خبر

ظريف في بيروت حاملاً عروض نصرالله… و«إسرائيل» قلقة من المفاجآت والتلميحات

تقدُّم في تسويات اليمن وأفغانستان والآلية المالية الأوروبية للمتاجرة مع إيران… ووارسو إلى الفشل
ظريف في بيروت حاملاً عروض نصرالله… و«إسرائيل» قلقة من المفاجآت والتلميحات
جورج زريق يحرق نفسه بسبب عجزه عن تعليم أولاده… فهل يفتح ملف دولة الرعاية؟

كتب المحرّر السياسيّ – صحيفة البناء

 

حملت مفاوضات عمان حول تبادل الأسرى في حرب اليمن أول إنجاز بالتوافق على تبادل جثامين ألفين من الذين سقطوا في الحرب، على أن يعود المفاوضون إلى عمان لمواصلة البحث في لوائح الأسرى يوم الثلاثاء، بينما كشفت التصريحات التي أدلى بها الموفد الأميركي الخاص بأفغانستان زلماي خليل زاد عن تقدم كبير في المفاوضات التي تجري مع حركة طالبان وصولاً لتسوية داخلية وانسحاب القوات الأميركية، وهو ما أكدت مصادر باكستانية وروسية أنه يتم بشراكة خماسية روسية صينية باكستانية إيرانية أفغانية، بدأت مع اجتماع لوزراء خارجية الدول المعنية في شهر تشرين الثاني الماضي، وتوّجت بزيارة رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني الجنرال علي شامخاني لكابول وتلاها قيام وفد رسمي من طالبان بزيارة إيران.

بالتوازي حققت إيران الحاضرة في تسويات اليمن وأفغانستان مباشرة وغير مباشرة خطوة إلى الأمام في التفاهم حول الآلية الأوروبية للسداد المالي لقاء التبادل التجاري، عبر عنها السفير الإيراني في موسكو بتبديد الشكوك حول مخاطر انهيار التفاهم مع أوروبا، بقوله إن الآلية الأوروبية تسير في الاتجاه الصحيح وأن إيران راضية عن مسار الأمور نحو التفاهم.

الحضور الإيراني في ملفات تبدو واشنطن في بعضها طرفاً مباشراً كأفغانستان واليمن، وغير مباشر كالآلية الأوروبية، رافقه المزيد من مؤشرات الفشل الأميركي في حشد الحضور في مؤتمر وارسو الذي تريد عبره واشنطن زيادة الضغوط على إيران من جهة، ونفي الحديث عن تفاهمات ضمنية معها من جهة أخرى، فبعد المقاطعة الروسية والصينية والأوروبية والتركية للمؤتمر الذي ينعقد خلال أيام، حاول الأميركيون تحويل المؤتمر مناسبة لشراكة عربية إسرائيلية بوجه إيران عبر توجيه الدعوة للسلطة الفلسطينية للحضور، رغم انقطاع العلاقات الأميركية الفلسطينية منذ نقل السفارة الأميركية لدى كيان الاحتلال إلى القدس. وجاء الرد الفلسطيني برفض المشاركة ورفض أي تمثيل موارب عبر شخصيات فلسطينية مستقلة، ليعيد المؤتمر إلى مأزقه الأصلي وعجزه عن الإقلاع رغم ثقل الضغوط الأميركية لإنجاحه.

إيران وبقوة هذا الحضور تواصل حركتها الإقليمية كدولة عظمى، فيحضر وزير خارجيتها محمد جواد ظريف إلى بيروت مهنئاً بتشكيل الحكومة الجديدة، وحاملاً الاستعداد الإيراني للمساعدة في تلبية الحاجات اللبنانية في كل المجالات الدفاعية والإنمائية. وهو ما كان موضوع خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وما شكل موضع اهتمام ومتابعة في كيان الاحتلال، بما تخطّى القلق من استجابة لبنانية لدعوة نصرالله لا تبدو في الأفق، والقلق الإسرائيلي كما عبرت عنه بعض التعليقات هو من المفاجآت التي حملتها تلميحات السيد نصرالله، بحديثه عن فرضية امتلاك المقاومة لشبكة دفاع جوي، وفرضية قيام المقاومة باستخدامها وإسقاط طائرة إسرائيلية تقوم بانتهاك الأجواء اللبنانية، واعتبرت التعليقات كلام السيد نصرالله رسماً لمعادلة تقول إما قبول العرض الإيراني لتسليح الجيش، وإلا فللمقاومة عندها الحق بأن تقوم هي بمهمة الدفاع عن السيادة اللبنانية واستعمال شبكة دفاع جوي لديها، قدّمها نصرالله كفرضية سمّاها بالغموض البناء.

في الشأن الداخلي اللبناني هزّ المجتمع والرأي العام والإعلام نبأ إحراق المواطن جورج زريق نفسه في فناء مدرسة أبنائه بعد عجزه عن سداد موجبات تعليمهم، وتعدّدت ردود الفعل على الخبر الصادم، الذي طرح السؤال المحوري مع استعداد الحكومة الجديدة لنيل الثقة، هل تنوي القوى السياسية التي تقود الحكومة رد الاعتبار لمفهوم دولة الرعاية الذي سقط تدريجياً حتى صارت الدولة تاجراً مع مواطنيها بعدما حوّلتهم زبائن، بينما تسود في كل القطاعات التي يمكن أن تجلب تمويلاً للدولة نظرية «الدولة تاجر فاشل». فالدولة تاجر والمواطن زبون في التعليم والصحة، بينما الخصخصة على قدم وساق حيث يمكن للدولة أن تجد مصادر دخلاً لقيامها بواجبات الرعاية لمواطنيها الخاضعين لابتزاز حاجات الحياة الأساسية، المتروكين لمواجهة أقدارهم.

