خبر

الطائرات المعادية تستظلّ بالطيران المدني فوق لبنان للإغارة على سورية

الطائرات المعادية تستظلّ بالطيران المدني فوق لبنان للإغارة على سورية
الدفاعات الجوية السورية تثبت فعاليتها… وصاروخ حديث يربك «إسرائيل»
ثلثان معطّلان للحكومة يتنافسان… على حساب حقوق «الثامن من آذار»

كتب المحرّر السياسيّ – البناء

 

فيما أراد الرئيس الأميركي تعويض صورة الانكفاء التي حملها قرار الانسحاب من سورية عبر زيارة الأعياد للقوات الأميركية في العراق وإطلاق مواقف تثير الغبار حول مواصلة الدور الأميركي العسكري، حاول رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو طمأنة الداخل «الإسرائيلي» بأنّ شيئاً لم يتغيّر مع الانسحاب الأميركي لجهة قدرة «إسرائيل» على مواصلة الغارات على سورية وعزمها على ذلك، فكان العدوان الجديد الذي رافقته جملة من الإشارات الفاضحة للعجز «الإسرائيلي»، فالطائرات التي أغارت على سورية لم تتجرّأ على دخول أجوائها رغم كونها من الجيل الأشدّ حداثة لطائرات الـ«أف 35» واستخدامها للجيل الأشدّ ذكاء بين الصواريخ الـ«جي بي 39»، واستخدام الأجواء اللبنانية جاء مصحوباً بخدعة كادت تتسبّب بكارثة بحق المدنيين، عبر التلطي وراء طائرتين مدنيتين فوق الأجواء اللبنانية لتفادي صواريخ الدفاع الجوي السوري، التي نجحت رغم الخديعة بإسقاط صواريخ الغارات، ولاحقت الطائرات المغيرة في سماء الجولان المحتلّ.

الروايات «الإسرائيلية المسرّبة» عبر «الواشنطن بوست» و»النيوزويك» الأميركيتين و»الجيروزاليم بوست» الإسرائيلية حاولت التحدّث عن عمل استخباري كبير يرتبط مرة بمحاولة اغتيال للجنرال قاسم سليماني ومرة بملاحقة قياديين كبار من حزب الله، لكنها تكشفت كلها عن مجموعة أكاذيب تشبه حملة الأنفاق على الحدود مع لبنان وتظهر حجم الضعف الذي يصيب كيان الاحتلال عشية دخوله الاستعداد للسباق الانتخابي، الذي يحتاج فيه نتنياهو إعادة إنتاج صورته كزعيم وحيد لكيان الاحتلال للفوز بكتلة وازنة تريحه في تشكيل الحكومة المقبلة.

موقع ديبكا فايل الذي تشرف عليه المخابرات «الإسرائيلية»، نقل كما موقع صحيفة «معاريف» والقناة الثانية، تحليلات ومعلومات تحدثت عن خطأ في التقدير قد يضع «إسرائيل» أمام حالة حرب غير محسوبة، وعن صواريخ سورية أرض أرض سقطت قرب حيفا وأشعلت حرائق لم يعلن عنها، وعن نجاح الجيش السوري بالمزاوجة بين الصواريخ الحديثة والقديمة لتوليف دفاع جوي فعّال، وعن مناخات سلبية في العلاقات مع موسكو لم تنجح محاولات ترميمها، ولا زالت تحول دون قدرة «إسرائيل» على الحركة في الأجواء السورية.

الأبرز هو الكلام «الإسرائيلي» عن صاروخ سوري حديث أربك جيش الاحتلال، قالت القناة العاشرة إنه صاروخ دفاع جوي قام بتفجير نفسه قبل أن تطاله صواريخ دفاعية إسرائيلية، وقال موقع ديبكا إنه صاروخ أرض أرض أصاب أهدافاً قرب حيفا، وتحدّث المعلّقون الإسرائيليون العسكريون عن كونه لغزاً محيّراً للقيادة العسكرية الإسرائيلية يؤخذ على محمل الجدّ.

لبنانياً، يطوي العام نهاياته بانتظار العام الجديد ولبنان بلا حكومة، حيث تمسّك فريق الرابع عشر من آذار وفريق رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر بالثلث المعطل، يجعل الحصة المتاحة لفريق الثامن من آذار سبعة وزراء فقط، هم الوزراء الشيعة الستة ووزير تيار المردة، ويصير المعروض على قوى الثامن من آذار الاختيار بين وزير ينتمي شكلاً لفريقهم ويكون فعلياً مكملاً لأحد الثلثين المعطلين لكلّ من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة.

