الجمهورية
فيما مسرحية الحرب المعلنة على الفساد تتوالى فصولاً ووجوهاً مهددة الاستقرار السياسي الهَش الذي يسود البلاد نتيجة ما بدأ يتعرّض له هذا الملف من تسييس وتتطييف ومذهبة، ينتظر أن تنصَبّ الانظار هذا الاسبوع على جلسة مجلس الوزراء إذ سيكون مكان انعقادها مؤشراً الى ما آل اليه الوضع بين مكوّناتها التي اشتبكت في الجلسة الاولى التي انعقدت في القصر الجمهوري حول ملف النازحين، ثم اشتبكت حول الدرجات الست للأساتذة الثانويين المتمرنين في الجلسة الثانية التي أريد لها ان تنعقد في القصر الحكومي بغية استيعاب ذيول ما حصل في الجلسة الاولى.
وقال مراقبون انّ جلسة هذا الاسبوع، اذا انعقدت في القصر الجمهوري، فإنّ ذلك قد يكون مؤشراً على توافق حول ملف النازحين في ضوء ما كان طرحه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ومحاولة تطويق مضاعفات إقرار الدرجات الست المستحقة للأساتذة الثانويين بموجب سلسلة الرتب والرواتب، خصوصاً انّ هناك معلومات متناقضة حول هذا الملف بين قائل إنّ «ما كتب قد كتب» وانّ هذه الدرجات هي من حق هذه الشريحة من الموظفين، وآخر يقول انّ رئيس الجمهورية سيطلب إعادة النظر في المرسوم.
على انّ مصادر متابعة توقعت أن يكون لعون «موقف حازم» من هذا المرسوم الذي وافق عليه وزراء تيار «المستقبل» وحركة «أمل» و»حزب الله» و»اللقاء الديمقراطي»، في مقابل اعتراض وزراء «القوات» و«التيار الوطني الحر» وتيار «المردة».
وقالت انّ المادة 56 من الدستور تُجيز لرئيس الجمهورية حق الطلب الى مجلس الوزراء إعادة النظر في أي قرار من القرارات التي يتخذها خلال 15 يوماً من تاريخ إيداعه رئاسة الجمهورية، وإذا أصرّ مجلس الوزراء على القرار المتّخذ أو انقضت المهلة من دون إصدار المرسوم أو إعادته يعتبر القرار أو المرسوم نافذاً حكماً ووجب نشره. (التفاصيل صفحة 6)
لكنّ مصادر وزارية مطّلعة كشفت لـ«الجمهورية» انّ القرار لم يتسلّمه رئيس الجمهورية ليقول كلمته النهائية فيه، ولفتت الى انّ هذا القرار لم يخرج بعد من المديرية العامة لرئاسة الحكومة في طريقه الى المديرية العامة لرئاسة الجمهورية.
كما لفتت الى انّ عون سيدرس الملف وسط معلومات تشير الى احتمال ردّه، خصوصاً إن ثَبت انه ليس دستورياً، فالآلية التي تترجم مضمون المادة 9 من القانون 46 الخاص بسلسلة الرتب والرواتب لم تقر بعد، وانّ هناك اقتراح قانون تقدمت به رئيسة لجنة التربية النيابية النائب بهية الحريري الى مجلس النواب لم يبت به بعد ولم يعرض على جلسة تشريعية.
ورداً على القول انّ هناك قراراً لمجلس شورى الدولة يؤيّد التوجّه الذي اعتمده مجلس الوزراء، قالت المصادر: «انّ نقابة المعلمين رفعت الأمر الى مجلس الشورى الذي لم يقل كلمته بعد، ولذلك قد يكون التبَس الأمر على بعض الوزراء في الجلسة».
«القوات» تدعم عون
وفي هذا السياق، قالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» إن «القوات» تتمنى أن يلجأ عون إلى رد القرار، «وستكون داعمة له وفي موقع مشجّع لخطوة من هذا النوع، إصلاحية وأساسية».
وأوضحت المصادر أنّ «القوات» و«التيار» صوّتا ضد هذا القرار، إنطلاقاً من 4 أسباب:
أولاً، لا يجوز مخالفة رأي مجلس شورى الدولة ومجلس الخدمة المدنية.
