خبر

تصعيد «إسرائيلي» إسمنتي مع لبنان… وصاروخي على سورية… والدفاعات الجوية تتصدّى

تصعيد «إسرائيلي» إسمنتي مع لبنان… وصاروخي على سورية… والدفاعات الجوية تتصدّى
مسعى كويتي لتأجيل القمة العربية لما بعد قمة تونس وتشكيل الحكومة
سجالات رئاسية… والمجلس الشيعي يحذّر من الغضب بحال حضور ليبيا

كتب المحرر السياسي – البناء

من شمال سورية حيث انتهت تشكيلات ما سُمّي بالمعارضة السورية في قبضة جبهة النصرة، وبدء الجيش التركي يستعدّ لمخاطر نزوح سكاني وعسكري نحو الداخل التركي، مع حسم أمر حتمية العملية العسكرية السورية في إدلب، إلى جنوب سورية حيث رسائل إسرائيلية صاروخية تصدّت لها الدفاعات الجوية السورية، في محاولة لاستباق أي عملية عسكرية شمالاً برسائل الدعم لجبهة النصرة التي تولّت لسنوات حراسة جنود الاحتلال جنوباً، المنطقة على صفيح ساخن في تسابق على بلورة الخطط لما بعد الانسحاب الأميركي، الذي تكثر التطمينات على مدار الساعة من واشنطن بأنه لم يبدأ بعد، ويتم توصيف سحب مدرعات أميركية نحو العراق بالإجراء الروتيني لطمأنة الحلفاء المذعورين، في ظل تأكيد موسكو على أن الجيش السوري وحده يجب أن يتولى أمن المناطق التي يغادرها الأميركيون.

بالتوازي لا زالت أصداء كلمات وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو تتردّد في العواصم القلقة التي ربطت سياساتها بالمواقف الأميركية، رغبة بتصديق وعود واشنطن بأن لا شيء سيتغير بعد الانسحاب، وأن واشنطن عازمة على المواجهة رغم الانسحاب مع قوى المقاومة، وبخلاف الأوهام التي عاشتها العواصم العربية المراهنة على السياسات الأميركية، كانت تركيا تذهب للمزيد من التنسيق مع روسيا وإيران، والأكراد يمضون في محادثاتهم في دمشق، بينما «إسرائيل» القلقة تحاول التعبير عن قلقها بالضجيج والحركة، ولو دون استراتيجية واضحة. فالتصعيد على حدود سورية وفي أجوائها تزامن مع تصعيد إسمنتي على حدود لبنان بالعودة لمواصلة بناء الجدار في نقاط يعتبرها لبنان ضمن أراضيه.

والتصعيد الإسرائيلي الذي ترتب عليه انعقاد المجلس الأعلى للدفاع، وتحرك دبلوماسي لبناني، لم يحجب السجال الدائر حول القمة العربية الاقتصادية التي تستضيفها بيروت بعد أسبوع، في ظل معلومات عن مسعى كويتي لتأجيلها لما بعد قمة تونس نهاية آذار المقبل والتي قال رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أنها ستشهد أول مشاركة سورية، والاعتبارات الكويتية وفقاً للمعلومات هي غياب حكومة في لبنان وسجال حول مشاركة سورية، ومخاطر اندلاع أحداث احتجاجية على مشاركة الوفد الليبي.

وكان السجال حول القمة قد تحوّل بين الرئاستين الأولى والثانية من غير مباشر إلى مباشر مع بيان اللجنة المنظمة عن موافقة الرئيس بري على مشاركة ليبيا وتفهمه لعدم دعوة سورية، ما استدعى رداً قاسياً من رئاسة المجلس النيابي وصف بيان اللجنة بالملفق، بينما كان الجديد هو البيان الصادر عن اجتماع الهيئتين الشرعية والتنفيذية في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، وما تضمنه من تحذيرات واضحة من مشاركة ليبيا في القمة، ومن غضب شعبي سيجد تعبيراته إذا حدث ذلك، على خلفية قضية تغييب الإمام موسى الصدر، وتحميل الحكومة الليبية مسؤولية عدم التعاون في كشف مصيره.

