خبر

التأليف الى مطلع السنة… وتعيينات سعودية تعزِّز سلطة وليّ العهد

صحيفة الجمهورية

 

 

في غياب أي تطور جديد إيجابي على صعيد التأليف الحكومي، في انتظار مطلع السنة الجديدة الاسبوع المقبل، ظلت التطورات الإقليمية التي تتلاحق في هذه الايام الاخيرة من سنة 2018، متصدّرة الاهتمامات الداخلية والخارجية، وكان جديدها أمس مجموعة اوامر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، أجرى بموجبها تغييرات وتعديلات مهمة في الحكومة وبعض الادارات السعودية، يُتوقع ان تكون لها اولوياتها على مستقبل الاوضاع في المملكة وتعاطيها مع القضايا والأزمات الاقليمية والدولية المفتوحة. كذلك كان من هذه التطورات، معاودة دولة الامارات العربية المتحدة فتح سفارتها في دمشق، والتي كانت مقفلة منذ العام 2011، وذلك في مؤشر الى عودة سفارات عربية أخرى الى العاصمة السورية وتكاثر الحديث عن احتمال عودة سوريا الى جامعة الدول العربية في المرحلة المقبلة.
قالت مصادر ديبلوماسية عربية لـ«الجمهورية» إنّ هذا الإجراء الملكي يحصل عادة كل اربع سنوات، بحيث يشمل تعيينات وتعديلات في الحكومة وغيرها من الادارات، بغية تعزيز البيئة التنظيمية والتشريعية في المملكة ومؤسساتها، بما يتلاءم مع الواقع الجديد وبما ينسجم هذه المرة مع رؤية المملكة 2030 وتوجّه القيادة السعودية الى العمل في اتجاه تطبيق هذه الرؤية، من خلال تعيين قيادات متمكّنة وشابة في مختلف المواقع الوزارية والادارية في المملكة.
وقد عززت هذه الأوامر الملكية من سلطة ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، الذي يقود مشروع «المملكة 2030»، حيث احتفظ بموجبها بكل المناصب والمسؤوليات التي يتولاها الى جانب منصبه كولي للعهد، وابرزها وزارة الدفاع ورئاسة مجلس الشؤون السياسية والأمنية.

ورأى مراقبون، أنّه بعدما كَثرَ الحديث عن مصير الحكم في السعودية، إتخذ الملك السعودي، بالتفاهم مع ولي عهده، سلسلة إجراءات ذات اهمية سياسية وامنية وعسكرية وديبلوماسية، تعزّز مقاليد الحكم في قبضتهما، بعد الحملات التي تعرّضا لها شخصياً وكذلك تعرّضت لها المملكة لاسباب عدة. وقد شاء الملك وولي عهده عبر هذه الاوامر، توجيه رسالة الى الجميع في الداخل والعالم العربي والمجتمع الدولي ولا سيما الولايات المتحدة الاميركية، من ان القرار لا يزال بين ايديهما.

واللافت في الأوامر الملكية الجديدة، إعادة تشكيل مجلس الوزراء السعودي وتعيين وزير المال السابق ابراهيم العساف وزيراً للخارجية بدلاً من عادل الجبير، الذي عُيّن وزير دولة للشؤون الخارجية. وكان العساف من بين الـ 200 شخصية، من أمراء ومسؤولين ورجال أعمال الذين تمّ توقيفهم في فندق «ريتز كارلتون» في الرياض، في 4 تشرين الثاني 2017، على خلفية حملة «التصدّي للفساد»، التي قادها ولي العهد. وتشير المعلومات الى انّ العساف يتمتع بكفاية سياسية وديبلوماسية الى جانب تمكّنه من القضايا المالية، وهو قريب من مراكز القرار السياسي والمالي في الولايات المتحدة الاميركية، ولعب دوراً توفيقياً على صعيد دول مجلس التعاون الخليجي.

