ترامب يلغي مواعيده مع بوتين وأردوغان ورئيس كوريا الجنوبية في الأرجنتين
الدفاعات الجوية السورية تسقط طائرة «إسرائيلية» والصواريخ التي أطلقتها
سباق بين صخب السجالات وكتمان المبادرات… والتفعيل ينتظر باسيل
كتب المحرّر السياسيّ – البناء
محاولات الإنكار هي السمة المشتركة للثلاثي الأميركي الإسرائيلي السعودي، فالرئيس الأميركي دونالد ترامب العاجز عن المواجهة والعاجز عن التسويات يختبئ وراء التصعيد الكلامي، فيلغي المواعيد المقررة من رؤساء روسيا وتركيا وكوريا الجنوبية، لتتجمّد مساعي التسويات في كوريا الشمالية وسورية وأوكرانيا، ومعها يتهرّب من لقاء الرئيس التركي حيث سيواجه وقائع جديدة محرجة حول تورّط ولي العهد السعودي في قتل جمال الخاشقجي.
ومثلما يعيش الرئيس الأميركي حالة الإنكار للحقائق الجديدة وفي مقدّمتها العجز الأميركي عن تغيير المعادلات الحاكمة لتوازنات العالم ومنطقة الشرق الأوسط خصوصاً، يبدو ولي العهد السعودي وهو يعيش بصورة نموذجية حالة الإنكار ليستعيض عن الحقائق بالتقاط الصور التذكارية مع ما تيسّر من رؤساء الدول المشاركين في قمة العشرين المنعقدة في الأرجنتين، حيث المحاولات الحثيثة لحجز المواعيد المدفوعة بوعود الاستثمار تفلح بترتيب موعد مع الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون، بعدما كان الموعد اليتيم سيجمعه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في ظل امتعاض أميركي مما وصفته وسائل الإعلام الأميركية بمحاولة روسية للاصطياد في المياه الأميركية السعودية العكرة.
حالة الإنكار الإسرائيلية للمتغيرات ترجمت عدواناً جوياً على الجنوب السوري بغارات من أجواء الجولان المحتل أطلقت صواريخها نحو مناطق جنوب دمشق، وتصدّت لها بفاعلية الدفاعات الجوية السورية، التي قالت وكالة سبوتينك الروسية إنها نجحت بإسقاط الصواريخ كافة التي أطلقتها الطائرات الإسرائيلية وأنها أسقطت إحدى الطائرات التي دخلت الأجواء السورية، وأكدت مصادر سورية «عودة الهدوء الى محيط مدينة دمشق بعد غارات نفذتها الطائرات الحربية الإسرائيلية استهدفت مواقع عدة للجيش السوري في جنوب دمشق وهي اللواء 90 في القنيطرة واللواء 76 جنوب كناكر».
وأكدت مصادر عسكرية سورية أنه «تم التصدي للعدوان وإسقاط كل اهدافه»، مشيرةً إلى انه «استمرت الغارات وتصدّي الدفاعات الجوية حوالي الساعة والنصف وكانت تسمع أصداؤها في مدينة دمشق، كما سمع دوي انفجارين في منطقة الديماس الواقعة على طريق سورية – لبنان الدولي وتبين أنها ناجمة عن إطلاق صواريخ سورية باتجاه أهداف معادية».
التصعيد والتوتر المخيمان على المنطقة ينبئان بالمزيد، وتبدو التسويات الصعبة مكلفة وفوق قدرة الأطراف التي بلغت مرحلة العجز عن فرض مشاريعها بالقوة مباشرة أو عبر الجماعات المسلحة التي استقدمتها، سبباً للمزيد من الفوضى السياسية والأمنية، وفقاً لمصادر متابعة قالت إن قوى محور المقاومة ستكون معنية بالعودة لبرامجها في العمل العسكري إذا تواصل تعثر فرص التسويات، من مسار أستانة في سورية إلى الحرب على اليمن، وإذا تواصل العبث الإسرائيلي العدواني فسيكون الردّ قاسياً عبر المواجهات في فلسطين وعبر جبهة الجولان وربّما سواهما.
لبنانياً، بين صخب السجالات وكتمان المبادرات، تسرّب أن ثمة أفكاراً طرحها وزير الخارجية جبران باسيل ربما تنجح في خرق جدار الجمود، وأن السيطرة على التصعيد الكلامي محور مساعٍ حثيثة تلاقي موعد وصول باسيل عائداً من الخارج، حيث تنتظر مبادرته التفعيل.
