خبر

«العقدة السنّية» تنتظر عون والحريري… و«التشاوري» يحدِّد وجهته اليوم

صحيفة الجمهورية

 

تدخل البلاد أسبوعاً آخر وأزمة تأليف الحكومة على ابواب شهرها السابع، من دون ان تلوح في الأفق أي مؤشرات الى حلّ قريب لها. بل كل المعطيات تشير الى أنّها ستدخل فصلاً جديداً من التعقيد والتصعيد، على رغم تفاؤل بعض المعنيين باحتمال ولادة الحكومة «عيدية» للبنانيين لمناسبة عيدي الميلاد ورأس السنة، اللذين دخلت البلاد في مدارهما. وبدا من المواقف امس، انّ أفق الحلول ما زال مسدوداً، على رغم حديث البعض، عن انّ عودة الرئيس المكلّف سعد الحريري من لندن، معطوفة على المشاورات التي أجراها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الأسبوع الماضي، بعدما التقاه ورئيس مجلس النواب نبيه بري كل على حدة، تبعث على التفاؤل بإمكان ايجاد حلّ لعقدة تمثيل النواب السنّة الستة أعضاء «اللقاء التشاوري». فالحريري عاد ليل أمس الأول من العاصمة البريطانية ولم يرشح من «بيت الوسط» بعد أي شيء عن طبيعة توجهاته الحكومية هذا الأسبوع.
دلّت المواقف والمعطيات خلال عطلة نهاية الاسبوع، الى انّ رئيس الجمهورية ليس في وارد تمثيل نواب «اللقاء التشاوري» بوزير من حصّته، وكذلك الحريري الذي لا يزال يرفض حتى الآن استقبالهم والاستماع الى مطلبهم.

وفيما يعقد «اللقاء التشاوري» اليوم اجتماعاً لعرض الموقف من مسألة تمثيله في الحكومة، والخطوات التي سيعتمدها مع ما قد يستجد حول هذه المسألة وربطاً بحركة المشاورات الجارية، أكّدت اوساط «اللقاء» انّه «ثابت على موقفه، ولا قبول بأي حلّ لا يفضي الى تمثيل اعضاء «اللقاء» في الحكومة وعبر واحد منهم حصراً وليس عبر من يمثلهم، و»اللقاء» أكّد ويؤكّد انّه لن يلغي هويته ولا وجوده ولا تمثيله الذي اكّدته الانتخابات النيابية، والتي على الجميع ان يحترم نتائجها».

ونفت اوساط «اللقاء» ان يكون قد طلب موعداً جديداً للقاء الرئيس المكلّف، ما خلا الطلب الوحيد الذي قدّمه قبل فترة، ورفض الرئيس المكلّف التجاوب معه حتى الآن. كذلك نفت أي علاقة له في أي صيغ لحلول وسط، يجري تداولها حول مسألة تمثيلهم، معتبراً القول إنّ «اللقاء» وافق على مثل هذه الطروحات هو ترويج خبيث، القصد منه التشويش على موقف النواب والتأثير عليه. علماً انّ موقفنا سبق واكّدناه وابلغناه اخيراً الى رئيس الجمهورية، وحرفيته أننا نصرّ على تمثيلنا بواحد من النواب الستة، ولا نقبل بأن يتمثل أحد من خارج اللقاء التشاوري».

بري: ليقلعوا شوكهم بأيديهم
الى ذلك، لاحظ زوار عين التينة ترقباً لحركة الاتصالات التي قيل إنّها ستعود الى الانطلاق بعد عودة الرئيس المكلّف سعد الحريري من لندن، في وقت شاعت معلومات امس، عن زيارة وشيكة يقوم بها الحريري الى القصر الجمهوري.

يأتي ذلك وسط تسليم شامل بأنّ الأفق الحكومي مقفل، بالنظر الى تمترس مختلف الاطراف خلف مواقفها. ووسط هذا الجو، سألت «الجمهورية» رئيس مجلس النواب نبيه بري عمّا اذا كان قد طرأ أي تقدّم على صعيد الملف الحكومي، أم أنّ الامور ما زالت عند نقطة «أبجد» التي حدّدها قبل ايام، فقال: «طبعاً ما زلنا عند «أبجد»، وربما ما قبل «أبجد».

