خبر

جنبلاط: بشار لن يترك لبنان وسينتــقم.. وإيران تعاقبنا بتأخير الحكومة

جورج سوالج، طارق ترشيشي، عماد مرمل، مرلين وهبة، ماجدة عازار – الجمهورية

يوحي «المزاج السياسي» لجنبلاط في هذه الايام بأنّ علاقته مع «حزب الله» ليست على ما يرام، لكنه في الوقت ذاته يتجنّب الذهاب في التصعيد الى حد التفريط بتجربة ربط النزاع أو تنظيم الخلاف بينه وبين حارة حريك. وعشيّة الخطاب المرتقَب للسيّد حسن نصرالله، لا يتردد جنبلاط في توجيه رسالة واضحة الى الحزب مفادها انه يتحمّل وإيران مسؤولية تعطيل ولادة الحكومة عبر استحضار «جِن» الوزير السنّي المستقلّ، الذي خرج فجأة من «الفانوس» السياسي، داعياً أصحاب هذه العقدة المفتعلة الى تجاوزها قبل أن يجرف الخراب الاقتصادي الجميع.
بالنسبة الى جنبلاط، صارت الحكومة المفترضة ضحية «العقاب المزدوج» الأميركي – الايراني. وبالتالي، أصبحت رهينة الجولة الجديدة من الصراع بين واشنطن وطهران فوق صفيح المنطقة الساخن. وفيما يؤكد جنبلاط رفضه للعقوبات الاميركية بحق «حزب الله»، يسارع الى الاستدراك عبر رسالة دافئة الى السفيرة الاميركية في بيروت، مشيداً بالدور الذي تؤديه على صعيد تأمين استمرارية الدعم الاميركي للبنان في ملفَي النازحين السوريين وتسليح الجيش.

واللافت اتهام جنبلاط للرئيس السوري بشار الأسد بالسعي الى الانتقام من الذين عارضوه في لبنان، فأعاد التأكيد أنّه لن ينهي حياته السياسية بتسوية أخرى مع الأسد تُدمّر تراث كمال جنبلاط، لأنه يريد الموت مرتاح الضمير.

خَفّف جنبلاط أخيراً من قراءة الصحف، مُستثنياً من «الحظر» بعض المقالات النوعية التي قد تسترعي انتباهه وسط الضجيج الاعلامي. امّا تلفزيونياً، فيكتفي هذه الايام بمشاهدة محطة «بي بي سي» ومتابعة برامج مُنتقاة تعالج المئوية الاولى للحرب العالمية، في إشارة الى «قَرفه» من الوضع الداخلي المقفل.

وجنبلاط الذي يظهر أحياناً حاد الطباع في السياسة، سرعان ما يفرج عن عواطفه الكامنة وتتغير نبرة صوته عندما يستفسر منه أحدهم عن الوضع الصحي لكلبه «أوسكار»، البالغ من العمر 15 عاماً، والذي انقطع قسراً عن ملازمة صاحبه، بسبب إصابته بمرض استدعى العلاج. وبصوت خافت يناديه «رفيق عمري».

«الجمهورية» التقت جنبلاط في منزله في كليمنصو، وكانت هذه المقابلة الشاملة حول الملفات الساخنة:
يقول جنبلاط لـ«الجمهورية» انّ لبنان يدفع حالياً ثمن العقاب المزدوج، الأميركي والايراني، بعدما أصبح عالقاً على خط التماس الدولي – الاقليمي بين واشنطن وطهران، لافتاً الى انّ عرقلة تشكيل الحكومة من باب افتعال العقدة السنية تأتي في إطار رد فعل إيران و«حزب الله» على العقوبات الاميركية الاخيرة. وبالتالي، فإنّ عملية تأليف الحكومة أصبحت ورقة ضمن إطار النزاع الاميركي الايراني.

ويضيف: انّ العقوبات الاميركية على «حزب الله» ستطال أفراداً أبرياء ومؤسسات بريئة، ونحن نعارضها. واذا كان البعض يعتقد انّ مجيء جون بولتون، مسؤول الأمن القومي، هو «مزحة» فهو غير مدرك لخطورة الامر. لكن في الوقت ذاته يجب علينا ألّا نقطع جسور التعاون مع واشنطن، لأنّ هناك مصالح حيوية لنا ينبغي أن نراعيها. ولا بد لي، في هذا السياق، من شكر السفيرة الاميركية في بيروت التي نجحت في تشكيل نوع من لوبي ممتاز داعم للبنان في مجال مواصلة تسليح الجيش ومساعدتنا على تحمّل أعباء النازحين السوريين، وأنا بصراحة أعارض مَد الجيش بسلاح غير السلاح الأميركي، فمصادر سلاح الجيش تاريخياً هي غربية، وبالأخصّ أميركية بنسبة 80 بالمئة تقريباً.