«التشاوري» يُصعّد والحريري: لن أتراجع…
يبدو أن المشهد الحكومي يزداد تعقيداً وغموضاً على وقع المواقف التصعيدية والتوترات المتنقلة في الشارع، فبعد الموقف السلبي الذي لاقاه اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين من الرئيس المكلف برفضه استقبالهم في بيت الوسط والتحاور معهم حول عقدة تمثيلهم في الحكومة العتيدة، بادروا أمس الى تصعيد الموقف عبر سحب تنازلهم عن حقيبة وزارية، وجاء موقفهم بعد تعميم قول مصدر قيادي في «المستقبل» بأن «سنّة حزب الله لن يطأوا بيت الوسط»، الأمر الذي يرفع سقف التحدّي بين طرفي النزاع: اللقاء التشاوري والرئيس سعد الحريري الذي سارع الى الردّ على موقف معارضيه السنة بأنه باقٍ على موقفه، وقال خلال ترؤسه مساء امس في بيت الوسط اجتماعاً ضمّ كتلة المستقبل النيابية وممثلي تيار المستقبل في القطاعات والهيئات المنتخبة: «لن أغير موقفي، وكلامي هذا ليس من باب التحدّي لأحد، إنما لإيماني المطلق بأن الصراخ السياسي لا يوصل إلى أي مكان، ولا يحلّ مشكلة الكهرباء أو النفايات أو المطالب الحياتية والمعيشية للمواطنين».
وأضاف: «إن التسويات تقوم عندما تكون هناك مصلحة للبلد، وأنا كنت في مقدمة الساعين إليها باستمرار، والبلد بحاجة لكل أبنائه وفئاته لكي ينهض ويتقدم نحو الأفضل، ولكن ما هو مطروح حالياً لا علاقة له، لا بالتسويات ولا بمصلحة البلد ولا اللبنانيين».
أما اللقاء التشاوري فأعلن عن سحب التنازل الذي سبق وقدّمه في عدم اشتراط حقيبة معينة للوزير الذي سيمثله في الحكومة، وعقب اجتماع اللقاء في منزل الوزير فيصل كرامي، أشار الأخير في بيان الى إصرار اللقاء «على أن يتم اختيار الحقيبة الوزارية بالتشاور والتوافق معنا وأن الحل يكون بتوزير أحد نواب اللقاء الستة حصراً».
وتابع كرامي: «نصرّ على طلب الموعد لأننا لا نرى حكمة في الردّ على السلبية بسلبية مماثلة، تاركين للرئيس المكلف الحرية الكاملة في تحديد وتوقيت الاجتماع به عندما يرى ضرورة لقيام هذا الاجتماع»، مشدّدين على أن «احترام الدستور الذي ينص على الدور المحوري للرئيس المكلف في تشكيل الحكومة ولسنا بوارد المس بالصلاحيات التي منحها الدستور للرئيس المكلف من منطلقات شخصية».
ودعا اللقاء الرئيس المكلف الى «تثبيت صلاحياته بالشكل والمضمون كرئيس لحكومة تصريف الاعمال، وبالتالي فإن هذا التصريف يجب ان يتم من السراي الكبير وليس من بيت الوسط، ونستغرب خشيته وتردده في القبض الكامل على صلاحياته بشكل يوحي وكأن هناك آخرين يشاركونه تصريف الاعمال». وأوضح أن «التلويح بالأخطار الاقتصادية التي تتهدد لبنان ومحاولة تحميل اللقاء التشاوري المسؤولية عنها، انما يندرجان في إطار التحريض السياسي والغرائزي والأخطر هو التهرب من الحقيقة الدستورية والسياسية التي يتحملها حصراً الرئيس المكلف والعهد بشكل أساسي وكل القابضين على السلطة التنفيذية»، وناشد «رئيس البلاد الذي اقسم اليمين بأن يبذل كل ما أوتي من مقدرة وشجاعة وقوة لانقاذ الوطن من هذه الألاعيب السياسية التي تكاد تطيح الوطن».
«التيار الحر»: العقدة عند الحريري
أما التيار الوطني الحر فأكدت مصادره لـ«البناء» أن «رئيس التيار الوزير جبران باسيل مستمر في مسعاه لتذليل العقدة من المنطلق الوطني لتسهيل الحل وولادة الحكومة وليس كطرف في العقدة»، مؤكدة بأن المشكلة ليست عند رئيس الجمهورية ولا عند التيار الحر ولا حتى عند حزب الله، بل باتت في بيت الوسط وداخل الطائفة السنية، وعلى الحريري الحوار مع شركائه داخل الطائفة للتوصل الى حل، فلا يمكن لأي مكون لبناني احتكار التمثيل داخل طائفته مهما بلغت قوته النيابية والسياسية والشعبية». وشدّدت المصادر على أنه «سيكون لنا حكومة في نهاية المطاف لكن ليس في الوقت القريب»، وأبدت المصادر استغرابها إزاء استهداف البعض للتيار وللرئيس ميشال عون بموضوع نيلنا 11 وزيراً في الحكومة، مشددة على أننا «لسنا متمسكين بهذا الحجم لكن في الوقت نفسه هذا يعبر عن حجمنا النيابي ولم نأخذ من حصة أحد». وأكدت المصادر النيابية العونية أن «الرئيس عون لن يتنازل عن الوزير الـ 11 لمصلحة اللقاء التشاوري لأن الحل ليس عنده بل عند الرئيس المكلف، فالتيار الحر تنازل للقوات اللبنانية شريكنا في الساحة المسيحية وعلى الحريري التنازل لمصلحة شركائه في الطائفة السنية». وأبدت المصادر تخوفها من «وجود ما هو أبعد من وزير الى وجود تداخل العامل الخارجي مع الداخلي».
