خبر

«حزب الله» للحريري وباسيل: خلّصونا

راكيل عتيّق – الجمهورية

 

كثيرون يقولون لـ«حزب الله»: «خَلّصونا»، ويتهمونه بعرقلة تأليف الحكومة لدوافع أقلها راهناً تكريس «وجود طائفي» مؤثِّر أو إثبات انتصار محور إقليمي، وأقصاها افتعال أزمة نظام لتعديل الدستور اللبناني، وعقد مؤتمر تأسيسي لتكريس المثالثة الطائفية المسيحية – السنّية – الشيعية على حساب المناصفة المسيحية – الإسلامية التي كرّسها «اتفاق الطائف» عام 1989. إلّا أنّ «الحزب» يردّ الاتهام ويرميه مباشرة عند رئيس الحكومة المُكلف سعد الحريري، ومواربةً عند رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل.
قانون الانتخابات النيابية النسبي، «إنجاز العهد» كما يصفه فريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وباسيل وأحد إنجازات «اتفاق معراب» والمصالحة بين «التيار» و»القوات اللبنانية» المعدودة، كرّس مجلس النواب مجلساً للطوائف وللاحتكار داخل الطائفة إلى حدّ كبير باستثناء الطائفة السنية التي أفرزت 10 نواب من خارج كتلة تيار «المستقبل».

وبذلك، تتحكّم الكتلة، أو الكتل النيابية الأكبر لكل طائفة، وإن تلوّنت بنائب أو أكثر من طوائف أخرى، بحصة الطائفة الوزارية، خصوصاً في ظلّ الإصرار على تأليف حكومة وحدة وطنية تضمّ جميع المكوّنات.

الحصة الشيعية الوزارية ذهبت حُكماً للثنائي الشيعي «حزب الله» وحركة «أمل»، استناداً إلى نتائج الانتخابات النيابية. كذلك، قُسِّمت الحصة المسيحية بين عون و»التيار» و»القوات» ومقعد وزاري مُحتمل لتيار «المردة»، باستثناء الوزير المسيحي الذي بادله عون مع الحريري بآخر سني، «لدواعي العيش المُشترَك»، وبُغية إظهار أنّ الرئيس لكل الطوائف وليس للمسيحيين فقط.

وبموجب هذه المبادلة، يعتبر باسيل أنّ على الحريري التنازل عن مقعد وزاري للنواب الستة السنة وليس عون. فمن مقرّ البطريركية المارونية في بكركي، حيث عُقد خلال الشهر الجاري «لقاءٌ ماروني»، أعرب باسيل عن تمسُّكه بـ11 وزيراً بغض النظر عن غايات هذا التمسّك، وبرمي الكرة في ملعب الحريري لا «حزب الله» الذي يتمسّك بتمثيل «اللقاء التشاوري».

فقال باسيل: «حجمُ كتلتنا يخوّلنا الحصول على 8 وزراء، وصادفت أنها تُشكِّل مع حصة رئيس الجمهورية (3 وزراء) 11 وزيراً، فلماذا تريدوننا أن نتخلّى عن حقنا؟».

وفي وضوح، أعلن باسيل ما يُشير إلى أنّ العرقلة مستمرة، فقال: «السني المطلوب منا أن نعطيه لفريق آخر غير مقبول، لأننا بادلنا المقعد السني بمسيحي مع الحريري وبالتالي على الحريري أن يُعطي «اللقاء التشاوري» من حصته لا نحن».

تنازُل الحريري عن مقعد لا يحقق كل أهداف «حزب الله»، حسب ما تشرح مصادر متابعة، فصحيح أنه بذلك يكون كسَر احتكار الحريري الوزاري للحصة السنية وثبّت في الوقت نفسه قدرته على تعطيل تأليف الحكومة و»كلمته الحاسمة» داخلياً، إلّا أنه يكون سمح لباسيل في الحصول على «الثلث المُعطِّل»، الهدف الذي تعتبر المصادر أنه أهم بالنسبة الى «الحزب» من تحقيق مكاسب على حساب الحريري، فالحزب يعتبر أنّ الانتخابات النيابية «كَسرت» الحريري ولا داعي لمعركة بالأسلحة الثقيلة لتحجيمه، على عكس باسيل الذي تزداد قوته ويتوسّع نفوذُه وحضورُه في الدولة. وصحيح أنّ الحزب يتمسّك بحلفائه ويدعمهم ولكن «ليس ليقووا ويستقووا عليه».

