كتب المحرّر السياسيّ – البناء
الناشف في اليوم العالمي للتضامن مع فلسطين: أرضنا المحتلة لن تُستردّ إلا بالمقاومة ص 3
أستانة 11: فشل مشروع دي ميستورا لـ «الدستورية»… وفشل سعي أردوغان للمماطلة
بوتين يفاجئ ترامب بفرقعة مصافحة مع محمد بن سلمان… وزيارة السعودية
باسيل يشغل محرّكاته في بيت الوسط… وتوتر في الجبل بين وهاب وجنبلاط
تتجه سورية مع تثبيت معادلات الردع بوجه سلاح الجو الإسرائيلي، نحو تثبيت معادلات الردع السياسي بوجه محاولات المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا الذي يحاول السطو على اللجنة الدستورية في آخر أيام ولايته مدعوماً من واشنطن وعواصم الغرب، وتثبيت مسارات تفاهمات سوتشي حول إدلب التي يحاول الرئيس التركي رجب أردوغان أخذها للمزيد من المماطلة، وبمثل ما نجح الجيش السوري ودفاعاته الجوية في منع سلاح الجو الإسرائيلي من دخول الأجواء السورية، وإسقاط الصواريخ التي استهدفت جنوب دمشق من أجواء الجولان المحتل، نجحت الدبلوماسية السورية ونجح الحليفان الروسي والإيراني معها، بإسقاط محاولات التلاعب بمصير اللجنة الدستورية وفقاً لمحاولة دي ميستورا الحصول على تفويض تسمية ثلثها الأخير بعدما تولّت كل من الحكومة السورية والمعارضة تسمية الثلث الخاص بها، وترك اجتماع أستانة الحادي عشر في بيانه الختامي الصادر عن الدول الضامنة، روسيا وإيران وتركيا، ملف اللجنة على جدول الأعمال، بينما نجح الحلفاء الروسي والسوري والإيراني بإحراج تركيا والجماعات المسلحة التابعة لها في الموقف من وضع جبهة النصرة وتنظيم داعش في منطقة إدلب ورد الاعتبار لخيار المواجهة حيث قالت الفقرة السادسة من البيان الختامي إن الرعاة «أكدوا من جدید تصمیمهم على مواصلة التعاون من أجل القضاء نهائیاً على داعش/ تنظیم الدولة الإسلامیة في العراق والشام وجبهة النصرة وجمیع الأفراد والمجموعات والكیانات والهیئات الأخرى المرتبطة بالقاعدة أو داعش/ تنظیم الدولة الإسلامیة في العراق والشام كما حددها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. ودعوا كافة مجموعات المعارضة المسلحة في سوریة إلى الانفصال التام والفوري عن المجموعات الإرهابیة المذكورة».
في قمة العشرين المنعقدة في بيونس آيرس عاصمة الأرجنتين، كانت الأنظار مشدودة لمراقبة وضع ولي العهد السعودي ودرجة العزلة التي تحيط به، خصوصاً بعد إعلان البيت الأبيض أن لا لقاء سيجمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بولي العهد السعودي، لتأتي المفاجأة الصاعقة بالمصافحة المفرقعة التي أرداها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أمام الكاميرات وقرب أذن الرئيس الأميركي، بمثابة رسالة مزعجة للرئيس ترامب، وسط تبادل الابتسامات والإشارات بين بوتين وإبن سلمان، مع إعلان الكرملين عن بدء التحضيرات لزيارة الرئيس بوتين إلى السعودية، فيما كان البيت الأبيض يصدر بياناً تلطيفياً للعلاقة بروسيا بعد إلغاء اللقاء مع الرئيس الروسي يحمّل التحقيقات الأميركية الداخلية مع ترامب مسؤولية تدهور العلاقات الروسية الأميركية.
لبنانياَ، مؤشرات تصعيد وتوتر في الشارع والسياسة عبرت عنها التصريحات المتبادلة بين نواب اللقاء التشاوري وقيادة تيار المستقبل من جهة، والتوتر بين الوزير السابق وئام وهاب والنائب السابق وليد جنبلاط، الذي بدأ على تغريدات تويتر وانتقل إلى الجبل قبل أن يتولى الجيش اللبناني التدخل لفرض الهدوء، بينما كان وزير الخارجية جبران باسيل العائد من السفر يشغل ممركاته ويخرج متفائلاً من لقائه الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، بأجواء إيجابية تجاه الأفكار التي قدّمها.