ويتابع: انّ تدريب الجيش هو تدريب أميركي بشكل أساسي، وقد اتّضحَت فعاليته في الحرب التي قادها الجيش ضد «داعش» في معركة فجر الجرود. كما انّ القيادة الاميركية أعجبت بإنجازات هذا الجيش بانتصاره على الارهاب، فلماذا التخلّي عن هذه المساندة؟! مُذكّراً انّ أميركا هي من بين أوائل الدول التي تمنح مساعدات للاجىء السوري في لبنان، يليها بريطانيا والمانيا الى حد ما. فماذا سيفعل لبنان إذا أوقفت الولايات المتحدة تلك المساعدات؟!

لبنان يدفع ثمن العقوبات المزدوجة
ويلفت جنبلاط الى انّ ايران تعاقبنا ايضاً من خلال التأخير في الافراج عن الحكومة في إطار المواجهة مع الولايات المتحدة، «وأخشى ما أخشاه هو ان يؤدي استمرار الازمة الحالية الى تدهور الليرة وخراب اقتصادي، لأنه ليس بسيطاً ان يكون حجم الدين المُترتّب على دولة صغيرة كلبنان قد أصبح يلامس الـ100 مليار دولار».
ويتساءل: هل يظنّ «حزب الله» ان الانهيار الاقتصادي، إذا حصل، ستتوقف مفاعيله عند حدود الضاحية الجنوبية ولن تتأثر به بيئته الشعبية؟ الجميع سيدفع الثمن. لسنا أفضل من اليونان. وفي هذه المناسبة أشيد بالجهود الجبّارة التي يبذلها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
وعندما تسأله عن الحل المفترض للعقدة السنية، يلفت جنبلاط الى انه يوَصّف الوضع، والحل موجود عند «الحزب».
وهل أوصلتَ وجهة نظرك الى «حزب الله»؟ يجيب: ها أنا أوصلها عبر «الجمهورية».
ويتمنى جنبلاط ان يتفهّم الحزب دقة الوضع ويتخلى عن مطلب توزير النواب السنّة الستة، خصوصاً انّ وزيراً بالزائد او بالناقص لا يقدّم ولا يؤخّر بالنسبة الى الحزب الذي يملك النفوذ الأقوى والقدرات الأكبر، «وكذلك قصة الثلث المعطّل كلها صارت وراءنا… كلّ هَيدا ما بيفيد هَلّق»، وإنني ألفتُ انتباه الحزب الى انّ هناك رأياً عاماً يضع عليه المَلامة في مسألة تأخير تشكيل الحكومة، بينما وطأة الأزمة الاقتصادية تشتد.

ويتوجّه الى «الحزب» بالقول: أنا بصراحة مطلقة لا أفهم خطة «حزب الله» او استراتيجيته لأنني حتى اللحظة لم أفهم قصة العقدة السنّية في ظل تراكم التحديات، من أزمة الكهرباء العالقة منذ سنوات، الى الاستحقاق المهم الذي من الممكن أن يساعد في تخفيف وطأة الدين (أي سيدر) لكنه مهدد بأن يطير أيضاً.

ويتابع: «اذا تابعنا على هذا المنوال من تضخّم الدين، فإنه سيصبح بعد سنتين 100 مليار.

الفرنسي أتى ليقول لنا انه سيساعدنا إنما يجب عليكم مساعدة أنفسكم. يضحك وليد بيك مجيباً نفسه: «نجيب الفرنسيين: عذراً، نحن لا نستطيع تشكيل حكومة لأننا ننتظر «السنّي المُستقلّ»؟!

وعمّا إذا كان يتوقع عودة الاغتيالات تحت وطأة احتدام الصراع بين المحاور الخارجية فوق الساحة اللبنانية؟ يجيب: لا حاجة لأحداث أو أزمات أمنية، فنحن في صلبها. الجوع هو اغتيال.

