خبر

مانشيت «الجمهورية»: التأليف يتحرك مطلع السنة… ومخاوف من إلغاء القمة اإلقتصادية

الجمهورية

يستقبل لبنان غداً السنة الجديدة بلا حكومة، وفي رأس جدول أعماله لهذه السنة القمة الاقتصادية العربية المقرر انعقادها في بيروت خلال 19 و20 من شهرها الاول، وعلى رغم المخاوف من احتمال تأجيل هذه القمة او إلغائها لعدم وجود حكومة دستورية تواكبها، فإنّ بعض الاوساط السياسية تتحدث عن احتمال ولادة مثل هذه الحكومة خلال الاسبوعين المقبلين لتلافي ذلك الاحتمال، لكنّ المناخ السياسي السائد يدل الى أنّ العقد والخلافات التي تعوقها ما تزال قائمة وليس هناك ما يشير الى إمكان التغلب عليها خلال ايام، نظراً لأنّ بعض العقد يرتبط عميقاً باستحقاقات داخلية وخارجية حالية ومستقبيلة يراهن البعض على أن تأتي لمصلحتهم غير عابئين بالأزمات التي تعيشها البلاد وتهدّدها بالانهيار.
قبل ساعات من حلول السنة الجديدة نشطت الاتصالات خلف الكواليس لمعالجة أزمة تأليف الحكومة على قاعدة إعادة صوغ المبادرة الرئاسية الأخيرة لحل عقدة تمثيل «اللقاء التشاوري» السني، وفق الأسس نفسها التي حددتها، ولكن بعد إزالة الالتباس أو سوء التفاهم حول تموضع الوزير السنّي الممثل لـ»اللقاء» والذي أطاح بتسمية جواد عدرا في المحاولة الاولى، لتفادي الوقوع في الاشكالية نفسها.

وتوقعت مصادر معنية بالتأليف أن تنشط الاتصالات أكثر بدءاً من بعد غد الاربعاء، خصوصاً مع إعلان الرئيس المكلف سعد الحريري من أن «لا بد لنا من أن نشكّل حكومة مع بداية السنة الجديدة». فيما تحدثت قناة «أو .تي. في» التابعة لـ«التيار الوطني الحر» عن أنّ المشاورات ستنشط في خلال اجازة العيد، وأنّ البحث العملي في التأليف سيبدأ بعدها «كما هو مأمول ومَرجو»، وأولى علاماته لقاء بين رجل العام والامن العام اللواء عباس ابراهيم و«اللقاء التشاوري» يكون مسك الختام وهدية العام بإذن الله». على حد ما ورد في مقدّمة نشرة هذه «القناة» الاخبارية المسائية.

ولن يغيب الوضع الحكومي عن اجتماع مقرر اليوم بين «حزب الله» و»التيار الوطني الحر» في سنتر ميرنا الشالوحي، وسيتركز البحث خلاله على تذليل الشوائب التي اعترَت العلاقات بينهما على أثر فشل المبادرة الرئاسية في التوصّل الى تمثيل «اللقاء التشاوري» السني في الحكومة العتيدة.

«صبرتُ والرئيس»
وقال الحريري خلال جولة له أمس في وسط بيروت، حيث اطّلع على التحضيرات الجارية لمناسبة الاحتفالات برأس السنة التي تقام اليوم في ساحة النجمة: «هذا هو البلد الذي نريده. للأسف، تأخّر تشكيل الحكومة بهذا الشكل، لكن لدي ثقة بأنّ كل الأفرقاء السياسيين يريدون حلاً. فخامة الرئيس صبر كثيراً، وأنا صبرتُ كثيراً، وكذلك كل الشعب اللبناني، ولا بد لنا من أن نشكل حكومة مع بداية السنة الجديدة. وحتى ذلك الحين، أريد من اللبنانيين أن يفرحوا، لكي نقلب صفحة جديدة، ونفكر بالبلد والناس، وآمل أن يكون الاحتفال الذي سيجري بمقدار طموحات اللبنانيين، وأهل بيروت خصوصاً».