فريق الرابع عشر من آذار، وفقاً لمصدر في قوى الثامن من آذار نجح في البقاء بعيداً عن الأضواء وإشعال فتيل أزمة بين قوى الثامن من آذار وفريق رئيس الجمهورية، بعدما ظهر تمسّك فريق رئيس الجمهورية بالثلث المعطل سبباً لتعطيل التسوية التي قامت أصلاً على ترك حصة قوى الرابع عشر من آذار تنعم بالثلث المعطل، ومعه مقعد رئيس الحكومة، وحصة الطائفة التي يفترض أن يتمثل من ضمنها اللقاء التشاوري تقع بالكامل تحت سيطرة رئيس الحكومة، وبدا أنّ فريقي رئيس الجمهورية والثامن من آذار يتهرّبان من مطالبة رئيس الحكومة بتقديم الحق لأصحابه ويتغاضيان عن امتلاكه الثلث المعطل ويتلهّيان بتقاذف الاتهامات بينما رئيس الحكومة وفريقه ينامان على حرير ثلثهم المعطل وعطلة الأعياد والتفرّج على صفحات التواصل حيث الحرب الدائرة بين فريقي رئيس الجمهورية والثامن من آذار.

إقفال تام لخطوط التأليف والحريري في إجازة…

فيما أُقفِلت خطوط التواصل الحكومية ومرت عطلة الميلاد خالية من عيدية حكومية تُثلِج قلوب اللبنانيين وتحاكي آمالهم بتغيير وإصلاح مأمول في العهد الجديد ينتشلهم من تحت ركام الأزمات الاقتصادية والمعيشية والبيئية المتراكمة منذ عقود وعهود وحكومات متعاقبة، عاش المواطنون فرحة الأعياد بغصة ونغصة ممزوجة بقلق مخيف على مستقبلهم ومستقبل أجيالهم وعلى مصير حكومة معلقة على حبال مصالح بعض رجالات الإصلاح الجُدد وضوء أخضر خارجي.

وفيما أُغلقت أبواب القصور الرسمية على الحلول وأدّى فشل المبادرة الرئاسية الى تشظي القوى السياسية وخلط للأوراق الحكومية، بدا واضحاً الامتعاض والتعب على وجوه الرؤساء الثلاثة، فرئيس الجمهورية وجّه رسائله لمن يعنيهم الأمر ممن يختلقون أعرافاً جديدة كما قال في إشارة الى الشركاء الآخرين في الوطن، أما رئيس المجلس النيابي فتحدث عن قطبة مخفية خارجية في إجهاض التسوية في اللحظات الأخيرة ويقصد بحسب مراقبين رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، بينما لوحظ غياب أعضاء تكتل لبنان القوي وكتلة المستقبل عن لقاء الأربعاء النيابي الدوري في عين التينة، أما الرئيس المكلّف الذي خرج ممتعضاً من لقائه الأخير مع رئيس المجلس والمهاجر إلى الخارج في إجازة عائلية طويلة تمتد حتى مطلع العام المقبل فاستلحق تقديم التهاني لرئيس الجمهورية بعيد الميلاد أمس، بدلاً من أول من أمس بحسب البروتوكول والمعتاد. ما كشف بوضوح حالة الخلل والفتور في العلاقة البينية بين الرئاسات الثلاث، ما دفع بمصادر سياسية للقول: «انسوا الحكومة حتى اشعار آخر، فالفرصة الأخيرة لن تعوّض».

