ميسم رزق – الأخبار
استكمالاً للعملية التي أطلق عليها الرئيس سعد الحريري صفة «المحاسبة» بعد الانتخابات النيابية، أجرى الأخير سلسلة تعيينات في التيار شملت منسقيات ومكتب الأمانة العامة. الجو الداخلي للتيار يشي بأن الأمور ليست على ما يُرام، خصوصاً أن بعض التسميات أتت نافرة ومستغربة
بعدَ مخاض عسير في الانتخابات النيابية الأخيرة، دخلَ تيار «المُستقبل» مرحلة تنظيمية جديدة. لم تمضِ إلا أيام على النتائج التي أظهرت تآكلاً في شعبية الرئيس سعد الحريري حتى خرج الأخير مُلقياً المسؤولية على عاتِق كوادره الانتخابية، واعداً بالمحُاسبة. إقالات بالجملة لمُنسقين ومُنسقيات ومسؤولي ماكينات وموظفين إداريين وتنظيميين أمرَ بها رئيس الحكومة المكلف، كانت بمثابة خطوة أولى. تبِعتها إجراءات أخرى تمثّلت بتجميد عمل مجالس منسقيات كل من بيروت، البقاع الغربي والأوسط، الكورة وزغرتا. تجميد عمل هيئة شؤون الانتخابات وتشكيل لجان من النخب الأهلية وأصدقاء التيار والناشطين في نطاق عمل منسقيات بيروت والبقاعين الغربي والأوسط. يومها أوحت إجراءاتُه التي كانت مُفاجئة في جانب منها، بأن زعيم «المستقبل» قرّر أن يقلِب الأمور رأساً على عقب بالمعنى الإيجابي، وترافقت مع معلومات عن أن التغيير سيطاول الأمانة العامة للتيار، وهكذا حصل.
أول من أمس، أصدرَ الحريري سلسلة قرارات تنظيمية على صعيد إعادة تشكيل التيار، تضمنت تعيين النائب السابق عمار حوري مستشاراً في مكتبه، بعد رفض الأخير تولي منصب المنسق العام لبيروت. وأعاد الحريري تشكيل مكتب الأمانة العامة، لكنه ثبّت تعيين أحمد الحريري أميناً عاماً. أما الأعضاء فهم: النائب السابق عقاب صقر (مساعداً للأمين العام للشؤون السياسية والتثقيفية، وله صفة استشارية في مكتب الرئيس)، وسام شبلي (مساعداً للأمين العام للشؤون التنظيمية)، جلال كبريت (مُساعداً للأمين العام لشؤون الفعاليات التمثيلية)، فادي تميم (مساعداً للأمين العام لشؤون العلاقات العامة)، عبد السلام موسى (منسقاً عاماً لشؤون الإعلام)، أحمد رشواني (منسقاً عاماً لشؤون العلاقات الخارجية)، محمود الجمل (عضواً في مكتب الأمانة العامة)، محمود القيسي (عضواً في مكتب الأمانة العامة، ورندة كعكي (أمينةً للسر). كذلك عيّن سامر سوبرة منسقاً عاماً في بيروت، وسعيد ياسين منسقاً عاماً في البقاع الأوسط، وعلي صفية منسقاً عاماً في البقاع الغربي وراشيا. ومن ضمن القرارات التي اتخذها، توحيد النطاق الجغرافي للمنسقيات الثلاث الآتية: الكورة، زغرتا، البترون وجبيل في نطاق جغرافي واحد، وتكليف مكتب الأمانة العامة اتخاذ إجراءات التوحيد بين الهيئات التنظيمية للمنسقيات الثلاث السابقة خلال فترة شهرين.
اللافت أن التعيينات الجديدة التي أجراها الحريري لم تُحدث ارتياحاً داخل التيار، بل على العكس. فقد انقسمت الآراء حولها بين اللامبلاة أو الامتعاض، وكشفت عن أن التغييرات التي حصلت بداية لم تكُن أكثر من عدّة شغل سياسية لإراحة القاعدة الشعبية، لكن من دون أن يكون لها ترجمة فعلية. ومن السابق لأوانه معرفة كيفية تعامل الجمهور مع التعيينات الجديدة. أما على الصعيد الداخلي للتيار، فكان واضحاً أن الأمور ليست على ما يُرام، خصوصاً أن بعض التسميات أتت «نافرة ومستغربة» لكثيرين من كوادر «المستقبل».
تقول مصادر في التيار إن «نقطة الضعف الأساسية في التسميات تكمُن في أن الحريري نقل إدارة التيار من الجيل الأول والمؤسس مباشرة إلى الجيل الثالث، الجيل الشاب الذي لا يملك الخبرة الكافية للنهوض بالمنسقيات». أما بعض الأسماء التي عُيِّنَت في مناصب جديدة، فهي في الأصل «تعُد عند الكثير من المستقبليين ذات دور سلبي في العمل التنظيمي، كبسام عبد الملك (عيُن أمين سرّ) وبسام شكر (عضو في مكتب الأمين العام)»، يُضاف إليهما شبلي «الذي كان أصلاً من ضمن الكوادر الانتخابية وعضواً في المكتب السياسي». وبحسب المصادر، فإن الامتعاض الأكبر يأتي من قاعدة التيار في بيروت، خصوصاً أن الحديث بعدَ الانتخابات كان يتركّز على تحسين منسقية العاصمة بشكل أساسياً، حيث إن إدارة العملية الانتخابية كانت فاضحة، وأظهرت صراعاً كبيراً بين مراكز النفوذ داخل التيار بشكل قسّم الماكينة الانتخابية فيها إلى ماكينات. وبعدَ أن كان من المقرر تعيين المحامي عمر الكوش منسقاً عاماً في بيروت، كشفت المصادر أن «فريق الرئيس فؤاد السنيورة ضغط بشكل أساسي لاستبداله بسامر سوبرة»، ونجح في ذلك. كذلك جرى تعيين فادي تميم، «القريب من السنيورة»، مساعداً للأمين العام لشؤون العلاقات العامة، علماً بأنه، كرئيس لـ«النادي الثقافي العربي»، يحظى باحترام واسع.
أما العنوان الثاني الذي شكّل مفاجأة داخل أروقة التيار، فكان عودة النائب عقاب صقر إلى الواجهة، بعد الضجة التي أثيرت حول دوره إبان أزمة احتجاز رئيس الحكومة في السعودية. إذ يدور نقاش بأن تعيينه مستشاراً للحريري، وللأمين العام أحمد الحريري، خطوة أولى نحو توكيله مهمّة أخرى لها علاقة بقطاع الإعلام في المستقبل، علماً بأن صقر كان يعبّر دوماً عن رفض أي منصب إعلامي في التيار. ومنذ نحو سنة ونصف لم تتوقف المعلومات التي تتحدث عن صراع بينه وبين مدير تحرير جريدة المستقبل جورج بكاسيني، الذي كان اسمه متداولاً لتولي منسقية الإعلام بدلاً من عبدالسلام موسى قبل تثبيت الأخير في موقعه. وقد يتطور هذا الصراع بعد إقفال الصحيفة ورقياً، خصوصاً أن بكاسيني يسعى عند الرئيس الحريري إلى تولي إدارة الموقع الإلكتروني المشترك الذي سينشأ لمؤسسات التيار كافة، وكذلك لإدارة قناة «المستقبل» بدلاً من حسين الوجه وعماد عاصي!