أردوغان إلى موسكو… والمنطقة الآمنة في مواجهة «أستانة»… وموقف روسي يضع النقاط على الحروف
بري: العلاقة بعون ممتازة… والحريري يَعِد بالحكومة خلال أسبوع… وأقلّ
عودة لحكومة الثلاثين… و«وزير ملك» للقاء التشاوري لا يصوّت في الخلافات الكبرى
كتب المحرّر السياسيّ – البناء
يبدو اللقاء الذي سيجمع اليوم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالرئيس التركي رجب أردوغان، مفصلياً لرسم صورة المنطقة، ومستقبل الصورة الضبابية حول مستقبل سورية التي حاولت رسمها الغارات الإسرائيلية التي أراد أصحابها الإيحاء بالرضى الروسي عنها، كما التهديدات التركية بالمنطقة الآمنة بدعم أميركي، وإيجابية كردية، يقول الأتراك إنها حصيلة التفهم الروسي للطلب التركي. ففي لقاء اليوم سيضع الرئيس الروسي النقاط على الحروف التي تقطع الشك باليقين، بكلمات موجزة سيتضمنها بيان ما بعد القمة، سيكون الأهم فيه أبعد من الإشادة بالعلاقات الثنائية وتفهّم الهواجس التركية، في إعلان التمسك بمسار أستانة ووحدة وسيادة سورية، وشرعية دولتها ورئيسها وجيشها، كما قالت مصادر متابعة للعلاقات الروسية السورية والعلاقات الروسية التركية، وسيكون ما تأخذه روسيا على عاتقها، وفقاً لهذه المصادر، من ضمن هذه التأكيدات التمهيد للقاءات سورية تركية برعاية روسية، تناقش المصالح المشتركة بالقضاء على الإرهاب في إدلب والمخاوف المشتركة من مشروع تقسيمي في شرق الفرات، وضمان الأمن التركي عبر الحدود، وفقاً لما قالته المصادر نفسها. أما لجهة الغارات الإسرائيلية فالمصادر تقول إن سورية في وضع ممتاز عسكرياً والتبجح الإعلامي لا يصنع انتصارات إسرائيلية لم تتحقق في الميدان، أما عن العلاقات السورية الإيرانية والروسية الإيرانية، فتقول المصادر إن كل ما يُشاع من سلبيات حولها ليس إلا أحلام وأوهام. فهذه العلاقات أفضل من أي وقت مضى، والحلف المتماسك يزداد تماسكاً بعدما لمس أطرافه حجم الإنجازات التي تحققت لأطرافه بفعل هذا التماسك، وليس بحساب أحدهم التفريط بهذا الحلف وتماسكه وتمسكه بالثوابت التي قام على أساسها.
لبنانياً، عادت الحياة للحراك الحكومي على قاعدة البحث بصيغة حكومة ثلاثينية بعدما تبلّغ الرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة سعد الحريري رفض رئيس مجلس النواب نبيه بري القاطع للبحث بحكومة من إثنين وثلاثين وزيراً يستبدل فيها الوزير العلوي المفترض بوزير سني بصورة تخلّ بالتوازن الطائفي في التمثيل بين الطوائف الثلاث الكبرى في كل حكومات ما بعد اتفاق الطائف. والصيغة الثلاثينية الجديدة كما قالت مصادر متابعة ستقوم على محاور المبادرة ذاتها التي قادها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم عبر تسمية وزير يمثل اللقاء التشاوري من حصة رئيس الجمهورية، لكن على قاعدة تمثيله للقاء التشاوري في كل مباحثات الحكومة، وتعهّده بعدم التصويت في قضايا الخلاف التي تستدعي تصويت الثلثين، التي يكون فريق رئيس الجمهورية قد صوّت ضدها، فيحول دون تحقق الثلثين بوجه رئيس الجمهورية، مقابل المقعد الذي قدّمه الرئيس من حصته، دون أن يكون جزءاً من تكتل لبنان القوي، ودون أن يصوّت مع الفريق الرئاسي في القرارات العادية لمجلس الوزراء، ودون أن يكون رسمياً ضامناً لامتلاك رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر للثلث المعطل، بل محققاً لطمأنة هذا الفريق بعدم إمكانية تعرّضه لتصويت بالثلثين ضده في القضايا الرئيسية.