ثانياً، لا يجوز مخالفة قرار الحكومة لجهة وقف المصاريف المالية.
ثالثاً، المالية العامة للدولة اللبنانية لا تتحمّل قرارات من هذا النوع تنعكس سلبياً عليها.
رابعاً، لا يجوز إعطاء تمويل من هذا النوع لجهة، فيما أنه سينعكس أضعافاً مضاعفة سلباً على جميع اللبنانيين ومنهم الذين منحوا هذه الزيادة.
وأكدت المصادر نفسها أنّ «القوات، وانطلاقاً من هذه الاعتبارات، تأسف لأنّ القوى التي صَوّتت في هذا الاتجاه تسير عكس المنحى الذي يُفترض أن تدخل فيه البلاد، وهو التوجّه الإصلاحي. فالجميع يتكلّم عن الإصلاح لكن «وقت الجد» لا نرى أنّ هذه القوى تذهب إلى النهاية في خطواتها، فباستثناء «القوات» و«التيار» لم نلمس للأسف أي توجه إصلاحي لدى القوى السياسية الأخرى وفي طليعتها «حزب الله» الذي يتحدث عن الإصلاح في استمرار، والذي كنّا نتمنى أن يصوّت إلى جانب «القوات» و«التيار» بعيداً من السياسات الشعبوية حيث لا استحقاق انتخابياً في المرحلة الحالية، والأولوية يجب أن تكون للإصلاح ولمواجهة الوضع المالي ومعالجة الموازنة والتقشف ولوقف التوظيف. ولا يجوز أن تكون هذه مجرد عناوين وشعارات وفي الترجمة والممارسة يُصار إلى تطبيق عكسها».
وإذ أكّدت هذه المصادر أنّ «القوات» تشجّع وتدعم أي خطوة لرئيس الجمهورية في هذا السياق»، أملت في أن «يستمر هذا التقاطع الذي حصل بين «القوات» و»التيار» في عناوين أخرى من أجل الإصلاح ومكافحة الفساد داخل الدولة ومؤسساتها».
النازحون
ومن جهة ثانية يتوقع ان لا يغيب ملف النازحين عن جلسة مجلس الوزراء من زاوية البحث في سبل تسريع عودتهم، وذلك في ضوء ما كان عون قد أعلنه أخيراً، والذي لاقته «القوات» بمبادرة حول هذه العودة بعدما كانت اشتبكت معه في مجلس الوزراء حوله.
وتعلقياً على هذه المبادرة «القواتية»، أكدت مصادر «التيار الوطني الحر» لـ«الجمهورية» أنّه «يرحّب بكل موقف يصدر عن أي طرف، يقترب من السقف الذي حدده رئيس الجمهورية في الجلسة الأولى لمجلس الوزراء، خصوصاً أنّ ملف النازحين له بُعد وطني واقتصادي واجتماعي، حتى أنّ رئيس الحكومة سعد الحريري سبق له أن أشار خلال أحد اللقاءات الدولية وتحديداً في بروكسل قبل نحو عام، انّ أزمة النازحين السوريين قد تسبّب انهياراً مالياً واقتصادياً للبنان».
ولفتت إلى «أنّ «التيار» لم يدعُ يوماً إلى عودة قسرية أو إلى عودة قد تشكل خطراً على العائدين، وإنما ينادي بالعودة الآمنة. وسبق لوزير الخارجية جبران باسيل أن أثار، خلال لقائه نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو، القانون الرقم 10 من باب الحصول على تفسيرات رسمية تشدد على حفظ حق ملكية النازحين لملكياتهم في سوريا، كذلك طالب بتسهيل مسألة الغرامات التي يفرضها النظام على المتخلّفين عن الخدمة العسكرية».
وأشارت المصادر نفسها إلى أنّ «التيار» ربط مسعاه بالمبادرة الروسية، وطلب من الأمم المتحدة التعاون الوثيق من باب الشراكة»، مؤكدة «أنّ أمن العائدين هي مسؤولية النظام السوري أولاً، ومن ثم مسؤولية العائدين كونها عودة طوعية لا تُفرض على أحد، خصوصاً أنّ الأمم المتحدة أكدت في أكثر من مناسبة أنّ 90% من الأراضي السورية أصبحت آمنة فيما لا تتعدى نسبة اللاجئين السياسيين الـ3% ما يعني أنّ البقية لاجئون لأسباب اقتصادية، وبالتالي عودتهم ليست معرّضة للخطر. ولذا، يطالب «التيار» الأمم المتحدة بأن تكون شريكة في هذه المبادرة لتمويل العودة وتتولى مساعدة السوريين، ولكن في أرضهم».
