خبر

مشاورات لمقاربة الملفات وإنضاج التعييــنات.. والإتحاد الأوروبي: لا نشّجع العودة

صحيفة الجمهورية

 

 

لبنان يقف على عتبة بروكسل، لعلّه يلمس من المؤتمر الذي سيبدأ أعماله اليوم في العاصمة البلجيكية حول النازحين، جدية فعلية من الدول الخارجية لإعادتهم، ويقطف بعضاً من التمويل لتمكينه من تحمّل عبء ما يزيد عن مليوني نازح سوري، على لبنان واللبنانيين. مع الاشارة الى انّ مصادر الوفد اللبناني المشارك في المؤتمر، تُحاذر في إبداء التفاؤل حول إمكان الحصول على المساعدات المطلوبة، تبعاً للتجربتين السابقتين للمؤتمر نفسه، والذي لم يتلق منهما لبنان سوى الوعود. فيما اعداد النازحين في تكاثر مستمر، إن على صعيد الوافدين الجدد الى لبنان، او على صعيد الولادات التي باتت تشكل ارقاماً قياسية تقارب الـ200 الف ولادة منذ وصولهم الى لبنان وحتى اليوم.
تأتي مشاركة لبنان في المؤتمر، الذي سيلقي رئيس الحكومة سعد الحريري كلمة فيه، في ظل واقع داخلي مهتز سياسياً، حيث بقي فتيل عدم إشراك وزير شؤون المهجرين صالح الغريب في الوفد اللبناني مشتعلاً في دائرة السجال السياسي الذي أحاط بهذه المسألة، ومتزامناً مع موقف أوروبي وصفته مراجع سياسية بـ«المحبط»، وخلاصته عدم تشجيع النازحين السوريين على العودة الى بلادهم.

لا نشجّع العودة

جاء هذا الموقف على لسان مفوض سياسة الجوار والتوسع الأوروبي يوهانس هان، الذي قال خلال الجلسة الافتتاحية لأيام الحوار في البرلمان الأوروبي إنّ «بعض اللاجئين يختار الرجوع إلى سوريا، والأمم المتحدة توصي بذلك إذا توافرت شروط العودة. وأما الاتحاد فلا يشجع على العودة ولا يقف عائقاً أمامهم».

أضاف: «ينبغي أن تتم هذه العملية بتقديم الدعم الإنساني للنازحين داخلياً وخارج سوريا، نحن بحاجة إلى تبيين الشروط المطلوبة لنشجع اللاجئين على الرجوع إلى سوريا».

وكان رئيس المجلس النيابي نبيه بري، قد شدّد على وجوب إعادة النازحين الى بلادهم، وفي الوقت نفسه تقديم الدعم اللازم للبنان لكي يتمكن من تحمل كلفة النزوح. التي تشكّل عبئاً كبيراً عليه في وقت يعاني وضعه الاقتصادي أزمة خانقة.

واكد بري ضرورة النظر الى ملف النازحين بكل ابعاده، وخصوصاً البعد الانساني، وكذلك من زاوية مصلحة لبنان التي توجِب الاسراع في طَي هذا الملف وتأمين العودة التي لا بد من التنسيق حيالها مع سوريا، والاولوية هي لإخراج هذا الملف من دائرة السجال والتباين حوله، خصوصاً انّ لبنان يبدو متروكاً لوحده، إذ انّ المعطيات تؤكد ان المجتمع الدولي لا يريد عودة النازحين.

جلسة أسئلة

سياسياً، يستعد المجلس النيابي لعقد جلسة اسئلة واجوبة للحكومة، سيدعو اليها الرئيس بري في وقت قريب، وفي جدول اعمالها، كما كشف بري امام نواب الأربعاء امس، 17 سؤالاً نيابياً موجهاً الى الحكومة.

وعلمت «الجمهورية» انّ هذه الاسئلة مقدمة من نواب معارضين، وآخرين ممثلين في الحكومة، وتتناول جملة من الامور الداخلية، وتتمحور حول ملف الكهرباء، وسبب تلكؤ الحكومة في مقاربته، وما اذا كان ما يتردد صحيحاً حول العودة من جديد الى البواخر، وكذلك حول سبب التأخر في التعيينات الإدارية التي جرى تقديمها في البيان الوزاري للحكومة بنداً اساسياً، وخصوصاً لجهة تعيين الهيئات الناظمة في الكهرباء والاتصالات والطيران المدني، وكذلك حول التعيينات العشوائية المخالفة للقانون، وأسباب تعثر «سيدر»، والمبعث الحقيقي لاستياء الفرنسيين والمستثمرين من الجانب اللبناني، اضافة الى ما استجدّ في ما تسمّى معركة مكافحة الفساد، سواء بالاتهامات التي يجري تبادلها بين بعض الفرقاء، او بالتوقيفات التي تطال موظفين من مراتب متدنية، إضافة الى موضوع التحقيقات التي تجريها جهات أمنية مع موظفين مدنيّين وفي أسلاك قانونية، حول قضايا فساد ورشاوى.