يرفض جنبلاط بشدة منح مقعد وزاري لمجموعة النواب السنّة من خارج تيار «المستقبل»، لافتاً الى انه يختلف مع الحزب في هذا الشأن، ومتسائلاً: «هل المطلوب أن يكون هناك تمثيل وزاري للواء علي المملوك في الحكومة اللبنانية. لاسيما انه يوجد بين هؤلاء النواب من هو مُقرّب جداً الى المملوك الذي صدرت بحقه أخيراً مذكرة توقيف فرنسية؟». علماً انّ باريس تأخرت كثيراً في هذا الاجراء «بَعد شو؟»، على حدّ تعبير جنبلاط، الذي أضاف مُبتسماً: أنا أنصح المملوك ووزرائه بعدم السفر حالياً… ويضحك…

لا تسوية مع سوريا
يعتبر جنبلاط انّ لبنان بات معطلاً بفِعل سياسات بشار الاسد وايران واميركا، داعياً الى الفصل بين ضرورات تشكيل الحكومة لمعالجة هموم اللبنانيين، المتعلقة بالمياه والكهرباء والنفايات والفساد، وبين الصراع الاممي الكبير والحسابات الاقليمية والدولية المعقدة.

مُشيراً الى انه كان يفضّل أساساً عدم منح وزارة الصحة الحسّاسة الى «حزب الله» الذي يواجه مشكلات مع المجتمع الدولي، مُحبّذاً لو تَولّتها شخصية حيادية، «أمّا وانّ «حزب الله» أصَرّ على نيلها، فما أخاف منه هو ان يتسّبب ذلك في دفع الاميركيين الى فرض عقوبات إضافية على وزارة الصحة».

ويتابع جنبلاط: على رغم مخاوفنا من التداعيات المحتملة لاستلام الحزب حقيبة الصحة، سكتنا عن الامر وقبلنا به، وافترضنا اننا أصبحنا على مشارف ولادة الحكومة، لنفاجَأ بخروج «جِن» النواب المستقلين من الفانوس السحري، وصادَف هذه المرة انه سنّي..

ويشير الى انّ بعض الحريصين على المصلحة إتهموني بأنني أجريتُ تسويات وزارية معينة، بينما أنا كنتُ أقدّم تسهيلات للتسريع في تأليف الحكومة والتفرّغ لمواجهة التحديات الاقتصادية الداهمة.

ولفتَ جنبلاط الى أنه رَضي بحقيبتي التربية والصناعة، «علماً أنني كنت أفضّل «العمل»، لكنني تخليتُ عنها عندما عرفتُ انّ صديقي الرئيس نبيه بري يريدها، ويا ليتهم أعطوني «الثقافة» التي أعتبرها أساسية لحماية ما تبقّى من تراث وطني وهوية عمرانية». وأردف «ويا ليت هند الحريري، المتحمّسة لبَيع الليسيه عبد القادر، تتنَبّه الى أهمية عبد القادر الجزائري، هذه الشخصية العربية والإسلامية الفريدة من نوعها في تاريخ العرب والمسلمين».

ينفي جنبلاط أن تكون المرونة التي أبداها أخيراً حيال حصته الوزارية هي التي أضعفت الموقع التفاوضي لـ«القوات اللبنانية»، لافتاً الى انّ «القوات» أخذت ما كانت تطالب به تقريباً.

وماذا عن حيثيات حل العقدة الدرزية؟
ينتفض جنبلاط قائلاً: لا عقدة درزية أساساً، ولا علاقة للدروز بالـ 11 وزيراً أو الـ 12. العقدة من فوق، والبلد معطّل من جهتين: بشار وايران من جهة، والاميركيون من جهة أخرى. القصة أكبر ومش واقفِه على وزير… «نحنا محطة كهرباء ما قدرنا عملناها، هل هذه عقدة درزية؟»

ويوضح انّ علاقته برئيس الجمهورية ميشال عون ممتازة ولا مشكلة معه، مشدداً على انه لا توجد جدوى من أي تصعيد سياسي او اعلامي بيننا وبين عون و«التيار الحر»، خصوصاً انّ للرئيس حيثية شعبية في الجبل، وليست هناك أي مصلحة او فائدة من توتر طائفي بين مكوّنات الجبل.

وبينما يؤكد جنبلاط انّ علاقته بالوزير جبران باسيل إيجابية، يكتفي بالقول عند سؤاله عمّا إذا كانت القطيعة ستستمر بينه وبين النائب طلال ارسلان: «لي سياستي وله سياسته».

«مع برّي في أيّ قرار يتخذه
ويؤيّد جنبلاط عقد الجلسة التشريعية التي دعا اليها الرئيس نبيه بري، قائلاً: أنا مع كل شي بيعملو الرئيس بري.
فنقول لجنبلاط انّ بري موافق على توزير سنّة المعارضة؟ يؤمىء برأسه في إشارة معبّرة، ويقول: «للرئيس بري ظروفه وله الحرية في ان يكون له رأيه، ونحن ايضاً لنا حريتنا في التعبير».

