خبر

الإعتذارات العربية تتواصل… والقمة الاقتصاديــة على مستوى هزيل

صحيفة الجمهورية

 

 

في ظل أوضاع إقليمية متشنّجة، وفي غياب شبه شامل للقادة والزعماء العرب، تنعقد القمة العربية الاقتصادية والتنموية بعد غد الأحد، بتمثيل عربي هزيل، نتيجة خفض الاكثرية الساحقة من الدول العربية مستوى مشاركتها فيها، اذ تلاحقت أمس الاعتذارات عن حضورها على مستويات رفيعة، ما دفع بعض المعنيين الى القول «انّ انعقاد القمة على مستوى هزيل، سيكون المرادف للفشل بعينه». فهذه القمة ستنعقد في غياب الملوك والرؤساء (باستثناء رئيسي موريتانيا والصومال)، وكذلك في غياب رؤساء حكومات وحتى وزراء خارجية، وذلك في سابقة قلّما شهدتها قمة عربية منذ تأسيس جامعة الدول العربية عام 1945. وفي وقت أراد لبنان من خلال انعقاد القمة على أراضيه إبراز دوره، جاء مستوى الحضور فيها ليكشف أولاً، مدى هزال الديبلوماسية اللبنانية وفشلها، وثانياً، عدم قدرة الدولة على إقناع اي دولة عربية بحضور فاعل في هذه القمة.
ونقل زوار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عنه استغرابه لمسلسل اعتذارات الملوك والرؤساء والأمراء العرب، بعدما كانوا أكدوا حضورهم القمة.

وقال هؤلاء الزوار لـ«الجمهورية» انّ في هذه الاعتذارات ما يثير القلق، فالوضع الأمني في لبنان ممسوك على رغم بعض الخروقات التي تركت ردّات فعل سلبية، إلا أنها لا تمس بأمن القمة وحماية الشخصيات التي ستشارك فيها.

ونقل الزوار عن رئيس الجمهورية، الذي تتبّع التحضيرات الجارية للقمة، قوله «انّ لبنان قدّم كل ما طلب منه لتكون قمة مميزة».

وإذ أسف عون لما جرى، أكد أنه «على رغم ما حصل فإنّ القمة ستعقد في بيروت بمَن حضر وفي موعدها»، متمنياً «ان تحقق الأهداف التي رسمت لها».

ابو الغيط

وقال زوار عون لـ«الجمهورية» انّ الأمين العام للجامعة العربية «لم يُخف امام رئيس الجمهورية أسفه الشديد لِما تركه الاعتداء على العلم الليبي من ردّات فعل سلبية»، معتبراً «انه خطأ لا يبرّر بأيّ شكل من الأشكال ونادراً ما حصل ذلك في مثل هذه المناسبات العربية الجامعة، وخصوصاً على مستوى القمة، وربما هو من الأسباب التي أطاحت التحضيرات التي أنجزها لبنان على اكثر من مستوى أمني وتنظيمي وإداري».

مفاجآت

ولكن على رغم مسلسل الاعتذارات، فقد توقفت مراجع ديبلوماسية عربية ولبنانية عند إشارة الأمين العام للجامعة العربية الذي تحدث رداً على سؤال عن مستوى التمثيل العربي في القمة وشكل الحضور، لافتاً الى «انّ شكل الحضور لم نتبيّنه بعد وهو لم يُحسم بعد». داعياً الى ان «ننتظر لنعرف كيف سيكون الحضور».

وكشفت هذه المراجع لـ«الجمهورية» ان «هناك ما يعزز الإعتقاد بحصول مفاجآت في أن يغيّر بعض الرؤساء العرب رأيهم ويقرروا المشاركة في القمة في اللحظات الأخيرة لألف سبب وسبب، ولاسيما الجانب الأمني الذي يتحكّم بحركة البعض منهم».