وقدّم بري صورة عن مغادرته التفاؤل الحَذر الذي عبّر عنه امام نواب الاربعاء منتصف الاسبوع الماضي وقال: «ما استطيع ان اقوله اليوم هو «خلص الكلام»، ملأنا صفحات الجرائد والاعلام بالكلام، لم نترك شيئاً الّا وقلناه، ولا دعوة الى التنبّه والحذر مما نحن فيه من مخاطر إلاّ واطلقناها، بحيث لم يعد هناك شيء لنقوله، فليقلعوا شوكهم بأيديهم».

«حزب الله»
وقالت مصادر «حزب الله» لـ»الجمهورية»، انّه ينتظر ما ستؤول اليه حركة المشاورات، مع إعراب الامل في ان تتمكن جهود رئيس الجمهورية من إحداث خرق يؤدي الى تأليف الحكومة. واشارت الى انّ موقف الحزب لم يتبدّل، وهو على التزامه مع «اللقاء التشاوري» بدعم موقفه، ويقبل بما يقبل به ويرفض ما يرفضه، وبالتالي هو ليس في وارد التدخّل في قرار «اللقاء التشاوري» او ممارسة اي ضغط على احد في هذا المجال. ولفتت المصادر الى «ان كرة الحل هي في الاساس في ملعب الرئيس المكلّف».

وقال عضو المجلس المركزي لـ»حزب الله» الشيخ نبيل قاووق أمس، انّ الحزب «لا يمانع أن تكون حصّة رئيس الجمهورية 11 أو 12، فكلما كان في موقع قوة داخل الحكومة كلما كانت الفعالية أكثر». واشار الى أنّ «النواب السنّة المستقلّين صاروا جزءاً من المعادلة السياسية ولا يمكن لأحد أن يتجاهل حقهم أو أن يلغيهم، وليسوا في حاجة لاعتراف، لأنّ نجاحهم وحجم تمثيلهم يعطيهم حقهم في المعادلة، أما رئيس الحكومة المكلّف، عندما يرفض تمثيل النواب السنّة المستقلين ضمنياً، فهو يتنكّر لنتائج الإنتخابات النيابية، أي أنّه يريد أن يلغي هذه النتائج وأن يبقى الوضع على ما هو عليه قبل الإنتخابات وبعدها».

«التيار الوطني الحر»
الى ذلك تحدثت قناة «أو .تي. في» التابعة لـ»التيار الوطني الحر» في مقدمتها الإخبارية مساء أمس، عن انّ كلَ الجهود السياسية تصُبّ باتجاه «إحراز الخرْق المُنتظر ومعايدةْ اللبنانيين بولادةِ حكومة ِالعهد الاولى، من دون القفزِ الى استنتاجاتٍ متسرِعة او تحديدِ مواعيد». واشارت الى انّ مبادرةَ رئيس الجمهورية «كَسْر الاصطفافات» داخل «اللقاء التشاوري»، موحية بوجود «تناقض». لكنها قالت انّ «الخلاصة ان حتى اللحظة، لا حكومة ولا تنازلات من اي طرف. غير انّ ذلك لا يعني انّ الوضعَ لا يمُكن ان يتغيّر». وأكّدت «انّ الامورَ تتقدّم، وتؤكّدْ انّ اساس البحث ينطلق من مجموعةِ الافكار التي طرحها الوزير جبران باسيل في المرحلة الاخيرة، وتمّت مناقشتها اخيراً مع رئيس الحكومة المكلّف في لندن ومع «حزب الله» وسائر المعنيين في بيروت».
وقال باسيل من الجنوب، إنّ «هدية العيد ستكون إعلان الحكومة مع ميلاد المسيح، وهذه الحكومة هي للجميع، وإن لم تُنجز سيكون فشلها فشلاً للجميع، واذا ولدت فهي نجاح لكل لبنان وستكون على أساس الخير والعدالة، وبما أنّ الحكومة هي للجميع، فعلى الجميع ان يضحّي لإنجاز ولادتها مع احترام معايير التأليف. نريدها حكومة للكل ولخير الكل ولمحاربة الفساد بنَفَس جديد لبناء مستقبل الوطن».