وما لفت الانتباه في هذا السياق، ما أعلنه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمام وفد الهيئة التنفيذية للمرشدية العامة للسجون، حيث اكد «انّ مسيرة مكافحة الفساد مستمرة»، لافتاً الى انّه «كي يكون العدل اساس الملك لا بد من العمل على تحقيق الاصلاح القضائي وتحرير القضاء من التبعية السياسية والتدخلات، بالتزامن مع وقف التجاوزات ومخالفة القوانين».

الى ورشة العمل

وعلى خط موازٍ، فرضت مشاركة رئيس الحكومة في مؤتمر بروكسل، تأجيلاً لجلسة مجلس الوزراء الى الاسبوع المقبل، فيما يتابع رئيس الحكومة سعد الحريري مشاوراته في ما خَصّ تفعيل العمل الحكومي، حيث التقى أمس وزير الخارجية جبران باسيل.

«التكتل»

وأدرجت مصادر تكتل «لبنان القوي» اللقاء تحت سقف البيان الوزاري لحكومة «الى العمل»، وتحت سقف التعهد الذي قطعه «التكتل» بأن يعلن للبنانيين في اقل من 3 اشهر خريطة عمله لإنجاز ملفات الكهرباء والتعيينات والاقتصاد والنزوح».

واكدت المصادر لـ«الجمهورية» حماسة رئيس «التكتل» لتسريع وتيرة العمل الحكومي وعقد جلسات متخصصة بكل ملف، حتى ولو اقتضى الامر عقد اكثر من جلسة لمجلس الوزراء في الاسبوع ، خصوصاً انّ وزراء «التكتل» شارفوا على الانتهاء من وضع الصيغة النهائية لخطة عملهم التي سترفع الى مجلس الوزراء وفي مقدمها ورقة وزير الطاقة ندى البستاني وخطة وزير البيئة، علماً انّ وزارة الطاقة تستعد لإطلاق دورة التراخيص الثانية للنفط في غضون ايام».

وبحسب المعلومات، فإنّ النقاش بين الحريري وباسيل تناول ملف مكافحة الفساد في ضوء الملفات التي ظهرت في الايام الاخيرة، وما يمكن ان تذهب اليه الاجهزة القضائية والرقابية بإشراف وزير العدل. وتناول اللقاء بعمق ملف النزوح من زاوية اعتماد سياسة حكومية موحدة لعودة النازحين.

وقد اتّسَم اللقاء بين الطرفين بالصراحة، وتخلله حديث مباشر وتفاهم مشترك على اهمية ان تنطلق الحكومة بإنجاز هذه الملفات تنفيذاً لما وعدت به والتزمته أمام مجلس النواب. وتشير المعلومات الى انّ تكتل «لبنان القوي» و»التيار الوطني الحر» ليسا في وارد التقاعس او التردد في مقاربة اي ملف من الملفات المذكورة.

أزمة الوفد

على صعيد آخر، يبدو انّ «أزمة الوفد» لن تغيب عن هذه الجلسة، حيث اعلن النائب طلال ارسلان امس انه سيثير مسألة إبعاد وزير المهجرين عن وفد بروكسل في مجلس الوزراء.

وقال مرجع سياسي لـ«الجمهورية»: انّ في مقدمة اولويات الحكومة حالياً، وقبل اي عمل آخر، ان تكون مبادرتها الى اعادة ترميم نفسها بعدما تصدّع ما يسمّى التضامن الوزاري، جرّاء ما باتت تعرف بـ«أزمة الوفد»، التي ما كان يجب ان تصل الى هذا الحد.

ملفات ومقاربات

بدورها، قالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية»: انّ هذه الجلسة تندرج في سياق العمل الحكومي المنتج، حيث أنّ هناك توجهاً حكومياً لمقاربة عميقة للملفات المتراكمة في طريقها. حيث ينتظر خلال هذه الجلسة وضع الموازنة على نار حامية تمهيداً لإحالتها قريباً الى المجلس النيابي وإقرارها قبل نهاية ايار المقبل، وهي المهلة التي حددها المجلس النيابي، في قانون الاجازة للحكومة الصرف على القاعدة الاثني عشرية.

وإذ كشفت المصادر عن مشاورات تجري على غير صعيد سياسي ورسمي، لانجاز ملف التعيينات، لفتت الانتباه الى ان الاولوية الحكومة في هذه المرحلة، هي وضع متطلبات مؤتمر «سيدر» على سكة الانجاز، بما يقدم رسائل ايجابية الى المستثمرين، ويؤكد جدية لبنان حيال الوفاء بالتزاماته، خلافاً لكل ما يقال.

