صحيفة الجمهورية
دخان التأليف يميل الى البياض، والطبّاخون على كل مستوياتهم عكفوا في الساعات الاربع والعشرين الماضية على إشاعة مناخات إيجابية توحي بأنّ الحكومة صارت شبه مكتملة، ولم يبق سوى «خطوات شكلية قليلة جداً»، قبل اعلان ولادتها قبل نهاية الاسبوع الجاري.
قد يكون هذا التفاؤل، الذي يشيعه طبّاخو الحكومة، مرتكزاً على جدية اكثر من ذي قبل، لكن لا شيء يثبت ذلك بالملموس حتى الآن، إذ انّ هذا التفاؤل مع تجربة أشهر التعطيل الـ8، يبقى مشكوكاً فيه الى حين ترجمته بإصدار مراسيم تشكيل الحكومة، خصوصاً انّ هذه الاشهر شهدت العديد من الموجات التفاؤلية المماثلة والمتعددة، التي ضربت الملف الحكومي، وبعضها لامَس باب الولادة، ولكن سرعان ما كانت تنكسر فجأة ومن دون سابق إنذار، لتعود بعدها الامور الى نقطة الصفر.
يعني ذلك انّ الساعات المقبلة ستكون حاسمة على هذا الصعيد، بين ان يكون التفاؤل بقرب ولادة الحكومة جدياً بالفعل، أم انه مجرد شائعة وغيمة شتوية عابرة.
وعنوان الحسم هذا يتأكد فقط عبر الزيارة التي ينتظر ان يقوم بها الرئيس المكلف سعد الحريري الى القصر الجمهوري ويقدّم لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون تشكيلة حكومته بكامل أسمائها، وثمة من يرجّح ان تتم هذه الزيارة اليوم إذا قدّر للرئيس المكلف ان يدوّر زوايا ما وُصفت بـ«الأمورالشكلية البسيطة»، التي يروّج الطبّاخون بأنها محصورة بمحاولة حسم تبادل بعض الحقائب الوزارية، خصوصاً انّ مسألة تمثيل «اللقاء التشاوري» قيل إنها صارت محسومة، لناحية اسم الوزير الذي سيمثّله مع ترجيح اسم حسن مراد، وكذلك لناحية مع من سيكون هذا الوزير وأين سيجلس وكيف سيصوّت؟».
الّا انّ ما لفت الانتباه ليل أمس، ما ذكرته قناة «المنار» بأنّ ما تحقق في مسألة تمثيل اللقاء التشاوري غير كاف لإنجاز التشكيل، وما تبقى هي عناوين وزارية – سياسية تفصيلية، لكنها دقيقة جداً وتحتاج الى توافق حولها. من دون ان تحدد ماهيتها.
بري: إلّا الاعلام
ولقد شهدت وقائع الساعات الاخيرة ضخّاً لكمية كبيرة من التفاؤل في أجواء التأليف، بما أوحى انّ ميزان التأليف يميل الى الاتفاق السريع على توليدة حكومية استعصَت على الولادة لـ8 أشهر.
وقالت مصادر مواكبة لحركة الاتصالات الاخيرة لـ«الجمهورية» انّ الامور اقتربت بشكل كبير من مرحلة الحسم، الذي تدلّ كل المؤشرات على انه أصبح مسألة ساعات قليلة، يفترض خلالها تذليل الارباك الحاصل بشكل واضح على خط تبادل الحقائب.
وبحسب المعلومات، فقد فشلت محاولة إسناد وزارة الاعلام لرئيس مجلس النواب نبيه بري مقابل تخلّيه عن وزارة البيئة، وهو امر أبلغه رئيس المجلس الى الحريري قائلاً إنه يرفضه بشكل قاطع، مع تأكيده الجديد القديم انه غير متمسّك بالبيئة، ولا يمانع في ان تُسند لغيره مقابل حصوله على حقيبة توازيها، وهو في هذا السياق لا يمانع ايضاً اذا أبقيت البيئة معه، او استُبدلت بواحدة مثل الثقافة او الصناعة. وبالتأكيد انّ كرة التبديل ليست في ملعبه، ولن يدخل في اي مشكل لا مع «القوات» حول حقيبة الثقافة ولا مع وليد جنبلاط حول حقيبة الصناعة.