زحلة.. «النار تحت الرماد»
وفي هذه الأثناء، وقبل فترة الأعياد، يواصل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي مناشدته المسؤولين السياسيين للإلتفات الى الشعب الذي يرزح تحت همّ الفقر ووقف ممارسات السلطة الشاذة.

وحضرت المطالب الحياتية بقوّة في عظة البطريرك الراعي ولقاءاته أمس، في حين انّ بكركي تابعت منذ يوم الجمعة تداعيات حادثة زحلة بعد إقفال معامل «ميموزا» ورمي أكثر من 800 موظّف وعائلة في المجهول، ومحاولة إعتقال رئيس بلدية قاع الريم وصاحب المعمل وسام تنوري، ما سبّب بتوتّر الشارع الزحلاوي، علماً انّ سلسلة هذه التدابير وتدرّجها بسرعة طرح أكثر من علامة إستفهام.

وعلمت «الجمهورية»، أنّ بكركي أجرت إتصالات مع أعلى المرجعيات في الدولة منذ الجمعة بغية متابعة هذه القضية وإحقاق الحقّ ومساندة الناس التي هُدّدت بلقمة عيشها، بعد القرارات العشوائية والظالمة التي اتخذت وغير آبهة بمصير مئات العائلات الزحلاوية. وقد استقبل الراعي أمس تنوري ووفداً من قاع الريم والمنطقة لمتابعة القضية عن كثب، وقد أجرت بكركي سلسلة إتصالات بالمسؤولين عن هذا الملف.

وتؤكّد المعطيات، أنّ الوضع في زحلة هو «نار تحت الرماد» خصوصاً، انّ تنوري سيمثل اليوم أمام القضاء، فيما يستعدّ أهالي المنطقة الى التصعيد الذي قد يصل الى حدّ إقفال زحلة وربما التوجّه الى بيروت في حال تطوّرت الأمور نحو الأسوأ.

وما زاد من توتّر الشارع هو مخاوف أهالي المنطقة من أن يكون هدف «قطع أرزاق 800 عائلة» وإقفال المعمل لا دخل له بالحفاظ على البيئة كما تمّ الإدعاء، بل إنّه يتخطّى هذا الأمر بكثير، وأن تكون هناك صفقة مشبوهة يدخل فيها مسؤولون كبار في الدولة، وتستهدف المنطقة بكاملها بغية تهجيرها من أرضها وإضعافها لإتمام الصفقة التي ربما تتكشّف خيوطها في الأيام والأسابيع المقبلة.

وعلمت «الجمهورية» أيضاً، أنّ الرابطة المارونية دخلت على خطّ معالجة الأزمة عبر رئيسها أنطوان قليموس، الذي أجرى سلسلة إتصالات بالمسؤولين، على أن يتخذ الموقف المناسب وفق المسار الذي ستسلكه القضيّة.

وفي حين تؤكّد بكركي وقوفها الى جانب شعبها ومتابعتها لهمومهم وقضاياهم وعلى رأسها قضية قطع أرزاق أكثر من 800 عائلة في زحلة، شنّ الراعي أمس هجوماً نارياً على «الفاسدين من الطبقة السياسية»، وبلغ هجومه حدّ دعوة السياسيين الى فتح «نافذة ليدخل نور الله إلى عقولهم وقلوبهم، فيخرجها من ظلمة المصالح والتحجر والبغض، ومن ظلمة الفساد والمكاسب غير المشروعة، ويُصلح حياتهم لكي يصلحوا أدائهم لخير لبنان وشعبه ومؤسساته». واعتبر أنّ المسؤولين الذين يعرقلون الحكومة يزيدون الأزمة الإقتصادية والمالية وما يتصل بهما، حتى أنّها بلغت حيز الخطر على البلاد، اضافة إلى مزيد من فقر المواطنين وتحطيم آمال الشبيبة وطموحاتها».