«القوات»
في السياق الحكومي قالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ»الجمهورية» انه «لا يمكن القبول باستمرار الوضع على ما هو عليه تحت أي عنوان من العناوين، لأنّ البلد سيسقط على رؤوس الجميع». وتَمنّت على رئيس الجمهورية والرئيس المكلف «عدم الانتظار أكثر وإنهاء الفراغ سريعاً». ودعت إلى «تأليف الحكومة في الأيام الأولى من السنة الجديدة لتسجيل أوّل إنجاز فيها على ان تكرّ لاحقاً سُبحة الإنجازات»، واعتبرت انه «في حال تعذر التأليف لسبب او لآخر لا خيار إلّا بتفعيل حكومة تصريف الأعمال في أضيق نطاق ممكن لكي تتحمل مسؤولياتها في مواجهة الأزمة الاقتصادية المستفحلة».
ورأت المصادر «انّ الفراغ الحكومي حوّل الأنظار عن الإنجاز النيابي الذي تحقق في ٢٠١٨ بعد ثماني سنوات على آخر انتخابات، فيما كان يفترض الاستفادة من الدينامية التي ولّدتها الانتخابات النيابية التي أعادت تصحيح الخلل التمثيلي بغية تشكيل حكومة سريعاً والعمل على تنفيذ مقررات مؤتمر «سيدر». وتَمنّت «عدم التلهي بطروحات غير واقعية ووضع كل الجهد اللازم لتأليف الحكومة، وتحويل تأليفها صدمة إيجابية في مطلع 2019».

جعجع
وعلى صعيد جديد المواقف السياسية إزاء الملف الحكومي تمنى رئيس حزب «القوّات اللبنانيّة» سمير جعجع على عون والحريري «اتّخاذ القرار بتشكيل الحكومة تبعاً لاقتناعهما ووفق ما يريانه مناسباً بغضّ النظر عن مطالب هذا الفريق أو ذاك، وليُرسلا مرسوم التأليف إلى مجلس النواب حيث يمكن أيّ فريق معترض مواجهته والعمل على إسقاط الحكومة هناك». وتساءل جعجع: «لماذا لا يتصرفون مع الآخرين بالطريقة التي تصرفوا بها مع «القوّات»؟ لجهة أن يقولوا لهم هذا ما يمكننا إعطاؤكم إيّاه وهذه الحكومة التي نعتزم تشكيلها ومَن له اعتراض على ذلك ليُبدي رأيه في مجلس النواب».

الراعي
بدوره، كرر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي المطالبة بـ»حكومة مصغّرة من أشخاص ذوي اختصاص ومفهوم سليم للسياسة وحياديّين». وسأل: «أيُّ تربية تقدّمها الطبقة السياسية لشبابنا؟» لافتاً الى وجود «سياسة هدّامة تعرقل وتعطّل حالياً تأليف الحكومة، كذلك عمل الوزارات والإدارات العامة بما يستشري فيها من تَعاط كيدي مذهبي مع مَن هم مِن مذهب آخر، وفساد، وسلب لمال الخزينة وهدره، ومعاشات لمئات من الأشخاص الوهميّين، ومصاريف على مؤسسات وهمية، كما تعطّل عمل مؤسسات الرقابة بتعطيل مقرراتها وأوامرها استقواءً بقوة ما؟ هل يدركون أنهم بتعطيل النهوض الإقتصادي، يتسبّبون بإقفال مئات الشركات والمؤسسات التجارية والصناعية وسواها، ويرمون عائلات في حال البطالة والعوز، مع عدم الاكتراث لثلث الشعب اللبناني الجائع والمحروم من أبسط مقومات العيش، والعاطل عن العمل والانتاج».

ردود على اللائحة السورية
من جهة ثانية تفاعلت في الاوساط السياسية «اللائحة» التي أصدرتها أخيراً «هيئة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب» في سوريا، إستناداً، كما تقول، إلى قراري مجلس الأمن 1267 و1373 والتي شملت أكثر من 615 شخصية من جنسيات عربية وأجنبية، وفي لبنان ضمّت أسماء الحريري، والنائب السابق وليد جنبلاط، ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، إضافة الى نواب سابقين وشخصيات دينية.

ووصفت مصادر في تيار «المستقبل» هذه اللائحة بـ»القرار السوري «التافه» الذي لا قيمة له»، مشيرة الى أنّ «هذه الاتهامات لا أساس لها من الصحة، وأصلاً يستحيل على النظام السوري إثباتها لأنها غير موجودة».