مبادلات وشائعات
واللافت في الساعات الماضية، توازي الحديث عن مبادلة الحقائب، مع إشاعة أخبار عن موافقة جنبلاط على التخلّي عن الصناعة مقابل ان تُسند اليه وزارة الاعلام، وأخبار مماثلة عن اقتراح متجدّد بالعودة الى انتزاع وزارة الثقافة من «القوات اللبنانية» على ان تُسند لمرشحة «القوات» للوزارة مي شدياق حقيبة ثانية، كالاعلام مثلاً، باعتبارها واحدة من الاعلاميّات ولها خبرة في هذا المجال، إضافة الى اشاعة انّ الرئيس بري وافق على التخلّي عن وزارة البيئة لكي تسند الى تكتل «لبنان القوي» الذي يصرّ على الحصول عليها، مقابل ان تكون وزارة السياحة من حصته.
«الطاشناق»: السياحة
وعلمت «الجمهورية» انّ الامين العام لـ«حزب الطاشناق» النائب هاغوب بقرادونيان توجّه، خلال اجتماع هيئة مكتب مجلس النواب الذي انعقد في عين التينة أمس، بسؤال عما اذا كان وافقَ بالفعل على ان تكون وزارة السياحة من حصته، فأجاب بالنفي، وقال: «ما حَدا فَتح معي هذا الموضوع أبداً».
وقال بقرادونيان لـ«الجمهورية»: لا الرئيس ميشال عون ولا الرئيس سعد الحريري فتح معنا موضوع استبدال حقيبة السياحة، ولا علم لنا ان كانت هناك فكرة تبادل او غير ذلك. لذلك نحن لسنا معنيين بكل ما يقال حول هذا الامر، ولكن اذا كان مصير الحكومة متوقفاً على وزارة السياحة، فهذا امر يبعث على الأسف».
«القوات»: تَنازَلنا
بدورها، قالت مصادر القوات اللبنانية لـ«الجمهورية»: مسألة مبادلة وزارة الثقافة بأي وزارة أخرى لم تقارَب مع «القوات» لا من قريب ولا من بعيد، لا في بيروت ولا في اجتماعات باريس بين الرئيس المكلف والدكتور جعجع.
وللعلم، اضافت المصادر، فإنّ «القوات» سبق لها ان قدّمت تنازلات بما فيه الكفاية، سواء من الناحية الكمية وكذلك من الناحية النوعية، وبالتالي لن تتنازل أكثر. فما نأمله ونتمناه هو ان ننتهي من هذه القصة، ويتم تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن، ذلك انّ وضع البلد لم يعد يحتمل، ولا يجوز ابداً أن تعطى للناس جرعات تفاؤل بأنّ تشكيل الحكومة سيحصل، وفي الوقت ذاته نعود الى المربّع الاول لأسباب غير مفهومة وغير مبررة، وموقف القوات الذي تؤكد عليه هو انّ الخطوة التي يتوجّب الاقدام عليها قبل كل شيء آخر هي الذهاب سريعاً الى تشكيل الحكومة من دون اي إبطاء.