فيما تشخص الأنظار اليوم الى قداس مار مارون في كنيسة مار مارون – الجميزة والذي يترأسه رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر بحضور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي سيتخلله إطلاق مواقف سياسية، فإن الأنظار تشخص أيضاً الى الزيارات العربية والإقليمية الى لبنان مطلع الأسبوع المقبل، والتي تأتي تهنئة بتأليف الحكومة التي ستنال الثقة الأسبوع المقبل خلال الجلسة التي دعا اليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري على مدى يومي الثلاثاء والأربعاء.

ويزور وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لبنان يوم غد كأول وزير خارجية يزور لبنان بعد تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، وسوف يعقد يوم الاثنين اجتماعات عدة مع المسؤولين اللبنانيين.

وأكدت مصادر مطلعة لـ»البناء» أن ظريف سيعرض مجدداً على المسؤولين اللبنانيين دعم الجيش اللبناني، ومساعدته بمنظومة دفاع جوي إيراني، فضلاً عن المساعدات في المجال الصحي لجهة الادوية وتجهيزات المستشفيات. ولفتت المصادر الى ان لقاءات الوزير ظريف ستشمل الرئيس ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري والوزير جبران باسيل إلا أنه لن يلتقي الرئيس سعد الحريري لمصادفة الزيارة مع زيارة الحريري الى الإمارات.

وقال السفير الإيراني محمد جلال فيروزنيا خلال ندوة ثقافية سياسية في بعلبك لمناسبة الذكرى الأربعين لانتصار الثورة في إيران: «نحن على استعداد للعمل على تنمية العلاقات مع لبنان في كل المجالات، وعلى استعداد لدعم الجيش اللبناني كما ندعم المقاومة، وأن نقارب ملفات الكهرباء والتجارة والصحة والصناعة مع الحكومة الجديدة في لبنان».

من جهة ثانية، أكدت سفيرة الاتحاد الاوروبي كريستينا لاسن أن الشعب اللبناني والمجتمع الدولي يتوقعان الكثير من الحكومة الجديدة التي يتوقف نجاحها على قدرتها في مواجهة التحديات التي تواجه البلاد، وخصوصاً تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والمؤسسية الضرورية التي تم الاتفاق عليها في مؤتمر سيدر، ويمكن لهذه الإصلاحات مع تدابير مكافحة الفساد أن تحدث فرقاً حقيقياً في حياة المواطنين اللبنانيين.

وعلى خط الزيارات العربية، يزور الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد ابو الغيط بيروت الاثنين المقبل لتقديم التهاني بولادة الحكومة، ويلتقي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة سعد الحريري. ويُسلّم أبو الغيظ رئيس الجمهورية خلال زيارته دعوةً لحضور القمة الأورو – المتوسطية المقررة في 24 و25 الجاري في مصر، كما سيتطرّق اللقاء الى القمة العربية الدورية المقررة في تونس نهاية آذار المقبل والاتصالات الجارية من أجل إعادة سورية الى الجامعة العربية.

أما على خط ملف النازحين السوريين، أكدت مصادر وزارية لـ»البناء» أن إعادة التنسيق مع سورية اصبح إلزامياً لا سيما في ما خص أزمة النازحين التي تعتبر أزمة وطنية ومعالجتها تصب في مصلحة لبنان، مشيرة الى أن العمل سيكون انطلاقاً من الرؤية اللبنانية القائمة على العودة الآمنة غير القسرية للنازحين، ومن المبادرة الروسية التي تركز بشكل جدي على العمل داخل سورية لتامين الحد الأدنى من متطلبات العودة المتعلقة بالمسكن والمستشفيات والمدارس. ولفتت المصادر الى ان حل هذا الملف لا يمكن ان يحصل من دون الحديث المباشر مع سورية. وشدّدت المصادر على ان الرئيس ميشال عون يولي هذا الملف أهمية كبرى ويضعه في سلم اولوياته بالتوازي مع الاهتمام بالوضع الاقتصادي والمالي، مشيرة إلى أن مسار الحكومة إيجابي وكل المواضيع سوف تشكل تحدياً للحكومة. واعتقدت المصادر ان الرئيس سعد الحريري سوف يتجه بعد نيل الحكومة الثقة الى العمل على هذا الملف وفق المبادرة الروسية التي دفع الى ضمّها في البيان الوزاري.

واعتبر النائب طلال ارسلان ان ملف النازحين هو ملف وطني بامتياز وملف كياني بامتياز، وهو من أول اهتمامات الرئيس ميشال عون التي عبر عنها في الحكومة السابقة والحالية، لافتاً الى أن وجود الوزير صالح الغريب على رأس هذه المهمة يعطيهم أملاً جدياً وحافزاً كبيراً برعاية رئيس الجمهورية طبعاً وتكتل لبنان القوي وكتلة ضمانة الجبل سينجزان هذا الملف بشكل كبير وسيستطيعان إخراجه من التجاذب السياسي المحلي، لكونه ملفاً يخص كل الناس ولا يعني فئة من اللبنانيين دون أخرى أو حزب دون الآخر.

ويعول التيار الوطني الحر آمالاً كبيرة على الحكومة الجديدة، وبحسب مصادر وزارية في تكتل لبنان القوي لـ»البناء»، فإن مجلس الوزراء سوف ينكبّ على عقد اجتماعات متواصلة ومتتالية بعد نيل الثقة، من أجل الدفع بالملفات العالقة والتي تهم المواطن والمتصلة بالوضعين الاقتصادي والاجتماعي نحو الإقرار، وأملت المصادر أن يجتمع فرقاء الحكومة معنا لحل أزمة النازحين وإنهائها خلال هذه الحكومة بعيداً عن الحسابات السياسية.