ورأت هذه المصادر أنه «في مقابل مطالبات لبنانية بضرورة إنهاء ملفات أمنية عالقة مع سوريا لجهة الاتهامات الصريحة الموجّهة لقيادات وضباط سوريين بالارهاب وملف المفقودين في السجون السورية، ردّ النظام السوري على طريقته متّهماً قيادات لبنانية بالإرهاب إنما هي عملياً من ضحايا إرهابه».
وأوضحت المصادر «أنّ هناك اتهامات لبنانية صريحة ضد رئيس مكتب الأمن الوطني في سوريا علي مملوك بالارهاب، واتهامات مدجّجة بالوقائع، بعد صدور القرار الاتهامي في تفجير مسجدَي «السلام» و»التقوى» (في طرابلس) لضابطين من الاستخبارات السورية يقفان خلف التخطيط للهجوم الإرهابي وإعداد السيارتين المفخختين في الداخل السوري، أحدهما النقيب محمد علي علي، ضابط في فرع فلسطين. والمتهم الثاني يدعى ناصر جوبان، أحد ضباط فرع الأمن السياسي. فكيف لمتّهم بالارهاب أن يتّهم الآخرين بالارهاب؟». ورأت المصادر نفسها انه «عند صدور موقف رسمي من جانب الحكومة السورية بهذه الاتهامات التي تطاول قيادات لبنانية، بينها رئيس الحكومة، من الضروري صدور موقف من رئاسة الحكومة أو رئاسة الجمهورية في لبنان للردّ على هذه الاتهامات».

رد إشتراكي
وفي هذا السياق برزت تغريدة احد نواب «الحزب التقدمي الاشتراكي» وعضو «اللقاء الديموقراطي» النائب بلال عبدالله، عبر «تويتر»، دعا فيها وزير الخارجية جبران باسيل الى «استدعاء سفير النظام السوري في لبنان، وتبليغه موقف لبنان الرسمي المعترض على الإساءة لرموز وطنية لبنانية، حفاظاً على ما تبقّى من هيبة الدولة وتحصيناً للوحدة الوطنية المنشودة والتي نحتاجها اليوم أكثر من أي وقت مضى».

وقالت مصادر «الحزب التقدمي الاشتراكي» لـ»الجمهورية» إنّه «لطالما ابتدعَ النظام السوري أساليب جديدة لتوزيع رسائله التهديدية في حق الأطراف السياسية المناوئة له، ولكل من رفض واعترض على ما قام به من قتل وتهجير وتدمير. وليست المرة الأولى التي ترسل هذه الرسائل، فقبلها وصلت رسائل مفخخة وعبوات ناسفة وكلها لم تُثنِ «الحزب التقدمي الاشتراكي» عن موقفه المُنحاز إلى جانب الشعب السوري». ورأت «أنّ التوقيت قد يكون مرتبطاً بحالة الزهو التي يعيشها النظام ظنّاً منه أنه انتصر، فكيف يكون الانتصار على أشلاء الشعب السوري، ربما بقي النظام ولكن ذهبت سوريا التي نعرفها».
أمّا في شأن موقف وزارة الخارجية اللبنانية، فلفتت المصادر إلى أنه «سؤال يوجّه إلى الوزارة التي لم نسمع منها موقفاً رسمياً». وحول تداعيات الخطوة على البيان الوزاري للحكومة العتيدة في شأن العلاقات الثنائية مع سوريا، اكتفت المصادر الاشتركية بالقول: «سننتظر تأليف الحكومة ولكل حادث حديث».

رد «القوات»
بدورها، قالت مصادر «القوات اللبنانية» تعليقاً على اللائحة السورية انّ ما تضمّنته من اتهامات «هو افتعال من قبل النظام للقول انّ هناك دولة سورية سيّدة على أراضيها وتختزن كل مقومات الدولة وفي طليعتها القضاء، فيما الواقع مختلف تماماً، حيث انّ الدولة السورية صوَرية على أرض موزّعة النفوذ بين العربي والتركي والإيراني والإسرائيلي والغربي، وبالتالي لا قيمة لكل ما قيل ويقال من قبل طرف فاقد قراره، وكلامه لا يتجاوز تسجيل المواقف».