الشرخ الوطني حول «القمة» يتمدّد

ما بين وداع العاصفة المناخية «نورما» وقبل أن يستقبل عاصفة جديدة «تريسي» مطلع الأسبوع المقبل، لم يتسنَ للبنان أن يتنفس الصعداء، فالعواصف السياسية الخارجية تلفحه بقوة ومصدرها «بيت أبيه العربي» ولو كانت أميركية وإسرائيلية الصنع والمنشأ، مخلفة تداعيات سياسية كبيرة في الداخل كاشفة عجز النظام وأركانه عن المواجهة واتخاذ القرارات عند المفترقات الوطنية.

فمن على المنصة المصرية يطلق وزير الخارجية الأميركي تهديداته لمكوّن سياسي لبناني ويهدده بحرب متنوّعة الوسائل قد تصل الى الحرب العسكرية من دون أن تنطق الحكومة المصرية والحكومات العربية وجامعتهم الفارغة ببنت شفا، وعلى مرأى العين الأميركية تواصل «إسرائيل» عربدتها جنوباً خارقة القرار الدولي 1701 ومنتهكة السيادة اللبنانية مرة جديدة عبر استكمال بناء الجدار على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة.

فهل هؤلاء العرب الذين يصمتون على التهديدات الأميركية والاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وعلى أحد مكوناته الأساسيين سيجلبون له المنّ والسلوى في قمة اقتصادية تنموية تستضيفها بيروت بينما يتم تغييب عنها سورية وهي الرئة الاقتصادية الأساسية للجسد اللبناني؟

وقد حجبت السجالات السياسية حول انعقاد القمة الاقتصادية عن الهموم والملفات الأخرى لا سيما السجال الساخن بين الرئاسة الثانية واللجنة المنظمة للقمة في رئاسة الجمهورية، ما يؤكد أن الشرخ الوطني حول هذا الملف يتمدد أكثر فأكثر، أما الحكومة فأضحت فعلاً ماضياً ناقصاً ومجهول المصير، إلا أن اللافت فهو انضمام رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل الى دائرة السجال غامزاً من قناة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وخلال جولة ذات طابع اقتصادي في زحلة قال باسيل: «علاقتنا مع سورية تصب في مصلحة لبنان بكل مكوّناته وهي لا يمكن أن تكون موضع مزايدة داخلية يستخدمها طرف ما يريد أن يحسّن علاقته الخاصة بسورية فيزايد على حساب لبنان».

تصريح وزير الخارجية أظهر عمق الخلاف بين الرئاستين الأولى والثانية حول ملف القمة والإدارة الجديدة للعلاقة مع سورية، ولو أن الطرفين يعملان على عدم تضخيم أي خلاف حرصاً على الاستقرار الوطني، فالرئيس بري وبحسب قراءته للوضع الإقليمي وخبرته في الشؤون العربية توصل الى قناعة شبه تامة بأن العودة العربية القسرية الى الشام حتمية في أجل مسمّى وأن تونس التي تستضيف القمة العربية في آذار المقبل ستوجّه دعوة الى سورية لحضورها وإن لم تكن سورية قد عادت الى الجامعة العربية.

الكويت نصحت لبنان بتأجيل القمة

أما رئيس الجمهورية العماد ميشال عون فمصرٌ على عقد القمة ويرى فيها فرصة للبنان لتلقي الدعم الاقتصادي من الدول العربية في أكثر من صعيد، إضافة إلى ما تضفيه من ثقة سياسية عربية ودولية بلبنان. وقد علمت «البناء» من مصادر مطلعة أن «دولة الكويت نصحت لبنان بتأجيل القمة بضعة أسابيع ريثما يستقر الوضع العربي ويتبين خيط الانفتاح العربي على سورية من خيطه الأسود».

وعلمت «البناء» من مصادر دبلوماسية أن الحضور العربي في القمة حتى الآن ضعيف جداً، فلم تؤكد حضورها سوى بضع دول، فيما يتغيب الملك السعودي وحتى ولي العهد محمد بن سلمان – عُمان – سورية الصومال – جيبوتي جزر القمر – المغرب الجزائر.

