الدستور والقوانين المرعية والشفافية المطلوبة، بل انّ كل ما يريده هو تحقيق مصالح خاصة بعيدة من المسار الإصلاحي المطلوب”.

وشدّدت هذه المصادر على أنّ “أي طرف لا يُمكنه الإستئثار بالتعيينات. والمؤسف أنه سيصل إلى حد تعطيل الحكومة إذا لم يصل إلى هدفه الإستئثاري”.

وأوضحت المصادر موقف “القوات” من التعيينات، وهو “أن تتمّ وفق آلية تعكس الهدف المنشود في هذه المرحلة ومستقبلاً، وأن تكون هذه الآلية دستورية وقانونية تراعي الكفاية والجدارة بعيداً من المنطق الإستزلامي، حيث يشعر كل مواطن أنّ لديه فرصة في حال كان يتمتع بالكفاية والجدارة، وأن نستطيع من خلال آلية من هذا النوع إصلاح الإدارة عبر وصول الرجل المناسب إلى المكان المناسب”.

واعتبرت أنّ “من غير المسموح التهويل وفتح ملفات خلافية يميناً ويساراً سواء في موضوع النازحين وحرفه عن مساره الطبيعي أو في موضوع التطبيع بغية إمرار مشاريع وأجندات خاصة”. وقالت: “هذا البعض إذا كان يعتقد أنّ هذا الأسلوب التهويلي والتهديدي والتفجيري للحكومة سيؤدي إلى رضوخ القوى السياسية للمسار الذي يسلكه فهو مخطئ. لا يُمكن هذه الحكومة أن تعكس رغبات هذا الطرف أو ذاك، بل ستعكس رغبات البلد ومصلحة الناس”، متمنية على “هذا الطرف أو ذاك أن يقلع عن هذا الأسلوب الإبتزازي برفع السقف وبالتهديد بالإطاحة بالحكومة وبالتهويل بملفات خلافية بغية إمرار ملفات خاصة”، ومؤكّدة أنّ “هذه الملفات لن تمرّ وما سيمرّ في الحكومة هو المُتوافق عليه وتحت سقف الدستور والقوانين المرعية”.

مجلس الوزراء
الى ذلك، قالت مصادر وزارية مطلعة لـ “الجمهورية”، انّ جدول اعمال جلسة مجلس الوزراء المقبلة بات جاهزاً في انتظار عودة الحريري من باريس لتحديد موعدها. واستغربت المصادر الحديث المتنامي والمبكر عن احتمالات وقوع أزمة وزارية ضمن الحكومة وهي في بداية مهماتها. وقالت لـ”الجمهورية” إنّ “اتفاقاً تمّ التوصل اليه بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة عشية سفر الأخير الى بروكسل على ضرورة تجنيب الحكومة هذه الخضات التي تُعتبر في غير مصلحة الجميع، وخصوصاً في حجم الرهانات التي بناها رئيس الجمهورية على اولى حكومات العهد التي تلت الفراغ الحكومي على مدى تسعة أشهر ونصف شهر امضاها البلد من اجل تشكيلها”.

وأضافت المصادر، “انّ كل ما جرى لا يمكنه هز الحكومة في هذه المرحلة التي تعدّدت فيها الإستحقاقات، وعليها مواجهتها على مختلف المستويات ولا سيما منها تلك المتصلة بأزمة النازحين وكلفتها على لبنان واللبنانيين جميعاً بلا استثناء”.

وتوقعت المصادر إنعقاد جلسة مجلس الوزراء هذا الأسبوع عشية وصول وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو، حيث تنشغل المراجع المعنية بتحضير ملفاتها لهذه الزيارة، محذّرة من أنّ اي اشكال حكومي ستكون له تداعيات كبيرة على هذه الزيارة وما هو مطروح من قضايا تعني جميع اللبنانيين ومصالحهم الحيوية.

اللقاء الماروني
من جهة ثانية، وبعد مرور شهرين على “اللقاء الماروني” المُوسّع الذي شهدته بكركي في كانون الثاني الماضي، وبلوغ عمرُ لجنة المتابعة المُنبثقة منه شهرين، عقدت خلالهما إجتماعها الأول، من المُرتقب أن تعقد اللجنة إجتماعها الثاني خلال الأيام العشرة المقبلة.

وتسعى بكركي إلى الوصول إلى موقف موحّد داخل اللجنة التي تضمّ 7 نواب يمثلون الأحزاب والشخصيات المسيحية، وبالتالي توحيد الموقف المسيحي حول مواضيع وطنية مُلحّة تمهيداً لتوحيد الموقف الوطني حولها، وذلك في سبيل إنقاذ لبنان ومصلحة اللبنانيين بكل طوائفهم وإنتماءاتهم. ومن أبرز هذه المواضيع قضية النازحين السوريين وضرورة عودتهم إلى بلادهم. ودار الحديث عن هذا الموضوع في اجتماع اللجنة الأول وسيتوسّع النقاش فيه أكثر في الإجتماع المُقبل.