خبر

تلوث الليطاني مياه الشفة: في البقاع غير صالحة للشرب

آمال خليل – الأخبار

 

 

بالتحليل والأرقام، بات مؤكداً أن المياه التي تصل إلى منازل البقاعيين ملوثة. التلوث لم يعد حكراً على المياه السطحية في الليطاني وروافده، بل إن الكميات الهائلة من الصرف الصحي والصناعي التي تُضخّ في النهر والأودية، طاولت المياه الجوفية وشبكات التوزيع، حتى لم يعد أحد بمنأى عن التلوث الجرثومي

أصدر المركز الوطني لجودة الدواء والغذاء والماء والمواد الكيميائية في الجامعة اللبنانية، أمس، نتائج تحليل عينات مأخوذة من المياه في عدد من المنازل في بعلبك – الهرمل والبقاعين الأوسط والغربي. المصلحة الوطنية لنهر الليطاني أودعت المركز المجموعة الأولى من العينات في 16 الجاري، على ان تستكمل أخذ عينات مماثلة من بلدات أخرى.

ليست نتائج مياه البقاع أفضل من نتائج مياه الجنوب التي صدرت قبل أسابيع قليلة. في البقاع، أيضاً، المياه ملوثة، ولكن بنسب أعلى من الجراثيم والبكتيريا بسبب توافر نسب أعلى من الصرف الصناعي والصحي الذي يختلط بمياه الآبار الجوفية ويغمر بعض شبكات التوزيع. واللافت، في حالات عدة، أن تحليل المياه أظهر وجود تلوث أعلى بعد التكرير أو بعد مرورها بشبكة التوزيع!
نتائج التحليل الجرثومي لمياه الشرب والاستخدام، أظهرت أن بئراً قرب نبع شمسين تغذي بلدة بر الياس، تخطت البكتيريا فيها الحد الأقصى المسموح به لمياه الشرب بسبب تلوثها بمياه الصرف الصحي. إذ بلغت نسبة المكورات العقدية فيها 18 مستعمرة في الـ 100 ملليتر، والزائفة الزنجارية 3 مستعمرات في الـ 100 ملليتر، والقولونيات المتحملة للحرارة 80 مستعمرة في الـ 100 ملليتر، والقولونيات الإجمالية أكثر من ٨٠ مستعمرة في الـ 100 ملليتر. فيما الحد الأقصى المسموح به أقل من مستعمرة واحدة في الـ 100 ملليتر لكل نوع من هذه البكتيريا. ولم تتغير النسب كثيراً بعد خضوع المياه للتكرير في محطات الضخ التابعة لمؤسسة مياه البقاع. فالعيّنات المأخوذة من منزل أحد المشتركين في الشبكة العامة التابعة لبئر شمسين، أظهرت تخطي البكتيريا الحدود القصوى المسموح لها لمياه الشرب. إذ بلغت نسبة المكورات العقدية 45 مستعمرة في الـ 100 ملليتر (أي أعلى مما كانت عليه قبل الضخ!)، فيما لم تتغير نسب الأنواع الأخرى. وخلص التحليل إلى أن المياه «غير مطابقة للمواصفات ولا تصلح للشرب».
العينات التي اخذت من بئر تغذي بلدة مجدل عنجر، قرب نبع شمسين أيضاً، أظهرت هي الأخرى تلوثاً بمياه الصرف الصحي. ففي كل 100 ملليتر، بلغت نسبة المكورات العقدية 37 مستعمرة، والزائفة الزنجارية مستعمرتين، والقولونيات المتحملة للحرارة أكثر من 80 مستعمرة، والقولونيات الإجمالية أكثر من 80 مستعمرة أيضاً. كذلك تبين أن نسب البكتيريا كانت أعلى في المياه بعد الضخ في الشبكة العامة. وخلص التحليل أيضاً إلى أنها «غير مطابقة للمواصفات ولا تصلح للشرب».
وفي عينات نبع عين الزرقا في سحمر، الذي يغذي بعض بلدات البقاع الغربي وراشيا، بيّنت التحاليل أيضاً وجود تلوّث جرثومي. ففي كل 100 ملليتر، بلغت ‎نسبة المكورات العقدية 35 مستعمرة، والزائفة الزنجارية مستعمرتين، والقولونيات المتحملة للحرارة أكثر من 80 مستعمرة، والقولونيات الإجمالية أكثر من 80 مستعمرة. فيما تبيّن أن مياه عين الزرقا «الخارجة من محطة التكرير والضخ مطابقة للمواصفات وصالحة للشرب». إلا أن عيّنات أُخذت من منزل أحد المشتركين في الشبكة العامة التي تستفيد من النبع، تبيّن أنها «غير مطابقة للمواصفات ولا تصلح للشرب». وعزا التحليل السبب إلى أن «المشكلة تكمن في شبكات التوزيع بسبب خروج المياه نظيفة صالحة للشرب من محطة التكرير وتتلوّث قبل وصولها إلى المشتركين».
وبناءً على طلب رئيس بلدية سحمر محمد الخشن، أخذ فريق المصلحة عينات من مياه بئر سحمر. وبالنتيجة، تبيّن أن مياه البئر «غير مطابقة للمواصفات ولا تصلح للشرب». فرغم عدم وجود مكورات عقدية في المياه، إلا أن الزائفة الزنجارية بلغت 62 مستعمرة في الـ 100 ملليتر، والقولونيات المتحملة للحرارة أكثر من 80 مستعمرة، والقولونيات الإجمالية أكثر من 80 مستعمرة.