الرئيس بري الذي استقبل الرئيس الحريري تحدث بلغة إيجابية تفاؤلية مشيراً إلى علاقة ممتازة مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وإلى علاقة جيدة بوزير الخارجية جبران باسيل، ناقلاً عن الحريري قوله إن الحكومة ستولد خلال أسبوع أو أقلّ.
يطوي التأليف الحكومي بعد أيام قليلة شهره الثامن من دون أن تبصر الحكومة النور، فكل الاتصالات الجارية لا توحي على الإطلاق أن الأمور وصلت إلى خواتيمها السعيدة وأنّ الحكومة ستُبصر النوع خلال هذا الأسبوع، لكن الأكيد أيضاً أنّ اتصالات الساعات الماضية أسقطت صيغة الـ 32 وزيراً إلى غير رجعة، لتعود وتستقرّ الأمور على صيغة الثلاثين وزيراً.
وأمس زار الرئيس المكلف سعد الحريري رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التينة، بعد أن استقبل أول أمس رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل في بيت الوسط. وأكّد بري أنّ الحريري بصدد تكثيف المساعي آملاً ان ترى الحكومة العتيدة النور خلال أسبوع او أقلّ. ولفت الى أنّ صيغة الـ 32 غير مطروحة عند الحريري. وشدّد بري على عدم وجود «مشكلة على الإطلاق بيننا وبين الرئيس المكلف ككتلة التنمية والتحرير أو كتلة الوفاء للمقاومة»، مؤكداً على العلاقة الجيدة التي تجمعه برئيس الجمهورية ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل. وفي ما يخص دعوة النائب جميل السيّد الى عقد جلسة لمناقشة الحريري في التأليف وسحب التكليف، قال بري: «أعرف واجباتي ومصلحة البلد وتركيبته وما يحتاج اليه». وأوضح بري أنه إذا لم يصبح الوعد قاطعاً ولم تؤلف الحكومة سيطلب من مجلس الوزراء الانعقاد للسير بموضوع الموازنة، مشيراً الى إمكان عقد جلسات تشريعية.
وكان النائب جميل السيّد طالب بـ»ثورة نيابية من فوق من أجل التأليف الحكومي»، وتمنى في مؤتمر صحافي، على رئيس مجلس النواب نبيه بري «الدعوة الى جلسة نهاية الأسبوع لمناقشة الواقع الحكومي، على ان تنتهي بالتصويت على سحب التكليف، وإذا كانت بالغالبية تسحب التكليف».
وفي هذا السياق، تشدّد المصادر المعنية بالملف الحكومي لـ»البناء»، على أن الأمور لا تزال تدور في الحلقة نفسها المتمثلة بإيجاد حلّ لعقدة وزير اللقاء التشاوري، مشددة على أنّ الواقع يشير إلى أن الحلّ عند رئيس الجمهورية وتكتل لبنان القوي بتنازلهما عن الوزير السني لصالح سنة الثامن من آذار لا سيما ان تجربة رئيس الدولية للمعلومات جواد عدرا قد سقطت. فاللقاء التشاوري لن يرضى باسم يكون من حصة رئيس الجمهورية، فهو يطالب بوزير يمثله داخل مجلس الوزراء. ولفتت المصادر الى أنّ طريق الحل ليس مغلقاً نهائياً لا سيما إذا أخذ بعين الاعتبار على سبيل المثال تمثيل حزب الطاشناق داخل الحكومة، فالوزير افيديس كيدانيان هو ممثل حزب الطاشناق في مجلس الوزراء ومن ضمن تكتل لبنان القوي.