الحريري وباسيل ناقشا مخارج لحلّ العقدة
بعد أيام من تجميد المبادرات الحكومية كاد الشارع خلالها يفلت من يد الجميع، سُجل أمس، حراك لوزير الخارجية جبران باسيل على خط بيت الوسط لنقل اقتراحاته وتصوره لمسألة حل عقدة تمثيل اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين والمخارج الممكنة، حيث التقى الرئيس المكلف سعد الحريري، غير أن أي حل واضح لم يخرج من اللقاء، رغم التفاؤل الذي حافظ عليه التيار الوطني الحر والحريري الذي أكد أمس، أمام اتحاد جمعيات العائلات البيروتية أن «العقد التي أثيرت مؤخراً في وجه تشكيل الحكومة تتم معالجتها»، رغم تأكيده بأنه «لن يتراجع عن موقفه». وأكدت أوساط الحريري لـ«البناء» أنه «سيكون هناك حكومة مهما بلغت التعقيدات والحريري منفتح على الحل لكن أن لا يأتي على حسابه»، مشيرة الى أن «أبواب الحل غير مقفلة كلياً ودائماً هناك حلول تأتي كتسويات لكن لم تتضح معالمها بعد بانتظار ما سيتمخض عن مبادرة باسيل».
وأكدت مصادر بيت الوسط لـ«البناء» أن «الرئيس المكلف لن يقدم مزيداً من التنازلات فهو تنازل للرئيس نجيب ميقاتي عبر منحه وزيراً من حصته وتنازل للرئيس ميشال عون، فما المطلوب أن يدخل الى الحكومة بوزيرين ولديه كتلة نيابية من 20 نائباً؟ هل يريدون الرئيس الحريري أن يكون الحلقة الأضعف في مجلس الوزراء؟ أم إضعاف موقع رئاسة الحكومة؟ وإذا كان هذا هدفهم فليذهبوا ويشكلوا حكومة برئيس غير الحريري طالما يملكون الأكثرية النيابية»، وأكدت الأوساط ما سُرّب عن قيادي في تيار المستقبل بأن من اتهم الرئيس المكلف بأنه عميل للمحور الأميركي الاسرائيلي لن يطأوا بيت الوسط في اشارة الى النائب وليد سكرية بحسب المصادر، الأمر الذي نفته مصادر اللقاء التشاوري موضحة أنها «تعني المحور السعودي الأميركي والحريري لا يُخفي ذلك».
على أن مصادر مراقبة تساءلت: «ألم يتبادل تيار المستقبل والتيار الوطني الحر الاتهامات بالفساد والهدر على مدى سنوات عدة قبل أن يستقبل الرئيس المكلف العماد ميشال عون في بيت الوسط ويرشحه لرئاسة الجمهورية في إطار تسوية رئاسية لا تزال سارية المفعول حتى اليوم؟ ألم يستقبل الرئيس المكلف النائب اللواء جميل السيد خلال الاستشارات النيابية؟ فلماذا لا يستقبل النواب السنة؟ علماً أن هؤلاء لا يطلبون موعداً من الحريري بصفته رئيس تيار المستقبل بل كرئيس مكلّف بموجب الدستور وملزم باستقبال كل القوى السياسية والنيابية لا سيما في مرحلة تأليف الحكومة، ما يؤكد بأن هذا السبب الذي يسوقه المستقبل مجرد ذريعة لرفض استقبال النواب السنة والاعتراف بهم كمكون سني له حيثيته النيابية والشعبية والسياسية.
ولفت الوزير السابق غازي العريضي بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري أن «الأمور لا تزال في مكانها».
ويدور حديث في الكواليس أن جهات لبنانية الرئيس الحريري طلبت تدخلاً خارجياً من روسيا وفرنسا لدى ايران للضغط على حزب الله لحل العقدة السنية عبر الضغط على حلفائه السنة، لكن عضو اللقاء التشاوري النائب عبد الرحيم مراد أكد بأن «اللقاء لن يتنازل عن موقفه وإن طلبت فرنسا من إيران ذلك»، وسأل في تصريح: «لماذا يأخذ رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي مقعداً وزارياً سنياً في الحكومة وهو نائب واحد، مقابل 6 نواب في اللقاء التشاوري يتم رفض تمثيلهم في الحكومة؟». أضاف مراد: «ان الهدف اليوم هو كسر الأحادية والتفرد في الطوائف وايجاد الميثاقية التمثيلية في الطائفة السنية كما حصل في الطائفة الدرزية، وهذا الموضوع يجب أن يطبّق علينا».
وكان مستشار رئيس الحكومة المكلف للشؤون الروسية، جورج شعبان الحكومية زار روسيا والتقى المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ودول أفريقيا، ميخائيل بوغدانوف الذي أمل «تشكيل حكومة جديدة في لبنان بأسرع ما يمكن»، مؤكداً «تمسكه بسيادته واستقراره وعدم جواز تدخل جهات خارجية في شؤونه الداخلية».