المفارقة كانت في تحليل عينات من مياه بئر مركبا الواقعة ضمن معمل مركبا لتوليد الطاقة الكهربائية التابع للمصلحة، إذ تبيّن خلو مياه البئر من البكتيريا ومطابقتها للمواصفات وصلاحيتها للشرب، علماً أن هذه المياه تستخدم لتوليد الطاقة فقط.
رئيس المصلحة سامي علوية، أرجع سبب تلوث مياه الشفة أو الاستخدام في البقاع إلى الصرف الصحي بالدرجة الأولى، ثم الصرف الصناعي الذي يصرف في نهر الليطاني وروافده والمجاري والأودية من دون معالجة، ما يؤدي إلى اختلاطه بالمياه الجوفية التي تستخدم للشفة والاستخدام المنزلي، ولفت إلى وجود 69 بلدية في البقاع تصرف مياهها المبتذلة نحو الأودية والليطاني من دون معالجة، وهي 25 في بعلبك الهرمل و 23 في زحلة و 9 في البقاع الغربي.
تلوث المياه في البقاع ليس حديثاً. عام 2007، أجرت لجنة الأشغال النيابية تحليلاً لعينات مياه أُخذت من بلدات شمسطار واليمونة وشمسين ولوسي وزحلة. وبيّنت النتائج تلوث مياه اليمونة وزحلة وشمسين بالمياه المبتذلة. هذه النتائج وردت ضمن دراسة للجنة عرضت المشكلات التي تواجه وضع المياه في البقاع، والتي تمحورت حول «نقص الموارد البشرية الكافية، وسياسة حفر الآبار العشوائية، والفشل في استغلال المياه السطحية كمصدر أساس للمياه، وعدم حماية الينابيع من تلوث المطاعم والمقاهي المحيطة بها، ووصول نوعية غير جيدة من المياه إلى المنازل أحياناً، وقدم شبكة التوزيع التي تعود إلى عام 1950، وغياب شبكات الصرف الصحي، ما يؤدي إلى تصريف المياه في الحفر التي تلوث الآبار والينابيع والأنهر، إلى الاستعمال الجائر للمبيدات والأسمدة الزراعية».

مصلحة الليطاني تشكو وزارة الطاقة!
تقدمت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني بشكوى أمس امام النيابة العامة الاستئنافية للبقاع ضد وزارة الطاقة والمياه الوصية على المصلحة، والمتعهدين «مؤسسة صلاح صالح» و«مؤسسة مارويس البعيني» المكلفين من الوزارة تمديد شبكات مياه في بلدة القرعون. وتبين للمصلحة بحسب الشكوى بأن المتعهدين «يقومون برمي نفايات وردميات ناجمة عن الاشغال في بحيرة القرعون على نحو يشكل تعدياً من متعهد اشغال عامة على الاملاك العامة والبيئة والمياه ويقوض الجهود الرامية الى رفع التلوث وهدر المليارات المرصودة لصالح الوزارة نفسها لتنفيد مشاريع رفع التلوث».
وبعد ساعات استدعى النائب العام الاستئنافي في البقاع القاضي منيف بركات المدعى عليهم الى مخفر القرعون والزمهم بمباشرة رفع الردميات من البحيرة وحرمها. وقد بدأ رفع الردميات مع ساعات الليل. الا ان رئيس المصلحة سامي علوية قال في اتصال مع «الاخبار» انه لن يسقط الشكوى رغم ازالة الردميات «بسبب الضرر الذي تسببت به».