مسلسل الإعتذارات

وكان لافتاً امس أن تَجدّد مسلسل الإعتذارات العربية عن المشاركة في القمة على مستوى الرؤساء والأمراء العرب، فبعد القرار الذي اتخذه امير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني امس الأول، فاجأ امير الكويت الشيخ صباح الاحمد الصباح المراجع المعنية باعتذاره امس في رسالة نقلت عبر سفارة بلاده في بيروت.

لكنها ابلغت الى الجانب اللبناني حجم الوفد الكويتي الكبير الذي سيصل غداً، ويضمّ الى رئيس الحكومة الكويتية، نائب رئيسها وزير الخارجية صباح الصباح، وزير المال نايف الحجرف ومدير الصندوق الوطني للتنمية الكويتية عبد الوهاب البدر.

وكان لافتاً أمس الموقف الذي عبّر عنه السفير السوري في بيروت علي عبد الكريم علي، الذي تلقى دعوة من وزير الخارجية جبران باسيل للمشاركة في القمة، عندما قال في تصريح له: «اعتذرتُ عن حضور قمة بيروت كون الجامعة العربية هي المنظمة، وحتى الآن الجامعة في وضع غير صحيح تجاه سوريا».

أسباب الاعتذارات

وعلمت «الجمهورية» انّ اسباب تدحرج سلسلة الاعتذارات عن حضور القمة هي التالية:

1 ـ الدول العربية، ولاسيما منها الخليجية، تعتبر لبنان في المحور السوري ـ الايراني

2 ـ المخاوف من التهديدات الامنية التي صدرت الاسبوع الماضي عن عدد من المسؤولين اللبنانيين.

3 ـ الحوادث التي حصلت حيال الدولة الليبية وإنزال عَلمها.

وذكرت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية» انه غداة هذه الحادثة حصلت مشاورات بين عدد من الرؤساء والملوك العرب، وتقرّر في ضوئها عدم حضور القمة.

ويُضاف الى هذه الاسباب، معلومات وردت الى الدول العربية الفاعلة ومفادها أنّ لبنان يسعى الى إقناع الجامعة العربية بإعادة سوريا اليها لكي تدعو الدولة اللبنانية النظام السوري الى حضور القمة.

وأمام مجموع هذه الاسباب السياسية والديبلوماسية التي تدفع الى عقد القمة في لبنان بهذا المستوى الهزيل، من الافضل ان يقدم رئيس الجمهورية على إلغائها، على حدّ قول أحد المراقبين الذي أضاف: «إنّ الحكم اللبناني يحصد اليوم ما زَرعه من تحالفات خارج سياق علاقات لبنان التقليدية مع العالم العربي، إلّا أنّ الأمر الغريب هو أنّ العرب يدّفعون الحكم اللبناني ثَمن دعمه «حزب الله» والدفاع عنه في المحافل العربية، في وقت انّ الحزب وحلفاءه يفشّلون انعقاد القمة في لبنان».

وصول وفود

وكان وصل أمس الى بيروت وفد دولة الامارات العربية المتحدة، وضَم وزير الاقتصاد سلطان بن سعيد المنصوري الذي أثنى على «أهمية انعقاد هذه القمة في لبنان»، معتبراً انها «ترسّخ دوره الاقتصادي»، ومشيراً إلى «أنه سيتم عرض ومناقشة أهمية الاقتصاد الرقمي لِما له من أهمية على صعيد التجارة الإلكترونية والبينية بين الدول العربية».

وأكد «أهمية العلاقات اللبنانية – الإمارتية وتميّزها». ورأى «أنّ الجامعة العربية هي بيت كل العرب، ومن الضروري التلاقي ومناقشة كل الأمور».

كذلك وصل ليلاً وفد قطر الذي يضمّ، الى رئيس الحكومة، نائب وزير الخارجية محمد عبد الرحمن آل ثاني، وزير المال علي اسعد العمادي، وزير التجارة والصناعة علي احمد كواري ووزير الدولة للشؤون الخارجية سلطان سعد الخريفي. كذلك وصلت وفود فلسطين والعراق والسودان.