وأوضحت مصادر دبلوماسية مطلعة على الوضع في الجامعة العربية لـ»البناء» أن «لبنان لا يمكنه دعوة سورية مباشرة لأن الدعوات من مهمة الجامعة العربية»، مشيرة الى أن «مجلس وزراء الخارجية العرب لن ينعقد قبل موعد القمة، لأنه لم يُدعَ الى الاجتماع أصلاً، وكان بإمكان لبنان توجيه دعوة للمجلس للانعقاد وبحث مسألة دعوة سورية وإيجاد مخرج لذلك، غير أن غياب التوافق السياسي الداخلي حال دون ذلك، لكن رئيس الحكومة المكلف والقوى الحليفة له رفضت توجيه الدعوة لانعقاد مجلس وزراء الخارجية العرب». وتضيف المصادر أن لبنان كان يمكنه مخاطبة العرب من منطلق قوة ويضعهم أمام الأمر الواقع، مستنداً الى موقفه في العام 2011 عندما رفض قرار الجامعة بتعليق عضوية سورية فيها، لكن ذلك لم يحصل، والبعض لا يريد دعوة سورية الى القمة لحسابات داخلية وخارجية»، وأوضحت أن «جدول أعمال القمة لا يتعلق تنفيذه فقط بسورية بل بالتكامل والتعاون العربي المشترك على الصعد الاقتصادية والتنموية»، لكنها تساءلت: هل ستطبق الدول العربية قرارات القمة لا سيما لناحية الدعم المالي والسياسي لأزمات النازحين السوريين وكيفية مواجهة وقف الأزمة المتأتية عن وقف الدعم الأميركي لمنظمة الأونروا المتعلقة في ما خص اللاجئين الفلسطينيين؟

وكانت اللجنة الاعلامية المنظمة للقمة، اصدرت بياناُ أكدت فيه ان رئيس اللجنة العليا المنظمة للقمة انطوان شقير ورئيس اللجنة التنفيذية نبيل شديد زارا كلاً من الرئيس بري ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري والوزراء المختصين وأطلعوهم على كل الترتيبات المتعلقة بالقمة والدول المشاركة فيها والمواضيع المقترحة لوضعها على جدول الأعمال». واضافت «ابلغ الرئيس بري عضوي اللجنة العليا موافقته على دعوة ليبيا على ان توجه الدعوة عبر القنوات الدبلوماسية، فتم ذلك بواسطة مندوب ليبيا لدى جامعة الدول العربية. أما في ما يتعلق بدعوة سورية، فقد اوضح عضوا اللجنة للرئيس بري ان هذه المسألة مرتبطة بقرار مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، وليس قراراً لبنانياً».

وما كان من بري الا ان رد عبر مكتبه الإعلامي قائلاً «يهم المكتب الاعلامي للرئيس بري التأكيد أن هذه المعلومات تحديداً مختلقة وعارية من الصحة تماماً»، وأبدى «استغرابه الشديد بان يصل هذا الاسلوب من الاختلاقات والتلفيقات لهذا المستوى من القضايا والمقام. لا بل على العكس فقد زار وزير المال فخامة الرئيس بناءً لطلب الرئيس بري محتجاً على توجيه دعوات الى الليبيين. ونكتفي بذلك».

وسطاء على خط بعبدا عين التينة

ولما كان عدم دعوة سورية كفيلة بإصابة صميم القمة بالوهن والهُزال، فإن دعوة ليبيا وتأكيدها الحضور بوفد موسع ربما تفجّر القمة، إذ نقل زوار الرئيس بري عنه امتعاضه الشديد من دعوة ليبيا الى القمة واستفزاز جمهور واسع وطائفة برمتها بقضية وطنية كإخفاء الامام موسى الصدر ورفيقيه، وعلمت «البناء» أن بعض الوسطاء المشتركين العاملين على خط بعبدا عين التينة زاروا خلال اليومين الماضيين رئيس الجمهورية ونقلوا له رسالة من رئيس المجلس تتضمن رفضاً لدعوة ليبيا والوفد الفضفاض الذي قد تكون لديه تداعيات سياسية وميدانية على الأرض، ووعد الرئيس عون بالتواصل مع مسؤولين في الجامعة العربية للطلب من الدولة الليبية تخفيض مستوى وحجم تمثيلها في القمة، ويشير الوسطاء الى خطورة هذه القضية على المستوى الوطني وضرورة تدارك الوضع قبل حدوث ما لا تحمد عقباه، لا سيما أن الرئيس بري الذي يتابع ملف الامام الصدر عن كثب لديه قناعة بأن الحكومة الليبية لا تتعاون مع القضاء اللبناني لكشف ملابسات القضية، موضحين أن «قضية الصدر ليست لحركة أمل ولا لحزب الله فحسب بل للطائفة الشيعية وللبنان كله»، في المقابل حذرت مصادر أخرى من «تداعيات أمنية قد تحصل خلال وصول الوفد الليبي الى مطار بيروت الدولي ما قد يظهر بأن لبنان غير مؤهل أمنياً وسياسياً لاستضافة قمم عربية». بينما حذر نائب حركة أمل هاني قبيسي في حديث تلفزيوني من التداعيات الشعبية والسياسية لهذا الأمر التي يمكن أن تشابه أجواء انتفاضة 6 أيار، وأن الحركة قد تصل الى حد بعيد في الدفاع عن كرامة الإمام الصدر وقضيته.