وفي سياق ذلك، أكدت مصادر مطلعة للـ «أو تي في» أن «فكرة باسيل بتوسعة الحكومة إلى 32 وزيراً أعجبت رئيس مجلس النواب نبيه بري وأيّدها من بين أفكار عدة طرحها باسيل». فيما لفتت مصادر « بيت الوسط » إلى أن «لا امتعاض من جانبنا من مبادرة باسيل بل إشادة بجهده الذي نراه طبيعياً لإنقاذ العهد من الضياع وإنقاذ البلاد لا بل إنه هدف مشترك».
اشتعال جبهة الحريري – وهاب
بموازاة اتساع نطاق الجبهة بين «اللقاء» والرئيس المكلف كانت جبهة أخرى تشتعل نيرانها بين الحريري ورئيس حزب التوحيد الوزير السابق وئام وهاب انعكست توتراً في الشارع وعلى مواقع التواصل الاجتماعي بين مناصري تيار المستقبل وأنصار التوحيد، فبعد الكلام الذي صدر عن وهاب بحق الرئيس الحريري، تقدّمت مجموعة من المحامين من تيارات سياسية مختلفة ومن محامين مستقلين، أمام النيابة العامة التمييزية بإخبار ضد وهاب في جرم إثارة الفتن والتعرض للسلم الأهلي، ما دفع بوهاب للرد بدعوى على الحريري ومعاونيه على خلفية لافتات تضمنت شتائم وتهديداً بالقتل. وغرّد وهاب على تويتر قائلاً: «لنرجع الخلاف مع الحريري إلى أصله ونحن اعتذرنا عن الشخصي لأننا أبناء طائفة معروفة بتعاليها عن كل ما هو شخصي ولن أستدرج الى لغة تبعدنا عن جوهر الخلاف وهو بالأصل سياسي مالي وهذه بنوده. يتبع».
وقد خرج أنصار حزب التوحيد بمظاهرة حاشدة في بيروت دعماً وتأييداً له ولمواقفه السياسية.
وقد دخل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط على خط السجال لمؤازرة الحريري ما فجّر سجالاً بين وهاب وجنبلاط أيضاً، وقد أوفد جنبلاط النائب وائل أبو فاعور الى بيت الوسط للقاء الحريري بحضور وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال غطاس خوري .
وإذ أدان جنبلاط في تغريدة كلام وهاب «الذي خرج عن كل الأعراف والقيم الأخلاقية»، رد وهاب بتغريدة متسائلا: «هل تتذكر يا استاذ جنبلاط الأوصاف التي أطلقتها على الرئيس الشهيد رفيق الحريري وعلى قريطم والتي لا نسمح لأنفسنا بتكرارها أما نحن فأطلقنا موقفاً يتعلق بالمال العام المنهوب والمسؤولة عنه السلطة القائمة منذ الـ1990».
كما دخل شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن على خط السجالات ، مستنكراً التعرض للحريري، فردّ وهاب قائلاً: «لا ألومه فهو اختار أن يكون شيخ فريق من الدروز ولكن أتمنى عليه أن ينتبه لمالية مشيخة العقل والأوقاف أفضل من التدخل بالسياسة ».
«الاقتصاد»: مصادرة المولدات ستشمل كافة المناطق
على صعيد آخر، وبعد مصادر وزارة الاقتصاد أحد المولدات الكهربائية المخالفة للقانون في منطقة الحدث، أكد وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري في حديث تلفزيوني أن «الوزارة تدرّجت في خطواتها التصعيدية، من تسطير محاضر الى مصادرة المولدات، وكما شملت المحاضر كل المناطق اللبنانية فإن مصادرة المولدات المخالفة ستشمل كل المناطق بما فيها الضاحية الجنوبية لبيروت لما فيه خير ومصلحة المواطن».
واشار الى أن «دور البلديات مهم في هذه المرحلة فهي السلطة المحلية المعنية بمراقبة تطبيق القرارات ولها صلاحية تصل الى حد مصادرة المولدات»، مؤكداً أن «عدداً لا بأس به من بلديات الضاحية الجنوبية يتعاون مع الوزارة لتطبيق قرار العدادات».
وأعلن أن «الخطوة التالية ستكون دعاوى ضد البلديات التي ستظهرها المتابعات كمتواطئة او متقاعصة في أداء دورها، وسيطلب من وزير الداخلية اتخاذ الإجراءات اللازمة التي قد تصل الى حد الإقالة».