وردّ المراقبون قرار تغيير وزير الخارجية السعودي الى «رغبة لدى القيادة السعودية في إعادة بناء وتطوير وزارة الخارجية تنظيمياً، حيث سيتولى العساف هذه المهمة، وهو أكثر الوزراء خبرة في العمل الحكومي. فيما سيتفرّغ الجبير لمهمته في قيادة الديبلوماسية السعودية، وهو مما سيزيد من كفاية العمل الديبلوماسي بتفرّغ «الجبير» له والتحرّك بحرّية والتنقل لإنهاء الملفات الديبلوماسية في مختلف أنحاء العالم».

وقد شلمت التغييرات أيضاً مناصب يشغلها أعضاء من العائلة المالكة، والذين عُيّنوا فيها ينتمون الى المحيط الذي يتعاون منذ وقت مع ولي العهد. والبارز ايضاً تعيين الأمير عبدالله بن بندر بن عبد العزيز آل سعود وزيراً للحرس الوطني، القوة الرديفة للجيش.

ولاحظ المراقبون، انّ هذه التعيينات جاءت بعدما راهن كثيرون على امكانية اعادة النظر في منصب ولي العهد ومناصب أخرى، حتى انّ البعض توقّع عودة بعض الوجوه السابقة الى السلطة الامر الذي لم يحصل.

سفارة الامارات
وتزامنت هذه الاجراءات السعودية مع اعلان دولة الامارات العربية المتحدة عودة العمل في سفارتها في دمشق. وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية انور قرقاش، «انّ قرار دولة الامارات بعودة عملها السياسي والدبلوماسي في دمشق، يأتي وليد اقتناع بأنّ المرحلة المقبلة تتطلب الحضور والتواصل العربي مع الملف السوري، وانّ الدور العربي في سوريا أصبح أكثر ضرورة تجاه التوغل الإقليمي الإيراني والتركي».

كذلك تزامنت الخطوة الاماراتية مع حديث عن إعادة افتتاح سفارة البحرين في دمشق، إذ نقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية عن مصادر ديبلوماسية أنّه سيتم إعادة افتتاح السفارة البحرينية في العاصمة السورية خلال الأسبوع المقبل. ورجحت المصادر أن لا يطول الوقت قبل افتتاح سفارات دول أخرى خلال الأشهر المقبلة.

وتجدر الاشارة الى انّ هذه التطورات الديبلوماسية التي تشهدها دمشق، تأتي بعد زيارة الرئيس السوداني عمر البشير الى سوريا قبل أقل من أسبوعين، واعلان الرئيس الاميركي دونالد ترامب قبل ايام سحب القوات الاميركية من سوريا.

مساعدات «سيدر»
وأمام هذه التطورات والتحولات في المنطقة، يستمر لبنان في غيبوبته، وكل محاولات إيقاظه لم تؤدِ الى اي نتيجة. في وقت كشفت مصادر مطلعة لـ»الجمهورية» انّ فرنسا ابلغت مجدداً الى المسؤولين اللبنانيين، انّها لم تعد قادرة على ضبط تفلّت الدول المانحة من مؤتمر «سيدر»، لا بل هناك اتجاه عند بعض الدول الى تحويل مساعدات مخصّصة للبنان الى دول أخرى، مثل اليمن والأردن وتونس والمغرب.

ودعت باريس والاتحاد الاوروبي عبر قنواتها الديبلوماسية، وبعيداً من الاضواء، الدولة اللبنانية الى الخروج من هذا المستنقع، علماً انّ هذه الدول الاوروبية تدرك تماماً انّ المشكلة ليست مشكلة داخلية، وانّ حلّها يتطلب ضغطاً مباشراً على ايران للافراج عن الحكومة اللبنانية.

التأليف
وعلى خط التأليف الحكومي، توقعت مصادر مطلعة ان تتجدّد الاتصالات بين المعنيين بتأليف الحكومة بدءاً من الاربعاء المقبل، في محاولة ضمن اطار المبادرة الرئاسية لحل عقدة تمثيل «اللقاء التشاوري» السنّي، التي تقرّر تعويمها بعد فشلها في الآونة الاخيرة.