وحذر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى من دعوة ليبيا الى القمة ومن تجاهل ردات الفعل الشعبية وذلك في اجتماع طارئ لهيئتيه الشرعية والتنفيذية برئاسة رئيسه الشيخ عبد الأمير قبلان. وشدّد المجتمعون على «طلب المجلس عدم دعوة الوفد الليبي الى المشاركة في هذه القمة ومنع حضوره لأن المجلس يحمّل السلطات الليبية مسؤولية التقاعس عن القيام بمسؤولياتها في التعاون مع لجنة المتابعة الرسمية لهذه القضية».

وإذ أبقى المجلس اجتماعاته مفتوحة لمتابع الملف، أشار مصدر مشارك في الاجتماع لـ»البناء» الى أن إجماعاً لدى المجلس برفض الدعوة الليبية لا سيما بهذه الطريق الاستفزازية، لكن المصدر لفت الى أن «لبنان لم يعد بمقدوره فعل شيء بهذا الخصوص ولا يحق له رفض دعوة دولة عضو في الجامعة، لكن كان على المجلس الشيعي والمسؤولين اللبنانيين استدراك الأمر فور علمهم بعقد القمة في بيروت وبالتالي دعوة ليبيا اليها والطلب من رئيس الجمهورية مذاك الحين إبلاغ الجامعة العربية رفض لبنان عقد القمة على أرضه حفاظاً على استقراره الوطني»، موضحاً أن «أي مؤتمر أو قمة ستعقد في لبنان سيواجه الأزمة نفسها».

وتفاعل قرار وزير العدل فتح ملف الموقوف هنيبعل القذافي، مثيراً سجالاً بين جريصاتي والنائب علي بزي وبين عضو تكتل «لبنان القوي» النائب زياد أسود ، والنائب قبيسي.

«إسرائيل» تواصل عدوانها جنوباً

جنوباً، واصل العدو الإسرائيلي إقامة الجدار الاسمنتي في عديسة وسط استنفار للجيش الذي استقدم تعزيزات عسكرية كبيرة ومدافع ثقيلة الى المنطقة. وراقبت القوات الدولية الاشغال الإسرائيلية.

وقال الناطق الرسمي باسم اليونيفيل أندريا تيننتي رداً على سؤال عما يجري على الحدود: «إن قيادة اليونيفيل على تواصل تام مع الأطراف لتفادي أي سوء فهم وإيجاد حل مشترك لهذه القضية. كما أن جنودنا متواجدون على الأرض لمراقبة الوضع والحفاظ على الهدوء على طول الخط الأزرق».

ووسط هذا التصعيد، يصل مساعد وزير الخارجية الأميركية للشؤون السياسية السفير دافيد هيل الى لبنان مساء الغد ويجول على المسؤولين اللبنانيين الاثنين ويلتقي الوزير باسيل في قصر بسترس.

على صعيد آخر أثار الكلام المنقول عن وزير المال علي حسن خليل نيته إعادة جدولة الديون، بلبلة في الاوساط المالية والمصرفية، حيث أدت الى هبوط السندات الدولارية اللبنانية إلى 3.7 سنت، بحسب وكالات عالمية، إلا ان وزير المال عاد وأوضح الأمر أمس بأن «وزارة المال تعد للاصلاحات في مالية الدولة وموازنتها تتضمن مجموعة من الإجراءات لإعادة التوازن المالي وتنفيذاً للتوجهات التي اقرت في مؤتمر «سيدر ». وفي حديث صحافي، أشار إلى أنه «ليس من ضمن المقترحات اعادة النظر بتثبيت قيمة العملة اللبنانية التي يشكل استقرارها عاملاً مهماً». وشدد على «التزام وزارة المال بكامل حقوق حاملي سندات الدين الصادرة باسمها وبقيمتها وكافة المترتبات المتوجبة عليها. وهذا ما كان موضوع اهتمام من قبل كل القوى».