«الاشتراكي»: لا تَنازُل
امّا مصادر «الحزب التقدمي الاشتراكي» فقالت لـ«الجمهورية»: انّ ما يحكى عن تنازل «الحزب التقدمي» عن حقيبة الصناعة ليس صحيحاً على الاطلاق، فضلاً عن انّ موافقة الحزب على التخلي عنها غير واردة ابداً، خصوصاً انّ حقيبتي التربية والصناعة، اللتين قَبلَ بهما «الحزب التقدمي الاشتراكي»، تشكلان الحد النهائي الذي يقبل به. ومن هنا فإننا لن نتنازل اكثر ممّا سبق لنا ان تنازلنا عنه، فالمسألة لنا هي جوهرية. فقد تنازلنا أولاً عن وزير نستحقه، وهذا يكفي، وإذا قبلنا بهذا التنازل فهذا يعني أننا نهين أنفسنا، ثم ماذا سنقول لأهلنا وناسنا؟ في الخلاصة التنازل غير وارد.
«التشاوري»: إتفاق
وعلى خط «اللقاء التشاوري»، أكدت وقائع الساعات الماضية انّ اجواءه مالت بشكل واضح نحو حسم تمثيله، والاجتماع المطوّل الذي عقد بين أعضاء اللقاء بالمعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» الحاج حسين الخليل، أمس الاول، رسمَ خيوط الحل الذي تمّ التوافق خلاله، بحيث يكون الوزير الذي سيمثّل اللقاء من حصة رئيس الجمهورية، وهو من بين أحد الأسماء الثلاثة المقدّمة من قبل اللقاء.
واللافت في هذا السياق ما أعلنه عضو اللقاء النائب عبد الرحيم مراد بقوله: «انّ من يختاره رئيس الجمهورية سيُمثّل «اللقاء التشاوري» حصراً ويحضر اجتماعاته، ويصوّت داخل مجلس الوزراء بناءً على ما يقرره اللقاء، لكن في الوقت نفسه يُمكنه أن يُشارك من وقت لآخر في اجتماعات تكتل «لبنان القوي».
وفيما كشفت مصادر مواكبة أنّ «حزب الله» تمنّى على أعضاء «اللقاء» السَّير بالصيغة المطروحة، والقاضية بأن يتولى رئيس الجمهورية تسمية واحد من الأسماء الثلاثة على أن يشارك الممثل في اجتماعات «تكتل لبنان القوي»، فيما يكون اتجاه تصويته في مجلس الوزراء ملكه وحده.
تحدثت بعض المصادر عن وجود انقسام في اللقاء، جرّاء اعتراض بعض اعضائه على مشاركة ممثل «التشاوري» في اجتماعات «تكتل لبنان القوي» حتى ولو كان من حصة رئيس الجمهورية.
الّا انّ مصادر «اللقاء» ابلغت «الجمهورية» قولها: انّ الاجتماع مع خليل انتهى الى اتفاق مكتوب قضى بأن يُختار ممثل اللقاء في الحكومة من أحد الاسماء الثلاثة، (حسن مراد، عثمان مجذوب، وطه ناجي)، فيكون قراره ضمن «التشاوري»، بحيث يحضر جلسات تكتل لبنان القوي، امّا في ما يتعلق باتخاذ المواقف السياسية والقرارات والتصويت في مجلس الوزراء فتكون مرجعيته «اللقاء التشاوري».
إرتياح رئاسي
الى ذلك، عكست مصادر القصر الجمهوري ارتياحاً لدى رئيس الجمهورية لطغيان المنحى الايجابي على أمل ظهور نتائج مريحة قريباً، فيما حرصت مصادر بيت الوسط على تظهير الارتياح نفسه والامل بولادة الحكومة قبل نهاية الاسبوع، خصوصاً انّ الرئيس المكلّف ماض في وضع اللمسات المطلوبة على الحل الذي يؤمل ان يترجم بصيغة متوافق عليها من كل الاطراف.
والامر نفسه في عين التينة، حيث يشوبها ارتياح حذر، علماً أنّ بري أبلغ نواب الاربعاء بدور تسهيلي له قام به في الساعات الماضية على الخط الحكومي. وقبل لقائه النواب، ترأس بري اجتماع هيئة مكتب المجلس الذي استعرض إمكان عقد جلسة تشريعية قريبة، وحدد جدول اعمالها بـ9 بنود، على ان يحدد موعد انعقادها في وقت لاحق.