رسالة باسيل

وعلى بعد ساعات من انعقاد القمة، حصلت «الجمهورية» على مضمون رسالة أعدّها وزير الخارجية جبران باسيل لإرسالها الى الأمين العام للجامعة العربية أحمد ابو الغيط، يطلب فيها الدعوة الى اجتماع إستثنائي لمجلس وزراء الخارجية العرب على وجه السرعة من أجل عودة سوريا الى الجامعة العربية، لكنّ الرئيس المكلّف سعد الحريري رفضَ هذا الطلب ومنعَ باسيل من توجيه الرسالة الى ابو الغيط.

وكان باسيل قد أعدّ في 2 كانون الثاني الجاري كتاباً لإرساله الى أبو الغيط عرضَ فيه لمسار الأزمة في سوريا قائلاً: «اليوم حان الوقت لإصلاح الخطأ، لذلك نطلب من معاليكم الدعوة لاجتماع إستثنائي لمجلس وزراء الخارجية العرب على وجه السرعة من أجل عودة سوريا الى الجامعة العربية ووَقف العمل بقرار تعليق العضوية، ودعوتها الى القمة العربية التنموية التي تستضيفها بيروت يوم 20 كانون الثاني 2019، وذلك استناداً الى الفقرة «ب» من المادة السابعة من النظام الداخلي للجامعة العربية، خصوصاً أنّ هذه الدعوة وهذا الاجتماع ينطويان على:

– عودة سوريا الى الحضن العربي، ووَقف خسارة أن تكون دولة عربية مهمة كسوريا خارج الجامعة العربية.

– إنّ حل الأزمة السورية هو للشعب السوري أولاً وأخيراً، ولا يجوز أن يكون هناك أطر سياسية وديبلوماسية، دولية وإقليمية للبحث في مسألة سوريا في غياب سوريا أو أي دولة عربية أو أي إطار عربي.

– إنّ القمة العربية التنموية المنوي انعقادها، تتزامن مع بدء ورشة الإعمار في سوريا، ولا يجب غياب سوريا عنها كونها الدولة المعنية.

الحريري يتفقد

وعشيّة انعقاد القمة، جالَ الرئيس المكلف سعد الحريري مساء أمس في أرجاء مركز «سي سايد أرينا»، وتفقّد القاعة الرئيسية التي ستعقد فيها القمة والأقسام الملحقة.

وكانت أعمال القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في دورتها الرابعة، انطلقت صباح امس في فندق «فينيسيا» في جلستها الاولى لمناقشة مشروع برنامج عمل اجتماع اللجنة المعنية بالمتابعة والاعداد للقمة.

ومن قصر بعبدا، عبّر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط عن»إعجابه العميق بالتنظيم اللبناني». وقال: «لننتظر لكي نرى كيف سيكون تمثيل الدول العربية في القمة، ولكن بالتأكيد فإنّ لبنان يستحق جداً كل التكريم لأنه بَذل وهو مستعد للبذل».

وعن غياب الوفد الليبي عن القمة، قال: «لم نتدخّل في هذا الشأن، وآمل ان تنجح القمة لأنّ المسألة لا تتعلّق بلبنان فقط بل بالدول العربية كافة».

تعقيدات إضافية

على الصعيد الحكومي لم يسجّل أي تطور إيجابي يبعث على التفاؤل بحل العقد التي تعوق تأليف الحكومة، في انتظار انتهاء أعمال القمة الاقتصادية العربية.

وكان البارز أمس سحب المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم يده كليّاً من المبادرة الرئاسية التي كُلّف بها في شأن الحكومة، وأكد من عين التينة بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري انه «لم يعد معنياً بها أبداً لا من قريب ولا من بعيد».

وحضر الملف الحكومي في زيارة مسائية لرئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط الى «بيت الوسط» يرافقه نجله النائب تيمور جنبلاط، في حضور الوزير غطاس خوري، وعرض مع الحريري المستجدات السياسية، ولاسيما منها ما يتعلق بالتأليف.