وذكر إعلام «التيار الوطني الحر» أنّ «الأفق غير مسدود»، وأنّ المشاورات استُؤنفت في الساعات الأخيرة على أرفع المستويات، وأنّ ثمة إرادة متجددة بإنجاز التشكيل، من دون أن يأكل المصلح ثلثي «القتلة». واشارت الى انّ المعلومات عززتها تغريدة مسائية للوزير السابق وئام وهاب، قال فيها: «رغم كل التشاؤم في موضوع الحكومة، التشكيل بعد العيد وهناك مخرج قيد الإعداد».

وفي بعبدا، التي غاب عنها اي نشاط امس، يبدو انّ اجواء عطلة الميلاد باتت موصولة بعطلة رأس السنة بلا انقطاع. لكن مصادرها تحدثت ومعها اوساط «بيت الوسط « عن اتصالات تجري بعيداً من الأضواء، على قاعدة ان هناك اكثر من قاعدة يمكن البناء عليها لإحياء المبادرات التي يمكن ان تقود الى الحديث مجدداً عن تشكيلة حكومية جديدة، في غياب اي اشارة الى النقطة التي يمكن الإقلاع منها في اتجاه الحديث عن حكومة ما بعد نهاية السنة لتكون موديل 2019.

وفي الوقت الذي ما زالت اجواء «بيت الوسط» تعيش فيه حال جمود على مستوى التأليف، التي عكسها غياب الإتصالات المُعلنة، رفضت مصادره عبر «الجمهورية» بعض الروايات التي رجّحت أن يؤدي الصمت الذي يعتصم به الرئيس سعد الحريري الى الإعتذار.

وقالت هذه المصادر، انّه سبق للرئيس المكلّف ان اعتبر «انّ الصمت ابلغ من الكلام الكثير المتداول في الأيام الأخيرة، بما حمله من سيناريوهات لا تمّت الى الحقيقة بصلة». وقالت: «انّ سيناريو من هذا النوع يعبّر عن امنيات البعض بهذا الشأن لن تتحقق، وانّ الحريري الذي كُلّف مهمة التأليف لن يوفر جهداً في هذا السبيل توصلاً الى تشكيل الحكومة التي يراها قادرة على إدارة شؤون الناس والبلد في مثل الظروف التي تعيشها المنطقة ولبنان».

السعوديون عائدون
من جهة ثانية، اعلن السفير السعودي في لبنان وليد بخاري، أنّه سيتم رفع الحظر عن زيارة المواطنين السعوديين إلى لبنان فور تشكيل الحكومة اللبنانية.
وقال بخاري خلال استقباله وفد «مجلس العمل والاستثمار اللبناني» في السعودية: «نحن نعمل على مأسسة العلاقات اللبنانية ـ السعودية في مختلف المجالات». وشدّد على «أنّ سياسة المملكة الخارجية في ما يتعلق بلبنان ارتكزت منذ تأسيسها على سيادة وأمن واستقرار لبنان».

الأنفاق
أمنياً، واصل الجيش الإسرائيلي إحباط وتدمير الأنفاق التي تمّ حفرها من قبل «حزب الله» في منطقة قرية كفركلا جنوب لبنان، وتمّ اكتشافها في بلدة المطلة شمال إسرائيل، وأخرجها عن الخدمة.

وقال ضابط رفيع المستوى في الجيش الإسرائيلي، إنّه «وعلى مدار 23 يوماً من الحملة وحتى الآن، تمّ إحباط مخطط «حزب الله»، بتدفق مقاتلي قوة الرضوان عبر الانفاق، وقطع شمالي البلاد». وحمّل الضابط الحكومة اللبنانية مسؤولية حفر الأنفاق وتداعياتها. مشيراً إلى أنّ الأعمال ستتواصل، حتى الكشف وإحباط كل الأنفاق، وفق الخطة.