الواضح والمؤكّد أنّ «حزب الله» لن يتراجع ولا حكومة من دون تمثيل «اللقاء التشاوري». في العلن، يقول الحزب إنه يرى أنّ عدالة التمثيل وفقاً لنتائج الانتخابات النيابية تقضي بأن يتنازل الحريري عن مقعد وزاري للنواب الستة. وفي الأمس، أكّد عضو المجلس المركزي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق أنّ «الوقت مهما طال، فإنّ تمثيل السنة المستقلين بات من ثوابت الحكومة الجديدة، لأنّ الانتخابات النيابية جعلت منهم جزءاً من المعادلة السياسية ورقماً صعباً يصعب تجاوزه».

هذا الكلام لا يُقنع جهات معارضة ترى أنّ «حزب الله» هو الذي يعرقل تأليف الحكومة «لمكاسب طائفية حزبية فئوية»، وتسأل: «يوعظون الحريري وغيره بالمصلحة الوطنية ويَدْعونه الى التنازل، لماذا لا يتنازلون هُم ويتخلّون عن الإصرار على تمثيل «اللقاء التشاوري»، الذي لن يُغيّر معادلات في البلد ولن يُشعِر طائفة أو مكوّناً بالغبن ولن يؤجِّج أزمات أو يؤدّي إلى معارضة شعبية؟».

يصرّ «حزب الله» على نفي هذه «التُهم»، وتؤكّد مصادره لـ»الجمهورية»: «على عكس هذا الكلام نحن نريد حكومة، لكنّ المسؤول عن ذلك، أي الحريري «بغير عالم»، معتبرة أنّ «وزيراً واحداً لن يكسر الحريري مثلما يُقال، ولكن عليه أن يعترف بالواقع فهناك 10 نواب سنة من خارج كتلته».

وتقول: «نحن لا نحدّد مِن حصة مَن نريد أن يتمثّل «اللقاء التشاوري»، فليتفق الحريري مع جبران باسيل ويُشكّلوا حكومة ويخلّصونا».

وفي حين يرى الحزب نفسه في موقع يسمح له بعرقلة التأليف، تدور أحاديث ومعلومات عن طلب أميركي بعدم تمثيله أو تحجيمه في الحكومة «من أجل مصلحة لبنان». وذلك يأتي على «خط كسر إيران في المنطقة» مثلما يجري في العراق وسوريا. لكن يبدو أنّ لـ»حزب الله» قراءة أخرى، فما يقرأه البعض تقهقراً لإيران يراه الحزب انتصاراً.

وتقول مصادر الحزب: «ما يخسره الأميركي في الحرب يحاول تعويضه في السياسة، لكنّ تمثُّلنا في الحكومة أمرٌ يعني الدولة اللبنانية فقط، ونحن شريحة من الشعب اللبناني، ومُمثَّلون في مجلس النواب ولا نستجدي مُشاركتنا في الحكومة من أحد».

وإذ تصرّ هذه المصادر على أنّ «البعض يقرأ ما يحصل في الإقليم «بالمقلوب» وبطريقة خاطئة، فمحورنا هو المنتصر»، تؤكّد «أننا لا نطالب ولم نطالب يوماً بثمن لهذا الانتصار في الداخل».

وماذا عن التمسّك بتمثيل «اللقاء التشاوري» على حساب المصلحة الوطنية، حسبما يرى البعض؟ تجيب المصادر: «هناك 6 نواب في المجلس النيابي يمثلون الشعب اللبناني ونحن نقف مع مطلب محق، فتمثُّل النواب الستة حقُهم ولو لم يكن حقُهم لما تشدّدنا في دعمهم».