خبر

الجيش يصطفّ مع الرئيس: لا اعتراف بالانقلاب

صحيفة الأخبار

تواصل الولايات المتحدة تزخيم محاولتها الانقلابية في فنزويلا، وسط انقسام دولي على الأزمة. أما داخلياً، وإن بدأت كراكاس تستعيد زمام المبادرة في ظلّ مواقف الجيش والدول المتضامنة، فإن انفلاش الأزمة لا يوحي بحل في القريب العاجل

لا يبدو أن محاولة الانقلاب الأميركية التي ينفذها رئيس البرلمان الفنزويلي، خوان غوايدو، انتهت إلى الخواتيم التي يريدها نظام كراكاس، في ظلّ استمرار التصعيد الداخلي والخارجي، وتوسّع الاستقطاب الدولي حول الأزمة المفتوحة. مع ذلك، فإن وزير الدفاع الفنزويلي، فلاديمير بادرينو، الذي ظهر أمس في مؤتمر صحافي محاطاً بكبار الجنرالات، أوحى بميل الكفة داخلياً إلى فريق الرئيس نيكولاس مادورو. إذ شدّد الوزير على رفض الانقلاب على الشرعية وعدم القبول بـ«الاعتراف برئيس غير شرعي جاء بدعم خارجي ومن دون انتخابات ديموقراطية من قِبَل الشعب». وجدد بادرينو وصف ما يجري في البلاد بـ«الانقلاب»، قائلاً: «أؤكد حدوث انقلاب ضد الهياكل المؤسساتية والديموقراطية والرئيس الشرعي نيكولاس مادورو».

من جهته، رأى وزير الخارجية، خورخي أريازا، في تغريدة على «تويتر» أمس، أن الإدارة الأميركية تقود الانقلاب، وهي «لا تقف وراء محاولة الانقلاب بل أمامها». وكتب قائلاً: «لقد خططوا للانقلاب في واشنطن، ويقومون بتطبيقه بشكل واضح عبر تعليمات أعطوها لدولهم التابعة لهم». في غضون ذلك، أعاد الرئيس مادورو، أمس، التأكيد على قرار قطع العلاقات مع واشنطن، معلناً أن بلاده ستغلق سفارتها وجميع قنصلياتها في الولايات المتحدة.
مقابل الاستنفار في كراكاس، تستنهض الولايات المتحدة قواها وحلفاءها لإبقاء الضغوط على فنزويلا، وتصعيد الإجراءات ضدها. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مصادر دبلوماسية أن واشنطن طلبت عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي لمناقشة الوضع في فنزويلا، وهو ما ترفضه موسكو معارِضةً عقد اجتماع يتناول «موضوعاً داخلياً» في فنزويلا. بالموازاة، أعلن مستشار الأمن القومي الأميركي، جون بولتون، أن الإدارة تركز اهتمامها على قطع الإيرادات المالية عن الرئيس مادورو وحكومته. وكرر التهديدات الأميركية لكراكاس، بالقول إن ثمة «خطوات أخرى في الاتجاه ذاته تتم دراستها»، من دون الإفصاح عن المقصود. ووصف وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، نظام مادورو، بأنه «غير شرعي ومفلس أخلاقياً»، معرباً عن استعداد بلاده لتقديم مبلغ 20 مليون دولار كمساعدات إنسانية للشعب الفنزويلي. وفي كلمة له أمس في واشنطن أمام المجلس الدائم لـ«منظمة الدول الأميركية»، دعا بومبيو جميع الدول إلى «سلوك الخيار الصحيح» والاعتراف بغوايدو، محذراً من سماهم «فلول نظام مادورو» من استخدام العنف.
على المقلب الآخر، وإلى جانب المواقف الداعمة والمتضامنة مع كراكاس من كوبا وسوريا وإيران وتركيا والمكسيك وبوليفيا، برز الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بنظيره الفنزويلي، وأعرب فيه عن «دعمه للسلطات الشرعية في فنزويلا، وسط تفاقم أزمة سياسية تسبّب بها الخارج»، بحسب ما أورد الكرملين. وفي الاتصال الذي اتفق فيه الجانبان على «مواصلة التعاون الروسي الفنزويلي في مجالات مختلفة»، ندّد بوتين بـ«تدخل خارجي مدمر يقوّض في شكل صارخ المعايير المؤسِّسة للقانون الدولي»، داعياً إلى «تجاوز التباينات في المجتمع الفنزويلي عبر حوار سلمي»، والحلول «في إطار المجال الدستوري». أما بكين، وفي رد فعل مشابه، فقد شددت على معارضة «التدخل الخارجي» في السياسة الفنزويلية. وقالت وزارة الخارجية إن «الصين تؤيد باستمرار مبدأ عدم التدخل في السياسة الداخلية للدول الأخرى، وتعارض التدخل في الشؤون الفنزويلية من قِبَل قوى خارجية»، حاثة الأطراف على السعي إلى حل سياسي «عبر الحوار السلمي ضمن الإطار الدستوري».
أوروبياً، وإن بدا المشهد مشتّتاً، فإن المواقف المتفرقة للدول أظهرت معظمها التحاقاً بالموقف الأميركي، ولو بصور متفاوتة. وهو ما ظهر في مواقف كلّ من بريطانيا، التي أعربت عن «الدعم الكامل» للبرلمان الفنزويلي وغوايدو والتشكيك في الانتخابات، وفرنسا حيث أشاد الرئيس إيمانويل ماكرون بـ«شجاعة مئات الآلاف من الفنزويليين الذين يتظاهرون من أجل حريتهم» في مواجهة «الانتخاب غير الشرعي لنيكولاس مادورو»، مشيراً إلى أن أوروبا «تدعم إعادة الديموقراطية» إلى فنزويلا. وفي حين عبّرت ألمانيا عن دعمها للبرلمان الفنزويلي، اقتصر موقف إسبانيا على الدعوة إلى «انتخابات حرة».

مواقف متضامنة
صدرت، أمس، في لبنان والعالم العربي، سلسلة ردود فعل دانت الدعم الأميركي للمحاولة الانقلابية في فنزويلا، مُعلنة التضامن مع القيادة الشرعية المُمثّلة بالرئيس نيكولاس مادورو. وفي هذا الإطار، استنكر الحزب الشيوعي اللبناني «المحاولات الأميركية الحثيثة لتقويض الأمن والاستقرار في فنزويلا، عبر السعي بمختلف الوسائل لتغيير النظام المنتخب ديموقراطياً»، معتبراً «اعتراف الولايات المتحدة برئيس انتقالي لم يكن حتى منافساً للرئيس الشرعي المنتخب، دعوة مفتوحة لتفجير حرب أهلية في البلاد». من جهته، شدد حزب الله على أن «سلسلة الاعترافات الخاضعة للإرادة الأميركية لا يمكن أن تعطي شرعية للانقلابيين»، لافتاً إلى أن «العالم بأسره يعلم أن الهدف الأميركي من التدخل… إنما هو السيطرة على ثروات ومقدرات البلاد، ومعاقبة الدول الوطنية على خياراتها السياسية المعادية للهيمنة الأميركية في العالم». ودانت حركة «حماس»، بدورها، «التدخل الأميركي السافر في الشؤون الفنزويلية، والذي يأتي ضمن سلسلة مستمرة من السياسات الأميركية العدائية تجاه الشعوب وخياراتها، وهو ما يشكل تهديداً للأمن والسلم الدوليين».