وأكدت أنّ «التيار الوطني الحر» يرفض إدارة النزوح السوري على الأراضي اللبنانية، لافتة إلى أنّ التعاون مع أي طرف سواء كانت الأمم المتحدة أو النظام السوري مطلوب إذا كان مفيداً، مع العلم أنّ التعاون بين الأمن العام اللبناني والنظام السوري قائم أصلاً، ومذكّرة «أنّ سقف التحرّك العوني هو المبادرة الروسية التي يفترض الاستفادة منها وتعزيزها، خصوصاً أنّ روسيا دولة عظمى في إمكانها التواصل مع الأمم المتحدة وأميركا والنظام السوري».
وختمت المصادر مؤكدة أنّ «التيار» يسعى الى بلورة سياسة حكومية موحّدة إزاء ملف النازحين لتصير إجماعاً لبنانياً، منعاً لتكرار مشهدية الخلافات التي حصلت في حكومتَي نجيب ميقاتي وتمام سلام».
ملك الأردن وبري
وحاز ملف النازحين السوريين في لبنان والاردن على جانب اساسي من البحث، في اللقاء الذي انعقد في عمان بين الملك الأردني عبدالله الثاني ورئيس مجلس النواب نبيه بري، بعد استقبال العاهل الاردني رؤساء البرلمانات والوفود المشاركة في مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي المنعقد في عمان تحت عنوان القدس – العاصمة الأبدية لفلسطين.
فإلى جانب البحث في أوضاع لبنان والمنطقة، وفي العلاقات الثنائية بين البلدين وضرورة تطويرها وتعزيزها، شكّل موضوع النازحين السوريين نقطة البحث الاساسية بين الملك عبدالله وبري، حيث شددا على أهمية إنهاء هذه المسألة سريعاً وطَي هذه الصفحة بكل أبعادها.
الراعي
وفي هذه الأثناء رفع البطريرك الماروني الصوت في وجه القرارات الحكومية العشوائية، وقال من البترون: في الوقت الذي نطالب السلطة السياسيّة الكَفّ عن إفقار الشعب وزَجّه في حالة العوز والحرمان والبطالة والقهر، نتفاجئ كيف تستطيع الحكومة الجديدة القيام بما وعدت به في بيانها الوزاريّ من إجراء إصلاحات جريئة من أجل النهوض الاقتصادي والمالي، فيما هي تحمّل الخزينة أثقالاً مالية جديدة باهظة من دون موازنة منجزة، ومن دون عرض شامل لوضعيّة الدين العام، وتصوّر وزارة الماليّة لإدارته وضبطه، ومن دون إقفال حساب العام الماضي لجهة مجمل الانفاق والمستحقّات الراهنة، والايرادات المحققة، ومن دون ضبط الفساد وإعادة المال المسلوب إلى خزينة الدولة؟».
وسأل: كيف تستطيع السلطة السياسيّة السكوت عن عدم تنفيذ أحكام مجلس شورى الدولة، لأنّ هذا أو ذاك من النافذين يمنع او يتمنّع عن التنفيذ، إمّا تسلّطاً، وإمّا تهديداً، وإمّا بقوّة السلاح؟ فأين هيبة الدولة، وأين مسؤوليّتها عن مصالح المواطنين وحقوقهم؟ أهكذا تكون الدولة القادرة والقويّة؟ وكيف يكون العدل أساس المُلك فيها؟
عون الى موسكو
ومن جهة ثانية، يزور رئيس الجمهورية موسكو خلال الشهر الجاري تلبية لدعوة نظيره الروسي فلاديمير بوتين. وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ الموعد النهائي لهذه الزيارة لم يحدد بعد، واحتمال أن يكون 26 الجاري ما زال موعداً مقترحاً. علماً انّ مواعيد زيارات خارجية لرئيس الجمهورية هذا الشهر لم تحدد بعد سوى في 30 منه، حيث ستنعقد القمة العربية الدورية السنوية في تونس.