إستقلالية للشرطة القضائية عن فرع المعلومات
على صعيد داخلي آخر، يوضح جنبلاط انه سيضغط بعد تشكيل الحكومة في اتجاه منح الاستقلالية للشرطة القضائية التي تندرج قيادتها من ضمن حصة الدروز وفق تقسيمات النظام الطائفي، مشيراً الى انّ فرع المعلومات نشأ في ظروف معيّنة وكبر وصنع إنجازات، إلّا انه خرج من كنف الشرطة القضائية، وبالتالي حصلت ازدواجية معينة.
ويطالب جنبلاط بأن تكون مديرية الشرطة القضائية مستقلة، بما تيسّر من صلاحيات تتصل بالجرائم العادية والآداب وما شابه، إذ يبدو انّ علينا أن نقتنع بالموجود ونكتفي به…

«لم يعد هناك طائف»
وحين يُسأل إذا كانت هناك حاجة لتعديل اتفاق الطائف بفعل الاختناقات السياسية والدستورية التي يعانيها النظام عند كل استحقاق؟ يجيب: إتفاق الطائف وُلد نتيجة موازين قوى إقليمية ودولية في لحظة معينة، وتحديداً سعودية اميركية سورية، وهذه الموازين تبدّلت، وهناك الآن صراع ايراني مع الاميركيين والعرب، ولم يعد يوجد «طائف» في واقع الأمر، لأنّ موازين القوى هي التي تقرّر. ويتابع: اتركوني من «الطائف» الآن، ودعونا نعالج أزمات الكهرباء والمياه والنفايات والبطالة التي لا ترتبط بالطائف، بل مصدرها الخلافات الداخلية.

ولدى سؤاله: هل تتوقع ثورة شعبية في لحظة ما؟ يجيب: «لو كانت هناك نقابات حقيقية، وأحزاب سليمة كما في السبعينيات، وقيادات نوعية مثل كمال جنبلاط وجورج حاوي، لأمكَن ربما الكلام عن ثورة، ولكن ما يسود حالياً ليس سوى الخَواء.

لا يخفي جنبلاط حنينه الى حقبات سياسية مضَت، قائلاً: في الماضي كانت للسياسة نكهة أخرى، وحتى خصومنا كانوا قامات يحلو الصراع معها، مثل نصري المعلوف وفؤاد بطرس وحتى بيار الجميّل وكميل شمعون إضافة الى آخرين. بالأمس، التقيت مع أحد رجالات لبنان الذي لم يُعطَ فرصة كان يستحقها ويشكّل موسوعة وقيمة مضافة في الثقافة، هو جان عبيد. ثم يضيف: ربما كنتُ والرئيس نبيه بري آخر العنقود من رعيل انقَرض.

وحول رأيه في لقاء المصالحة المرتقب بين سليمان فرنجية وسمير جعجع، يجيب جنبلاط مبتسماً: الله يديم الوفق، ونحن كنّا البادئون.
وبالنسبة الى مسار المحكمة الدولية، يشير جنبلاط الى انها كانت اكبر مطلب «للحكومة المبتورة»، وقد سعينا اليها وارتضيناها ولا يمكننا التشكيك بها، وهي لها أصولها.

وعن مقاربته لمستقبل العلاقة بسوريا، يلاحظ جنبلاط انّ النظام السوري استعاد جزءاً كبيراً من قوته بفعل الدعم الايراني والروسي، وهو الآن سيحاول الانتقام من الذين عارضوه في لبنان، مَدفوعاً من حقده عليهم، وربما سينتهي المطاف الى إعادة وضع البلد تحت مظلة الوصاية السورية، وبعد سنتين سنحتفل مع الفرنسيين بالذكرى المئوية لتأسيس لبنان الكبير، ولكن لا أعرف إذا كان سيصبح حينها ولاية ملحقة بطرطوس او باللاذقية (ضاحكاً).

ويتابع مبتسماً: اذا أحبّ اللبنانيون، يمكنهم ان يختاروا أين يقيمون، لأنّ قسماً من لبنان سيكون في طرطوس، امّا القسم الآخر فيمكن ان يكون في «عبدان» على البحر، واللبنانيون يحبّون البحر. صحيح انّ هناك تلوثاً، لكن ما زالت توجد بعض الشواطئ اللطيفة في صور، شكا عمشيت، والبترون.