غابت الاتصالات خلال الأيام القليلة الماضية بشكل تام على خط تأليف الحكومة، وقد استعاضت الأطراف عن التواصل المباشر بالرسائل الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي. ففي حين يعتصم الرئيس سعد الحريري بالصمت ونأى تيار المستقبل بنفسه واختار سياسة الحياد فاسحاً المجال أمام التخبط والسجال في ساحة تحالف بعبدا ميرنا الشالوحي الضاحية، أقدم التيار الوطني الحر مدعوماً برئيس الجمهورية الى توجيه رسالة الى جميع الشركاء في الوطن تحت عنوان «لولا ميشال عون» عبر مقدّمة نشرة أخبار قناة الـ«او تي في» المسائية، تضمنت جملة من الأسئلة نسبتها الى لسان حال اللبنانيين اليوم وقالت: «لولا ميشال عون، أين كانت الوحدة الوطنية، يوم تكتل كثيرون في الداخل ضد المقاومة، فكان تفاهم السادس من شباط، ثم الموقف المشرف إبان حرب تموز؟ ولولا ميشال عون، أين كان سعد الحريري؟ وماذا كان يمكن أن يحصل، لولا التسوية الرئاسية أولاً، ولو لم ينتفض رئيس البلاد ثانياً، ويرفض قبول الاستقالة المفروضة خارج الحدود، قبل عودة رئيس الحكومة؟ ولولا ميشال عون، أين كان سليمان فرنجية؟ وماذا كان حلَّ بحيثيته السياسية المحلية، لولا تحالف الوطني الحر والمردة عام 2005، في مواجهة مدِّ سياسي إلغائي بعد الرابع عشر من آذار؟ ولولا ميشال عون أيضاً، أين كانت القوات اللبنانية، وهل كان بإمكانها أن تتمثل بهذا العدد من النواب، وأن تحلم بغير مقعد وزاري يتيم، كالذي تكرّم به المشكلون عليها بشخص جو سركيس عام 2005؟ ولولا ميشال عون، أين كان معظم أعضاء اللقاء التشاوري اليوم؟ هل كانوا يحلمون بالدخول إلى مجلس النواب أو بالعودة إليه، لولا فعل القانون النسبي الذي يعود الفضل الأول بإقراره، له ولجبران باسيل؟ حقاً، تخيلوا المشهد السياسي لولا ميشال عون، وما سبق غيض من فيض».

وأضافت: «لكن مهما يكن من أمر، وفيما محرّكات التأليف مطفأة حتى إشعار آخر، الأكيد أن ميشال عون لم يقم بكل ما قام به، لقاء رد جميل، فمواقف ميشال عون نابعة من خيارات لا رهانات، ومن اقتناعات لا مصالح».

وقد قالت أوساط في فريق المقاومة لـ«البناء» إن «حزب الله ليس مسؤولاً عن عرقلة تأليف الحكومة، فهو منذ اليوم الأول لتكليف الحريري أكد مراراً وتكراراً في الغرف المغلقة أنه لن يسير بحكومة من دون تمثيل حلفائه السنة، فلماذا نزل الحريري عند خاطر جميع القوى دون سنة المعارضة؟»، وإذ لفتت الى أن الخلاف الحكومي مع التيار الوطني الحر لن يؤثر على متانة العلاقة الاستراتيجية التي مرّت بامتحانات أصعب، لفتت الأوساط الى أن «الحزب يدعو ويحثّ جميع الأطراف الى استئناف التواصل والحوار لتذليل العقد المتبقية انقاذاً للوطن وبالتالي غير معني بتهمة عرقلة المبادرة الرئاسية التي تضمنت أن يكون ممثل اللقاء جواد عدره محسوباً على اللقاء وليس على أي جهة أخرى، كما أن الحزب لا يريد الانجرار الى أي سجالات سياسية وإعلامية مع أحد ويعمل على تهدئة الخطاب العالي السقف من كل الجهات».

«المستقبل»: باسيل عطّل التأليف

أما تيار المستقبل، فأكد مصدر مطلع في التيار لـ«البناء» أن «الأمور الى مزيد من التأزم والكرة خرجت من ملعب الحريري بعدما رموها إليه وعادت الى مثلث التيار الوطني الحر رئيس الجمهورية حزب الله سنة 8 آذار»، مشيراً الى أن «المبادرة الرئاسية كانت تشقّ طريقها الى التنفيذ بموافقة حزب الله والرئيس الحريري، فلماذا عرقلها باسيل بتمسكه بإعادة خلط الحقائب والثلث المعطل؟ وأضاف «إذا استمر باسيل على موقفه فستنهار التسوية كلياً ولن نرى حكومة في الأفق، فباسيل يريد ولاء الوزراء الـ 11 له بشكل كامل حتى ممن يحيطون بالرئيس عون كالوزير سليم جريصاتي». أما عن سبب تمسك باسيل ببعض الحقائب وبثلث معطل، أجاب المصدر المستقبلي: «للحفاظ على التوازن الطائفي في الحكومة عند أي حدث مفاجئ والإثبات للمسيحيين بأنه استردّ حق وصلاحيات رئيس الجمهورية في المؤسسات الدستورية الأساسية».

وعن اتهام الرئيس الحريري وباسيل بعقد تسوية في السلطة على حساب الآخرين، أجاب: «الحريري عقد تسويات مع الجميع مع الرئيس عون ومع الرئيس نبيه بري والوزير وليد جنبلاط وليس مع طرف محدّد، وأي تسوية تصبّ في مصلحة البلد لا على البلد».

