خبر

من كواليس الإنفراج: حذارِ هذه الألغام

كلير شكر – الجمهورية

 

 

فجأة انهالت المواقف والتغريدات المبشّرة بقرب تأليف حكومة سعد الحريري الثانية في عهد الرئيس ميشال عون. قالها النائب شامل روكز في وضوح: «الأمور باتت في خواتيمها في مسألة تشكيل الحكومة، ومن حق النواب السنّة أن يتمثلوا بحسب المعايير التي تمّ اعتمادُها في مسار التشكيل».
في المقابل لاقاه «اللقاء التشاوري» للنواب السنّة المستقلين إلى منتصف الطريق من خلال بيان «تمهيديّ» فتح المجال أمام تسوية تُحضّر بعيداً من الأضواء. إذ أشار إلى «تفهّمه لدقة الوضع المعيشي والاقتصادي والمالي، وللمخاطر التي تحوط بالوطن، والإحساس بالمسؤولية الوطنية»… ولو أنّه أنهى بيانه برزمة شروطه للموافقة على سلّة التسوية التي يتولّى المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم حياكتها.

وفي موازاتهم، كان زوار رئيس مجلس النواب نبيه بري ينقلون عنه تمنّيه على رئيس الحكومة المكلّف لقاء النواب الستة تسهيلاً لانطلاقة قطار التأليف، وهي خطوة لا بدّ أن تحصل لإستكمال مشهدية «التفاهم الحكومي».

قبلهم، كان رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، وفق المعلومات، يلتقي في نهاية الأسبوع بعض نواب «التيار» ليذكّرَهم في أنّ من حق فريقهم السياسي التمثّل بـ11 وزيراً في الحكومة، ولكن في حال قرّر رئيس الجمهورية التنازل عن وزير لمعالجة الأزمة السنّية، فلن يكون، أي باسيل، معارِضاً.

وعلى رغم دخول هذه العناصر المشجّعة على خطّ التأليف، إلّا أنّ الحذر لا يزال مخيّماً فوق الملعب الحكومي، في انتظار مزيد من التوضيحات المطلوب تبادلها بين الأطراف المعنية، لكي يصير «الفول في المكيول».

وفق المتابعين، فإنّ أبرز ما سُجِّل خلال الساعات المقبلة هو الخطوة التي أعرب عنها رئيس الجمهورية من خلال إبلاغه إلى المعنيين استعدادَه ليكون ممثلُ «اللقاء التشاوري» من حصّته، حاسماً بذلك «الكادر الوزاري» الذي سيستظلّه الوزير السنّي، الذي سيكون في السياسة محسوباً قلباً وقالباً على قوى الثامن من آذار.

وبهذا يكون الحريري قد «أنقذ» نفسه من كأس التنازل عن وزير سنّي من حصّته لمصلحة محور الخصوم، ولو أنّه قال صراحة أمام مَن التقاهم أمس، إنه في حال نجت المبادرة من أيِّ أفخاخ إضافية غير مرئية وغير محسوبة، وفي حال بلغت خواتيمَها سليمة، فلن يقف في وجهها أو ضدها، طالما أنها تحترم رأيه.

أما رأي الحريري فيتلخّص هنا، وفق مَن التقاهم، في أن يكون موافقاً على إسم الوزير الذي سيمثل «اللقاء التشاوري»، خصوصاً وأنه يضع «فيتو» على بعض الأسماء التي تناهت إلى مسامعه وهو يرفض وجودها على طاولة مجلس الوزراء لأيِّ حصّةٍ انتمت.

وهذا يعني أنّ رئيس تيار «المستقبل» قرّر خفض سقف اعتراضاته بعدما كان رافضاً وجود وزير «ممانع» في حكومته، لأيّ حصّة انتمى، وإذ به يليّن من موقفه انسجاماً مع «رياح التغيير». ولكنّه مع ذلك يبدي حذرَه من مسار الاتصالات ومصيرها، ولو أنها خطت خطوات أولى جدّية، خصوصاً في ضوء التجارب التي عادة ما تُحبِطها التفاصيل.

بهذا المعنى، يُفهَم من اتصالات الأمس، والتي لا تزال في بدايتها، أنها تحتاج إلى مزيد من الخطوات التفاهمية قبل بلوغها خطّ النهاية سليمة. ومن بين هذه الخطوات أن يمنح رئيس الحكومة «بركته» للإسم الذي سترسو عليه المشاورات لدخول الجنّة الحكومية.

ولكن قبل بلوغ هذه الدرجة من التقدّم، ثمّة خطوات اضافية يُنتظر أن تطرأ على مشهدية التأليف، لكي تبقى على السكة السليمة، وإلّا فإنّ انحرافها حتميّ.

فـ«اللقاء التشاوري» فتح كوة في جدار المبادرة التي أطلقها رئيس الجمهورية، لكنه، لم يشرّع باباً، وبالتالي ثمّة نقاط تحتاج إلى مزيد من التوضيح، وثمّة قواعد يسعى النواب الستة إلى تثبيتها في حال تفاهموا على اسم سابع من خارجهم يمثّلهم في الحكومة.

وفق أحد نواب «اللقاء التشاوري» فإنّ موافقة رئيس الجمهورية على «تبنّي» ممثل عنهم، وضع العقدة على سكة المعالجة الجدّية، لكنّ ثمّة نقاطاً لا بدّ من مناقشتها والتفاهم عليها قبل تتويج المبادرة. أولى تلك النقاط، صدور موقف علني عن رئيس الحكومة يكرّس حق «المجموعة السداسية» في التمثيل الحكومي ويكون بمثابة ردّ اعتبار لهم.

ثاني تلك النقاط، هوية الوزير السياسية، بمعنى أن يكون من صلب المقاومة وفي خيارها السياسي، وبالتالي صوته على طاولة مجلس الوزراء سيكون منسجماً مع خيار «اللقاء التشاوري» السياسي.

ولهذا يصرّ «اللقاء» على أن يكون المبادر في تسمية ممثل عنه بعدما قرّر ملاقاة رئيس الجمهورية إلى خطٍّ وسطيّ، وطرح إمكانية تسمية شخص من خارج النواب الستة.

يقول النائب: «نحن لسنا هواة تسجيل موقف سياسي، وما طرحناه في بياننا يعبّر عن رغبتنا في متابعة مسارنا كمجموعة نواب متفاهمين حول خيارنا السياسي، وبالتالي لن تنتهي مسيرتنا مع تأليف الحكومة، لا بل التأليف هو البداية، التي ستكرّس منطق الشراكة والتعددية داخل الطائفة السنية».

ويضيف «ولهذا فإنّ جدول أعمال الوزير العتيد سيكون في صلب اهتمامنا، ويُفترض أن نحصل على الضمانات الكافية التي تسمح لنا بالتفاهم على الإسم وعلى برنامجه على طاولة مجلس الوزراء، سواءٌ لناحية الخدمات التي نريدها للشرائح الاجتماعية التي نمثلها أو لناحية حصتنا في التعيينات المرتقبة وغيرها من القضايا التي تهمّ الناس الذين نمثلهم».

وفي محاولة للردّ على هذه الإشكاليات التي يطرحها «اللقاء»، سيلتقي اللواء ابراهيم اليوم النواب الخمسة في اعتبار أنّ النائب فيصل كرامي موجودٌ خارج البلاد ويُنتظر أن يعود خلال الساعات المقبلة، وهو متابع لكل تفاصيل المشاورات الجارية مع زملائه.