ويضيف: «بشّار لن يترك لبنان ولن ينساه، والسوري يعود ويريد الانتقام مجدداً من بقايا 14 آذار، هذا اذا كان هناك بقايا، والباقي منهم واحد فقط هو فارس سعيد، وهؤلاء الجبناء في البريستول يمنعونه من عقد مؤتمر. علماً، والحقيقة تقال، انّ مرحلة «البريستول» هي تراث. فهل يخجل أحد من تراثه؟

ويتابع: «أصلاً، إنسحب السوري بضغط اميركي وفرنسي وسعودي ومصري، لكنّ أدواته بقيت وعدّة الشغل ظلت تعمل. فاستشهد سمير قصير وجورج حاوي ووليد عيدو وجبران تويني، وحاولوا اغتيال مي شدياق، واستمر المسلسل عدة سنوات لاحقة…

لن أتورط مجدداً في تسويات مذلّة
يؤكد جنبلاط انه «لن ينهي حياته السياسية باعتماد الواقعية المقيتة في التعامل مع النظام السوري، على حساب كرامتنا الشخصية والوطنية. وقد سبق لنا ان أجرينا تسوية معه بعد استشهاد الزعيم كمال جنبلاط، وكذلك بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري وسقوط شهداء 14 آذار، وأعتقد ان هذا يكفي».

ويتابع: «خَلّينا نموت وضميرنا مرتاح من دون ان نتورّط في المزيد من التسويات المذلة التي تدمّر تراثي الوطني وتراث كمال جنبلاط، فأنا لن أغيّر لهجتي ضد النظام، «وخَلّي غيري يتعاطى مع سوريا فأنا لن أتعاطى معها».

يعتبر جنبلاط انّ الثورة السورية دفعت ثمن الاخطاء والتآمر، مشيراً الى انه كان ينبغي دعم الجيش الحر وتوحيد المعارضة الوطنية، ولكن الذي حصل انه جرى دعم مجموعات وتنظيمات إرهابية حَرفت الثورة عن مسارها، ثم وصلت المؤامرة الى أقصاها مع فتح الحدود امام حشود «داعش» التي أتت من فرنسا وانكلترا والمانيا وتونس والخليج. وقد نجح بشار في توظيف هذا العامل المشبوه ليستمر في السلطة على قاعدة: أنا أو «داعش». وللأسف، دخل العالم في اللعبة ايضاً وصدّقها.

ويشير الى انه من المستغرب كيف انّ «داعش» يظهر فجأة ثم يختفي فجأة، إضافة الى السماح له بالانتقال عبر الباصات المكيّفة، مُستنتجاً انّ هناك سراً كبيراً وراء «داعش» الذي احتلّ فجأة ثلاثة أرباع سوريا والعراق «وما حَدا شافو، وبعدين تبَخّر.. كأنه مثل المغَيّطَة، وهو اليوم يتجدد في دير الزور بعدما تَبخّر… شي غريب».

ترامب يسير «كالدبابة» ولا شيء يوقفه
وتعليقاً على نتائج الانتخابات النصفية الاميركية، يدعو جنبلاط الى الكف عن المراهنة على الخارج، متوقعاً أن يواصل دونالد ترامب اندفاعته الجامحة في الخارج. امّا في الداخل فقد يتمكنون من عرقلته نسبياً. بينما في الخارج لا أحد سيستطيع إيقافه «لأنّ لديه سلطات واسعة بموجب الدستور، والدليل انه يسير كالدبابة، وخير دليل على ذلك مسألة العقوبات.

ولدى سؤاله: هل من تسويات في الأفق لأزمات المنطقة؟
يبدو جنبلاط متشائماً، قائلاً: لا أرى تسويات في الافق، فلسطين راحت بشحطة قلم، وسوريا تنزف، والاميركيون يسعون الى تشكيل «ناتو عربي» حتى ندفع الاحتياط المالي المتبقّي لنا من أجل السلاح… هذا هو واقعنا العربي، للأسف.

وحول دوافع زيارة تيمور جنبلاط ووائل ابو فاعور الى موسكو قبل ايام، يلفت جنبلاط الى انّ العلاقة بين «الحزب التقدمي الاشتراكي» والروس هي عريقة تعود الى خمسين سنة مضَت وتحوّلت تقليداً، وموسكو قدّمت لنا في أصعب الظروف السلاح والمنح والذخيرة. وقد عرّفتُ تيمور الى وزير الخارجية سيرغي لافروف الذي كان عاتباً عليّ، وعندما رأيته اعتذرتُ عن كلامي النابي لأنني أسأتُ التعبير بحقه في لحظات انفعال، فسألني ممازحاً: did U؟ فأدركتُ حينها انّ سوء التفاهم قد مَر.
وأخيراً، بفضل القوات الروسية، اليوم أفرج عن المخطوفين في جبل العرب.