«الجمهورية القوية»
على صعيد آخر، يعقد تكتل «الجمهورية القوية» اليوم اجتماعاً في معراب وُصف بالمهم، برئاسة الدكتور جعجع. وقالت مصادر لـ«الجمهورية» انّ التكتل ينتظر نتائج مشاورات ربع الساعة الاخير التي يجريها المعنيون بتأليف الحكومة. فإذا نجحت المفاوضات ودَنت ساعة الولادة الحكومية فذلك امر مريح، اما اذا عادت الى النقطة الصفر فإنّ لهجة «التكتل» سترتفع اليوم.
واشارت المصادر الى انّ جدول أعمال الاجتماع سيتناول التطورات السياسية في البلاد، الشأن الحكومي، الجلسة التشريعية التي يستعد الرئيس بري للدعوة اليها، الى جانب عدد من الملفات الداخلية ومجموعة اقتراحات قوانين سيتقدم بها «االتكتل».
بيلينغسلي
من جهة ثانية، بدأ مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب، مارشال بيلينغسلي، زيارة رسمية الى لبنان التقى خلالها رئيسي الجمهورية والحكومة، ووزير المالية علي حسن خليل، وجمعية المصارف.
وأبلغ رئيس الجمهورية المسؤول الاميركي انّ «لبنان يشارك بفعالية في الجهود الدولية لمكافحة تمويل الارهاب وغسيل الاموال، وانّ القوانين اللبنانية تعاقب مُرتكبي اي نشاطات مماثلة جزائياً ومالياً، ويتم تطبيق هذه القوانين بحزم ودقة، وذلك بشهادة المؤسسات المالية الدولية».
وكشفت مصادر واسعة الإطلاع لـ«الجمهورية» انّ الموفد الأميركي شدّد امام عون على مجموعة «ثوابت اميركية»، منها:
– التشدد في مراقبة حركة الأموال غير النظيفة ومنع عبورها عبر النظام المصرفي اللبناني، سواء كانت للمجموعات الإرهابية او لتبييضها من قبل اشخاص او مؤسسات غير شرعية.
– لم يأت الموفد الأميركي على ذكر «حزب الله»، لكنه شدد على أهمية محاصرة المجموعات الإرهابية كما تصنّفها واشنطن، والسعي الى تجفيف مصادر تمويلها.
– التشديد على أهمية أن تبقى جمعية مصارف لبنان ووزارة المال على اتصال دائم بالإدارة الأميركية، منوّهاً بأهمية اللقاءات التي عقدها موفدوها في واشنطن لِما عكسته من تعزيز كل أشكال التعاون بين الطرفين وما بينهما ومجموعة المصارف الدولية الوسيطة بين مختلف البلدان.
– الإسراع في تشكيل الحكومة اللبنانية لمواجهة الإستحقاقات الإقتصادية التي يواجهها لبنان، ولتمسك بزمام الأمور وتسهيل إجراء الإتصالات الضرورية بالقنوات الرسمية لمواكبة اي جديد على هذا المستوى.
– التأكيد على استمرار الدعم الأميركي للمؤسسات العسكرية، وفي مقدمها الجيش اللبناني، لتعزيز قدراته في مواجهة الإرهاب، سواء جاء من النقاط الحدودية او من الداخل.
اليازجي
الى ذلك، بحث بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر اليازجي مع بطريرك موسكو وسائر روسيا كيريل في موسكو تطورات المنطقة والوضع المسيحي، وناشد اليازجي جميع الدول العمل على إيجاد حلٍّ سلميّ لكل الصراعات الدائرة في المنطقة، وصلّى من أجل لبنان كي ينعم بحكومة تؤمّن العيش الكريم لشعبها، وصلّى من أجل فلسطين والقدس والعراق وسوريا وسائر البلدان العربية.