ورأت مصادر عين التينة لـ»البناء» أن الرئيس نبيه بري لا يزال موقفه القائل إنّ الحلّ هو عند رئيس الجمهورية وليس في أيّ مكان آخر، مشدّدة على أنّ الأجواء إيجابية لكن علينا انتظار ما ستؤول اليه الامور في الساعات المقبلة، مشددة على انّ التطورات الأخيرة تفرض على لبنان الإسراع في التأليف، مشددة على انّ التأليف لن يكون إلا وفق الـ 10-10-10، بعيداً عن اأيّ توتر في العلاقة مع الرئيس عون والوزير جبران.
وتحدّثت مصادر مطلعة لـ»البناء» عن أن صيغة الـ 32 وزيراً التي حملها باسيل الى بيت الوسط وتنص في مكان ما على توزير سني سابع بدلاً من العلوي، من أجل إعطاء الرئيس المكلف سعد الحريري وزيراً سنياً إضافياً، باءت بالفشل رغم موافقة رئيس الجمهورية وتكتل لبنان القوي عليها، فالثنائي الشيعي رفضها قبل ان يطلع عليها من منطلق أنه يعطي السنّة 7 وزراء مقابل 6 للشيعة و6 للموارنة وهذا يضرب المثالثة في التوزيع. وفي هذا السياق، تشدّد المصادر على ان صيغة الـ32 وزيراً التي طرحت في بداية المفاوضات والتي تضيف وزيراً مسيحياً من الأقليات ووزيراً علوياً رفضها الحريري من جهته، لأنه لن يقبل بتكريس عرف توزير العلويين.
ورحّبت كتلة المستقبل بعد اجتماعها في بيت الوسط برئاسة النائب بهية الحريري بالمساعي التي أطلقها الرئيس الحريري لتشكيل الحكومة مباشرة بعد انتهاء القمة، ودعت كل الأطراف التي يتواصل معها الرئيس المكلف إلى التعاون معه ومع رئيس الجمهورية للوصول إلى حكومة وفاق وطني، بما يحترم الدستور ومصلحة المواطنين والاستحقاقات الداهمة التي يواجهها لبنان، بعيداً عن طروحات من شأنها إعادة الجهود للوصول إليها إلى المربع الأول، خصوصاً أن شكل الحكومة وتركيبتها الأساسية جاهزة منذ أكثر من شهرين.
إلى ذلك، يجتمع نواب اللقاء التشاوري يوم الجمعة في منزل النائب جهاد الصمد، وسيتطرّق للبحث في الملف الحكومي. وأكدت مصادر اللقاء التشاوري لـ»البناء» أن الأمور لا تزال على حالها فأحد من المعنيين لم يتصل بنا، مشدّدة على أن أيّ حل لن يكون على حسابهم، فالأمر بات مسلماً به من الجميع، والكرة في ملعب بعبدا وبيت الوسط، فهما المعنيان الأساسيان بإيجاد حل لتمثيلنا إما بتنازل الرئيس عون عن الوزير السني او تنازل الرئيس المكلف.
كذلك تجتمع لجنة المتابعة التي انبثقت من لقاء بكركي بعد غد الجمعة والتي تضمّ النواب: ميشال معوض، جورج عدوان، سامي الجميّل، إبراهيم كنعان، فريد هيكل الخازن، اسطفان الدويهي وهادي حبيش، بالإضافة إلى المطران سمير مظلوم، لمتابعة المواضيع التي بحثتها قمة بكركي برئاسة البطريرك بشارة الراعي حيث سيُصار إلى تجزئة المواضيع ليُصار إلى نقاشها بدقة وصولاً إلى اتخاذ مواقف مشتركة بين الفرقاء بشأنها.
من ناحية أخرى حطّ وفد عسكري أميركي في بيروت أمس، فزار قائد القيادة الوسطى الأميركية الجنرال جوزف فوتيل على رأس وفد عسكري، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري وقائد الجيش العماد جوزاف عون بحضور السفيرة الأميركية اليزابيت ريتشارد، وجرى البحث في العلاقات الثنائية بين جيشي البلدين وحاجات الجيش اللبناني المختلفة في إطار برنامج المساعدات الأميركية المقررة له. وجدّد الرئيس عون تمسّك لبنان بتطبيق القرار 1701، والمحافظة على الاستقرار على الحدود على رغم الخروق الإسرائيلية المستمرّة.