الحريري وهّاب إلى القضاء
على صعيد آخر، انتقل الصراع بين رئيس تيار التوحيد وئام وهاب والحريري من الشارع الى القضاء، وفي حين أحال النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود الدعوى المقدمة من عدد من المحامين على وهاب بالسبّ والتعرض للحريري على ان يتم استدعاء وهاب للتحقيق معه في فرع المعلومات، كشف حمود من جهة ثانية عن أنه لم يقبل الإخبار المقدّم من وهاب ضد الحريري باعتبار أن للحريري حصانة لكونه رئيس حكومة ونائباً.
غير أن مصادر «البناء» أكدت «بأن وهاب لن يمثُل للتحقيق في فرع المعلومات»، مؤكدة أنه «مستمرّ في حملته على الحريري في ملف الفساد». ويعقد وهاب مؤتمراً صحافياً الأحد المقبل يتطرّق خلاله الى الاحداث خلال الايام القليلة الماضية ويتناول ملفات الفساد.
وقد تمكّن الجيش اللبناني بتغطية من القوى السياسة كافة في الجبل من تطويق ذيول التوترات الأمنية، وأشارت مصادر سياسية لـ«البناء» الى أن «لا فتنة سنية – درزية في الجبل ولا قرار خارجي بإشعال الفتنة كما يقول البعض، بل ان فريق المقاومة أشدّ الحريصين على أمن البلد واستقراره».
وأعلنت قيادة الجيش في بيان بأن «مجموعة من المواطنين قامت يوم أمس بالتجول في مواكب سيارة وإطلاق النار في الهواء بين مناطق الشوف ومعاصر الشوف والباروك والمختارة. على الفور تدخّلت قوة من الجيش وأوقفت 25 سيارة و57 شخصاً من المشاركين في المواكب وضبطت بحوزتهم أسلحة حربية وذخائر وسلم الموقوفون والمضبوطات إلى القضاء المختص وبوشر التحقيق».
وإذ حاول رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط شدّ العصب المذهبي بحديثه بأن المختارة مستهدفة وهي خط أحمر، أشار في تصريح له عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن «هناك حملة من الأخبار المغلوطة على ما يُسمى بوسائل التواصل الاجتماعي والامور هادئة منذ منتصف ليل الامس بعد أن حسم الجيش اللبناني الموقف واعتقل المشاغبين وفتح الطرقات».
«السلسلة» إلى الواجهة…
وبموازاة الفراغ الحكومي والتوتر الأمني المتنقل في بعض المناطق والمفتعل من تيار المستقبل، تبدو مستغربة الإثارة المتعمدة لموضوع سلسلة الرتب والرواتب المرتبط بالأمن الاجتماعي للمواطن في هذا التوقيت، ما يدفع للاعتقاد بوجود جهة تدفع للمواجهة بين الدولة والهيئات العمالية في الشارع للضغط بمسألة تأليف الحكومة، وبعد دعوة رئيس التيار الوطني الحر الى الاستفادة من التجربة الصربية بتخفيض رواتب موظفي القطاع العام، رأى وزير الاقتصاد رائد خوري، أنه «لم يكن يجب السير بسلسلة الرتب والرواتب بهذه الطريقة»، كاشفاً عن «أرقام خاطئة قدمت لنا في مجلس الوزراء وبقينا حتى آخر لحظة متحفظين عليها».
وأشار خوري في حديث تلفزيوني الى «ان هناك فارقاً بالأرقام 100 بالمئة وهي فاقت الـ 800 مليون دولار، وعلينا التفكير بالتخفيف من وطأة السلسلة وإعادة درسها من الجانب القانوني، واوضح ان يمكننا تجميل السلسلة والبحث بالحوافز للموظفين بدل رفع الرواتب». في المقابل أكد رئيس رابطة التعليم الأساسي نزيه جباوي أن «المساس بسلسلة الرتب والرواتب سيرتب عواقب وخيمة وهيئة التنسيق النقابية لن تسكت عن الحقوق المكتسبة التي كلفتها سنوات من النضال لتحقيقها وما أخذناه هو جزء من حقنا». وتوجه جباوي إلى السياسيين بالقول: «طفح الكيل، والحقيقة انكم لا تريدون لهذا الشعب ان يحيا بكرامة وتراهنون على تفككه الطائفي لكنكم مخطئون فاضبطوا اساليب الهدر والفساد».
أما على صعيد الوضعيْن المالي والاقتصادي، فتشكيل الحكومة يضع حداً لها، بحسب ما أكد وزير المال علي حسن خليل بعد لقائه وفد البنك الدولي، كما كانت موضع بحث بين خليل والحريري في بيت الوسط. من جهته أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، «سعي المصرف إلى إيجاد حلّ لأزمة قروض الإسكان لذوي الدخل المحدود، ومواصلة التعاون مع الجيش في ما خص قروض الإسكان للعسكريين»، كما طمأن إلى أنّ «الوضع المالي في لبنان مستقرّ وسليم»، مؤكداً أن «المخاوف التي تَتُم إثارتها في هذا الإطار غير دقيقة».