وعن العلاقة مع الرئيس بري بعد اللقاء الأخير قال المصدر: «عندما أحس الحريري بضغط شديد بعد طروحات باسيل ذهب الى عين التينة طالباً المساعدة، إلا أن رئيس المجلس انفجر في وجهه رافضاً تبادل الحقائب حرصاً على الحكومة، لكن العلاقة مستقرة».

بري: أخشى قطبة مخفية خارجية

وقال بري بحسب زواره النواب إنه «قدّم كل ما يمكن من تسهيلات لتأليف الحكومة وانه لم ولن يندم على ما فعله في هذا الإطار»، مكرراً في لقاء الاربعاء انه «كان يجب ان تتشكل الحكومة قبل عيد الفطر، لكن للأسف لم تتألف حتى الآن، ولا أريد أن أحمل طرفاً معيناً مسؤولية ذلك». واشار الى ان «الاتصالات جامدة وأحداً لا يقوم بأي خطوة في ملف تشكيل الحكومة بعد كلّ هذه العقد». وأعلن وفق ما نقل عنه النواب «اننا قلنا للحريري منذ اليوم الأول إننا نريد 6 وزراء كثنائي شيعي، علماً أنه يحق لنا بـ8 وزراء وبضرورة تمثيل النواب السنّة ونخشى من قطبة مخفية لها علاقة بالخارج». ولفت الى ان «لا حل إلا بالدولة المدنية. فكل المصائب التي نعاني منها ناجمة عن الطائفية والمذهبية اللتين تستشريان أكثر فأكثر».

اعتداء إسرائيلي كاد يتسبّب بكارثة

غياب الحركة عن المسرح الحكومي، استبدل باستباحة اسرائيلية لسماء لبنان مستغلة الإرباك الحكومي الداخلي، فواصلت العبث بحدود لبنان البرية عبر مسرحية الأنفاق والجوية عبر استخدام الأجواء اللبنانية مجدداً لضرب سورية، حيث شنت طائراتها غارات جوية على الأراضي السورية أسقطت الدفاعات السورية معظمها. ونفت مصادر عسكرية مطلعة لـ«البناء» ان «تكون الغارات قد استهدفت مواقع عسكرية لحزب الله او إيرانية ولا حتى مطار دمشق»، موضحة أن «الطائرات دخلت من جنوب الدامور باتجاه السلسلة الشرقية من راشيا ونفّذت غاراتها التي كادت أن تتسبب بكارثة لولا تدارك الجيش السوري الذي التقطت إحداثياته طائرتين مدنيتين فوق الأجواء اللبنانية». وبحسب المصادر العسكرية فإن الخطر على الطائرتين كان من احتمالين اثنين: أن تتوجه صواريخ الدفاعات الجوية عن طريق الخطأ وتصيب الطائرتين كما حصل مع إسقاط الطائرة الروسية فوق اللاذقية، أو أن تعمد الطائرات الإسرائيلية عن طريق الخطأ الى اصابة الطائرتين».

وتساءل مراقبون: لماذا لم تخرج إدانة من فريق 14 آذار للاعتداءات الاسرائيلية؟ ولماذا يرفض فريق رئيس الحكومة السلاح الروسي أو الإيراني لحماية أجواء لبنان؟ وكان وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل أعطى تعليماته إلى مندوبة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة لتقديم شكوى أمام مجلس الأمن بالخروقات الإسرائيلية الخطيرة التي تهدد الاستقرار في المنطقة.

وعلى مقلب آخر، زعم الجيش الإسرائيلي انه اكتشف نفقاً خامساً جديداً يمتدّ من قرية عيتا الشعب اللبنانية واخترق الحدود مع «إسرائيل». وحمّلت «إسرائيل» الحكومة اللبنانية مسؤولية حفر الأنفاق وتداعيات هذه الأنشطة. وافادت «ألوكالة الوطنية للاعلام» ان الجيش الإسرائيلي فجّر إحدى الحفر التي استحدثها في خراج بلدة عيتا الشعب. وكان الجيش الاسرائيلي أعلن عبر مكبرات الصوت أنه سيقوم بالتفجير، كما تلقى بعض المواطنين اتصالات هاتفية من رقم خارجي وتسجيلات صوتية مصدرها «إسرائيل» ومفادها أن الجيش الإسرائيلي سيقوم بتفجير «نفق» في منطقة الحدب – عيتا الشعب.

قال الناطق الرسمي باسم «اليونيفيل» أندريا تيننتي في اتصال مع «الوكالة الوطنية»: «إن اليونيفيل موجودة على الأرض لضمان استتباب الوضع، وهي تعمل مع الأطراف لضمان الاستقرار».