وسأل: «كيف يمكن قبول هذا الواقع الشاذ في ممارسة العمل السياسي والإفراط في السلطة؟ كيف يمكن أن يتفاهم ويتحاور ويتشاور أهل السلطة والتكتلات النيابية والنافذون، فيما كل واحد وكل فريق متمسّك برأيه ومطلبه؟ هل المقصود تعطيل الدولة التي تخسر يومياً من وارداتها ويتفاقم دينها مع إطلالة كل صباح، لغاية مبطنة ما؟ إنّ السلطة من طبعها مدعوة لتبني لا لتهدم، لتتقدّم بالبلاد إقتصادياً وإنمائياً وأمناً لا لتعود به إلى الوراء، لتوفّر الخير العام للمواطنين لا لإفقارهم».

«درع الشمال»
على الصعيد الجنوبي، أعلن الجيش الإسرائيلي أمس انّه عثر على نفق رابع من الأنفاق التي يقول انّ «حزب الله» حفرها على حدود لبنان الجنوبية.
يشار الى انّ هذا النفق هو الرابع الذي يتم الكشف عنه.

وحسب بيان الجيش الإسرائيلي «انّ النفق تحت سيطرة الجيش وانّه ملغّم وكل من يدخل اليه من الجانب اللبناني يعرّض نفسه للخطر، وقد تمّ ابلاغ كافة الجهات الإسرائيلية ذات العلاقة بالأمر. ويقوم الجيش حالياً بفحص النفق كما يواصل الاجراءات الأمنية الضرورية في هذه الحالات». وأضاف «انّ مسؤولية هذه الأنفاق تقع على كاهل الحكومة اللبنانية، وترى إسرائيل في هذه الانفاق انتهاكاً خطيراً للقرار الاممي 1701 وللسيادة الاسرائيلية».

البشير في سوريا
إلى ذلك، بحث الرئيس السوري بشار الأسد، أمس، مع نظيره السوداني عمر البشير العلاقات الثنائية وتطورات الأوضاع في سوريا والمنطقة، خلال زيارة للبشير إلى دمشق.

وأكّد الرئيسان السوري والسوداني خلال المحادثات، أنّ الظروف والأزمات التي تمرّ بها العديد من الدول العربية، تستلزم إيجاد مقاربات جديدة للعمل العربي تقوم على احترام سيادة الدول وعدم التدخّل في شؤونها الداخلية، وهذا بدوره كفيل بتحسين العلاقات العربية- العربية بما يخدم مصلحة الشعب العربي.

وأشارا إلى أنّ ما يحصل في المنطقة، وخصوصاً في الدول العربية، يؤكّد ضرورة استثمار كل الطاقات والجهود من أجل خدمة القضايا العربية والوقوف في وجه ما يتم رسمه من مخططات تتعارض مع مصالح دول المنطقة وشعوبها.

وأوضح البشير، أنّ سوريا هي دولة مواجهة، وإضعافها هو إضعاف للقضايا العربية، وما حدث فيها خلال السنوات الماضية لا يمكن فصله عن هذا الواقع، معتبراً أنّه وعلى رغم الحرب بقيت متمسكة بثوابت الأمة العربية.

وأعرب الرئيس السوداني عن أمله بأن تستعيد سوريا عافيتها ودورها في المنطقة في أسرع وقت ممكن، وأن يتمكّن شعبها من تقرير مستقبل بلده بنفسه بعيداً عن أي تدخلات خارجية.

من جهته، لفت الأسد إلى أنّ تعويل بعض الدول العربية على الغرب لن يأتي بأي منفعة لشعوبها، مشيراً إلى أنّ الأفضل هو التمسّك بالعروبة وبقضايا الأمة العربية.