رضوان مرتضى – الأخبار
اخترق فرع المعلومات تنظيم «الدولة الإسلامية». دسّ مُخبِراً ليكسب ثقة قياديين في التنظيم المتشدد بغية كشف مخططاته على الأراضي اللبنانية. وبالفعل، نجح «عميل» فرع المعلومات في استدراج قياديين أمنيين، ينشطون من داخل إدلب السورية، لإرسال متفجرات وعبوات ناسفة بقصد تنفيذ عمليات إرهابية في الداخل اللبناني. الهدف المحدد بات، بعدما يئسوا من اختراق مناطق «الروافض»، دور العبادة المسيحية والجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية. استدرج عميل المعلومات قياديين من «الدولة الإسلامية» لإرسال عبوتين ناسفتين بهدف التفجير. صَبَر ضُبّاط الفرع ١١ شهراً من دون تسريب أي معلومة عن المخطط الأول والثاني علّهم يُحبِطون مزيداً من مخططات التنظيم، قبل أن يُعلنوا عن العملية بعد مقتل اثنين من المشغّلين المكلّفين بتنفيذ تفجيرات في الداخل اللبناني، وذلك على أيدي عناصر من هيئة تحرير الشام في إدلب. جاء القرار بعدما طلب أحد الكوادر عبر وسيلة الاتصال المعتمدة من عميل فرع المعلومات السفر إلى تركيا وإنهاء العملية. أظهر ذلك أنّ عناصر تنظيم «الدولة» ينشطون في إدلب على شكل خلايا سرية. وعليه، يكون فرع المعلومات قد أحبَط عمليتين إرهابيتين خطّط لهما التنظيم، رغم أنّ توقيت الكشف عن العملية وُضِع في خانة التغطية على فضيحة ما جرى في الجاهلية، مع أنّ قيادة المديرية الأمنية ووزير الداخلية أكّدوا أنّ الإعلان عنها كان مقرراً قبل «غزوة الجاهلية».
قدّم فرع المعلومات، أمس، عرضاً مفصّلاً لمراحل العملية التي أطلق عليها اسم: «عملية الجبنة القاتلة». كان وزير الداخلية نهاد المشنوق حاضراً، وقد عدّ العملية استكمالاً لعملية «لبنان الآمن». بدأت القصة قبل أحد عشر شهراً. بدأ المخبر باكتساب ثقة القيادي في التنظيم المذكور «أبو عمر» الموجود في إدلب. نجح الأخير في اجتياز المرحلة الأولى. أبلغه «أميره» أنّه سيعمل بمفرده، أي سيكون «ذئباً منفرداً»، وكلّفه الاستعداد لتنفيذ العملية. طلب «أبو عمر» من «عميل فرع المعلومات» رصد الهدف المنوي استهدافه. ركّز على تجمُّعٍ لـ«النصارى» أو مراكز تابعة للجيش اللبناني، طالباً تصوير الهدف وإرسال الصور عبر وسيلة التواصل المعتمدة. وهذا ما كان. «أبو عمر» أبلغ عندها «الذئب المنفرد» أنّه سيُرسل له عبوة ناسفة من سوريا، عبر سائق أُجرة لاستخدامها في عملية التفجير، كاشفاً أنّه سيُخبئها بشكل محكم داخل علبة حديدية كبيرة من الجبنة. وأخبره أنّ العبوة غير مجهّزة، لكن مستلزمات التجهيز موجودة داخلها. زوّده برقم لبناني وكلمة سر للتواصل مع الشخص الذي سيُسلّمه إياها. حُدِّد الزمان والمكان في بر الياس البقاعية لعملية التسلم. وبالفعل، تسلّم فرع المعلومات «سطل الجبنة»، ليتبيّن أنّ ناقل العبوة سوري يُدعى أ.أ.، لكنّ ضباط الفرع حرصوا على عدم توقيفه لاستكمال العملية. وُضِعَ تحت المراقبة. استُخرجت العبوة ليتبين أنّها عبارة عن ٤ كيلوغرامات من المواد المتفجرة والقطع الحديدية الكفيلة بقتل العشرات. أُرفِقت بدائرة كهربائية وصاعق وجهاز تحكم عن بُعد وأربع بطاريات. عندما أبلغ المخبر مشغّله «أبو عمر» بتسلم العبوة، طلب إليه الأخير استخراجها من السطل كي لا تتلف، ثم زوده بمقطع فيديو يشرح فيه كيفية توصيل العبوة وتفجيرها. طلب إليه تفجيرها بوجود تجمّع بشري، محدِّداً موعد التنفيذ في يوم إجراء الانتخابات النيابية، كما طلب تصوير العملية لتبنّيها من قبل التنظيم. راح فرع المعلومات يماطل، بغية كسب الوقت، قبل أن يبلغوا «أبو عمر» عبر عميلهم أن العبوة الناسفة تالفة نتيجة تسرّب الماء إليها من داخل علبة الجبن. صدّق القيادي جُنديّه، فقرّر إرسال عبوة جديدة. أرسلت هذه المرة في سطل «شنكليش» بالطريقة نفسها. العبوة الثانية كانت مشابهة للعبوة الأولى، غير أنّ الاتصال انقطع لفترة قبل أن يُعلَم المخبر أنّ «أبو عمر» اعتُقل لدى هيئة تحرير الشام. عندها جرى توقيف ناقلي العبوتين اللذين تبيّن أنهما لا يعلمان بأمر المتفجرات. كذلك تبين أنّ العبوتين نُقلتا من إدلب بواسطة باص يذهب من لبنان إلى سوريا بصورة دورية ويُحضر معه عشرات «تنك الجبن والزيت».
عملية فرع المعلومات بيّنت أنّ عناصر تنظيم «الدولة» ينشطون في إدلب بخلايا سرية
اتضح بعدها أنّ الشخص الذي يتواصل مع مخبر المعلومات كان يدعى عبد متين أو أبو أيهم. هذا قد أُعدِم في إدلب. خليفة «أبو عمر»، أو الشخص الثاني الذي عاود التواصل مع المخبر، عرّف عن نفسه بأنّه يُدعى «أبو هاجر» وأنه تسلّم مهام «أبو عمر». أبلغه الاستعداد لتنفيذ عملية انغماسية بعد تسلم أسلحة ومتفجرات وأحزمة ناسفة. أعطى المخبر إحداثيات البريد المُرسل ليكتشف أنّ البضاعة المرسلة هي بندقيتان رشاشتان مع عشر قنابل وصواعق وألف طلقة. غير أنّ التواصل انقطع مع أبو هاجر قبل أن يعلم المخبر أنّه قُتل عبر وسيلة الاتصال. المتّصل طلب من المخبر إرسال صورة عن جواز سفره ومغادرة لبنان إلى تركيا. وبسبب عدم التمكن من التثبت من هوية المتّصل، والمخاطر التي قد يتعرّض لها المخبر، قرر فرع المعلومات إلغاء العملية. بقيت مسألة لا يزال العمل جارٍ لكشفها، وهي كشف الأشخاص الذين وضعوا آخر دفعة من الأسلحة والقنابل في تعنايل ـــ البقاع.