ورداً على سؤال حول كيفية التعاطي الحكومي مع ما سمّيت خريطة طريق سيدر التي حددها السفير المكلّف متابعة مؤتمر سيدر بيار دوكان، خلال زيارته الاخيرة، لجهة إجراء تعيينات للهيئات الناظمة في قطاع الكهرباء والاتصالات والطيران المدني، اضافة الى تنفيذ القوانين، قالت المصادر: هذا الملف على نار حامية، الجميع يعملون في هذا الاتجاه، وفي مقدمهم رئيس الحكومة. ويفترض ان تظهر النتائج سريعاً. ومن المستبعد ان يؤثر «سوء التفاهم» الذي حصل حول الوفد المشارك في مؤتمر بروكسل، على هذا الملف».

جابر

وفي هذا السياق، قال النائب ياسين جابر لـ«الجمهورية»: انّ عدم إجراء الاصلاحات المطلوبة من «سيدر»، معناه انّ هذا المؤتمر في خطر، المسألة ليست صعبة، هناك قوانين موجودة، ومرتبطة بمعظمها في موضوع الاصلاح. فلتسهيل سيدر، المطلوب فقط وضع هذه القوانين موضع التنفيذ. وليكن عنوان المرحلة هو تطبيق القانون من اجل الحد من الفساد، ومن اجل ان نقنع المجتمع الدولي الذي نظّم مؤتمر «سيدر» للبنان، بأننا جديون، ونتمكن من خلال ذلك ان نستعيد ثقة العالم بها، التي هي الاساس في هذا المجال.

بري وبومبيو

وفي هذا السياق، يُشار الى موقف بري أمام نواب الاربعاء، الذي قال: الاولوية والمعركة الأساسية اليوم هي إقرار الموازنة في مجلس الوزراء وإحالتها الى المجلس النيابي في اسرع وقت، فحسم هذا الإستحقاق هو اساس في الإصلاح المالي ومحاربة الهدر.

ورداً على سؤال، قال بري: يجب ان تكون الكفاءة فقط هي المعيار في نتائج الوظائف، ولو كان الرئيس الحريري هنا، لاتصلتُ به وعبّرت عن انزعاجي من التجديد في مجلس الوزراء لعقود موظفين متقاعدين عيّنوا في شكل مخالف للقانون.

وفيما تحدد موعد للقاء بري مع وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو خلال زيارته بيروت اواخر الاسبوع المقبل، أكدت مصادر عين التينة لـ«الجمهورية» انّ ملف الحدود البحرية المختلف عليها بين لبنان واسرائيل سيكون حاضراً بقوة في اللقاء، بالتوازي مع تشديد رئيس المجلس على رفض ما سمّي بـ«خط هوف»، والتمسّك بحق لبنان الكامل في حدوده البحرية حتى آخر نقطة مياه، وما تكتنزه من ثروات من النفط والغاز، التي تحاول اسرائيل أن تسطو عليها.

«الحزب» واسرائيل

من جهة ثانية، برز تطور لافت على خط التوتر بين اسرائيل و«حزب الله»، تمثّل في الاعلان الاسرائيلي عن نشاط للحزب للتموضع في الجولان. فيما التزم الحزب الصمت حيال هذا الموضوع.

واللافت للانتباه في هذا السياق ملاحظة الاعلام الاسرائيلي لتزامن هذا الاعلام في فترة التحضير لانتخابات الكنيست المقررة الشهر المقبل، مشيراً الى انّ مستويات سياسية اسرائيلية أدرجت الخطوة الاسرائيلية في سياق محاولة «تلميع الصورة» وتحقيق إنجاز أمني من قبل رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو.

ووصف نتنياهو، في تصريح، هذا الامر بالانجاز، وقال: «لديّ رسالة واضحة أرسلها إلى إيران و«حزب الله»: نعلم ما تقومون به ونعلم أين تقومون بذلك»، مشدداً على أنّ «ما كشفنا النقاب عنه هذا الصباح ليس سوى غيض من فيض ممّا نعرفه، وانّ إسرائيل لن تسمح لكم بالتموضع عسكرياً في سوريا. سنواصل العمل بطرق مكشوفة وخفية من إجل إحباط مؤامراتكم».

وليلاً قدمت إسرائيل شكوى ضد «حزب الله» في مجلس الأمن الدولي في شأن ما سمته «تشكيل خلية» في الجولان السوري، مشيرة الى «اننا لن نسمح للحزب بتحويل لبنان وسوريا جبهة قتال».